أكثر من 10 كذبات تروجها صفحات مخابراتية موالية للنظام.. هذه حقيقتها
نشرت صفحات إخبارية موالية لنظام الأسد، خلال الفترة الماضية أكثر من 10 كذبات مفضوحة، جاء تداولها في سياق "انفراجات" مزعومة، وعلى الرغم من إثارة هذه الأكاذيب سخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، فهناك موالون للنظام اعتبروها إنجازات قادمة لا محال، فما حقيقة ذلك؟.
تداول موالون للنظام السوري منشوراً نُسب إلى "محلل سياسي" لم تُذكر هويته، يتضمن 12 "وعداً محققاً" وفق تعبيرها، ومن الملاحظ أن هذه الوعود تتعلق بشكل أساسي بالحياة اليومية للسكان وتمس بشكل مباشر الأوضاع الحياتية والمعيشية والأمنية والاجتماعية وغيرها، حسبما رصدته شبكة "شام".
لم ينطلِ هذا التزييف على العديد من متابعي مواقع التواصل، حتى تحول إلى مادة دسمة للسخرية، حيث يكرر نظام الأسد وإعلامه هذه "الوعود الكاذبة والإنجازات الوهمية" ويجتر هذه الترهات المتكررة ويعيد تصديرها مجددًا لتغذية عقول الموالين بفكرة "سوريا المنتصرة والقيادة الحكيمة" وفق تعبيرهم.
وانتقد الممثل الداعم لنظام الأسد "قاسم ملحو"، انتشار هذه الأكاذيب، وكتب منشوراً عبر صفحته على فيسبوك الشهر الماضي قال فيه: "صفحات كثيرة تبيع الوهم للناس بعناوين ملفتة، ومنها "رسالة انتظار الغاز ستصل خلال 15 يومًا"، و"انفراجات بالجملة، والبشريات قادمة، والكثير الكثير من الكذب"، حسب وصفه.
ولم توفر هذه الصفحات جهداً في ترويج المزاعم المثيرة للجدل والسخرية وصولاً إلى اعتماد تنبؤات المنجمين مثل "ليلى عبد اللطيف" التي زعموا أنها توقعت حدوث انفراجات وانتصارات كبيرة بسوريا، وفي رصد لأبرز هذه المزاعم تبين أنها غير صحيحة بالمطلق، ومن المرجح أن هدفها توجيه الرأي العام الموالي ومحاولة استغلال تقارب النظام مع بعض الدول بالدرجة الأولى، لترميم حاضنة النظام المنهارة.
زيادة رواتب.. عفو شامل.. إلغاء التجنيد.. كذبات تصدرت قوائم "الوعود" فما حقيقة ذلك؟
زعمت صفحات إخبارية موالية أنه في القريب العاجل هناك "زيادة رواتب ضخمة، وعفو عام شامل وغير مسبوق، وإعادة العلاقات السياسية مع النظام السوري، وإلغاء الخدمة الإلزامية ليصبح بدلاً عنها تطوع فقط برواتب عالية جداً"، حسب نص الوعود.
وفي تفنيد أولى الكذبات، نفى عضو لجنة الموازنة وقطع الحسابات في مجلس التصفيق لدى نظام الأسد "محمد تيناوي"، في تصريح سابق، زيادة الرواتب وأكد أن تلك التكهنات والتوقعات المتداولة، ناجمة عن حالة عدم الرضا الشعبي عن نسبة الزيادة الأخيرة.
أما في كشف زيف الكذبة الثانية، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، تقريراً بعنوان "تحليل لكافة مراسيم العفو التي أصدرها النظام السوري منذ آذار/2011 حتى تشرين الأول/2022"، وأكدت تلاعب وزيف مراسيم النظام التي أصدرها سابقاً.
