"المقداد" يشترط انسحاب القوات التركية ووقف دعم الفصائل لقبول التفاوض مع تركيا
رد وزير خارجية نظام الأسد "فيصل المقداد"، على التصريحات التركية حول إمكانية إعادة العلاقات أو التفاوض مع نظامه، باشتراط سحب قواتها كاملة من الأراضي السورية، ووقف دعمها لـ "فصائل المعارضة" وتدخلها في الشؤون الداخلية لسوريا، وفق تعبيره.
وجاءت كلمة المقداد في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الروسي لافروف في موسكو، قائلاً: "اذا قررنا الاتفاق نحن وتركيا فيعني أنه يجب أن لا يكون هناك إرهاب في تركيا ولا إرهاب في سوريا"، واعتبر أن "هناك استحقاقات يجب أن تتم لإصلاح العلاقات مع تركيا وليس لدينا شروط ولكن يجب إنهاء "الاحتلال التركي".
وأضاف "المقداد" أن نظامه "يثمن الجهود التي تبذلها روسيا وإيران لإصلاح ذات البين بين سوريا وتركيا"، واعتبر أن الولايات المتحدة تحتل الشمال الشرقي لسوريا وتنهب ثرواتنا، وقال إنه "لا يمكن تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط بدون انسحاب القوات الأمريكية من سوريا ووقف دعمها للتنظيمات الإرهابية".
وفي وقت سابق اليوم، نقلت وكالة "رويترز"، عن وزير الخارجية التركي "مولود تشاويش أوغلو"، قوله إن الحوار مع حكومة دمشق يجب أن يكون هادفاً، مؤكداً أنه ليس لدى أنقرة شروط مسبقة للحوار مع سوريا، في وقت نفى وجود أي مخطط لاجتماع في قمة "شنغهاي" مع حكومة نظام الأسد، مبيناً أن "الأسد ليس مدعوا".
وأكد أوغلو، أن هناك حوار يجري بين أجهزة المخابرات التركية والتابعة لنظام الأسد، ولفت إلى أن "النظام في سوريا لم يؤمن حتى الآن بالعملية السياسية عليه أن يؤمن الآن البلد سينقسم بالقتال، وقال "يجب اتخاذ خطوة من أجل تحقيق سلام دائم في سوريا"، معتبراً أن اللاجئين السوريين يريدون العودة إلى منازلهم ولكن لا يستطيعون إما خوفا من النظام أو بسبب عدم قدرة النظام على تحسين الأوضاع المعيشية.
وتأتي تصريحات أوغلو هذه المرة، ليؤكد من جديد وجود تغير في السياسة التركية تجاه نظام الأسد، إلا أنه لم يوضح ما إذا كان الحوار مع حكومة الأسد سيبدأ قريباً أو أنه مجرد تصريحات سياسية قد لاتثمر وتصل لمرحلة التطبيق، في وقت جاءت الرد من نظام الأسد بشكل استعلائي يؤكد عدم وجود نية لقبول التفاوض رغم الوساطة الروسية إلا بشروطه.
وكانت تداولت تسريبات إعلامية "روسية وإيرانية"، خلال الأيام الماضية، مفادها أن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، قد يقوم بدعوة الإرهابي "بشار الأسد"، والرئيس التركي "رجب طيب إردوغان" لحضور قمة منظمة "شنغهاي" المقررة في أوزبكستان الشهر المقبل.
وطفت على السطح مؤخراً سلسلة تصريحات سياسية أثارت جدلاً واسعاً، واعتبرت تحولاً كبيراً في موقف تركيا من "نظام الأسد"، جاءت بداية على لسان وزير الخارجية "مولود جاويش أوغلو"، والذي كشف عن لقاء "قصير" مع "المقداد"، وتحدث عن "مصالحة بين النظام والمعارضة"، ومنع تقسيم سوريا، قبل أن يخرج الوزير أن يكون قد تحدث عن كلمة "مصالحة".
