استياء وسخط من خطة حكومة النظام لإلغاء الدعم بالكامل وتحرير الأسعار
انتقدت عدة شخصيات مقربة من نظام الأسد خطة نظام الأسد التي كشف عنها أحد أعضاء "مجلس الشعب"، المعروف بـ"مجلس التصفيق"، التي تنص على نية حكومة النظام إلغاء الدعم بالكامل وتحرير الأسعار، ويأتي ذلك في ظل الواقع الاقتصادي المأزوم.
وقالت الباحثة والخبيرة الاقتصادية المقربة من نظام الأسد "رشا سيروب" على صفحتها الشخصية في "فيسبوك" منتقدة القرار وبأن الحكومة بدل أن تحاسب الفاسدين المسؤولين عن ملف الدعم، فإنها تقوم بإلغاء الدعم بالكامل.
وذكرت أن كلام عضو مجلس التصفيق "صفوان قربي"، يؤكد بأن المشكلة ليست بالدعم بل بالفساد في ملف الدعم، مشيرة إلى أنه طالما الآليات التنظيمية الإدارية المضبوطة أصبحت معروفة، إذاً الفاسدين أصبحوا معروفين، متسائلة: لماذا لا يتم محاسبتهم..؟
وصرح "إلياس نجمة"، الأستاذ في كلية الاقتصاد في جامعة دمشق أن مبدأ "عمل التضخم هو كالأواني المستطرقة، فما أن يصيب سلعة حتى ترتفع أسعار جميع السلع الأخرى، ولذلك فإن ما يشاع عن نية الحكومة رفع أسعار بعض السلع يعني أن البلاد ستكون مقبلة على موجة كارثية من التضخم.
وهي غير مؤهلة للتعامل معها وفق الإمكانيات المتاحة حالياً"، وأضاف، أن تأثر أسعار السلع فيما بينها يجري وفق قاعدة اقتصادية تسمى بـ "أثر الجر"، ومعناها أن ارتفاع سعر سلعة ما سوف يجر معه أسعار جميع السلع الأخرى نحو الارتفاع.
وتالياً فإن الحديث عن زيادة الرواتب والأجور لن يكون مجدياً لعدة أسباب أهمها: أن التضخم الحاصل سيكون أكبر بكثير من نسبة الزيادة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن هناك شريحة واسعة من المواطنين لن تستفيد من هذه الزيادة لكونها غير موظفة.
أو ستضطر إلى رفع تعرفة خدماتها لمسايرة التضخم، لتكون النتيجة أننا أمام تسونامي خطير من التضخم، وتابع أن البلاد ستكون عملياً أمام موجتين شديدتين من التضخم ستؤثران بعمق على الإنتاج والاستهلاك معاً:
الأولى الناجمة عن رفع الحكومة أسعار حوامل الطاقة، وهذه ستكون كافية لرفع سعر حتى الهواء.
وأضاف، علينا أن نتذكر أن موجة التضخم القاتلة في البلاد بدأت مع رفع حكومة وائل الحلقي سعر ليتر المازوت من حوالي 35 ليرة إلى حوالي 60 ليرة في منتصف العام 2013، أما الموجة الثانية من التضخم فهي ستكون بسبب زيادة الرواتب.
واعتبر أن القطاع الخاص الذي سوف يضطر إلى إجراء زيادة مشابهة على رواتب عامليه سيقوم في النهاية بتحميل منتجه النهائي تكاليف تلك الخطوة أي أن هناك زيادة ثانية على سعر المنتج، لا بل إن بعض الجهات العامة سوف تفعل ذلك أيضاً.
وتابع، أما على مستوى التعليقات فقد امتلأت المنشورات التي تناقلت خبر رفع الدعم، بشتى أنواع الشتائم على الحكومة، مشيرين إلى أنه في حال صدور مثل هذا القرار فإن الناس سوف تنزل إلى الشارع وتعبر عن غضبها.
ورصد موقع "اقتصاد" موجة انتقادات واسعة بين المحللين الاقتصاديين والمعلقين، الذين رأوا أن القرار في حال صدوره سوف يؤدي إلى إفقار الشعب السوري بشكل أكبر، وخصوصاً أن قرار رفع الرواتب لن يكون متزامناً مع قرار رفع الدعم، وإنما سوف يكون من نتائج رفع الدعم.
ورأى الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق "شفيق عربش"، أن رفع الدعم يجب أن يرافقه رقابة محقة من كل الإدارات المختصة بهذا الموضوع خاصة من قبل وزارة التجارة الداخلية وعليها أن تكون جاهزة لمنع أي تجاوز.
وأن يكون للسورية للتجارة دورها الحقيقي فهي مؤخراً بقراراتها المتعلقة بالأسعار ساهمت بارتفاعها كثيراً، وطالب بتفعيل دور صندوق المعونة الاجتماعية وأن يكون جاهزاً لمساعدة الأسر الفقيرة والهشة، كما يجب أن يترافق رفع الدعم إذا ما حصل بزيادة مجزية بالرواتب.
وعن التقديرات المفترضة لسقوف متوسط الرواتب والأجور بعد رفع الدعم، أوضح أن الحد الأدنى للمعيشة قبل رفع الدعم كان من المفترض ألا يقل عن مليون و700 ألف لكل أسرة شهرياً، ويجب ضبط الأسواق كما يجب فلا مبرر لتحليق الأسعار لمستويات جنونية في حال تم رفع الدعم، وأعتقد أن ترتفع الأسعار أكثر من 50 بالمئة بعد رفعه.
