إجراءات انتقامية وعقاب جماعي.. النظام يخفض حصة السويداء من الكهرباء رغم الوعود
أفادت مصادر إعلاميّة محلية بأنّ وزارة الكهرباء في حكومة نظام الأسد قررت تخفيض حصة محافظة السويداء من التيار الكهربائي، رغم الوعود بتحسن التيار، ويأتي ذلك ضمن إجراءات انتقامية حيث يستخدم النظام الكهرباء كسلاح في مواجهة الحراك المستمر في المحافظة جنوب سوريا.
وقدرت شبكة "السويداء 24"، بأن وزارة الكهرباء لدى النظام خفضت حصة المحافظة السويداء من 80 ميغا إلى 60 ميغا، ولفتت إلى أن ذلك أسفر عن "تفاقم مشكلة التيار الكهربائي في عموم المحافظة، وانخفاض القدرة التشغيلية، فالكمية الواردة بالكاد تكفي لنصف ساعة تشغيل، كل 5 ساعات".
ونوهت إلى أنه في فصل الشتاء تزداد حاجة المواطنين للتيار الكهربائي لاعتماد الكثير من العائلات عليها في التدفئة، في ظل عدم التزام حكومة نظام الأسد بتوزيع مخصصات مازوت التدفئة كاملة، حيث تقوم بتوزيع 50 ليتر فقط بالسعر المدعوم وذلك لمن يحالفه الحظ حيث أن نسبة كبيرة من الأهالي لا يحصلون على هذه الكمية رغم قلتها.
وكانت ارتفعت ساعات تقنين التيار الكهربائي في محافظة السويداء، وشهدت بعض القرى انقطاعات طويلة ناجمة عن أعطال في الشبكة، مع بداية أجواء الشتاء الباردة، في سياق سياسة العقاب الجماعي التي ينتهجها نظام الأسد، وفق ماقال موقع "السويداء 24".
وأوضح الموقع أنه في مدينة السويداء، ساعة وصل واحدة للتيار مقابل خمس ساعات قطع، مع ضعف شديد في التغذية الكهربائية بالكاد تكفي لتشغيل الإنارة وبعض الاحتياجات، فيما غاب التيار عن قرى الريف الشمالي الشرقي لأكثر من 12 ساعة.
وفي سياق موازٍ، نشر موقع "اقتصاد مال وأعمال السوريين"، المحلي تقريرا تحت عنوان "معاقبة الشعب السوري.. بالكهرباء"، مشيرا إلى أنه عندما انطلقت الثورة السورية في العام 2011، قام النظام بقطع الكهرباء عن المناطق الثائرة، ثم أرسل وزير كهربائه، الذي كان يشغل المنصب في ذلك الوقت، عماد خميس، ليحاضر في أبناء تلك المناطق بأن قطع الكهرباء غير ناتج عن خروجهم في مظاهرات ضد النظام، وإنما بسبب عدم قدرة الدولة على تحمل تكاليف دعم الكهرباء، المقدرة بنحو 10 مليون ليرة سورية يومياً.
وذكر أن هذا الكلام جرى في الشهر الرابع من عام 2011، أي بعد مرور نحو شهر على انطلاق أحداث الثورة السورية، فكان من الطبيعي أن يقول له الناس، بأنه قبل عدة أيام لم يكن هناك مشكلة بالكهرباء، فما الذي حدث فجأة..؟ ولم يفهم الكثيرون بأن النظام منذ البداية اختار معاقبة الشعب السوري من خلال قطع الكهرباء عنهم، وليس لأنه غير قادر على تحمل تكاليف تشغيل محطات التوليد كما يدّعي.
ويقول مسؤولو النظام اليوم، بأن محطات الكهرباء حالياً قادرة على توليد أكثر من 5 آلاف ميغاواط يومياً، من أصل الحاجة المقدرة بنحو 6 آلاف ميغاواط يومياً، لكن المشكلة الأساسية هي في عدم توفر حوامل الطاقة لتشغيل محطات التوليد، لهذا تبلغ طاقة التوليد الحالية أقل من 2000 ميغاواط، وقد وصلت في الأيام الأخيرة إلى 1600 ميغاواط، بحسب تأكيد مسؤولين في وزارة الكهرباء.