وقدرت أنَّ كافة مراسيم العفو أفرجت عن 7351 معتقلاً تعسفياً وما زال لدى النظام السوري قرابة 135253 معتقلاً/مختفٍ قسرياً، وقال "فضل عبد الغني"، مدير الشبكة، إن على مدى أشهر طويلة عملت الشبكة على إعطاء صورة متكاملة عن كافة مراسيم العفو التي أصدرها النظام السوري.
وذلك مع سياق المتابعة لكل مرسوم عفو، وفعالية تطبيقه عبر مراقبة حالات الإفراج الناجمة عنه، وأكد التقرير الصادر عن الشبكة أنه بمثابة وثيقة لدى صناع القرار والهيئات الأممية يثبت أن حصيلة حالات الاعتقال التعسفي/الاختفاء القسري لدى النظام السوري تفوق بأضعاف كثيرة حصيلة المفرج عنهم.
وحول الكذبة الثالثة، فإن مع فشل التطبيع المحدود الذي حصل والتقارب الذي لا يمكن أن يمحو جرائم نظام الأسد ولن يحصد ثماره كما يظن الموالون، يبدو لكثير من المراقبين أن النظام غير قابل للتعويم بشكل نهائي، وإن كان هناك بعض المواقف بعودة العلاقات على الصعيد العربي ودول الجوار فإن كلمة الشعب السوري ستبقى إسقاط ورفض هذا النظام وضرورة محاسبته كمطلب رئيس غير قابل للتفاوض.
وبعيداً عن التحليلات والعاطفة، فإن تفنيد كذبة عودة العلاقات مع النظام مع كافة الدول يشير إلى عدم صحتها. قناة الحرة الأمريكية قالت إنه على مدى الأشهر الماضية، عارضت الولايات المتحدة تحركات دول المنطقة لتطبيع العلاقات مع الأسد، مشيرة إلى وحشية حكومته خلال الصراع والحاجة إلى إحراز تقدم نحو حل سياسي.
أما كذبة إلغاء التجنيد الإجباري، فمستندة إلى تصريح وكذبة مصدرها نظام الأسد، حيث قال المدير العام للإدارة العامة في وزارة الدفاع اللواء "أحمد سليمان"، إن مفهوم الخدمة الإلزامية سيتغير نتيجة التطوير والاعتماد على المتطوعين وعليه سيتم إلغاء الخدمة الإلزامية تدريجياً ضمن خطة مبرمجة على مدى السنوات الخمس القادمة.
وتندرج هذه الوعود المعسولة ضمن شروط معقدة تُخرج الوعد من حقيقته بشكل كلي، حيث لا يزال النظام السوري لا يحدد وقتاً محدداً للتسريح وتصل مدة خدمة بعض العناصر إلى 10 سنوات، وفي مرسوم جمهوري جديد حدد رأس النظام الإرهابي "بشار الأسد" بدلاً نقدياً بقيمة 3 آلاف دولار أمريكي مقابل الإعفاء من الخدمة الاحتياطية.
ما حقيقة الانسحاب التركي والأطراف الدولية وسيطرة النظام على إدلب وشرق الفرات؟
لعل أكثر الكذبات ترويجاً وتكراراً من قبل صفحات موالية لنظام الأسد هي السيطرة على محافظة إدلب شمال غربي سوريا التي تشكل عقدة حتى على المستوى النفسي بالنسبة لكثير من الموالين ويظهر تحريضهم المتواصل عليها، كما كتب الصحفي الداعم لنظام الأسد قبل أيام "عزيز علي"، بأن "كل عدوان على دمشق يجب أن يكون الرد عليه في إدلب"، وفق نص المنشور.
وتعود مزاعم نظام الأسد وميليشياته بالتوجه إلى إدلب إلى سنوات طويلة، في وقت تكذب مراصد عسكرية متخصصة حقيقة وجود حشود أو مؤشرات على معركة وشيكة في إدلب شمال غربي سوريا.
