أحمد موفق زيدان مع الرئيس السوري أحمد الشرع
أحمد موفق زيدان مع الرئيس السوري أحمد الشرع
● أخبار سورية ٢٤ أغسطس ٢٠٢٥

مستشار الشرع يدعو لحل جماعة الإخوان المسلمين: جدل واسع ومواقف متباينة

أثار أحمد موفق زيدان، مستشار الرئيس السوري أحمد الشرع للشؤون الإعلامية، جدلًا واسعًا بعد نشره مقالة دعا فيها صراحة جماعة الإخوان المسلمين في سوريا إلى حل نفسها، معتبراً أن تمسكها بشكلها التنظيمي الحالي يضر بالبلاد ويعزلها عن السياق السوري الجديد بعد سقوط نظام بشار الأسد.

وجاءت المقالة بعد أسابيع قليلة فقط من تعيين زيدان في منصبه في أغسطس/آب الجاري، وهي الخطوة التي أثارت بدورها موجة من الانتقادات والتساؤلات، خصوصاً من جهات معارضة علمانية أو قومية، رأت في تعيين زيدان مؤشراً على تقارب غير معلن بين السلطة الجديدة وجماعة الإخوان، أو على الأقل أحد رموزها السابقين.

من التعيين إلى التفكيك

أعلنت الرئاسة السورية رسميًا، منتصف أغسطس، تعيين الإعلامي أحمد موفق زيدان مستشارًا إعلاميًا للرئيس أحمد الشرع، في إطار تغييرات مؤسسية عقب سقوط نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

ويُعد زيدان شخصية معروفة في الأوساط الإعلامية والسياسية، حيث عمل مراسلًا لقناة “الجزيرة” سابقًا، وارتبط اسمه بنشاطات إعلامية معارضة للنظام السابق، وبتوجهات فكرية إسلامية، لا سيما انتمائه التاريخي لجماعة الإخوان المسلمين، وتحديدًا لجناح عصام العطار.

وعلى الرغم من أن التعيين جاء ضمن سياق إعادة هيكلة شاملة للدولة السورية الجديدة، إلا أن بعض الأقلام المعارضة عبّرت عن تخوفها من “تغلغل الإسلاميين” في المناصب العليا، معتبرة أن “زيدان إخواني سابق، وربما لا يزال يحمل أجندة سياسية”.

في مقالته التي حملت عنوان “متى ستحل جماعة الإخوان المسلمين في سوريا نفسها؟”، ونشرت في موقع الجزيرة نت، استعرض زيدان خلفيته الفكرية والتنظيمية، متحدثًا عن انتمائه السابق للجماعة، ونضاله ضد نظام حافظ الأسد، قبل أن يدعو بوضوح إلى حل الجماعة وطي صفحتها.

وقال زيدان:

“كنتُ قد انتميت في فترة من حياتي إلى جماعة الإخوان المسلمين، غير أنني بقيت دائمًا وفيًّا لتاريخي وللأمانة الفكرية… وباعتقادي المتواضع، فإن حل التنظيم اليوم، كما فعلت المكونات الأخرى، سيخدم البلد”.

وأشار إلى أن غالبية كوادر الإخوان باتوا متقدمين في السن، وأن الفجوة العمرية الواسعة، إلى جانب القطيعة السياسية الطويلة، جعلت التنظيم “غير قابل للتجدد أو المساهمة في بناء الدولة”.

وأضاف:

“إصرارهم على البقاء في موقع تنظيمي مغلق يجعلهم في خصومة غير معلنة مع الشارع السوري، ويحول دون انخراطهم في عملية بناء الدولة الجديدة”.

تجارب مقارنة: من الترابي إلى أردوغان

في مقالته، اعتمد زيدان أسلوب المقارنة، مستعرضًا نماذج لجماعات إسلامية اختارت التخلي عن الشكل التنظيمي القديم أو تأسيس أحزاب جديدة، من بينها تجربة حسن الترابي في السودان، وراشد الغنوشي في تونس، و”جبهة العمل الإسلامي” في الأردن، بل وحتى حركة “العدالة والتنمية” في تركيا التي خرجت من عباءة نجم الدين أربكان.

كما ذكّر بأن الإخوان في سوريا سبق أن حلوا أنفسهم طواعية في عهد الوحدة مع مصر، نزولًا عند شروط جمال عبد الناصر، متسائلًا إن كانت ظروف اليوم – بعد سقوط نظام الأسد – أقل أهمية من تلك المرحلة.

ولمّح إلى أن بقاء الجماعة بشكلها التقليدي يعرّضها للفناء، على غرار “الديناصورات التي لم تتأقلم مع المتغيرات البيئية”، حسب تعبيره.

ردود فعل متباينة

لاقى المقال ترحيبًا من بعض الكتاب والنشطاء الداعمين للسلطة الجديدة، واعتبروه “خطوة جريئة” ومؤشرًا على “تحرر زيدان من إرثه التنظيمي”، فيما رآه آخرون مراجعة فكرية ضرورية في سياق بناء الدولة بعد الثورة.

في المقابل، انتقد معارضون إسلاميون المقال بشدة، واعتبروه “انقلابًا على التاريخ والنضال”، واتهموه بـ”مغازلة السلطة الجديدة” لضمان موقعه داخلها. وأشار بعضهم إلى أن زيدان “يتنكر لرفاق الأمس”، وأن دعوته تأتي متأخرة أو “وظيفية الطابع”.

رسائل أبعد من المقال؟

يرى مراقبون أن المقال لا يعكس فقط رأي كاتبه الشخصي، بل قد يحمل رسائل سياسية ضمنية من الرئاسة السورية إلى الفاعلين الإسلاميين، مفادها أن “مرحلة التنظيمات القديمة انتهت”، وأن الدولة الجديدة لا تنوي استيعاب أطر سياسية ذات طابع ديني إن لم تنخرط بشكل مدني بالكامل.

وفيما لا تزال جماعة الإخوان في سوريا تحتفظ بتكوينها التقليدي في المنافي، يبقى السؤال مفتوحًا: هل تلتقط الرسالة؟ أم تختار الاستمرار في موقعها الرمزي، خارج المؤسسة السياسية السورية الجديدة؟

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