تلا ذلك أن كشف الصحفي التركي باريش ياركداش، عن نية رئيس "حزب الوطن" اليساري في تركيا، دوغو برينشاك، إجراء زيارة إلى سوريا، للقاء الإرهابي "بشار الأسد"، برفقة رجل الأعمال أدهم سنجاك المنضم حديثا إلى الحزب بعد استقالته من صفوف حزب العدالة والتنمية الحاكم".
ورغم الزوبعة التي لاتزال تردداتها ظاهرة في الشارع الثوري السوري، وبعد التبريرات والنفي الرسمي، عاد الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" ليتحدث عن ضرورة الإقدام على خطوات متقدمة مع سوريا من أجل إفساد مخططات في المنطقة، والذي فهم جلياً أنها مرحلة جديدة من العلاقات بعد قطيعة طويلة.
وأكد "أردوغان" التزام بلاده بوحدة الأراضي السورية، وأن ليس لدى تركيا أطماع في أراضي سوريا، معتبراً أن "الشعب السوري أشقائنا ونولي أهمية لوحدة أراضيهم، ويتعين على النظام إدراك ذلك"، وأضاف متسائلا:" لماذا نستضيف هذا العدد من اللاجئين، هل لكي نظل في حالة حرب باستمرار مع النظام (السوري)؟ لا، بل بسبب روابطنا مع الشعب السوري ولاسيما من حيث قيم العقيدة، والمرحلة المقبلة ربما ستحمل الخير أكثر".
وقال، إن الحوار السياسي أو الدبلوماسية لا يمكن التخلي عنهما تماما بين الدول، و"يمكن أن تتم مثل هذه الحوارات في أي وقت ويجب أن تتم"، وذلك ردا على سؤال حول تصريحات زعيم حزب الحركة القومية التركي دولت باهتشلي، الذي دعا إلى رفع مستوى الاتصال مع النظام السوري إلى "الحوار السياسي" في إطار مكافحة الإرهاب شمالي سوريا.
ولفت إلى أن هناك مقولة مفادها أنه "يتوجب عدم قطع العلاقة حتى لو كانت بمستوى خيط رفيع، لأنها تلزم يوما ما"، واستشهد بالعلاقات مع مصر مشيرا أنها تتواصل على صعيد منخفض على مستوى الوزراء في الوقت الراهن، مؤكدا أهمية الدبلوماسية في هذا الإطار وعدم إمكانية الاستغناء عن العمل الدبلوماسي بشكل تام.
هذه التصريحات - برأي الكثير من المتابعين للشأن السوري والتركي -، لاتحتاج لتوضيح أكثر، وتفهم بشكل صريح أنها بداية مرحلة جديدة ينوي النظام التركي السير فيها ربما بوساطة روسية لتحسين العلاقات مع نظام الأسد ولو بشكل غير مباشر، قد تكون استجابة لمطالب روسية، لاسيما أنها جاءت بعد اجتماعات روسية تركية على مستوى رؤساء البلدين مؤخراً.
وكان عبر "أحمد داوود أوغلو" رئيس حزب "المستقبل" التركي المعارض، عن رفضه أي خطوات رسمية تركية للتقارب مع نظام الأسد، بعد سلسلة من التصريحات الرسمية التركية بهذا الصدد، متهماً الرئيس رجب طيب أردوغان بالقيام بهذه "الانعطافة".
ولفت وزير الخارجية التركي السابق، إلى أن تركيا ستفقد مصداقيتها بهذا الشكل، وأن اللاجئين السوريين إذا غادروا اليوم، فسيعودون بأعداد كبيرة غداً، وسبق أن كشف حزب "المستقبل" عن سياسته تجاه اللاجئين السوريين، والتي تضمنت اعتماد نهج وجداني بالنسبة للاجئين، والنظام والأمن العام وأمن الحدود وتنويع المقاربات حول الهجرة غير النظامية.