وصرح عضو "مجلس التصفيق"، "محمد الخير العكام"، أن المجلس لم يقرر تشكيل لجنة مشتركة مع الحكومة إنما ما حدث هو تشكيل مجموعة حوار من أعضاء في المجلس و الفريق الاقتصادي الحكومي من أجل النقاش وتقديم المقترحات، لافتا إلى أن المجموعة عقدت عدة جلسات حوار وتم الحديث عن كل مايمكن تخيله وبعمق شديد بخصوص تحسين الوضع المعيشي.
ولفت إلى أن الحكومة مصرة على إعادة هيكلة الدعم بهدف تقليل المبالغ التي تنفقها عليه مع الأخذ بالحسبان محدودي الدخل، مضيفاً إن ذلك حسب الحكومة سيكون مقابل زيادة الأجور وأشار إلى أن السبب هو وجود عجز هائل بالموازنة نتيجة زيادة الإنفاق على الدعم مقابل تدني الأجور.
وقال إن الحكومة كان يجب أن تصل لهذا الاستنتاج منذ زمن طويل عندما كنا نتحدث أن حجم الدعم لا يجب أن يتجاوز نصف الموازنة، وأضاف العكام أن أي زيادة في الرواتب والأجور يجب ألا يتبعها زيادة في أي سلع أساسية.
لذا يجب دراسة الأثر الناجم عن تعديل سعر أي مادة "مازوت، بنزين، خبز" وانعكاسها على المواطن وعلى الجهة الأخرى الزيادة المحتملة للرواتب إن كانت ستزيد عن الارتفاع أو لا قائلاً "بقدر ما تكون زيادة الرواتب رادمة للهوة بين الأسعار والأجور أنا مع هيكلة الدعم".
كما قال البرلماني إنه لا بد من وضع برنامج رفع متدرج للأجور بما يترافق مع إعادة هيكلة الدعم تدريجيا وليس دفعة واحدة ليلمس المواطن محدود الدخل والفئات المهمشة، كذلك لا بد من بذل الجهد لاستعادة الثقة بسياساتنا النقدية وتعديل تشريعات وقرارات وضبط سعر الصرف المرتبط بزيادة الأسعار.
وأكد الخبير الاقتصادي جورج خزام أنه في حال قامت الحكومة بتحرير أسعار المحروقات و الخبز و السماد و المواد التموينيه و غيره فهذا يعني أنه لا يوجد اى سبب ومبرر للمصرف المركزي بتجريم التعامل بالدولار و بعدم تسليم الحوالات الخارجية بالدولار لأصحابها و للتجار المصدرين أو تسليمها بسعر أقل من قيمته الحقيقية بحجة الحاجة للدولار الرخيص لتمويل إستيراد مواد مدعومة.
وتابع، كما لا يوجد أي سبب لشراء القمح من المزارعين بسعر قريب من التكلفة بحجة دعم الرغيف على حساب المزارع الفقير على اعتباره يحصل على دعم وهمي غير حقيقي، واعتبر إن إلغاء الدعم يعني توزيع عجز الموازنة العامة على الفقراء المدعومين وحدهم دون الأغنياء الغير مدعومين ليتحولوا من طبقة الفقر إلى طبقة الفقر المدقع.
وقال المحامي "عارف الشعال"، إن المادة 76 من الدستور توجب أن يتقدم رئيس الحكومة بعد تشكيل وزارته بيان إلى مجلس الشعب يفترض أن يتضمن السياسة الاقتصادية التي تعتزم الحكومة ممارستها، فتحوز ثقة المجلس بموجبه، ويلقي الدستور بموجب المادة ذاتها على الحكومة مسؤولية تنفيذ بيانها المذكور المتضمن هذه السياسة.
وعليه، وفقاً للقانون الدستوري، إن لم تستطع الحكومة الالتزام بالسياسة التي حازت الثقة بموجبها وأرادت العدول عنها كرفع الدعم، فيجب أن تستقيل لتفسح المجال لحكومة جديدة تحوز ثقة المجلس بموجب سياسة أخرى،
وإذا لم تستقل وقامت بالعدول عن السياسة التي حازت الثقة بموجبها، فيتوجب على البرلمان مساءلتها بالاستجواب أو بحجب الثقة عنها، لا أن يشاركها هذا العدول ويسبغ الشرعية عليه خلافاً لواجبه الدستوري بالرقابة على الحكومة.
وكانت نقلت إذاعة محلية موالية لنظام لنظام الأسد عن عضو "مجلس التصفيق"، لدى النظام "صفوان قربي"، قوله حكومة النظام ستتخذ خلال الليالي القادمة خطوات وقرارات جريئة فيما يخص الدعم، على صعيد رفعه عن المحروقات وتحرير أسعارها، وذلك بعد ترويج النظام لما أطلق عليه "جلسة استثنائية".
وتجدر الإشارة إلى أن الجلسة الاستثنائية تمخض عنها عشرات التصريحات والتسجيلات لنواب في البرلمان، ولم تفلح رغم الترويج والتسويق لها في إحداث أي تغيير يذكر، وسط عدم استجابة نظام الأسد للمطالب التي نصت صراحة على إلغاء الضرائب والحواجز والمعابر ودوريات التجارة الداخلية والجمارك داخل المدن التي من شأنها تخفيض الأسعار إلى النصف كونها تأخذ مبالغ مالية كبيرة يضفها التاجر على التكلفة ويدفعها المستهلك.