النظام يُسجل الناشطين المختفيين قسرياً "معاذ وقصي برهان" كمتوفييَن في دوائر السجل المدني
أصدرت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" اليوم تقريراً بعنوان “النظام السوري يقوم بتسجيل الأخوين الناشطين البارزين "معاذ وقصي برهان" المختفيان قسرياً في مراكز احتجازه كمتوفييَن في دوائر السجل المدني”، ولفتت فيه إلى أن النظام السوري سجل ما لا يقل عن 1614 مختفٍ قسرياً في دوائر السجل المدني وما زال لديه 96 ألف مختفٍ.
أكد التقرير استمرار النظام السوري منذ عام 2018 في التعاطي بشكل بربري مع قضية المختفين قسرياً، فلا يكتفي بإخفاء قرابة 96 ألف مواطنٍ سوري، بعضهم مُختفٍ منذ سنوات، بل يقوم منذ عام 2018 بتسجيلهم أموات في دوائر السجل المدني، وفي كثير من الأحيان دون إخطار أهلهم.
وذكر التقرير أن الشبكة حصلت في 9/ تشرين الثاني الجاري على وثيقة تفيد بوفاة الأخوين الناشطين “قصي ومعاذ برهان” عبر دائرة السجل المدني في محافظة ريف دمشق، وتظهر البيانات المسجلة في الوثيقة أن “قصي” قد توفي بتاريخ 31/ كانون الثاني/ 2014، ومعاذ قد توفي بتاريخ 16/ شباط/ 2014، دون أي تفاصيل أخرى، كحال الغالبية العظمى لبيانات الوفاة التي حصلت عليها للمختفين قسرياً وتحتفظ بها ضمن سجلاتها.
قال التقرير إن الشقيقان قصي ومعاذ عبد الرحمن برهان، ناشطان في الحراك المدني السلمي، من أبناء مدينة الزبداني شمال غرب محافظة ريف دمشق، من مواليد عام 1991، وعام 1992 (حسب الترتيب)، اعتقلتهما عناصر تتبع لفرع سرية المداهمة والاقتحام “215” التابعة لقوات النظام السوري مع مجموعة من النشطاء الآخرين وعددهم سبعة، إثر مداهمة مكان تواجدهم ليلا في 31/ كانون الأول/ 2013 في حي ركن الدين بمدينة دمشق، واقتادتهما إلى أحد مراكز الاحتجاز التابعة لها في محافظة دمشق، وبينت أنه منذ ذلك الوقت تقريباً وهما في عداد المختفين قسرياً؛ نظراً لإنكار النظام السوري احتجازهما أو السماح لأحدٍ ولو كان محامياً بزيارتهما.
وأضاف أن الأخوين قصي ومعاذ برزا مع انطلاق الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في آذار/ 2011 وعُرفا بنشاطهما السياسي والمدني السلمي وفي تصوير ونقل التظاهرات، وشاركا في العديد من الأنشطة التي دعت للسلم ورفض تخريب المؤسسات الحكومية، واللاعنف وتقديم الورود والمياه لعناصر الأمن، التي كانت تأتي لقمع التظاهرات في مدينة دمشق، كما شاركا في الإعلان عن تجمع الشباب السوري الثائر وكانا من المنضمين لهذا التجمع في مدينة دمشق، ولهذه الأسباب كانا هما وأمثالهما هدفاً استراتيجياً، نوعياً للنظام السوري، الذي سخر كامل طاقته لملاحقتهم واعتقالهم دون أي مسوغ قانوني وإخفائهم قسرياً في مراكز احتجازه.
ذكر التقرير أن الضحية قصي كان قد توفي بعد شهر واحد من تاريخ اعتقاله، بينما توفي أخيه الضحية معاذ بعد قرابة 48 يوم من تاريخ اعتقاله، وبفاصل زمني بعد 16 يوم من وفاة أخيه قصي، ورجح أنهما قد توفيا بسبب التعذيب في الفرع 227 أو ما يعرف باسم “فرع المنطقة” في مدينة دمشق ويتبع لشعبة المخابرات العسكرية، بعد نقلهما إليه من الفرع 215.
