
98% من سدود القنيطرة في "الحجم الميت".. تحذيرات من كارثة مائية وشيكة
تشهد محافظة القنيطرة، كسائر المحافظات السورية، أزمة مائية حادة نتيجة التغيرات المناخية وتراجع الهطل المطري خلال المواسم الأخيرة، ووصلت نسبة التخزين المائي في سدود المحافظة إلى مستويات غير مسبوقة، حيث بات 98% منها ضمن ما يُعرف بـ"الحجم الميت"، ما يعني أنها غير قادرة على تزويد المزروعات أو تغذية السدود المجاورة.
ووفقًا للمديرية الموارد المائية في المحافظة، لم تتجاوز كمية الأمطار لهذا الموسم 25% من المعدل السنوي البالغ 900 مم، ما انعكس مباشرة على مخزون السدود، وتسبب بجفاف تام لخمسة سدود رئيسية، باستثناء "سد المنطرة" الذي حافظ على 18 مليون م³ من الموسم السابق.
وأطلقت مديرية الموارد المائية كامل الكمية المتبقية في "سد المنطرة" والبالغة 18 مليون م³ خلال الموسم الحالي، بهدف تزويد سدود محافظتي درعا والقنيطرة بالمياه.
وحسب المهندس "بسام الشمالي"، مدير الموارد المائية في القنيطرة، تم تقسيم الكمية إلى قسمين
10 ملايين م³ خُصصت لسدود درعا 8 ملايين م³ لمزارعي القنيطرة، توزعت بين الري الشتوي (2 مليون م³) والري الصيفي (6 ملايين م³)
أوضح "الشمالي" أن جميع سدود القنيطرة الستة (الهجة، الرقّاد، بريقة، غدير البستان، رويحينة، كودنة) لم تتلقَّ أي كميات من مياه الأمطار أو الثلوج هذا العام، ما أدى إلى بلوغها "الحجم الميت".
وتبقى فقط 2.5 مليون م³ في سد المنطرة تُستخدم حالياً لري المحاصيل الصيفية، مع توقّع نضوبها بنهاية الموسم نظراً لخطورة الوضع، لجأت مديريتا الموارد المائية في القنيطرة ودرعا إلى التعاون لتأمين "حصص إسعافية" من المياه.
وتم فتح مفرغ سد كودنة بتاريخ 16 نيسان لتغذية سد الرقاد في درعا بغزارة 1 م³/ثانية، لكن عمليات الضخ توقفت في 10 أيار بعد وصول السدود إلى الحجم الميت ودعا "الشمالي" المزارعين إلى ترشيد استهلاك المياه، وزراعة محاصيل أقل استهلاكاً والابتعاد عن الزراعات التقليدية المستنزفة للمياه.
كما أكد استمرار مديرية الري في إجراء الصيانات الدورية لشبكات الري، رغم تقادمها وترهل بنيتها التحتية، مشيراً إلى أن المديرية تعمل يومياً على إصلاح الأعطال وتنظيف القساطل والأقنية لضمان وصول المياه القليلة المتبقية إلى المزارعين.
وقال "الشمالي" إن مواجهة الأزمة المائية تتطلب إدارة أكثر رشادة، ومتابعة دقيقة لكل نقطة مياه، خاصة في ظل محدودية المصادر السطحية والجوفية وازدياد الطلب من القطاع الزراعي. ولفت إلى ضرورة إصلاح شبكات الري القديمة التي تزيد من معدلات الهدر.
ويذكر أن هناك تحذيرات تشير إلى أن ما يحدث في القنيطرة ليس مجرد أزمة موسمية، بل مؤشر خطير على تحولات مناخية ومائية أعمق، تتطلب استراتيجية وطنية شاملة لإدارة الموارد، والاستثمار في شبكات ري حديثة، وتوزيع مصادر المياه، قبل أن تتحول الأزمة إلى كارثة زراعية واقتصادية لا يمكن احتواؤها.