بعد منعهم والتضييق لسنوات .. "إعلام الجولاني" يحتفي بإقامة قداس للمسيحيين بإدلب
احتفى الإعلام الرديف التابع لـ "هيئة تحرير الشام" على نحو واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي يوم أمس الاثنين، بإقامة من تبقى من أبناء الطائفة المسيحية بإدلب، بعيد "القديسة آنا" في قرية اليعقوبية بريف إدلب الغربي، أثار ذلك ردود فعل متباينة حول التحول الجذري في سياسة "الهيئة" ورديفها تجاه الأقليات، المتزامن مع تغييرات في سياسة رأس الهرم بالهيئة.
وتداول الإعلام الرديف للهيئة "عبر قنوات وشبكات وصفحات بأسماء مختلفة"، صوراً وتسجيلات مصورة لافتتاح كنيسة "القديسة آنا" في قرية اليعقوبية بمشاركة أهالي قرى اليعقوبية والجديدة والقنية، والذين لايتجاوز عددهم مئتي شخص، يقيمون في تلك القرى.
وتعرضت أملاك الطائفة المسيحية لانتهاكات جسمية وكانت تندرج في سياق الغنائم للهيئة وفصائل متشددة أخرى، والتي بسيطت سيطرتها على منازلهم وأملاكهم لاسيما في مدينة إدلب، فيما بقيت عدة عائلات في منازلها وحصلت على الأمان دون أن يتعرض أحد لها في قرى ريف جسر الشغور، مع تقييد نشاطهم الديني بشكل كبير.
وكانت نشرت شبكة "شام" مؤخراً، تقريراً بعنوان ""الجولاني والأقليات" .. استثمار لمصلحة أم اعتذار عن تاريخ أسود"، لفت إلى أن تاريخ "الجولاني" المؤسس الأول لـ "جبهة النصرة" وصولاً لقيادة "هيئة تحرير الشام"، يعج بتاريخ أسود، تُثقله انتهاكات كبيرة بحق "الأقليات الدينية" في سوريا، والتي اعتبرت كعدو من وجهة نظر شرعية، وشاع اسمهم بـ "النصارى" على ألسنة قادتهم وأمرائهم، فاستبيحت أملاكهم وأرزاقهم وطردوا من مناطقهم.
وتحدث التقرير، عن سلسلة التبدلات التي اتخذها "الجولاني" في سياسته، والانقلاب على كل من حوله، لخدمة مشروعه بما يتماشى مع المتغيرات الدولية، بدا واضحاً عملية التسويق المتبعة لشخصيته مدنياً، لم يسلم من بقي من أبناء الأقليات الدينية في مناطق سيطرته، والتي سجلت نوعاً من التودد والتقرب وتغيير في الخطاب و وعود بإصلاح الماضي، ليرسم "الجولاني" تساؤلات عديدة عن دوافع هذه الرسائل التي يريد إيصالها والجهات التي يستهدفها في مثل هذه التحركات.
وقال المحامي "إبراهيم ملكي" والناشط في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، في حديث لشبكة "شام"، إن التحولات التي يقوم بها "الجولاني" تجاه الأقليات مؤخراً تندرج في سياق التماهي مع "السياسات الدولية المتغيرة المرتبطة بالأزمة السورية بشكل عام"، على الرغم من أن تلك السياسات يكتنفها الغموض وفق المتحدث.
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي الدكتور "باسل معراوي"، أن "الجولاني" يسعى منذ فترة لتقديم نفسه كـ "حامل لمشروع وطني إسلامي معتدل"، حيث غير اسم تنظيمه عدة مرات وأعلن فك ارتباطه مع تنظيم القاعدة الدولي، وليؤكد على خطه الجديد يجاهر بالقول أن ليس له أجندة غير وطنية بمعنى أنه لم ينفذ أو يشارك أو يبارك أي عمل منسوب للجماعات الجهادية خارج سوريا".
بدوره، كان اعتبر الكاتب والسياسي السوري "حافظ قرقوط" المنحدر من محافظة السويداء، إن زيارة "الجولاني" للأقليات الدينية في ريف إدلب لها وجه إيجابي، لكنها من طرف آخر تحمل رسالة خفية أن الأقليات كانت تحت حماية الأسد وهي حالياً تحت سلطته، معتبراً أن "الجولاني" لا يمكن اعتباره شخصية مستقلة، وإنما هو يتبع لمشغلين ما، يؤدي دوره حسب المرحلة الزمنية من عمله.
وكان أثار الظهور الأخير لـ "الجولاني"، إلى جانب عدد من قياداته، في مناطق يقطنها أبناء "الطائفة الدرزية" بريف إدلب، وخطابه "المنفتح" في الدين، حفيظة عدة كتل ضمن الهيئة، والتي اعتبرتها محاولة منه لـ "استثمار" الدين والأقليات في سياق مساعيه للظهور والترويج لنفسه، على أنه رجل معتدل، مقرب من الحاضنة الشعبية، من خلال سلسلة من الحملات الدعائية له.
وكانت قالت صحيفة "واشنطن بوست"، في تقرير لها، إن جماعة "هيئة تحرير الشام"، تسعى إلى إظهار أنها أصبحت حركة إسلامية معتدلة، وذلك بغرض الحصول على الدعم من السكان المحليين واعتراف أميركا وبقية دول العالم كمنظمة سياسية لا علاقة لها بالتطرف والقمع.
وبحسب تقرير "واشنطن بوست" تحاول الحركة إظهار أنها قد أنشأت دولة قادرة على إدارتها، إذ ينتشر عناصر شرطة المرور في الطرقات لتنظيم حركة السير، وتدير عبر حكومة الإنقاذ شؤون التعليم والاقتصاد والخدمات العامة، بيد أنها فشلت في تخفيف مصاعب الحياة اليومية في رقعة كبيرة من الأرض تضم مخيمات مترامية.