
الشباب والزواج في سوريا: عقبات اقتصادية تعرقل تأمين الأثاث المنزلي
شهدت السنوات الأخيرة في سوريا تحديات اقتصادية كبيرة انعكست بشكل مباشر على الشباب المقبلين على الزواج، حيث أصبح تأمين الأثاث والأدوات الكهربائية الضرورية لبداية حياة زوجية مستقرة أمراً صعباً للغاية. ارتفاع أسعار الأثاث والمواد الأولية، إضافة إلى تكاليف النقل وأجور اليد العاملة، جعل خطوة الزواج تتحول إلى عبء مالي إضافي يفوق القدرة الشرائية لمعظم الشباب.
تدهور الليرة السورية
ويرجع ارتفاع تكلفة الأثاث إلى عدة عوامل مترابطة، أبرزها ارتفاع أسعار المواد الأولية مثل الخشب، الإسفنج، الأقمشة والمعادن، إلى جانب تدهور قيمة الليرة السورية الذي جعل حتى المنتجات المحلية تبدو باهظة الثمن. كما أدى ارتفاع أسعار المحروقات إلى زيادة تكاليف النقل من ورش التصنيع إلى الأسواق، أو من الأسواق إلى منازل الزبائن، بينما انعكس ارتفاع أجور اليد العاملة على السعر النهائي للمنتج.
حلول بديلة
في مواجهة هذه التحديات، لجأ العديد من الشباب إلى حلول بديلة لتخفيف العبء المالي، منها بحسب من تحدثنا معهم: شراء الأثاث المستعمل الذي يعرضه أشخاص استخدموه لفترة ويرغبون في بيعه بأسعار أقل بكثير من الجديد. ورغم أن هذا الخيار يقلل من التكلفة، إلا أنه قد يترك شعوراً بالنقص لدى بعض الزوجات اللواتي يحلمن بمنزل جديد مجهز بالكامل.
كما فضل بعض الشباب الاكتفاء بأثاث بسيط ومتواضع الجودة، وتأجيل شراء بعض الأجهزة الكهربائية حتى تتحسن ظروفهم المالية، بينما لجأ آخرون إلى الاستدانة أو الاعتماد على دعم العائلة. وفي المقابل، اضطر بعض الشباب إلى تأجيل الزواج حتى تتحسن إمكانياتهم المالية أو الظروف الاقتصادية في البلاد.
ضغوط نفسية
ويشير الشباب الذين عاشوا هذه التجربة إلى أن المنزل غير المكتمل يسبب شعوراً مستمراً بالقلق والضغط النفسي، نتيجة صعوبة تأمين كل ما يحتاجه البيت، خصوصاً عند مقارنة وضعهم بأقرانهم الذين يملكون منازل مجهزة بشكل أفضل. هذا الشعور يضاعف الضغوط على الزوج، الذي يضطر للتخطيط الدائم للنفقات والتأجيل المستمر لشراء المستلزمات الأساسية.
ويذكر أخصائيون أن الضغوط المالية قد تؤثر على العلاقة الزوجية، إذ قد تشعر الزوجة بالإحباط نتيجة عدم قدرتها على العيش في منزل مجهز بالكامل، ما يستلزم صبرها وتكيّفها مع الوضع الراهن حتى تتحسن الظروف المالية.
تيسير أمور الزواج
وفي إطار الدعم المجتمعي، تحرص بعض الأسر والشخصيات الدينية على توعية الأهالي بأهمية تيسير أمور الزواج وعدم رفع المهور بشكل مبالغ فيه، بهدف تخفيف الضغط المالي على الشباب ومساعدتهم على بناء حياتهم الزوجية بشكل أكثر استقراراً.
يبقى تأمين الأثاث وشراء الأدوات الكهربائية والمستلزمات الضرورية للبيت إحدى أبرز التحديات التي تواجه الشباب في سوريا اليوم، إذ تعكس هذه الصعوبات واقعاً اقتصادياً قاسياً يفرض على المقبلين على الزواج البحث عن حلول مبتكرة للتغلب على العقبات المادية، مع السعي إلى بناء حياة مستقرة رغم الظروف الصعبة.