صورة لجانب من الدمار في الشمال السوري جراء الزلزال
صورة لجانب من الدمار في الشمال السوري جراء الزلزال
● أخبار سورية ٧ فبراير ٢٠٢٣

الزلزال يكشف النفاق الدولي.. "الإنسان آخر همومهم" والمصالح من تتحدث

مرت لغاية اللحظة قرابة الـ40 ساعة على الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا وأدى لمأساة كبيرة جدا تكاد تكون الأكبر منذ عقود، حيث يعيش أكثر من 4.5 مليون إنسان شمال غرب سوريا في ظل وضع إنساني غاية في الصعوبة حتى قبل الكارثة.

ما إن وقع الزلزال حتى خرجت التصريحات المتضامنة مع المتضررين، ووعود من الدول والهيئات الدولية بتقديم الدعم لتركيا وسوريا لتجاوز المحنة، ومرت الساعات ثقيلة على المدنيين شمال غرب سوريا دون أن يصلهم أي دعم لغاية اللحظة.

تركيا الدولة الكبيرة وذات الإمكانيات الهائلة وقفت عاجزة أمام هول الكارثة، وطلبت المساعدة على الفور من حلفائها وأصدقائها في أمريكا والدول الأوروبية، التي لبت النداء وأرسلت عشرات الطائرات المحملة بالمعدات والعناصر والآليات والكلاب المدربة على تعقب الأحياء تحت الأنقاض.

وكذلك فعل حلفاء النظام السوري الذين أرسلوا بضع شحنات من الغذاء والدواء واللباس.

النظام استفاد من المأساة الواقعة الآن والزلزال المدمر عبر تعويم نفسه والانفتاح على الغرب وأمريكا لطلب المساعدات ورفع العقوبات الدولية عنه، وكذلك والأهم بالنسبة لبشار الأسد هو إعادة تعويمه شخصيا، وذلك بعد عدد من الاتصالات التي تلقاها تعزيه بمن مات في الزلزال، ولسان حاله يقول "رب ضارة نافعة".

وانتقد رائد الصالح مدير "الدفاع المدني السوري" عبر حسابه في "تويتر" تقاعس الأمم المتحدة في التواصل لتقييم الوضع ومعرفة احتياجات فرق إنقاذ شمال سوريا.

وطالب "الصالح" مؤسسات الأمم المتحدة بأن تكون حيادية، رغم الفاجعة واستمرار جهود الإنقاذ منذ أكثر من 40 ساعة ووجود ألاف الضحايا والعالقين تحت الأنقاض.

وكانت مؤسسة الدفاع المدني السوري أو ما يعرف بـ "الخوذ البيضاء" قد ناشدت المجتمع الدولي وكافة المؤسسات الإنسانية للتحرك الفوري لمساعدة السوريين المنكوبين، فيما تعمل الفرق التابعة لها دون كلل في سباق مع الزمن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح.

وتأتي انتقادات الخوذ البيضاء للمجتمع الدولي في ظل تهافت عدد من القادة العرب على الاتصال بالمجرم بشار الأسد لتعزيته في الضحايا الذين سقطوا جراء الزلزال، مع إرسال الأطنان من المساعدات للضحايا في مناطق سيطرته، ونسيان المشردين في الشمال المحرر، والذي كان الأسد نفسه سببا في تهجيرهم من مختلف المحافظات بدءاً من درعا مرورا بريف دمشق وحمص وليس انتهاءً بحماة وحلب.

كما انتقد ناشطون سعي الدول العربية لتعزية المجرم بشار الأسد بضحايا الزلزال، رغم قيام نظامه بقتل أضعاف مضاعفة من هذا العدد خلال سنوات الثورة السورية، وإرسال المساعدات له، رغم الإمكانيات اللوجستية الكبيرة التي يملكها، مقارنة مع مؤسسة الدفاع المدني التي تعتمد على المتطوعين المدنيين في الشمال المحرر.

