في ذكرى كيماوي الغوطتين.. "الشبكة السورية" تُطالب مجلس الأمن بفرض عقوبات على نظام الأسد
طالبت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، في تقرير لها بمناسبة (الذكرى السنوية الحادية عشرة لهجوم النظام بالأسلحة الكيميائية على غوطتي دمشق)، مجلس الأمن والأمم المتحدة بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية وعسكرية على النظام السوري كشكل من أشكال التعويض المعنوي لأسر الضحايا، ووفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وأكدت الشبكة، على ضرورة ملاحقة الأفراد الذين نشرت أسماءهم وبياناتهم، والتحقق في مدى تورطهم في استخدام الأسلحة الكيميائية ووضعهم على قوائم العقوبات والإرهاب، مشددة على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين.
ونوهت إلى ضرورة إنشاء محكمة جنائية خاصة لمحاسبة المتورطين بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب السوري، بما يساهم في وقف مسار الإفلات من العقاب المستمر منذ أكثر من عقد من الزمن والتحرك على كافة المستويات لردع النظام السوري وقطع كافة أشكال التعاون معه.
وطالبت الشبكة الحقوقية، باتخاذ خطوات استناداً إلى انتهاك النظام السوري لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، للتحرك أمام محكمة العدل الدولية، وذلك على غرار الدعوى التي تقدمت بها مملكة هولندا وكندا أمام محكمة العدل الدولية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب.
ويصادف اليوم 21 آب الذكرى السنوية الحادية عشرة لهجوم النظام السوري بالأسلحة الكيميائية على الغوطتين الشرقية والغربية في محافظة ريف دمشق في 21/ آب/ 2013، وفي هذا الوقت من كل عام تسود بين أوساط المجتمع السوري حالة حداد عام، وتنشط ذواكرنا في استحضار صور الضحايا ومعاناتهم، وما خلفته تلك الهجمات البربرية من حالة ذعر وهلع، وتشتم الأنوف رائحة الموت التي تمتد منذ ذلك اليوم. وما زال يعاني كثير من الأهالي وفي مقدمتهم الأطفال، من تأثيرات الهجوم، ويزيد من معاناتهم انقضاء كل هذه السنوات دون أية محاسبة للنظام السوري وأركانه.
تفاصيل الهجوم:
شنَّ النظام السوري ليلة الأربعاء 21/ آب/ 2013 قرابة 4 هجمات بأسلحة كيميائية على مناطق مأهولة بالسكان في الغوطة الشرقية والغوطة الغربية (بلدة معضمية الشام) في محافظة ريف دمشق، استخدم فيها ما لا يقل عن 10 صواريخ محملة بغازات سامة، وتُقدَّر سعة الصاروخ الواحد بـ 20 ليتراً، أي أنَّ المجموع الكلي 200 ليتر، تمَّ إطلاق الصواريخ عبر منصات إطلاق مُخصصة بعد منتصف الليل، واستخدمت كميات كبيرة من غاز السارين؛ فيما يبدو أنَّه نية مبيَّتة ومقصودة لإبادة أكبر عدد ممكن من الأهالي حين تباغتهم الغازات وهم نيام؛ الأمر الذي يُـخفِّض من فرص النجاة.
كما أنَّ مؤشرات درجات الحرارة تلك الليلة كانت تُشيرُ إلى انخفاضها بين السَّاعة الثانية والخامسة فجراً؛ ما يؤدي إلى سكون الهواء، وبالتالي عدم تطاير الغازات السَّامة الثقيلة، وبقائها قريبة من الأرض؛ ما يتسبَّب في وقوع أكبر قدر ممكن من الضحايا بين قتلى ومصابين، وهذا ما يجعلنا في الشبكة السورية لحقوق الإنسان نعتقد بوجود نية وتخطيط دقيق لدى النظام السوري يهدف إلى إبادة أكبر قدر ممكن من الشعب السوري الذي طالب بتغيير حكم العائلة وخرج عن سيطرته ورغبات الأجهزة الأمنية.
