غلاء متصاعد في ظل تدهور للمعيشة وتحذيرات من توقف الإنتاج في مناطق سيطرة النظام
قال عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق "محمد حلاق"، إن أكثر ما يشكل قلقاً لقطاع الأعمال هو الاستنزاف برأس المال والأموال والأفكار والجهود والطاقات البشرية ودخولنا بداية العام بكتلة نقدية ووصولنا إلى نهاية العام بنصف الكتلة.
وذكر أن سبب ذلك هو ارتفاع النفقات والتكاليف بشكل كبير وغير مبرر نتيجة بعض التشريعات المعيقة للعمل وغير منسجمة ببعضها البعض وغير مستقرة، وأضاف "نحن من صعبنا الظروف على أنفسنا ورفضنا قراءة الأرقام والبيانات والمعطيات بالشكل الحقيقي".
وقدر أن مستوردات سوريا لغاية تاريخ 31-8-2023 هي 2.2 مليار يورو ولكن بعام 2010 كانت المستوردات تبلغ 18 مليار يورو، تم تخفيضها عام 2019-2020-2021 إلى 6 و5 و4 مليار يورو بالتسلسل، فأصبحت قيمة 18 مليار يورو وسط التضخم من 36 إلى40 ملياراً.
واعتبر أن الفرق المسجل 4 مليارات يورو وهذا غير منطقي ويدل على وجود مشكلة في الرقم والإيرادات والتهريب، قال إنه إذا أردنا أن نكون منصفين بنبض السوق الواقعي فهو يميل باتجاه أو بآخر نحو الثبات أو الانخفاض.
ولكن هذا الانخفاض وهمي أي ليس هناك مشترين وهناك ركود كبير ونلاحظ ذلك من حجم المبيعات المنخفض جداً بمنافذ البيع، إذا انخفاض الاستهلاك هو الذي أدى إلى الاستقرار أو انخفاض الأسعار.
وأضاف أن هذا الاستقرار لا يشعرنا بالارتياح لأنه سيسبب خللاً بمكان ما وبالتالي ستتوقف عجلة الإنتاج أو الاستيراد وسنقع بانخفاض توفر المواد وارتفاع الأسعار بشكل جنوني وبالتالي ليس كل استقرار إيجابي.
وفي رصد لوسائل إعلام محلية في دمشق للأسعار، تبين أن سعر كيلو البازلاء الخضراء يتراوح بين 12- 14 ألف ضمن سوق الهال، بينما وصل سعرها في الأسواق إلى 20 ألف، أما البازلاء الخضراء المفرزة تباع بالـ "غرامات" وكل 400 غ منها بـ 16 ألف ليرة أما الفول البلدي المفرز 400 غ منه بـ 15 ألف ليرة.
في حين اعتبر رئيس لجنة سوق الهال بأن سعر البازلاء الخضراء (تشرينية) مقبول بالنسبة لزيادة تكلفتها الزراعية حيث تباع في سوق الهال بين 12-14 ألف حسب العرض والطلب حيث كان قبل أسبوع واحد بـ 16 ألف ليرة سورية.
ونفى أن موضوع تسعير الخضروات والفواكه بحسب سعر الصرف لا أساس له من الصحة، وأنّ النقابة ستتخذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين في حال ورود شكاوى من هذا النوع، وقال تاجر بمناطق سيطرة النظام إنه قبل شهرين كنا نبيع صحن البيض بـ18 ألفاً أما اليوم بـ52 ألفاً، وكلما ارتفعت الأسعار يتراجع البيع.
وبين أن الفواكه والخضار تخضع للعرض والطلب فعندما تكثر البضاعة يقل السعر وعندما تقل يرتفع سعرها، واستدل بأنّ سعر البندورة لم ينخفض أقل من 4000 لأن الفلاح سيكون خاسراً عند هذه الأسعار، والسبب في ذلك ثمن البذار والأسمدة ومصروف النقل لذلك فإن الكيلو الواحد يكلف 4000 ليرة.
