تكريم "منى واصف" يكشف منظمة وهمية تستغل صفة أممية لتلميع النظام البائد
تكريم "منى واصف" يكشف منظمة وهمية تستغل صفة أممية لتلميع النظام البائد
● أخبار سورية ٦ سبتمبر ٢٠٢٥

تكريم "منى واصف" يكشف منظمة وهمية تستغل صفة أممية لتلميع النظام البائد

قالت منصة "تأكد" المختصة برصد الأخبار المضللة، في تحقيق لها، إن فعالية ثقافية أقيمت في جامعة دمشق مطلع أيلول/سبتمبر حملت تكريمًا للفنانة منى واصف ومنحها لقب "سفيرة السلام في العالم" من قبل ما يسمى "المنظمة العالمية لحقوق الإنسان"، وذلك بحضور رسمي تقدّمته وزيرة الشؤون الاجتماعية هند قبوات، التي ظهرت متأثرة وهي تشارك المكرَّمة لحظة احتفت بها وسائل الإعلام على نطاق واسع. 


وفق المصنة، فقد قدمت التغطيات الصحفية المشهد وكأنه يحمل صفة أممية، فيما أظهر التدقيق أن الجهة المانحة ليست مدرجة ضمن سجلات الأمم المتحدة أو المنظمات الدولية المعترف بها، ما يطرح علامات استفهام حول طبيعة هذه التكريمات واستخدام الأسماء الأممية في مناسبات محلية تمنحها حجماً أكبر من واقعها.

مشهد التكريم وصناعة الانطباع الأممي
جرى تقديم الحفل بعنوان "سورية الأمل"، حيث مُنحت منى واصف اللقب من الجهة المذكورة وسط حضور شخصيات ثقافية ورسمية، كان أبرزهم وزيرة الشؤون الاجتماعية، هذا الحضور عزّز الانطباع لدى الجمهور بأن التكريم صادر عن مؤسسة دولية، كما استخدمت بعض المنابر الإعلامية عبارات مثل "سفيرة السلام في العالم لدى الأمم المتحدة"، لتكريس صورة اعتراف أممي، بينما خلفية المنظمة تكشف أنها كيان غير معتمد.

هوية المنظمة المجهولة
قدمت "المنظمة العالمية لحقوق الإنسان" نفسها على أنها جهة أممية تمنح الألقاب، غير أن مراجعة قواعد بيانات المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة (إيكوسوك) ومنصات التوثيق الحقوقي الدولية مثل "إن.جي.أو مونيتور" أظهرت غيابها الكامل. 


كما لم يرد لها أي أثر في مكتبة الأمم المتحدة الرقمية أو ضمن المنظمات المشاركة في مجلس حقوق الإنسان. وأكدت متحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في سوريا أن المكتب و"اليونيسف" لا علاقة لهما بهذه الجهة.

علي عقيل خليل: الواجهة المزعومة
كشف تحقيق "تأكد" أن الشخصية المركزية وراء هذه المنظمة هو اللبناني علي عقيل خليل، الذي يقدّم نفسه بصفة "السفير" والمؤسس، وخليل اعتاد الظهور ببطاقات رسمية المظهر، بينها بطاقة عضوية في جمعية الأمم المتحدة في سريلانكا، إضافة إلى جواز سفر عالمي صادر عن منظمة WSA. 


كما نشر صورًا مع شخصيات دولية لإضفاء المصداقية. غير أن التدقيق يثبت أن هذه المظاهر لا تمنحه أي اعتراف رسمي، إذ لا يرد اسمه ضمن المنظمات المعتمدة لدى الأمم المتحدة أو الكتاب الأزرق الخاص بالدبلوماسيين.