إضافةً إلى ما سبق، فقد ساهم الحصار المفروض على الغوطتين الشرقية والغربية من قبل الحكومة السورية منذ نهاية عام 2012، ومنع إدخال الوقود والمحروقات، وعدم توافر الأدوية والمعدات اللازمة لعلاج المصابين في ارتفاع حصيلة الضحايا أيضاً.
جميع الأسباب آنفة الذكر ساهمت في سقوط هذا الكمِّ الهائل من الضحايا بين قتلى ومصابين، سجَّلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بالاسم والتَّفاصيل مقتل 1144 شخصاً اختناقاً، يتوزعون إلى
• 1119 مدنياً بينهم 99 طفلاً و194 سيدة (أنثى بالغة).
• 25 من مقاتلي المعارضة المسلحة.
كما سجلنا إصابة 5935 شخصاً بأعراض تنفسية وحالات اختناق.
ووفق الشبكة، تُشكِّل هذه الحصيلة قرابة 76 % من إجمالي الضحايا الذين قتلوا بسبب الهجمات الكيميائية التي شنَّها النظام السوري منذ كانون الأول/ 2012 حتى آخر هجوم موثَّق لدينا في الكبينة بريف اللاذقية في أيار/ 2019 بحسب قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
تداعيات الهجوم الكيميائي على الغوطتين ما زالت مستمرة والأثر النفسي دامغ في ذاكرة أبنائهما، وذاكرة المجتمع السوري:
إن لهجوم النظام السوري بالأسلحة الكيميائية على غوطتي دمشق تأثير عميق ودائم ليس فقـط علـى سكان المناطق المستهدفة، بل على المجتمع السوري بشكل عام، وإن كان سكان الغوطتين هم الأكثر تأثراً. ويشمل ذلك التأثيرات البالغة على الصحة العقلية، بما في ذلك معاناة الناجين والشهود لسنوات من اضطراب ما بعد الصدمة والقلق والاكتئاب، وبشكل خاص الأطفال. ناهيك عن الصدمة العابرة
للأجيال.
وبسبب طبيعة هذا السلاح تستمر التأثيرات على الصحة البدنية سنوات إلى الأمام، ويواجه بعض المصابين حتى اليوم مشكلات في الجهاز التنفسي والجهاز العصبي، بما في ذلك اضطرابات في الذاكرة أو الوظائف الإدراكية. كما وردتنا تقارير عن بعض حالات العيوب الخلقية ومشكلات في النمو لدى الأطفال المولودين لأبوين تعرضوا للهجوم.
ويضاف الى كل ما سبق الآثار الاجتماعية والمجتمعية والاقتصادية، والتداعيات السياسية.
222 هجوماً كيميائياً موثقاً في قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، والمسؤولية المباشرة لقائد الجيش والقوات المسلحة بشار الأسد عن هجمات الأسلحة الكيميائية في سوريا.
عملت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بشكل كثيف على ملف الأسلحة الكيميائية، وأصدرت قرابة 54 تقريراً، ولديها اتفاقية مع آلية التحقيق وتحديد المسؤولية في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية IIT، وتعتبر مرجعاً في جميع التقارير التي صدرت عنها. كما أنها عضو في تحالف اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية (CWC).
وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان 222 هجوماً كيميائياً على سوريا منذ أول استخدام موثق لدينا لاستخدام الأسلحة الكيميائية في /23/ كانون الأول/ 2012 حتى 20 / آب 2024، كانت قرابة 98 % منها على يد قوات النظام السوري، وقرابة 2 على يد تنظيم داعش، وتوزّعت الهجمات وما نتج عنها من ضحايا ومصابين بحسب مرتكب الهجوم على النحو التالي:
ألف: نقذ النظام السوري: 217 هجوماً كيميائياً على مختلف المحافظات السورية منذ أول استخدام موثق لدينا لهذا السلاح في /23/ كانون الأول/ 2012 حتى 20 آب 2024، تسببت في مقتل 1514
شخصاً يتوزعون إلى:
1413 مدنياً بينهم 214 طفلاً و262 سيدة (أنثى بالغة).
94 من مقاتلي المعارضة المسلحة.
7 أسرى من قوات النظام السوري كانوا في سجون المعارضة المسلحة.