وقال الخبير الاقتصادي "جورج خزام"، إن المدينة الصناعية ليست المكان الأمثل لبناء مصنع بسبب بعدها عن مركز المدينة وبالتالي تكليف الصناعيين بالمزيد من مصاريف نقل الموظفين والمواد الأولية والبضاعة المصنعة الجاهزة للبيع مما سيزيد بالتكاليف و يتسبب بهدر بالوقت وهدر بالمحروقات و زيادة بالطلب بالسوق السوداء.
واعتبر الخبير أن أسوأ نتيجة كارثية لارتفاع أسعار المحروقات والسماد والأدوية الزراعية وارتفاع سعر صرف الدولار في سوريا هي أن أغلب المنتجات الوطنية الزراعية وغيرها أصبحت تكلفة إنتاجها كبيرة جداً وخارج القدرة الشرائية لفئة واسعة من المواطنين.
وأكد عضو مجلس التصفيق "زهير تيناوي"، أن انفلات الأسعار في السوق الذي أوصل أسعار المواد الأساسية لأرقام كبيرة غير منطقية مثل الزيت والرز والسكر وغيره سببه أن الكلف الحقيقية غير معروفة وواضحة ومغايرة للكلف المتداولة.
وأشار "تيناوي" إلى أنه لم يعد للسورية للتجارة التابعة لنظام الأسد أي دور إيجابي منذ مدة طويلة وأصبحت اليوم عبارة عن تاجر مثل كل التجار في السوق همها الربح أكثر من اهتمامها بتوزيع وإيصال المادة إلى مستحقيها.
وأوضح أن الأسعار في بعض الأسواق اليوم أقل من الأسعار في السورية للتجارة، مشيراً إلى عدم وجود أي رؤية من وزارة التجارة الداخلية لتطوير عمل هذه المؤسسة لتأخذ دورها الحقيقي في التدخل الإيجابي بالنسبة للمواد الأساسية.
وذكرت مصادر محلية أن صناعة المكدوس في سوريا، والتي تعتبر مادة أساسية في مؤونة الشتاء، باتت ضرب من المستحيلات، لدى أكثر من 95% من الشعب السوري، الذي يكافح لتأمين مادة الخبز التي يقتات عليها طيلة الشهر.
وتشير تقديرات بأن سعر كيلو الباذنجان بلغ 4000 ليرة، والفليفلة 3000 ليرة، وسعر كيلو الثوم تجاوز 20 ألف ليرة، وليتر الزيت 26 ألف ليرة، وكيلو الجوز 120 ألف ليرة سورية، بشكل وسطي.
وهذا يعني أن كل 10 كيلوغرام من الباذنجان تحتاج 40 الف ليرة ليرة، و 3 كيلو فليفلة 9000 ليرة ونصف كيلو جوز من الجوز، 60 ألف ليرة، ونصف ليتر من الزيت 13 ألف ليرة، ونصف كيلو ثوم 10 آلاف ليرة.
وبذلك تصل التكلفة وسطيا 132 آلف ليرة، لكل 10كيلو، وإذا افترضنا أن العائلة تحضر وسطيا 50 كيلو، أي أن تكلفتها خلال العام الحالي 2023 حوالي 660 ألف ليرة سورية، وإذا ماقارنا بين العامين 2018 و 2023.
وبذلك تقدر أن تكاليف صناعة المكدوس خلال 5 سنوات، ارتفعت 1220%، وهو ما معناه أن الموظف الذي لا يتجاوز راتبه 250 ألف ليرة، يحتاج لما يقارب راتب ثلاثة أشهر لصناعة 50 كيلو مكدوس، مع بقائه طيلة الشهر دون غذاء أو دواء.
