صورة اعتداء عناصر أمنية تابعة لهيئة تحرير الشام على الناشط الإعلامي عمر حاج قدور
صورة اعتداء عناصر أمنية تابعة لهيئة تحرير الشام على الناشط الإعلامي عمر حاج قدور
● أخبار سورية ٥ ديسمبر ٢٠٢٣

إعلاميو إدلب في مواجهة تضييق "تحـ ـرير الشـ ـام".. سياسة ممنهجة في محاربة "العمل الإعلامي" 

تُثبت "هيئة تحرير الشام" بأمنيتها ومؤسساتها المدنية أبرزها "حكومة الإنقاذ" يوماً بعد يوم، أن تتبع  وملاحقة النشطاء الإعلاميين في مناطق سيطرتها هو "سياسة متأصلة وعمل ممنهج" وليس حدثاً عارضاً كما تزعم، هدفه خلق منطقة خالية من أي صوت معارض لممارساتها وأعمالها، واستقطاب كل مؤثر وإرضاخ كل مخالف عبر التضييق الممنهج، في الوقت الذي تتغنى فيه بافتتاح وزارة للإعلام وتسهيل عمل الصحافة الأجنبية.


عملية تسويق مستمرة لـ "الهيئة والإنقاذ" لتجميل الواقع المرير الذي يعانيه "العمل الإعلامي" في مناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام"، عبر إعلامها الرسمي والرديف، وعبر شخصيات لها علاقات خارجية رهنت نفسها لمشروع الهيئة، إلا أن الممارسات المستمرة بحق النشطاء، يدحض ويعري هذه الصورة التي يتم الترويج لها، وتبرير التضييق باسم "تنظيم العمل الإعلامي" وهدفها تقويضه واحتكاره.


عشرات النشطاء والإعلاميين والمراصد وشخصيات ثورية، واجهت ولاتزال التضييق على يد شخصيات ومؤسسات تصدرها الهيئة في كل مرحلة، لتكون واجهة القمع والترهيب والتضييق، متبعة أساليب (الاعتقال - الاستدعاء – التهديد)، ضمن سياسة تتكرر منذ بدايات تأسيس "جبهة النصرة" وصولاً إلى "هيئة تحرير الشام" بذات النهج، مع اختلاف الأدوات والأشخاص والأساليب.


لم يكن اعتقال الناشط "عدنان فيصل الإمام" الأول ولن يكون الأخير، ضمن عشرات الممارسات التي باتت شبه يوميه، وبات بعض النشطاء يتكتون على سياسة التضييق المتبعة بحقهم خوفاً من ترهيب السلطة وتنفيذ التهديدات، لكن سياسة الإذلال المتبعة في الاستدعاءات وعمليات الاعتقال تكشف الوجه الحقيقي لمتصدري مؤسسات الهيئة، المكلفين بإرهاب "الكلمة الحرة والصوت المخالف".


يقول الناشط في تعليق بعد الإفراج عنه، إنه ورغم ثبوت عدم صحة الاتهامات التي لفقت له من قبل أمنية الهيئة في معبر الغزاوية، وبعد تدخل جهات مقربة منه، ورابطة الإعلاميين السوريين التي اجتمعت مع مسؤولين في وزارة إعلام الإنقاذ، إلا أن أمنية الهيئة تقصدت إذلاله من خلال نقله في "طبون" السيارة من مكان اعتقاله لمكان تسليمه لذويه في بلدة الدانا شمالي إدلب، علاوة عن انتهاك خصوصياته عبر تفتيش هاتفه الشخصي.


روايات أخرى وصلت سابقاً لشبكة "شام" تتحدث عن حجم الإذلال والتعالي الذي يتعامل بها مسؤولي ملف العلاقات الإعلامية في مكاتب الإنقاذ والهيئة وآخرها جعلهم ضمن مكتب وزارة الإعلام التي تم افتتاحها مؤخراً في إدلب، وأٍسلوب الترهيب والتهديد والتأكيد على محاربة كل صوت حر والاستهزاء بشعارات "حرية الإعلام".. (ستكشف "شام" ضمن ملف خاص لاحقاً أسماء ومعلومات تلك الشخصيات).

