اقتربت من 11 ألف لكل دولار .. الليرة تواصل الانهيار والنظام يكرر تخفيض قيمتها
واصلت الليرة السورية انهيارها مع اقترابها من حاجز الـ 11 ألف ليرة لكل دولار في السوق الرائجة، فيما خفض مصرف النظام المركزي قيمة الليرة السورية مجددا وحدد سعر صرف الليرة بـ 9200 مقابل الدولار وفقاً لنشرة الحوالات والصرافة.
ومع تكرار تخفيض قيمة الليرة من قبل بنك النظام المركزي، سجلت في الأسواق الرائجة أسعار قياسية جديدة مع اقترابها من 11 ألف ليرة، حيث تراوحت بين سعر للشراء 10650، وسعر 10750 للمبيع في عموم مناطق سوريا، وسط انهيار مستمر.
وقال الخبير الاقتصادي "شادي الأحمد"، إن سبب الانخفاض الحاصل بقيمة الليرة يعود لعدة أسباب منها إدارة القطع وعدم دوران عجلة الاقتصاد والإنتاج وكذلك عدم الاستفادة من الانفتاح العربي الحاصل، فضلاً عن منصة تمويل المستوردات التي أدت لاستئثار كبار التجار بالكتلة الدولارية وارتفاع الأسعار.
وأضاف أن ما يلاحظ أيضا هو أن المصرف المركزي يلاحق السوق السوداء، قائلاً إن المركزي يتحكم بجانب واحد وهو جانب الطلب "من خلال شراء الدولار فقط وعدم بيعه"، على عكس السوق السوداء التي تظهر ثقة أكبر بالعملة وتبيع وتشتري، مضيفا إن السوق السوداء تقوم دوماً بامتصاص أي ضخ للسيولة يقوم به المركزي.
وتابع، لذا هي مطمئنة وتقوم بالتسعير كونها دوما تدرك أنها هناك سيولة متوفرة ناجمة عن ضخ المركزي، مشيرا إلى أن الانفتاح العربي على سوريا لن يكون على مبدأ "انطيه ليكزس" المتداول، ولن تتدفق الأموال والاستثمارات وحتى إن كانت لن تكون استثمارات إنتاجية بل خدمية أو عقارية، والسؤال الأهم " أين توظف أي تدفقات مالية" فهل ستذهب لتمويل المستوردات أي للتجار دون أن تنعكس على المواطن.
وقال الخبير الاقتصادي إنه لابد من إعادة القوة لليرة السورية وذلك من خلال عدة إجراءات تبدأ بقرار تصريف 100 الدولار على الحدود وصولا للمنصة ومعالجة احتكار البعض لمفاصل حساسة بالاقتصاد السورية "فلا يعقل أن يتبوأ شخص واحد سبعة مناصب حساسة"، وفق تعبيره.
وأشار إلى أنه يجب إعادة النظر بالرواتب والأجور، والدعم واستبداله بشبكة أمان اجتماعي يتم من خلالها تحديد دخل كل فرد بدقة ليتم تحديد المستحق ودعمه نقدياً، مشيراً إلى أنه ليس من المنطقي أن يقوم ذو الدخل المحدود بدعم الفئات الثرية فمثلاً ووفق نظام الدعم الحالي "شخص لا يملك سيارة يدفع ضرائب تذهب لخزينة الدولة وتوظف بدعم البنزين الذي يذهب لشخص يملك سيارة، أو يذهب لإنارة منزل في منطقة فارهة أو غيرها".
من جانبه استعرض الخبير الاقتصادي الداعم للأسد "جورج خزام"، في منشور له على فيس بوك الأسباب التي تؤدي إلى الارتفاع المستمر بسعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية أولها عدم إيداع الأموال و المدخرات بالليرة السورية في المصارف الوطنية.
وذلك خوفاً من تقييد حرية السحب عند الطلب بموجب قرار المركزي و التي كانت الضربة القاضية لسعر صرف الليرة السورية وتفضيل إدخار الأموال بالدولار والذهب في المنازل مما ادى لتراجع كبير بكمية الدولار و البضائع المعروضة للبيع في السوق مقابل زيادة كبيرة بكتلة السيولة النقدية المتداولة بالليرة السورية.
واعتبر أن تراجع الصادرات بسبب قرار المركزي بتعهد التصدير والذي بموجبه يتوجب على التاجر المصدر تسليم قيمة الصادرات بالدولار بالسعر الرسمي المنخفض، ومن الأسباب الرئيسية أيضاً التعقيدات الكبيرة بحركة البضائع بين المحافظات ووضع سقف للحوالات المالية وزيادة الهجرة و هروب رؤوس الأموال بالدولار للخارج.
