
نجاحات السوريين في المهجر: نماذج مضيئة رغم التهجير
في بلاد المهجر، استطاع العديد من السوريين أن يثبتوا جدارتهم ويحققوا نجاحات لافتة، خصوصاً على الصعيد الدراسي، رغم التحديات الكبيرة التي واجهوها، من بين هذه القصص الملهمة تبرز قصة محمد أبي الخليف العبد الله، الشاب السوري من محافظة الحسكة، الذي لجأ إلى تركيا عام 2015 بعد أن انقطعت دراسته في كلية الهندسة لثلاث سنوات.
ورغم مرور سبع سنوات على ابتعاده عن الدراسة، لم يتخلَّ عن طموحه، فواصل تعليمه بتفوق، ونال المركز الأول في تخصص اللغة الإنجليزية وآدابها، والثالث على مستوى جامعات توكات بمعدل 91%.
وقد لاقت قصته صدى واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تناقلت الصفحات صور محمد واحتفت بإنجازه، معتبرةً إياه نموذجاً يُحتذى به في الإرادة والتفوق رغم قسوة الغربة والظروف الصعبة، كما تم تناقل صورة الطالب السوري محمد عبد الحميد مرعياني من أريحا، الذي حقق المركز الأول على فرع هندسة الحاسوب في جامعة سيرت بولاية سيرت التركية.
عمران الضويحي: تفوق رغم العمل والانقطاع
تمكن الطالب عمران رضا الضويحي، وهو من مدينة الميادين، من إحراز المركز الأول في تخصص هندسة المساحة بجامعة غازي عثمان باشا في ولاية توكات التركية. وكان عمران قد لجأ إلى تركيا عام 2016، وواجه خلال رحلته تحديات كبيرة، من أبرزها انقطاعه عن الدراسة بسبب ظروف التهجير، إضافة إلى اضطراره للعمل لساعات طويلة لتأمين معيشته. وعلى الرغم من هذه الصعوبات، نجح في تجاوزها بإصراره، وحقق هذا التفوق اللافت.
نظام الأسد: تجاهل للكفاءات واحتكار للفرص
خلال حكم المجرم بشار الأسد، لم يكن هناك أي اهتمام حقيقي بالناجحين أو المثقفين، إذ غابت السياسات التي تحتضن الكفاءات وتدعم المواهب، واقتصر الدعم على أبناء العائلة الحاكمة والمقربين من النظام البائد.
كانت البعثات الدراسية والمنح التعليمية توزَّع وفق الولاء، لا الكفاءة، ونادراً ما استفاد منها من هم خارج تلك الدائرة الضيقة. ونتيجة لهذا التهميش المتعمد، اضطر كثير من أصحاب الخبرات والعقول المتميزة إلى مغادرة البلاد بحثاً عن بيئة تقدّر قدراتهم، فوجدوا في دول اللجوء فرصاً للتألق لم تكن متاحة لهم في وطنهم تحت نظام يقمع النجاح بدل أن يدعمه.
التحرير والأمل بمستقبل جديد
هناك آمال كبيرة يعلّقها السوريون على ما بعد التحرير الذي حصل في 8 كانون الأول/ديسمبر عام 2024، إذ ترافق هذا الأمل جهود متواصلة لإرساء نظام عادل يضمن تكافؤ الفرص ويكرّم أصحاب الكفاءات والعقول المبدعة. فبعد عقود من التهميش والفساد، يتطلع السوريون إلى دولة تحترم الإنسان وتحتضن الطاقات الشابة، وتعيد للعلم والتعليم مكانتهما الحقيقية في بناء الوطن.
هذه المرحلة الجديدة تُبنى بإرادة شعب ذاق مرارة الاستبداد، ويصمم اليوم على صناعة مستقبل مختلف، يكون فيه النجاح حقاً مشروعاً للجميع، لا امتيازاً محفوظاً لقلة متنفذة.