يأتي هذا الواقع الأمني المزري الذي يلاحق كل صوت حر غير خاضع لسياسات الهيئة ومؤسساتها، في الوقت الذي تتغنى فيه تلك المؤسسات بحجم التسهيلات والتعامل اللائق مع الوفود الصحفية الأجنية التي تدخل بالتنسيق مع مكاتب الهيئة، والتي تتولى مرافقة الوفود وتقديم كل الخدمات لهم، والتباهي بها، في وقت يواجه أبناء الحراك الثوري التضييق والإذلال والملاحقة الأمنية يومياً حتى على كروبات الأخبار ومواقع التواصل وفي كل عمل يقوم به.


ودائماً ماتكون أساليب الهيئة في كبح صوت النشطاء المخالفين لها، باتهاماتهم بالتورط بملفات أمنية، لم تستطع حتى اليوم إثبات هذه التهم سواء بالتواصل مع أي جهات خارجية تضر بالمنطقة، لكنها تستخدمها وسيلة للترهيب، في وقت بات واضحاً حجم العمالة التي كشفت عنها الأشهر السابقة داخل صفوف الهيئة من رأس الهرم وحتى أجنحتها الأمنية والإعلامية، والتي تتكتم عنها وتحاول التغاضي عنها.


وفي ١٨ فبراير ٢٠٢٢، نشرت "شام" تقريراً حمل عنوان "قانون لـ "الإعلام" في إدلب .. أفخاخ وتأويلات تُعزز قبضة "الإنقاذ والهيئة" على النشطاء ووكالاتهم"، سلط الضوء على ممارسات "المديرية العامة للإعلام" التابعة لحكومة الإنقاذ، حول نيتها إطلاق "قانون الإعلام" في إدلب، بدعوى تنظيم العمل الإعلامي، وضمان حقوق النشطاء والعاملين الصحفيين، في سياق الهيمنة التي تحاول الهيئة وأذرعها فرضها على العمل الإعلامي وتقييده في مناطق سيطرتها.

 

مصادر إعلامية قالت لشبكة "شام" حينها، إن القانون الذي يجري الحديث عنه معمول به بشكل غير معلن منذ قرابة عامين، وكان يفرض على كل ناشط يقوم باستخراج بطاقة العمل "بطاقة صحفية إلزامية" من المديرية المذكورة، التوقيع على نص قانون وميثاق شرف تتبناه المديرية وحكومة الإنقاذ، دون السماح لأي ناشط الاطلاع على فحوى هذا القانون وبنوده.

 

وتبرر الإنقاذ، سبب عدم تداول ونشر القانون، بأنه تجري دراسته واستشارة النشطاء في إدلب، قال المصدر إنها عملية التفاف جديدة تمارسها مكاتب الإنقاذ والهيئة، لشرعنة القانون من خلال حضور النشطاء العاملين ضمن مؤسساتها "إباء - أمجاد - أنباء الشام - كريتيف - الدرر الشامية - مكاتب العلاقات والمكاتب الأخرى المرتبطة بهم"، إضافة لعدد من النشطاء الإعلاميين المستقلين والعاملين مع وكالات محلية وعربية ودولية.

 

و نشرت شبكة "شام أيضاً تقريراً بعنوان "معتقل سابق: تحرير الشام تتبع حسابات النشطاء وتعد ملفات أمنية لمواجهتهم بها بعد الاعتقال"، كشف فيه معتقل سابق في سجون الهيئة لـ "شام" عن أن الأجهزة الأمنية التابعة لهيئة تحرير الشام تتعامل مع كل معتقل على غرار مايتعامل معه أجهزة النظام الأمنية في سجونها وأفرعها الأمنية، لافتاً لوجود ملفات معدة مسبقاً كأضابير لكل شخص تقوم باعتقاله.

