
الجيش الإسرائيلي ينفذ توغلات ميدانية في ريف القنيطرة الشمالي
شهد ريف القنيطرة الشمالي تحركات عسكرية إسرائيلية جديدة داخل الأراضي السورية، وأفادت مصادر محلية في قرية أوفانيا بأن دورية إسرائيلية توغلت لمسافة محدودة داخل الأراضي السورية، وداهمت منزلين في أطراف القرية دون تسجيل أي حالات اعتقال أو اشتباك مباشر مع السكان.
وبحسب المصادر، انسحبت الدورية بعد وقت قصير، فيما لم تُعرف أسباب المداهمة أو طبيعة الأهداف التي كانت تبحث عنها القوات الإسرائيلية.
وفي تحرك متزامن، توغلت قوة إسرائيلية ثانية مؤلفة من ثماني آليات عسكرية، بينها جرافة ثقيلة ودبابتان، باتجاه بلدة الصمدانية الشرقية، حيث تمركزت لساعات في محيط تل كروم جبا، قبل أن تنسحب نحو مدينة القنيطرة المهدمة في القطاع الأوسط من المحافظة.
وحسب مصادر متابعة في القنيطرة فإن التوغلات الإسرائيلية الأخيرة تندرج ضمن نشاطات استطلاعية وعمل ميداني محدود يهدف إلى رصد تحركات القوات السورية وحلفائها في المنطقة، خاصة بعد تصاعد التوتر الإقليمي على جبهة الجولان خلال الأسابيع الماضية.
وتأتي هذه التطورات في ظل تصاعد التوتر العسكري في الجنوب السوري، مع ازدياد وتيرة الاستهدافات الإسرائيلية لمواقع داخل الأراضي السورية خلال الأشهر الأخيرة، بذريعة "منع تموضع قوات حليفة لإيران قرب الجولان المحتل".
وشهد ريف درعا الغربي فجر يوم السبت 4 تشرين الأول/ أكتوبر، توغلاً جديدًا لقوات الاحتلال الإسرائيلي، اعتقلت خلاله أربعة شبان من قرية جملة في منطقة حوض اليرموك، في وقت تواصل فيه القوات الإسرائيلية تنفيذ عمليات ميدانية متكررة في محافظتي درعا والقنيطرة، وسط تحليقٍ مكثف لطيران الاستطلاع في أجواء المنطقة.
وأكدت مصادر محلية أن قوة إسرائيلية خاصة اقتحمت قرية جملة عند منتصف ليل الجمعة – السبت، ونفذت عملية دهم استمرت قرابة الساعة، انتهت باعتقال الشبان محمود البريدي، محمد البريدي، ومحمد السموري، قبل انسحابها بست سيارات عسكرية بعد أن أقامت حاجزًا مؤقتًا عند مدخل القرية.
وحتى لحظة إعداد التقرير، لم ترد أي معلومات عن مصير المعتقلين أو مكان احتجازهم وتزامن التوغل مع تحركات عسكرية إسرائيلية مشابهة في محافظة القنيطرة، حيث ذكرت مؤسسة "جولان الإعلامية" أن دوريات تابعة لجيش الاحتلال نفذت مساء الجمعة عمليات دهم وتفتيش في قريتي عين زيوان وعين العبد، شملت عددًا من المنازل، وسط انتشارٍ أمني محدود في محيط القريتين.
كما أطلقت دورية إسرائيلية النار باتجاه شابين قرب قاعدة تل أحمر في الريف الغربي للقنيطرة، ما دفعهما إلى الفرار باتجاه قرية كودنة التي شهدت سابقًا عدة عمليات توغل مماثلة وأوضح مدير مؤسسة "جولان الإعلامية" فادي الأصمعي أن إطلاق النار جاء في الهواء دون تسجيل إصابات، مشيرًا إلى أن مثل هذه الحوادث باتت تتكرر بوتيرة شبه يومية في مناطق فضّ الاشتباك.
وشهدت محافظة القنيطرة خلال الأسبوع نفسه سلسلة توغلات محدودة، شملت مناطق بالقرب من سد كودنة وتلة أبو قبيس وبلدة رويحينة، إضافة إلى تحرك دوريات عسكرية من قاعدة العدنانية باتجاه قرية أم العظام وسد المنطرة، دون تنفيذ عمليات اعتقال.
وأظهرت مقاطع مصوّرة نشرها "تجمع أحرار حوران" انتشار عربات إسرائيلية داخل عدد من القرى القريبة من خط فصل القوات من جانبه، أوضح الحقوقي عاصم الزعبي من "تجمع أحرار حوران" أن الاعتقالات التي تنفذها القوات الإسرائيلية في الجنوب السوري غالبًا ما تهدف إلى جمع المعلومات حول الوضع الأمني في المنطقة ومحاولة تجنيد بعض الشبان للعمل كجواسيس، لكنه أكد أن معظم من تم استجوابهم رفضوا تلك المحاولات، مشيرًا إلى أن التوغلات الإسرائيلية المتكررة تحمل طابعًا استخباريًا أكثر من كونها عمليات عسكرية مباشرة.
بدوره، أشار الباحث السياسي "أنس الخطيب"، إلى أن عمليات التوغل الإسرائيلية في محافظتي القنيطرة ودرعا باتت أقرب إلى "الروتين الأمني"، مضيفًا أن إسرائيل تستفيد من هشاشة الوضع الحدودي وغياب الانتشار الكامل لقوات الأمم المتحدة لتوسيع نطاق نفوذها داخل الأراضي السورية، خصوصًا في منطقة حوض اليرموك.
ويُشار إلى أن اتفاق فكّ الاشتباك الموقع بين سوريا وإسرائيل في أيار/مايو 1974، تحت إشراف الأمم المتحدة، حدّد منطقتين فاصلتين بين الجانبين تُعرفان بـ"خط ألفا" من جهة الاحتلال و"خط برافو" من الجانب السوري، على امتداد نحو 70 كيلومترًا من جبل الشيخ شمالاً حتى وادي اليرموك جنوبًا.
ويمنع الاتفاق أي وجود عسكري مباشر ضمن هذه المنطقة التي تشرف عليها قوات "يوندوف" الأممية، إلا أن القوات الإسرائيلية تواصل خرق بنوده عبر توغلات متكررة وإقامة نقاط تفتيش مؤقتة، ما يزيد من التوتر في الجنوب السوري ويعيد إلى الواجهة ملف السيادة على خط وقف إطلاق النار.