وارتفعت أسعار الفروج وشاورما والوجبات السريعة، بشكل غير مسبوق في الآونة الأخيرة، وتراوح سعر سندويشة الشاورما في دمشق بين 15- 20 ألف ليرة سورية، وسعر الفروج المشوي يتراوح بين 96 – 110 ألف ليرة سورية.
وأكد أمين سر جمعية المطاعم في اللاذقية عمار أحمد، الاثنين، تسجيل جمود حركة المبيع في المطاعم الشعبية بعد ارتفاع أسعار المأكولات 50%، إذ وصل سعر سندويشة الفلافل إلى خمسة آلاف ليرة سورية، والشاورما إلى 25 ألف ليرة، بينما تراوح سعر قرص الفلافل بين 400 و800 ليرة.
واشتكى من ارتفاع ضرائب مجلس المدينة بعد أن بلغت مليون ليرة، موضحاً أن المطاعم تدفع الضرائب دون الحصول على خدمات تنظيف الشوارع أمام محالهم أو أي خدمات أخرى.
وحسب موقع "الليرة اليوم"، كثر الحديث بين التجار وأصحاب المحال في سوريا عن قضية الضرائب، ووصولها إلى أرقام باهظة و"قاصمة للظهر"، ونرى تلك الشكايات خصوصًا في قطاع المطاعم والوجبات السريعة والشعبية.
وتشهد مناطق سيطرة النظام ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار الخضر والفواكه والمواد الغذائية، مما يثير حالة من القلق والذهول بين المواطنين، خاصةً أولئك ذوي الدخل المحدود الذين يجدون أنفسهم غير قادرين على تلبية احتياجاتهم اليومية بسبب هذا الارتفاع المستمر في أسعار السلع الأساسية.
وواصلت الأسعار ارتفاعها في مناطق سيطرة النظام خلافاً للتوقعات بانخفاضها بعد إزالة بعض الحواجز من الطرقات وزعمت تموين النظام انخفاض المواد الغذائية باستثناء الأجبان والألبان والبيض والفروج كونها تخضع للعرض والطلب، وأسعارها تحدد بالكميات المنتجة والمطروحة بالأسواق.
وأثار الخبر المتعلق بتخفيض عدد الحواجز المنتشرة على الطرقات بين التجمعات السكنية وداخلها، ردود فعل متباينة بين مؤيد للخطوة باعتبارها ستساعد على تسهيل حركة تنقل الأفراد وانسياب أكثر للسلع والبضائع بين المناطق، وبين من انتقد ما كتبه أو قاله البعض لجهة التوقعات بانخفاض أسعار المنتجات.
وأكدت مصادر إعلامية محلية بأن الأسواق السورية طوال الأيام الماضية حالة من الغلاء والارتفاع المتسارع بالأسعار في مناطق سيطرة النظام رغم استقرار أسعار الصرف التي دائمًا ما تلام بهذا الشأن
تعقيبًا على ذلك، أرجع عضو غرفة تجارة دمشق "ياسر أكريّم" أسباب ارتفاع أسعار المواد في الأسواق رغم استقرار سعر الصرف إلى عاملين أساسيين، أولهما: ارتفاع أسعار حوامل الطاقة والكهرباء.
والسبب الثاني يتعلق بقلة الاستيراد وانخفاض أعداد مستوردي المواد كافة، نتيجة وجود مشاكل بقوانين الاستيراد كالدور الذي تم إحداثه في منصة تمويل المستوردات، والمطالبة ببيان عن مصدر القطع الأجنبي وما إلى ذلك من شروط.
وكان طلب رئيس مجلس الوزراء لدى نظام الأسد حسين عرنوس، اللجنة الحكومية المكلفة دراسة واقع الأسواق، بتقديم مقترحات "عملية وواقعية" تتضمن الإجراءات الواجب اتخاذها على مستوى جميع الجهات المعنية، لضبط الأسواق والحد من التلاعب بالأسعار والتركيز على ضبط الأسعار في أسواق الهال والجملة.