 

وتحدث المعتقل أن أجهزة الهيئة واجهته بملف كامل معد مسبقاً وبكامل الدقة يتضمن صور لمحادثاته وتعليقاته عبر مواقع التواصل وفي غرف الأخبار التي انتقد فيها سياسة الهيئة وتصرفاتها، مشيراً إلى أن آراء قام بحذفها من حسابه قد تم تصويرها وإرفاقها بالملف قبل حذفها، تتبع ذات السياسة اليوم مع النشطاء وكل من يخالف توجهاتها، حتى المقيمين خارج سوريا.

 

وأشار المعتقل السابق إلى أن الهيئة تملك جيش إلكتروني كبير من عناصرها وأنصارها، مهمتهم الأساسية تبييض صورة الهيئة، والترويج لأعمالها، ومواجهة منتقديها ومتابعة حساباتهم وغرف الأخبار التي يتواجدون فيها، وتصوير كل مايمس الهيئة، إضافة لإعداد ملفات كاملة تواجه أي متهم أو ملاحق في حال اعتقاله.

 

وفي استثمار للمناسبات، كانت أصدرت "هيئة تحرير الشام"، بياناً قالت إنه بمناسبة "اليوم العالمي لحرية الصحافة"، تضمن حديثها عن مزاعم توفير بيئة مناسبة للإعلاميين رغم الحقائق والأرقام التي تشير إلى عكس ذلك، حيث أثار البيان جدلاً باعتباره منفصلاً عن الواقع، وفق ردود نشطاء محليين، وتتفاخر الهيئة بما أسمته تسهيل عمل الوفود الإعلامية الأجنبية، بينما تلاحق النشطاء السوريين أبناء الحراك الشعبي وتضيق على عملهم بوسائل وطرق عدة.

 

وتعتمد هذه الكيانات على أسلوب الترهيب والتهديد للنشطاء، لاسيما العاملين مع مؤسسات إعلامية تخالف توجهات الهيئة، وربما تعارضها وتنتقد ممارساتها، بدعوى حرصها على العمل الإعلامي وخدمة مشروع الثورة السورية، لتقوم بتنبيه الكثير من النشطاء لضرورة ترك تلك المؤسسات، والضغط عليهم بين وعيد وتهديد بالمساءلة والملاحقة لتركها.

 

وأكدت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، في تقاريرها، أن "هيئة تحرير الشام" ضيقت على عمل المؤسسات الإعلامية وكوادرها والمواطنين الصحفيين في مناطق سيطرتها، عبر ممارسات سعت من خلالها إلى الحد من حرية الرأي والتعبير والصحافة، وفرض نوع من الوصاية والتحكم بعمل المؤسسات الإعلامية، والرغبة في السيطرة على السياسة التحريرية، مما يفرغ العمل الإعلامي من مضمونه.

 

وأشارت إلى أن هذه الممارسات تشابه أساليب النظام السوري القمعية في حظر كافة وسائل الإعلام المستقلة العربية والدولية، فإما التضييق عليها، والتحكم فيما يصدر عنها، أو طردها وحظرها، وقد رفضت كافة وسائل الإعلام النزيهة والمستقلة وصاية وهيمنة النظام السوري مما تسبب في منعها من دخول سوريا، وهذه الممارسات في مختلف المناطق السورية جعلت سوريا من أسوأ دول العالم في حرية الصحافة، وفي حرية الرأي والتعبير.

 

وشكل تصاعد تسجيل حالات التعرض لنشطاء إعلاميين في مناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام" تحديداً في السنوات الماضية، فضلاً عن مساعي حثيثة لتقويض تحركات النشطاء وعملهم وفق قوانين ناظمة أوجدتها المؤسسات التابعة للهيئة مؤخراً، وبات الحديث عن "سياسة ممنهجة" واضحة لمحاربة كل مخالف لها ولسياساتها، على حساب تقديم مؤسسات إعلامية بديلة ودعمها لتكون هي الصوت المراد سماعه وحده وصولاً للهيمنة على إعلام الثورة ككل وإضعاف كل صوت آخر.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