وكان إعلام نظام الأسد قد أعلن عن وصول فريق جزائري وعناصر من الصليب الأحمر اللبناني للمشاركة في البحث والإنقاذ بالأماكن التي ضربها الزلزال في مناطق سيطرة النظام، فيما يبقى عناصر الدفاع المدني والأهالي وحيدون في مواجهة عمل شاق باستخدام وسائل إنقاذ بسيطة وشحيحة مقارنة بحجم الكارثة.

وأرسلت الجزائر ثلاث طائرات محملة بالمساعدات، وأرسلت العراق كميات من الوقود والمواد الغذائية، فيما أرسلت الإمارات طائرة تحوي 10 أطنان من مواد غذائية وبطانيات وخيم، ووعدت تونس بتقديم المساعدات، وكلها ليد نظام الأسد، فيما يبقى الشمال المحرر، دون أدنى مساعدة.

سفير النظام السوري في الأمم المتحدة بسام صباغ صرح يوم أمس أن بلاده مستعدة لاستقبال جميع المساعدات الدولية ولكن يجب أن تكون عن طريقه فقط حتى تلك المساعدات التي ستذهب إلى المناطق المتضررة في مناطق سيطرة المعارضة السورية.

يقول الكاتب السوري أحمد أبازيد أن "النظام أكثر ما اهتمّ به من مأساة الزلزال هو محاولة منع وصول مساعدات للمتضررين في المناطق التي يقصفها ويقتل أهلها إلا عن طريقه هو، حتى يموّل بها استكمال قتل من نجوا من الزلزال".

وكانت متحدثة باسم الأمم المتحدة قالت أن انتقال المساعدات عبر الحدود من تركيا إلى سوريا متوقف بسبب قضايا لوجستية، ولكن هذه القضايا التي تحدثت عنها المتحدثة لم تمنعها من الوصول إلى أبعد نقطة في المناطق المتضررة في تركيا.

بالطبع لسنا هنا في صراع مع المنكوبين في تركيا ومصابنا واحد، ولكن هناك دولة وحكومة ومؤسسات كبيرة جدا في تركيا، على عكس الشمال السوري الذي يئن منذ أكثر من عقد من الزمن بلغ به من الضعف ما تنوء به الجبال، دون وجود مؤسسات حقيقية تستطيع التكفل بحياة 4.5 مليون إنسان أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء.

ما الذي يمنع الدول والمؤسسات والمنظمات حقا أن تتجه بجزء بسيط من الأليات والمساعدات إلى الشمال السوري الذي بحاجة كبيرة جدا لإنقاذ ما تبقى من أرواح تحت الأنقاض، هناك حيث الثانية والدقيقة لها قيمة، فلا وقت للراحة فهناك أجساد هدها البرد والتعب وأنينها وصوتها يخفت مع الوقت.

هذه المأساة كشفت نفاق الدول وانحيازها لمصالحها فقط وتناست أن المنكوبين في تركيا بشر من لحم ودم كما المنكوبين في شمال سوريا، لا فرق بينهم وجميعهم محتاج للمساعدة، فلماذا بعد 40 ساعة لم تدخل ولا حتى آلية واحدة أو حتى رغيف خبز واحد؟.. يتساءل المئات ممن فقد عائلته وأولاده وذويه.

وبلغت آخر حصيلة للضحايا بحساب الدفاع المدني أكثر من 900 حالة وفاة وأكثر من 2300 مصاب، فيما يبقى العدد مرشح للارتفاع بشكل كبير بسبب وجود مئات العوائل تحت الأنقاض، وسط تواصل عمليات البحث والإنقاذ، في ظل صعوبات كبيرة وحدوث هزات ارتدادية.

وكانت آخر حصيلة أصدرتها وزارة الصحة التابعة للنظام لعدد ضحايا الزلزال تظهر ارتفاع عدد الوفيات إلى 812 حالة، و إصابة 1449.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