
نيابة باريس تطالب بسجن "مجدي نعمة" عشر سنوات بتهمة التورط في مخطط جرائم حرب
طالبت النيابة العامة في العاصمة الفرنسية باريس، بإنزال عقوبة السجن عشر سنوات بحق "مجدي نعمة"، المعروف باسم "إسلام علوش"، الناطق السابق باسم "جيش الإسلام"، مع اشتراط قضاء ثلثي المدة قبل النظر في الإفراج المشروط، وذلك على خلفية اتهامه بالمشاركة في مخطط لارتكاب جرائم حرب.
وخلال جلسة استماع استمرت قرابة ست ساعات، سعت ممثلتان عن الادعاء العام إلى إثبات أن نعمة لعب دوراً يتجاوز ما حاول إظهاره خلال مجريات التحقيق والمحاكمة، مشيرتين إلى مساهماته الجوهرية في هيكلية التنظيم.
وقالتا في مداخلتهما: "نتهم مجدي نعمة بتقديم دعم ثابت، وسند فكري غير مشروط، إضافة إلى مساهمات عملياتية حاسمة لصالح جيش الإسلام، سواء عبر دوره كناطق رسمي باسم التنظيم، أو عبر مهامه السياسية والعسكرية داخله".
وطالبت النيابة بإدانته على أساس تهم تتعلق بالمشاركة في مخطط منظم لارتكاب جرائم حرب، فيما دعت إلى تبرئته من تهمة التواطؤ المباشر في هذه الجرائم، والتي كانت قد تعرّضه لعقوبة بالسجن تصل إلى عشرين عاماً.
وفي ما يتعلق بتهمة تجنيد الأطفال، أوضحت ممثلتان النيابة أنه لا توجد أدلة كافية لإثبات تورطه، مستندتين إلى أن شهادة الشهود في هذا الجانب جاءت نقلاً عن أقوال غير مباشرة لأقاربهم، مما لا يكفي، بحسب وصفهما، لإصدار إدانة جنائية موثقة.
بالمقابل، دعا المحامي مارك بيلي، الذي يمثّل عدداً من الأطراف المدنية، المحكمة إلى الإبقاء على تهمة التواطؤ في تجنيد قاصرين، معتبراً أنها تستند إلى مؤشرات تستحق النظر القضائي الجاد.
ومن المقرّر أن يُقدم الدفاع مرافعته يوم الثلاثاء، على أن يصدر الحكم في القضية يوم الأربعاء، في محاكمة تُعد الأولى من نوعها في فرنسا لمحاكمة قيادي سابق في فصيل مسلح من المعارضة السورية على خلفية جرائم ارتُكبت في سوريا.
ضمن مبدأ "الولاية القضائية العالمية".. بدء أولى جلسات محاكمة "إسلام علوش" في فرنسا
انطلقت يوم الثلاثاء في العاصمة الفرنسية باريس، جلسات محاكمة السوري "مجدي نعمة"، المعروف باسم "إسلام علوش"، الناطق السابق باسم "جيش الإسلام"، وذلك أمام محكمة الجنايات، في خطوة غير مسبوقة ضمن مبدأ "الولاية القضائية العالمية" لمحاكمة مرتكبي الجرائم الجسيمة خارج حدود الدول.
ويواجه نعمة، المعتقل منذ خمس سنوات، تهماً تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال فترة عمله ضمن فصيل "جيش الإسلام" في الغوطة الشرقية. وتستمر المحاكمة حتى السابع والعشرين من أيار/مايو المقبل، حيث يتوقع استعراض شهادات ووثائق حول دوره في الفصيل، إلى جانب شهادات مدنيين ونشطاء حقوقيين.
وبحسب مارك بايي، محامي الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، فإن المحاكمة تمثل مناسبة لكشف "وجه آخر من النزاع السوري يتجاوز جرائم النظام السابق"، في إشارة إلى محاكمة غيابية جرت في أيار/مايو الماضي ضد مسؤولين كبار في نظام بشار الأسد.
سبق أن نشرت عائلة نعمة رسائل وتصريحات تتهم السلطات الفرنسية بتعريضه لتعذيب جسدي ونفسي ممنهج، في ظروف احتجاز تصفها بـ"المهينة وغير الإنسانية". ووفق نصوص نقلتها العائلة، فقد وُضع مجدي في زنزانة انفرادية ضيقة بلا تهوية، ويُخضع لتفتيش جسدي يومي وإجراءات مراقبة مشددة تشمل إيقاظه كل ساعة ليلاً ونهاراً، وحرمانه من الصلاة والتواصل المنتظم مع عائلته.
العائلة، التي لم تتلق زيارة منذ اعتقاله، وصفت ما يجري بأنه "انقلاب على حقوق الإنسان"، داعية المنظمات الحقوقية السورية والدولية إلى التدخل وفتح تحقيق حول ظروف اعتقاله، مشيرة إلى أن ملفه يشهد "تسييساً واضحاً" ومحاولة لتصفية حسابات سياسية بغطاء قانوني.
اتهمت العائلة جهة الادعاء بمحاولات "اصطياد الشهادات" من شباب سوريين لاجئين في تركيا، مقابل منحهم تأشيرات وفرص عمل، لإجبارهم على تقديم إفادات ضد نعمة. كما كشفت أن القضاء الفرنسي رفض طلبات متكررة للسماح بزيارته، حتى من قبل أقرباء مباشرين، في ما اعتبرته دليلاً على "تحيز قاضية التحقيق وعدم حياد المحكمة".
من جهته، كان أصدر "جيش الإسلام" بياناً سابقاً أكد فيه أن نعمة كان يشغل منصباً إعلامياً فقط، وأنه غادر الفصيل منذ عام 2017. واعتبر أن الدعاوى المرفوعة ضده "تهدف إلى تشويه صورة الثورة السورية وإضعاف موقف الفصائل أمام المجتمع الدولي".
أثارت صورة نشرها الحساب الرسمي لعائلة نعمة -تُظهر آثار تعذيب على وجهه- جدلاً واسعاً في الأوساط الحقوقية. وبينما طالب البعض بالتحقق من صحتها قبل اتخاذ أي موقف قانوني، اعتبر آخرون أن الصورة تضع السلطات الفرنسية في موقع المساءلة بشأن احترامها لحقوق المعتقلين داخل أراضيها.
وفي الوقت الذي يراقب فيه الرأي العام مجريات المحاكمة، يعتبر مراقبون أن القضية تعكس تعقيد الملف السوري في المحاكم الغربية، وسط تصاعد دعوات لمقاربة متوازنة للعدالة الانتقالية لا تستثني أحداً، وتضمن حقوق الضحايا والمتهمين على حد سواء.