أما حوامل الطاقة التي تحتاجها هذه المحطات، فهي نحو 17 مليون متر مكعب من الغاز يومياً بالإضافة إلى 3500 طن فيول، ينتج منها نحو 12 مليون متر مكعب من الغاز، بينما لا يوجد تقديرات لإنتاج الفيول محلياً.
ونوه الموقع ذاته أنه وبصورة أدق، تبلغ تكاليف حوامل الطاقة، فيما لو تم استيرادها بالكامل، نحو 5 مليون دولار يومياً، 3 مليون دولار للغاز و2 مليون دولار للفيول، أي أنه شهرياً تحتاج محطات التوليد إلى 150 مليون دولار لكي تنعم البلاد بالكهرباء على مدار الساعة، وفي العام كاملاً أقل من 2 مليار دولار.
ولكن على أرض الواقع، لا يحتاج النظام لأكثر من مليون ونصف المليون دولار يومياً، كون أكثر من نصف الكمية يتم إنتاجها محلياً، أي أن تشغيل محطات التوليد بشكل كامل، يحتاج سنوياً إلى أقل من مليار دولار.. فهل الدولة بالفعل عاجزة عن صرف مثل هذا المبلغ، لكي تنعم البلاد بالكهرباء على مدار الساعة..؟
واعتبر أن الأرقام السابقة، تكشف حقيقة نوايا النظام، بأن مشكلة الكهرباء عنده ليس في تحمل تكاليف التشغيل التي تبدو زهيدة بالنسبة لدولة كسوريا، وإنما لديه مآرب أخرى، وهي معاقبة الشعب السوري، كونه يتعامل مع البلد كملكية خاصة به، وبالتالي يرى أن هذا الشعب لا يستحق الكهرباء لأنه فكر بالثورة عليه..
تقول الأخبار اليوم إن طاقة التوليد في سوريا تراجعت إلى ساعتين فقط في اليوم مقابل 22 ساعة قطع.. وهذا التقنين في دمشق العاصمة، فما بالكم في باقي المناطق التي لم تر الكهرباء منذ عدة أيام..؟ لا يوجد بلد في العالم اليوم، غير قادر على تزويد شعبه بالكهرباء، بما في ذلك الدول التي مرت بأزمات شبيهة بسوريا.
وهناك دول مرت بما هو أصعب، لكن لم تنقطع فيها الكهرباء لـ 22 ساعة يومياً.. ولنا في التجربة اللبنانية أسوة، التي عاشت حرباً أهلية طاحنة، ومع ذلك بقيت فيها طاقة التوليد تصل إلى أكثر من 10 ساعات يومياً، وهو بلد غير منتج لأي نوع من أنواع حوامل الطاقة، بالإضافة إلى أنه لا يمتلك سوى محطة توليد واحدة، بينما في سوريا يوجد 10 محطات توليد.
بالإضافة إلى ذلك، هناك مناطق شاسعة خارج سيطرة النظام، لا يتكفل هذا الأخير بتزويدها بالكهرباء، ما يعني انخفاض تكاليف التشغيل إلى النصف تقريباً، ومع ذلك، الكهرباء طوال الوقت مقطوعة، باختصار شديد، الكهرباء اليوم هي سلاح بيد هذا النظام، لن يلقيه حتى يطمئن إلى أن الشعب السوري عاد إلى ما قبل العام 2011، وهذه العودة لن تحصل، ما يعني استمرار استخدامه لهذا السلاح ما دام على رأس السلطة في سوريا.
يشار إلى أنّ مناطق سيطرة النظام تشهد تدني مستوى عموم الخدمات الأساسية ومنها الكهرباء، وذلك عقب اتّباع "نظام التقنين الساعي" من قبل وزارة كهرباء الأسد ليصل الحال ببعض المناطق إلى الحصول على ساعة واحدة فقط، في حين باتت بعض المناطق تعاني من عدم توفر الكهرباء لأيام متواصلة، بحسب مصادر إعلامية موالية.