"فريق مُلهم التطوعي" يفتتح مدرسة "غـ ـزَّة" كصرح تعليمي رائد للأيتام شمالي سوريا
افتتح "فريق ملهم التطوعي" يوم أمس الاثنين، "مدرسة غزة" للأيتام والأرامل في مدينة إعزاز شمالي جلب كصرح تعليمي مميز في بنائه والخدمات التي سيقدمها لقرابة 700 طالب مع هدف للوصول لألفي طالب، من الأيتام، ضمن مشروع رائد في الشمال السوري المحرر.
وسميت القرية باسم "غزَّة"، من باب التضامن مع أهالي وأطفال قطاع غزة الذين يتعرضون لأبشع صور العدوان الهمجي من قبل الاحتلال الإسرائيلي في هذه الفترة، وتضم المدرسة ٢٥ صفاً مدرسياً، بالإضافة لمخبر حاسوب ومخبر معلوماتية وصالة أنشطة ومكتبة وغرفة إرشاد نفسي.
وحملت كل قاعة من القاعات الصفّية في المدرسة، اسماً لشهيد أو رمزاً من الرموز الفلسطينية والسورية، بهدف لفت اهتمام الأطفال إلى المكانة التي تحتلها فلسطين عند السوريين، وارتباط قضيتها بقضيتهم السورية، منهم "محمد الدرة، شيرين أبو عاقلة، الصحفي رشيد سراج، هبة أبو ندى، علي نسمان، أحمد رمضان المصري".
وقال الفريق: "من تحت الهدم والركام خرجنا متفرقين، نازفين آملين أن نجتمع بأمنيتنا بأن نبني أرضنا كما نحلم، أرض تضمّنا بجروحنا وعزيمتنا كما يستحق شعبنا. نبني والنظام بدوره يهدم، يدمر ويقتل".
وأوضح أنه "في المنطلق آلمنا واقع أهالينا وتشرّد أيتامنا، وضعنا أمام أعيننا هدف منحهم مسكن آمن ضمن قرية تحب السلام؛ وهذا ما حصل بالضبط. كبيوت نحلم العيش بأكنافها؛ صنعنا. حديقة كمساحة لأطفالنا يقضون بها وقتهم ويفرغون طاقاتهم، فعلنا وزرعها بها حياة لتكون أقرب للحلم".
وأضاف: "لأن الهدف الأهم هو نشر النور وإنشاء جيل ثوريّ قادر على قول لا بوجه الظلم، قادر على بناء ذاته وقادر على اكمال المسيرة؛ جيل يبني من بعده مجتمع على نهجه، وكالعادة كان النظام بدوره يهدم كل ما نبنيه ونزرعه؛ محاولاً مكافحة العلم بالجهل وسلب حق التعليم من بين أنامل أطفالنا، واعتقال أصحاب الكفاءات العظيمة الموجودة في بلدنا. لكن خُزلت مساعيه فاليوم نحن بهذا الهامش الصغير نصنع ما يذهل العالم ونؤمن بصنعنا!".
وبين أن "مدرسة عزّة لجيل جميل، وأن هموم أرضنا سوريا لم ولن تشغلنا عن هموم فلسطين؛ فلسطين التي تربينا على أنها قضيتنا الأولى وما زالت، وما زلنا نربّي أجيالنا على هذا. هنا بين جدران المدرسة سيكبرون على اسمها، ذكراها وذكرى شهدائها، على ألمها وأملنا بنصرها"
وقال: "لأن أطفالنا يستحقون أفضل الإمكانيات؛ فإن مدرسة غزّة في الشمال السوري المحرر تنافس المدارس العالمية، من حيث التصميم، والمختبرات المزود بأفضل الأجهزة وغرف خاصة بالحواسيب، وملعب رياضي ومكتبة تزرع حبّ البحث والقراءة لدى طلابها، بالإضافة إلى برامج تدعمهم وتبني منهم أشخاص عالميين، متطلعين على مهارات عديدة ومجالات تكنولوجية متطورة كالبرمجة وانشاء الروبوتات وغيره".
وتعدّ مدرسة غزّة ثاني أعمال فريق ملهم في قسم التعليم في الشمال السوري، حيث تتميزان بكادر تدريسي ذو خبرة وإبداع؛ بذلك نكون قد منحت المعلمين والمعلمات فرص العمل على نشر العلم.