يضاف إلى ذلك تزايد ارتفاع سعر الصرف و تقييد الأسواق و تجميدها بحملات مستمرة و قوانين هدامة كانت السبب بتراجع الإنتاج والحركة التجارية وقيام التجار بتفضيل شراء الدولار والذهب وتخزينه أكثر من شراء البضائع و تخزينها و ذلك خوفاً من دخول الجمارك عليها و تغريم صاحبها مئات الملايين مما ادى لزيادة الكساد والبطالة وتراجع الإنتاج ومعه المزيد من إرتفاع سعر صرف الدولار.
وكان ذكر الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة حلب، حسن حزوري، أن الهدف الرئيسي من إصدار المصرف المركزي نشرة الحوالات والصرافة بشكل يومي، هو استقطاب أكبر كمية من الحوالات الواردة، كي تدخل إلى المنظومة المصرفية وبالتالي الى خزينة المركزي، عوضاً عن دخولها إلى جيوب السماسرة وتجار السوق السوداء.
وأعرب عن القلق بسبب عدم استكمال هذه الخطوة بشكل صحيح، لأن المصرف المركزي يطارد السوق السوداء، مؤكداً أن الفارق بين السوق السوداء ونشرة الحوالات والصرافة سيبقى موجوداً لسبب واحد ألا وهو أن المصرف المركزي يتدخل كمشتر فقط، ولا يبيع، وهذا أحد أسباب عدم تمكنه من ضبط سعر الصرف.
وقال إن مهما كان سعر المصرف المركزي، ومهما سعى لاستقطاب الحوالات، سنجد في السوق السوداء من يبحث عن القطع الأجنبي ولاسيما الدولار، بسعر أعلى، والسبب هو الحاجة للقطع الأجنبي.
وأضاف، فهناك، مثلاً، من يريد أن يسافر خارج سوريا، ومسموح له أن يصطحب مبلغ 10 آلاف دولار، وهناك أيضاً من يريد أن يسدد قيم المواد المهربة، إضافة للمستورد الذي يريد أن يثبت ثمن صفقة شراء مادة مستوردة، وينتظر دوره لأشهر، حتى يتم تمويله عبر المنصة.
وتابع بأن المركزي لن يستطيع السيطرة على سعر الصرف ما لم يعمل وفق المبادئ المتعارف عليها، أي أن يتدخل كمشتر وكبائع بنفس الوقت، فعندما يقول أنه سيشتري بسعر 8400 عليه أن يبيع بسعر 8600 مثلاً، بهذه الطريقة سيتمكن المركزي من التحكم والسيطرة على سعر الصرف.
واعتبر أن البلاد مقبلة على الأسوأ، ولن يتوقف سعر الصرف عند السعر الحالي، بل سيستمر بالارتفاع طالما لا يوجد منافسة حقيقية ضمن الاقتصاد، فمن يتحكم بالاستيراد والتصدير هم فئة قليلة.
وطالما لم تدر عجلة الإنتاج الحقيقي، للصناعة والزراعة، وطالما لا تقوم الحكومة بالتدخل لإزالة العراقيل التي تمنع دوران عجلة الإنتاج وتزيد من التكلفة، فلن يتوقف التضخم عن الارتفاع".
وشهدت السوق المحلية لليوم الثالث على التوالي ارتفاعا جديدا في سعر الذهب ليواصل تحطيم الأرقام التاريخية التي يسجلها يوميا كأعلى سعر في تاريخ سوريا، حسب مصادر إعلامية تابعة للنظام.
وسجل غرام الذهب عيار 21 قيراط سعرا جديدا عند 533 ألف ليرة، فيما سجل سعر غرام الذهب عيار 18 قيراط 456 ألف ليرة، وارتفع سعر الأونصة إلى 19 مليون و765 ألف ليرة، فيما ارتفع سعر الليرة الذهبية إلى 4 ملايين و520 ألف ليرة.
هذا وشهدت الليرة السورية هبوطاً متسارعاً بقيمتها وسعر صرفها أمام الدولار الأمريكي وبقية العملات العربية والأجنبية خلال تعاملات الأيام والأسابيع القليلة الماضية، الأمر الذي طرح العديد من إشارات الاستفهام حول أسباب ذلك ومدى قدرة مصرف النظام المركزي على التدخل وفقاً للتقارير وحسب العديد من المحللين والخبراء الاقتصاديين.