وذلك مع تأكيدات من المراصد ذاتها وجود معسكرات إعداد واستعداد للفصائل العسكرية ضمن غرفة عمليات الفتح المبين وغيرها من التشكيلات العاملة، من خلال الرباط والتدريب والدفاع عن المنطقة التي لن تكون كما يتصور شبيحة النظام بحال المواجهة المزعومة.
يُضاف إليها تقاطعات دولية كثيرة ومن المؤكد بأن نظام الأسد المعروف بـ"ذنب الكلب" لا يجرؤ على اتخاذ قرار مثل هذا بمعزل عن الروس والإيرانيين، حتى يتم تحديده بقرار من قبل أدمن مخابراتي في "صفحات طرطوس".
وفي سياق متصل، أصدرت "الجبهة الوطنية للتحرير" الشهر الماضي بياناً أكدت فيه أن كذبة تسليم منطقة إدلب لنظام الأسد هو جزء من حملة إعلامية كاذبة، وعامل في الحرب النفسية التي لم تتوقف يوماً، ودعت الجبهة الأهالي إلى عدم الانجرار وراء هذه الإشاعات.
أما حول حقيقة الانسحاب التركي وكذبة "انسحاب التدخلات بالكامل من سوريا"، يمكن العثور على حقيقة ذلك عبر التصريحات الرسمية، حيث أكدت تركيا أن قواتها لن تنسحب من شمال سوريا حتى ضمان أمن حدودها بالكامل، أما عن بقية الأطراف الدولية فإن حلفاء النظام يعززون مواقعهم بشكل كبير على الصعيد العسكري والاقتصادي وغيره.
وأما انسحاب الجانب الأمريكي في كذبة مرتبطة بكذبة سيطرة النظام السوري على شرق الفرات وعودة آبار النفط والمدن الشرقية لنفوذ النظام، وفي هذا السياق قال مدير مركز جسور "محمد سرميني"، في إحدى حلقات البودكاست، إن النفوذ الأمريكي في سوريا هو الأقل تكلفة على مستوى التواجد الأمريكي بالعالم.
مشيراً إلى أن تكلفة التواجد في سوريا تكاد تكون معدومة، نظراً لقلة العدد الذي لا يتجاوز 900 عسكري، يُضاف إلى ذلك أن التواجد الأمريكي في منطقة غنية في وقت أن خسائره حتى على المستوى البشري صفر، وأكد أنه لا صحة لما يُروج حول انسحاب أمريكي من سوريا في الوقت الراهن.
أوهام تحسن الليرة السورية مع عودة الكهرباء واللاجئين والمشاهير والاستثمارات!!
ادّعت صفحات موالية تحسن التيار الكهربائي، وعودة آلاف السوريين من الخارج، وكذلك ما قالت إنهم "فنانون، إعلاميون، مشاهير"، وسط كذبة التحسن القادم لليرة السورية، يُضاف إليها منشورات حول خفض رسوم الهواتف والسيارات ووصول مساعدات واستثمارات ضخمة في دمشق وحلب.
وأما حول كذبة عودة الليرة، فقدر "برنامج الأغذية العالمي"، أن الليرة السورية فقدت نحو 47% من قيمتها في السوق الموازية خلال العام الماضي، و92% خلال أربع سنوات، وكشف الباحث "إيهاب اسمندر"، أن الليرة تفقد سنوياً نحو 59% من قيمتها بشكل وسطي، مشيراً إلى أن السياسة النقدية المتبعة لم تتمكن من ضبط تراجع الليرة.
وفي كثير من المناسبات أكد عدد من الفنانين ممن لهم مواقف مساندة للثورة السورية، عدم نيتهم العودة إلى سوريا حتى إسقاط نظام الأسد مثل "مكسيم خليل" الذي أكد عدم عودته حتى يعود النازحون واللاجئون تعبيراً عن تضامنه مع الشعب السوري وانتظار الظروف المناسبة للعودة الكريمة دون نظام الأسد السفاح، ويوافقه بذلك الممثلون ممن يحملون مبادئ الثورة، وبحال لا يعتبر هذا دليل كافٍ فإن الفنانين الموالين لنظام الأسد يتمنون الهجرة إلى "خارج حضن الوطن" وكثير منهم اشترى جوازات سفر أجنبية لهذا الغرض.