كما تسببت في إصابة 11080 شخصاً بينهم 5 أسرى من قوات النظام السوري كانوا في سجون المعارضة المسلحة.
باء: نقذ تنظیم داعش 55 هجمات كيميائية منذ تأسيسه في 9 نيسان / 2013 حتى /20/ آب / 2024 كانت جميعها في محافظة حلب، وتسببت في إصابة 132 شخصاً.
وتوزعت الهجمات بحسب قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة باستخدام الأسلحة الكيميائية
في سوريا، على النحو التالي:
ألف: نفذ النظام السوري: 217 هجوماً كيميائياً، توزّعت بحسب قرارات مجلس الأمن على النحو
التالي
أولاً: قبل قرار مجلس الأمن رقم 2118 الصادر في 27 أيلول/ 2013: 33 هجوماً.
ثانيا بعد قرار مجلس الأمن رقم 2118 الصادر في 27/ أيلول/ 2013 حتى الآن: 184 هجوماً. ثالثا: بعد قرار مجلس الأمن رقم 2209 الصادر في 6 آذار/ 2015: 115 هجوماً.
رابعا: بعد تشكيل آلية الأمم المتحدة وقرار مجلس الأمن رقم 2235 الصادر في 7/ آب/ 2015: 59
هجوماً.
باء نفذ تنظيم داعش 5 هجمات كيميائية جميعها في محافظة حلب، وتشكل خرقاً لقرارات مجلس
الأمن رقم 2118 و2209، و2235
وأكدت الشبكة، أن تنفيد الهجمات التي استخدمت فيها الأسلحة الكيميائيه هي عمليه معقدة، والنظام السوري هو نظام شديد المركزية، فلا يمكن أن تتم دون موافقة وعلم من بشار الأسد، وبالتالي فالقرار مركزي وهو سياسة مدروسة لدى النظام السوري، تورطت فيه مؤسسة الجيش والأمن بشكل رئيس قيادة شعبة المخابرات العسكرية العامة، وقيادة شعبة المخابرات الجوية، ومكتب الأمن القومي، إضافة إلى مركز الدراسات والبحوث العلمية، بشكل رئيس المعهد 1000 والفرع 450 وتشير قاعدة بياناتنا إلى تورط ما لا يقل عن 387 شخصاً من أبرز ضباط الجيش وأجهزة الأمن والعاملين المدنيين والعسكريين، يجب وضعهم جميعاً على قوائم العقوبات الأمريكية والأوروبية.
وقد أوردت الشبكة في تقريرين سابقين، عينة عن أبرز هؤلاء الأفراد المتورطين باستخدام الأسلحة الكيميائية في النظام السوري تمهيداً لفضحهم ووضعهم على قوائم العقوبات الدولية.
تشير الشبكة السورية لحقوق الإنسان استناداً إلى قاعدة بياناتنا وفي ضوء ما خلص إليه فريق التحقيق وتحديد المسؤولية التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في تقاريره الثلاثة المؤرخة في 8 نيسان 2020، ثم في /12 نيسان/ /2021، ثم في /27/ كانون الثاني/ 2023، والتي حددت مسؤولية النظام السوري عن 5 هجمات كيميائية.
إضافة إلى تقارير التقدم المحرز الصادرة عن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، والتي أكد آخرها المؤرخ في 24 تموز / 2024 أن الإعلان المقدم من النظام السوري لا يمكن اعتباره دقيقاً وكاملاً وفقاً لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، بالنظر إلى الثغرات وأوجه عدم الاتساق التي تم تحديدها والتي لا تزال من دون حل" بناء على كل ذلك فإنه يبدو لنا على وجه اليقين أن النظام السوري لم يعلن عن كامل مخزونه من السلاح الكيميائي، كما أنه لم يعلن عن كل المنشآت المستخدمة في إنتاج أو حيازة هذا السلاح، أو أنه قد قام بتخصيص أو بناء منشآت جديدة بعد تدمير تلك التي أعلن عنها وقت انضمامه إلى الاتفاقية في أيلول 2013، ولدينا مخاوف جدية من أن يستخدمها لاحقاً ضد الشعب السوري.