"الجـ ـولاني" يتحدث عن قدرته على تغيير الأحداث ويثير الجدل بـ "كبسة الزر"
أدلى "أبو محمد الجولاني"، زعيم "هيئة تحرير الشام"، بتصريحات نقلتها مؤسسة أمجاد الذراع الإعلامي للهيئة، تحت عنوان "معايدة قيادة المحرر للوجهاء والكوادر العاملة في المناطق المحررة"، تضمنت حديث "الجولاني"، عن أزرار ممكن استخدامها لإيجاد تغيرات على مسار الأحداث.
وقال "الجولاني"، إنه يمتلك أكثر من زر، يبدأ من قلب الطاولة إلى الانفجار الكامل إلى التسخين، معتبرا أن "تحرير الشام"، قادرة على كبس الزر الذي تريد، وتستطيع تغيير ومواجهة عديد من التحديات التي تواجه الثورة السورية.
وتطرق قائد "تحرير الشام"، إلى عدة نقاط غير أن أكثر ما أثار الجدل هو "كبسة الزر"، التي جاء الحديث عنها في معرض رده على سؤال يتعلق في حال إحداث تغيرات تخص منصب الرئاسة التركية، وانعكاس ذلك على الشمال السوري.
وأضاف، قائلاً: "نحن قادرون بأنفسنا، ولسنا ضعافا إلى هذا الحجم"، حيث أشار إلى أن "تحرير الشام"، تمتلك نقاط قوة وخيارات وليست ضعيفة، والمجتمع في المنطقة له رأي، وهو منسجم مع الحالة العسكرية، على حد قوله.
وأثار حديث "الجولاني"، جدلا وسخرية واسعة رغم ترويج الإعلام الرديف ومعرفات مقربة من "تحرير الشام"، حيث استذكر العديد من النشطاء تاريخ الهيئة ودورها في محاربة وإقصاء الكثير من الفصائل الثورية، وقالوا بتهكم، إن أزارز الجولاني عملت طيلة سنوات ضد هذه الفصائل لا سيما زر "قلب الطاولة".
وخرج "الجولاني" في يناير 2023 الحالي، بمقطع فيديو يعلن فيه رفض المباحثات التي تجريها السلطات التركية - المنتشرة قواتها في مناطق سيطرته - مع النظام السوري في موسكو، واعتبر بلسان المتحدث باسم "الثورة" أن هذه المباحثات "تشكل خطراً على الثورة"، متوعداً بمواصلة الإعداد والتجهيز لـ "تحرير دمشق".
هذا الخطاب اعتبره متابعون "إيجابي" في توقيته وموقفه الصريح، مع غياب الموقف الواضح لقيادات الجيش الوطني السوري، وتأخر منصات المعارضة السياسية في تبيان موقفها ولو ببيان رسمي، لكن في الجهة المقابلة هناك من اعتبر أن "الجولاني" يقتنص الفرص، لزيادة شعبيته، مكرراً ذات الوعود التي أخل بها ولم ينفذ منها شيئ وخلق لها التبريرات في خطاباته السابقة.
ويذهب أصحاب الرأي الثاني إلى أن "الجولاني" سبق وخرج بعشرات التصريحات التي تهاجم الدولة التركية، ورفض دخول قواتهم إلى إدلب، لكنه سهل دخولها وتولى حمايتها حتى، وهو الذي أعلن رفض تسيير الدوريات الروسية بإدلب، ولكنه أمن حمايتها، كما أنه رفض مخرجات "سوتشي وأستانا" والهدن التي أبرمت لتجميد القتال، وفصيله أكثر الملتزمين بها .. إلخ.
وأعلن "الجولاني" في كلمته، رفض المباحثات التي تجري بين النظام وحليفه الروسي، مع الجانب التركي، مؤكداً أنها تعد انحرافاً خطيراً يمس أهداف الثورة السورية، وأكد على رفض مبدأ المصالحة مع النظام، ودعا لمواصلة الثورة حتى إسقاط النظام وتحرير دمشق، معتبراً أن المعركة مع النظام معركة حق وباطل، داعياً جميع السوريين إلى "مواجهة التحديات التي تمر بها الثورة السورية".
ووفق متابعين فإن "الجولاني" يَحمل تاريخاً مثقلاً بالانتهاكات و"البغي" على الثورة السورية ومكوناتها، ولايزال يحاول تقديم نفسه على أنه حامل لواء الثورة والحريص عليها، متبنياً خطاباً مغايراً تماماً لما بدأ فيه مسيرته "الجهادية"، منقلباً على كل مبادئه ومعتبراً مشروعه هو "مشروع الثورة الوحيد" الذي يجب أن يفرضه على الجميع بقوة السلاح.
ولطالما طالبت الفعاليات المدنية، من الفصائل العسكرية على رأسها "هيئة تحرير الشام"، عدم الركون للاتفاقيات الدولية، والعمل على استعادة المناطق التي سيطرت عليها قوات النظام، لكن تلك الدعوات لم تلق آذاناً صاغية، وأثبت "الجولاني" بشكل جلي أن جميع وعوده بالتحرير ذهبت أدراج الرياح، وأن الإعداد العسكري ليس إلا لضرب الفصائل وزيادة الهيمنة على المحرر وتملك موارده.
ويبقى السؤال مفتوحاً عن مدى قدرة "الجولاني" على التكيف مع المتغيرات السياسية الدولية والمناورة للبقاء وهو الفصيل المصنف على قوائم الإرهاب، يربط مصيره بمصير الملايين من السوريين المهجرين من ديارهم، ممن بات يتبنى صوتهم ويوجهه لمصالحه، محاولاً كسب أوراق قوة بيده أمام الأطراف الفاعلة، مع خشية باتت ظاهرة من أن يقود هو بنفسه خط المصالحة مع أي طرف يضمن فيه بقائه ومشروعه، فهو عيب على غيره لكنه حلال في شريعته، وفق ما يقول خصومه.