أكد التقرير أن النظام السوري يتحمل مسؤولية كشف مصير المختفين قسرياً لديه بشكل ملزم وجدي وإجراء تحقيقات مستقلة بإشراف أممي تكشف حقيقة ما تعرضوا له من انتهاكات ومحاسبة المسؤولين وتسليم رفات من توفي منهم لدفنها بشكل كريم ووفقاً للآلية التي اتبعها عبر دوائر السجل المدني والتي لم يقم النظام السوري عبرها بإيضاح مصير المختفين قسرياً بشكل نهائي، بل تشكل إدانة له فهو من قام باعتقالهم وإخفائهم ثم أنكر مسؤوليته عن ذلك ثم سجلهم كمتوفين في دوائر السجل المدني.
ووفقاً للتقرير فمنذ مطلع عام 2018 بدأ النظام السوري بتسجيل العديد من المختفين قسرياً في مراكز الاحتجاز التابعة له، في دوائر السجل المدني، على أنهم متوفون، سجل التقرير ما لا يقل عن 1614 شخصاً بينهم 24 طفلاً و21 سيدة، و16 حالة من الكوادر الطبية، لمختفين تم تسجيلهم على أنهم متوفون في دوائر السجل المدني، وذلك منذ مطلع عام 2018 حتى تشرين الثاني/ 2023، لم يُذكَر سبب الوفاة، ولم يسلم النظام الجثث للأهالي، ولم يُعلن عن الوفاة وقت حدوثها. ومن بين الحصيلة أربع حالات تم التعرف عليها عبر الصور المسربة من المشافي العسكرية التابعة للنظام السوري.
أكد التقرير أن النظام السوري ارتكب في هذه الحوادث دون أدنى شك عدداً كبيراً من الانتهاكات، على رأسها إخفاء متعمد لقرابة 71% من المعتقلين لديه، وتعذيبهم بأبشع الأساليب السادية والقسوة وتركهم يتألمون حتى الموت، وإذلال وإرهاب المجتمع وأهالي المعتقلين عبر حرمانهم من أبسط معايير الحقوق والكرامة الإنسانية عن طريق عدم إبلاغهم بوفاة ابنهم، أو الامتناع عن إعطائهم جثته وأخيراً القيام بتسجيله متوفى دون علمهم، لقد استخدم مقدرات وثروات ومؤسسات الدولة السورية كأسلحة حرب ضد كل من يتجرأ لمعارضته.
وقال إنَّ النظام السوري لم يفِ بأيِّ من التزاماته في أيٍّ من المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها، وبشكل خاص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كما أنَّه أخلَّ بعدة مواد في الدستور السوري الذي وضعه هو، فقد استمرَّ توقيف مئات آلاف المعتقلين دونَ مذكرة اعتقال لسنوات طويلة، ودون توجيه تُهم، وحظر عليهم توكيل محامٍ والزيارات العائلية، وتحوَّل 68.25 % من إجمالي المعتقلين إلى مختفين قسرياً ولم يتم إبلاغ عائلاتهم بأماكن وجودهم، وفي حال سؤال العائلة تُنكر الأفرع الأمنية والسلطات وجود أبنائها، وربما يتعرَّض من يقوم بالسؤال لخطر الاعتقال.
طالب التقرير مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بحماية عشرات آلاف المعتقلين والمختفين قسرياً لدى النظام السوري من التعذيب حتى الموت، وإنقاذ من تبقى منهم على قيد الحياة. وأوصى بإيجاد طرق وآليات لمنع النظام السوري من التَّلاعب بالأحياء والأموات، لما في ذلك من تهديد كبير لأمن واستقرار الدولة السورية.