
النازحون في مخيم "وطن" بين حلم العودة وواقع القسوة
رغم تحرير سوريا من نظام الأسد البائد، وزوال العقبة التي كانت تمنع السوريين من العودة إلى قراهم ومدنهم، لا تزال آلاف العائلات تعيش تحت رحمة المخيمات، التي تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، وتعاني من صعوبات البقاء فيها وسط عجزهم عن العودة إلى ديارهم.
عائلات تعاني في مخيم وطن
ومن بين هذه المخيمات، مخيم "وطن" الواقع غرب بلدة كفر جالس التابعة لمحافظة إدلب، والذي شكل لفترات طويلة ملجأً آمناً للنازحين بعد أن وقعت قراهم ومدنهم تحت سيطرة النظام البائد خلال السنوات الماضية.
بعد انتصار الثورة السورية، أُفسح المجال للعائلات بالعودة إلى ديارها، فعادت العشرات منها إلى ديارها، بينما واجهت عائلات أخرى ظروفاً قاسية منعتها من العودة، وأجبرتها على الاستمرار في العيش ضمنِ المخيمات وتحمل قسوتها.
عشرات العائلات تحلم بالعودة
وبحسب السكان المحليين الذين التقينا بهم، يُقدَّر عدد العائلات التي تعيش حالياً في مخيم "وطن" بنحو 250 عائلة، تعاني من ظروف صعبة في ظلّ قلة الدعم وانعدام مقومات الحياة الأساسية. وزادت معاناتهم بعد مغادرة عدد كبير من الأهالي المخيم.
وبحسب المقابلات التي أجريتها مع العائلات المتبقية في المخيم، تعود أسباب عدم عودتهم إلى قراهم إلى عدة عوامل، أهمها الفقر، وعدم قدرتهم على تحمل تكاليف النقل من مناطقهم الحالية إلى قراهم وديارهم، بالإضافة إلى دمار منازلهم وعدم توفر مأوى في مسقط رأسهم.
منازل مدمرة في قرى العودة
وتقول أم محمد، تنحدر من قرية الدير الشرقي في ريف إدلب، لشبكة شام، إنها لا تستطيع العودة إلى قريتها، خاصة أن منزلها مدمر بالكامل، ولا تمتلك القدرة على بناء منزل آخر يؤويها هي وأطفالها الستة، ولا تملك معيلًا ولا المال ولا الموارد اللازمة لذلك، وتعمل في الورشات الزراعية لتتمكن من إطعام أطفالها.
وبحسب القصص التي رصدناها، بعض العائلات التي عادت من مخيم "وطن" إلى قراها مسقط رأسها، قامت بنقل خيامها معها وقررت العيش فيها لعدم قدرتها على إعادة بناء منازلها التي دُمّرت جراء القصف خلال السنوات الماضية.
عدم القدرة على تغطية تكاليف العودة
بينما لم يكن هذا الخيار متاحاً للعائلات الأخرى، خاصة غير القادرة على تغطية تكاليف تجهيزات العودة، التي تشمل نقل الأثاث والأغراض الشخصية، وصب أرضية الخيمة في الموطن لتركيبها، ليصبح البقاء الحلّ المرّ والوحيد لهم.
وفي هذا السياق، يقول أبو عبدو، أحد قاطني المخيم، إن تكلفة هذه التجهيزات تقدر بنحو 400 دولار أمريكي تقريباً، في حين أنه لا يملك دولاراً واحداً من هذا المبلغ، مما أجبره على البقاء في المخيم ريثما يتحسن وضعه المالي ويصبح قادراً على العودة إلى قريته.
في ظلّ هذه الظروف القاسية، يطالب أهالي مخيم "وطن" الجهات المعنية بمساعدتهم على العودة إلى قراهم، سواء عبر تأمين تكاليف العودة أو تقديم الدعم المالي. فالعودة من المخيم أصبحت صعبة جداً نتيجة قلة الدعم ونقص الموارد المالية.