سجل قضائي مثير للجدل
أفادت تقارير لبنانية بأن خليل أوقف عام 2011 بتهم الانتحال والتزوير والاحتيال بعد شكوى من الممثل آلان الزغبي، وأحيل إلى القضاء بناءً لإشارة القاضي سامي صادر، كما استُخدمت محاكمته لاحقًا في وثيقة NGO قُدمت إلى مجلس حقوق الإنسان، لكن ذلك لم يمنحه صفة أممية، إذ لم يصدر أي قرار رسمي بشأنه. من جهة أخرى، أظهر تحقيق بثته قناة "الجديد" شهادات لأشخاص وقعوا ضحايا عمليات نصب ارتكزت على وثائق وألقاب أممية مزيفة.

بطاقات عضوية وجوازات وهمية
اعتمد خليل على عضوية "مدفوعة" في جمعية الأمم المتحدة في سريلانكا، إذ يرد اسمه كعضو خاص مدى الحياة، مقابل رسوم مالية تصل إلى ألف دولار، هذه العضوية رمزية ولا تمنح أي امتياز دبلوماسي أو صفة أممية.


كما روّج نفسه عبر ارتباطه بالـ WSA التي تصدر "جوازًا عالميًا" مصنفًا كوثيقة خيالية من قبل منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو). هذه الوثائق لا تحمل أي قيمة قانونية، وقد ارتبطت المنظمة بقضايا احتيال دولية منذ تأسيسها.

 تمجيد النظام المخلوع
أظهرت صفحات المنظمة التي يقودها خليل تركيزًا واضحًا على إعادة نشر صور المخلوع بشار الأسد وزوجته أسماء، إلى جانب صور أرشيفية لحافظ الأسد، مرفقة بتعليقات تمجد النظام وتصفه برمز الصمود، كما نشرت صورًا شخصية لخليل برفقة بشار الأسد، بما يوحي بقربه من دوائر السلطة، ما حوّل منظمته المزعومة إلى منصة دعائية للنظام أكثر من كونها جهة حقوقية مستقلة.

شرعية مزيفة بغطاء حقوقي
تؤكد المعطيات أن المنظمة التي منحت منى واصف لقب "سفيرة السلام" لا وجود لها في سجلات الأمم المتحدة، وأنها تعتمد على واجهات شكلية وعضويات مدفوعة وألقاب رمزية، ومؤسسها يواجه سجلًا قضائيًا مرتبطًا بالانتحال والتزوير، ويستخدم صورًا مع رموز النظام المخلوع لإضفاء شرعية. 


وبينت المنصة أن تكريم الفنانة بحضور وزيرة الشؤون الاجتماعية شكّل محاولة لإضفاء طابع رسمي على كيان وهمي، مستغلًا رموزًا وطنية وغطاءً حكوميًا لتعزيز صورة مصطنعة.

تحقيقات متوازية تكشف الوهم
بالتوازي مع عمل "تأكد"، نشر موقع إذاعة "روزنة" تحقيقًا استقصائيًا كشف أن المدعو يحيى الجميل، الذي قُدّم في حفل تكريم واصف على أنه مفوض أعمال المنظمة في سوريا، لا يملك أي مؤهلات أو سجل مهني يبرر هذه الصفة، ما يجعله واجهة إضافية ضمن شبكة تستغل المسميات الأممية، والتحقيق أوضح أن الحفل شاركت فيه أيضًا جهات وُصفت بأنها دولية وحقوقية، لكن التدقيق بيّن أنها جمعيات أهلية أو كيانات غير حكومية لا تتمتع بأي اعتراف رسمي.

وخلص تحقيق "تأكد" إلى أن تكريم منى واصف لم يكن سوى واجهة لشرعنة منظمة وهمية يقودها شخص ذو سجل مثير للجدل، يوظف واجهات شكلية وألقاب مزيفة لتلميع نفسه والنظام المخلوع. 


وأشارت إلى أن خطورة هذه الممارسات لا تكمن فقط في تضليل الرأي العام، بل في إتاحة المجال أمام كيانات وهمية للتغلغل في المشهد العام، في وقت تحتاج فيه سوريا إلى مؤسسات حقيقية وشفافة تعكس مسار العدالة، لا إلى منصات دعائية تستغل الرمزية الفنية والوطنية لصالح أجندات مشبوهة.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