وأكد الفريق أن "التعليم هو أولويتنا، نقوى به وندعم طالبيه من خلال تقديم الدعم والمنح التي ترافقهم في رحلتهم الجامعية؛ كما تتزيّن مساعينا ختام كل عام بتخرّج ما يقارب ال 100 خريج جامعي من أفرع ومجالات متعددة"، وختم بالقول: "النظام بدوره يهدّم ويدمّر ويقتل.. ونحن بدورنا نعاند الظروف ونصنع حياتنا وحياة جيل موهوب، واعي يحارب الظلم بقلمه وعلمه".
وانبثقت فكرة "فريق ملهم التطوعي" في عام 2012 عن مجموعة من طلبة الجامعة السوريين، الذين استشعروا ألم ومعاناة إخوانهم اللاجئين في دول الجوار ولمسوا جراحهم، فعملوا بادئ الأمر على إعانتهم بما استطاعوا من موارد بسيطة متاحة وطاقات إنسانية مخلصة، للتخفيف من آلامهم وتأمين احتياجاتهم الأساسية من الغذاء والدواء والمأوى.
ومع تفاقم الكارثة الإنسانية، وتضاعف أعداد المهجّرين داخلياً وخارجياً وتوزعهم على طول الخارطة الجغرافية، كان لابد لسواعد شباب الفريق أن تشتد ولأرواحهم أن تزداد إصراراً، فوصل عدد أعضاء الفريق في سنويته التاسعة إلى أكثر من 300 متطوع ومتطوعة انتشروا في مختلف أرجاء العالم، وحوالي 70 موظف وموظفة في مناطق التنفيذ، عملوا كخلية نحل واصلين الليل بالنهار على إيصال المعونة إلى مستحقيها ومسح الأسى عن وجوه أبناء جلدتهم.
وتعود تسمية الفريق نسبة للشهيد "ملهم فائز طريفي" من أبناء مدينة جبلة بريف اللاذقية، والذي وُلد في: 07/04/1986، واستُشهد في: 10/06/2012، وكان درس مُلهم في مدينة اللاذقية، وتخرّج بشهادة في إدارة الأعمال من الأكاديمية العربية للعلوم والتكنلوجيا، والنقل البحري.
وعندما انطلقت الثورة السورية، كان مُلهم من الشباب الذين امتلأت نفوسهم خيرًا وكرامة، ووضعوا العدالة نصب أعينهم، ثم ساروا إليها بحناجرهم وأيديهم. ومثل مئات الآلاف من الأبطال في سوريا، اعتُقل ملهم بتاريخ 14/06/2011، ولاقى أشدّ التعذيب، وتحمّل ألمًا هائلًا، ليُطلق سراحه بعد قرابة شهر، ويضطر لمغادرة وطنه.. لكنّ ملهم، والذي آمن بالعدالة والحرية كأسمى القيم، عاد إلى سوريا وشارك مجددًا في الثورة السورية؛ ليستشهد بعد شهور مدافعًا عن أهله في ريف اللاذقية، وتبقى ذكراه في قلوب أحبته وأصدقائه..
هذه الذكرى، دفعتْ أصدقائه للقيام بعمل خيري باسمه في الأردن، في زيارة لمخيم الزعتري في عام ٢٠١٢، أرادوا فيها توزيع الألعاب على الأطفال في العيد، وأثناء قيامهم بذلك؛ ارتدوا قمصانًا تحمل اسم "ملهم"، ومن تلك اللحظة، وحتى اليوم، حين صار فريق ملهم منظمة مرخصة في عدد من الدول، وتساعد الآلاف شهريًا، ارتبط اسم الشهيد بهم، وصارت قيمه السامية وحبه للخير، أساسًا لعمل الفريق.
ويؤكد "فريق ملهم التطوعي"، بتتويج مسيرته في مجال العمل الخيري بتأسيس منظمة تحمل اسمه، مقرها تركيا ولها ترخيص قانوني ومكاتب في أمريكا، ألمانيا، السويد وكندا، يسعى من خلالها إلى تأطير عمله الإنساني الخيري في إطار مؤسساتي خال من التبعية الحزبية أو السياسية، ويعزز بذلك ثقة داعميه في مختلف أرجاء العالم، ويطور مسار عمله الخيري وفق معايير عالمية