وعلى عكس كذبة عودة الاستثمارات، يشتكي موالون للنظام من عراقيل كبيرة بهذا الشأن، وأكد رئيس غرفة صناعة حلب "فارس الشهابي"، أن 79% من المعامل بمنطقة الليرمون متوقفة عن العمل، مع وجود عراقيل كبيرة تحتاج إلى محفزات وإجراءات سريعة.
وذكر خبراء تحدثوا مع DW الألمانية بأن التصريحات الأخيرة الأخرى حول زيادة التجارة والاستثمار في سوريا تتطلب الكثير من التدقيق وقال الباحث في معهد تشاتام هاوس البريطاني، "زكي محشي"، إنه رغم عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية، هناك أسباب رئيسية وراء عدم احتمالية أن تنظر دول مثل السعودية والإمارات والأردن والعراق إلى ضخ استثمارات في سوريا بالأمر الإيجابي.
ولفت إلى أن السبب الرئيسي هو العقوبات على نظام الأسد وأشار إلى أن السبب الثاني يكمن في أن بيئة الأعمال والاستثمار في سوريا ليست جذابة في ظل حالة عدم الاستقرار والفساد، مضيفاً أن السبب الثالث هو أن كافة أشكال الاستثمارات السريعة المربحة خاصة في قطاعي النفط أو الغاز باتت في أيدي الروس والإيرانيين.
ومع تزايد فرض الضرائب والرسوم على كافة القطاعات الصناعية والفعاليات الاقتصادية، نفت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد لدى نظام الأسد ما تم تداوله عبر بعض المواقع الإلكترونية حول إلغاء التصريح الفردي عن الأجهزة الخلوية "الجمركة"، وكل ما سبق يؤكد أن نظام الأسد وإعلامه يسوق ويجتر كذب لم يعد ينطلي على أحد حتى على الموالين أنفسهم.
سخرية من الانفراجات.. موالون يطالبون بإيقاف "الانتصارات"
ويسخر متابعون من هذه الوعود الساذجة والتي يختصر صحتها وصفتها أن مصدرها "صفحات طرطوس"، وقال موالون إنه منذ نشر هذه الانفراجات حتى الآن تم "تكرار رفع أسعار الوقود، زيادة التقنين الكهربائي، رفع الدعم بحجة تحويله إلى نقدي، زيادة أسعار الكتب المدرسية والأدوية والمعاينات الطبية وغسيل الكلى والخضار والكهرباء والغاز ورفع رسوم التأمين الإلزامي للسيارات والاتصالات وباقات الإنترنت، وغيرها الكثير.
وتم إصدار قرارات الرفع هذه بالتزامن مع وعود الانفراجات المتواصلة، وتم زيادة الأسعار بنسب هائلة جداً، على سبيل المثال تم رفع أجور جلسة غسيل الكلى داخل الهيئة العامة لمشفى الكلية في دمشق إلى 82 ألف ليرة سورية، بعد أن كانت 963 ليرة، أي بارتفاع يبلغ نحو 8500% قبل التراجع بشكل جزئي عن الرفع وفق مزاعم جهات طبية لدى نظام الأسد.
ويذكر أن إعلام النظام السوري، من رأس الهرم حتى الصفحات التي تدار من جهات تابعة لنظام الأسد، يعد محطاً للسخرية والجدل، ويتخلل ذلك سلسلة من الفضائح وتكاد فضائح إعلام النظام لا تنتهي وتجلى ذلك بعد اندلاع الثورة السورية، حيث شهد مئات الفضائح العلنية، وتعتمد آلية النظام الإعلامية بشكل كبير على التضليل والتزييف كمنهجية في ظل استخدام كبير لأساليب الإرهاب والحرب النفسية.