أرباح مالية طائلة ومناقصات سرية ... أين اختفت غابات عفرين ..؟
أثارت مشاهد مصورة تظهر قطع الأشجار الحراجية في مناطق عفرين بريف حلب الشمالي، حالة استهجان واستياء كبيرة، ما طرح عدة تساؤلات حول الجهات المسؤولة عن هذه العملية رغم التحذيرات والقرارات والتعاميم الإعلانية التي تمنع قطع الأشجار، ونستعرض في هذا التقرير بعض الإجابات والمعلومات المتعلقة في هذه الانتهاكات، لا سيّما السؤول الأبرز "أين اختفت غابات عفرين؟".
وكشفت مصادر لشبكة "شام" في مناطق عمليات درع الفرات وغصن الزيتون، عن أن قادة الفصائل المنضوية تحت تشكيلات الجيش الوطني، يمارسون عمليات قطع الأشجار بشكل منظم ضمن مناطق سيطرتهم المطلقة، حيث تتسم العملية بالتنظيم، بحيث يكلف قسم من العناصر بعلميات قطع الأشجار وفق مهمات رسمية صادرة من قادة فصائلهم، لتنقل الأشجار المقطوعة بعدها إلى مستودعات خاصة.
ويتم بيعها لاحقاً لعدة جهات وفق مناقصات سرية تجري بين قادة الفصائل والراغبين بعمليات الشراء، لتشكل عوائد بيع هذه الأشجار مصدر دخل هام لهذه الفصائل، تنشط عمليات قطع الأشجار خلال شهر تموز وآب وأيلول، وذلك للتحضير لبيعها خلال موسم الشتاء القادم، وتتعدد الجهات التي تقوم بشراء الأشجار المقطوعة.
ويتعمد قادة الفصائل بيعها لجهات متعددة، فبعضها يباع في السوق المحلي في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون، وقسم آخر يباع ليهرب الى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، والقسم الأخير يقوم متنفذين في هيئة تحرير الشام بشرائه ونقله الى إدلب لطرحه في السوق المحلي.
وحسب تقديرات المصادر يتراوح سعر الطن من الحطب في الأسواق بين 180 الى 220 دولار، بين ما تقوم فصائل الجيش الوطني ببيعه بمبلغ يتراوح بين 75 دولار الى 140 دولار للطن الواحد، وتلعب الجودة ودرجة الجفاف ومكان التسليم دوراً أساسياً في تحديد السعر.
ولفتت مصادر "شام" إلى أن هناك مايسمى "إدارة الحراج" تتبع لفصائل الوطني، قامت في مطلع تموز الفائت بطرح مناقصة سرية على عدد من المتنفذين الذين تتعامل معهم لبيع ما مقداره 2100 طن من الأخشاب المقطوعة، وروج للمناقصة عدة أشخاص "تتحفظ شام على ذكر أسمائهم".
وكذلك قامت تلك الفصائل بتجميع الأشجار المقطوعة وقصها وتجزيئها وتعبئتها في أكياس، في مقر إدارة الحراج التابع لها، كما أفادت مصادرنا، أن عمليات نقل الأشجار المقطوعة من وإلى المركز تتم على مرأى من وزارة الدفاع وإدارة الشرطة العسكرية ورئاسة الحكومة المؤقتة التي تقع مراكزها بالقرب من مركز إدارة الحراج المذكور.
وفي السياق، أفادت مصادرنا بأن تلك الفصائل قد طرحت المناقصة بسعر 150 دولار للطن، لترسوا المناقصة على عدة جهات بأسعار مختلفة، حيث وزعت الكمية على ثلاث جهات، كما استحوذت هيئة تحرير الشام على ثلث الكمية، وذلك عن طريق اتفاق بين أحد مسؤولي القطاع الاقتصادي في هيئة تحرير الشام.
وسيطرت فصائل الجيش الوطني والقوات التركية على منطقة عفرين في ريف محافظة حلب في آذار 2018 تحت مسمى عملية غصن الزيتون، وبعد الإعلان عن انتهاء العمليات العسكرية في عملية غصن الزيتون، وسارعت لبسط سيطرتها على هذه المساحات الواسعة ومقدراتها، ولتسهيل عملية الضبط الأمني.
وتم توزيع السيطرة بين هذه الفصائل على شكل قطاعات، بحيث يتكون كل قطاع من ناحية أو مجموعة قرى، تقع بشكل كامل تحت السلطة العسكرية والأمنية المطلقة للفصيل الذي تولى إدارتها وحمايتها، وعملت هذه الفصائل لتجميع عناصرها وإنشاء مركزيات أمنية وعسكرية لها ضمن القطاع المحدد لها، وقد أتاحت هذه السلطة الأمنية والعسكرية المطلقة للفصيل، تطبيق سيطرة كاملة لقيادة الفصيل بشكل أشبه ما يكون بالإمارات أو الإقطاعيات.
هذا وأتاحت هذه الإقطاعيات لملاكها من قادة الفصائل ممارسة أنماط مختلفة من الانتهاكات بحق السكان المحليين والممتلكات العامة والخاصة، ومن هذه الانتهاكات هي التعدي على الثروة الحراجية وأشجار الزيتون المعمرة، وذلك من خلال عمليات قطع الأشجار وبيعها كحطب للتدفئة، ولم تقتصر عمليات قطع الأشجار على الغابات العامة فقط، بل شملت عدد كبير من أشجار الزيتون المعمرة في البساتين التي نزح أصحابها من عفرين وما حولها.
وكانت تداولت صفحات محلية على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطعاً مصوراً يظهر أشخاص يقومون بقطع الأشجار من الأحراش الحراجية قرب بحيرة "ميدانكي"، بريف مدينة عفرين شمالي حلب، وتتم هذه العمليات من قبل فصائل من "الجيش الوطني"، وذلك ضمن عمليات ممنهجة، رغم خطورة تداعيات هذه الانتهاكات على البيئة وغيرها من الآثار السلبية.