"هيومان رايتس ووتش" الهجوم الأمريكي على مسجد الجينة قد يكون غير قانوني
قالت منظمة ”هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته ، أمس ، إن القوات الأمريكية، لم تتخذ الاحتياطات اللازمة لتجنب وقوع إصابات بين المدنيين في الغارة المنفذّة يوم 16 آذار 2017 على مسجد في قرية الجينة في ريف حلب الغربي، وأسفرت عن استشهاد أكثر من 38 شخصا ، وفق المنظمة .
وقالت المنظمة في تقرير ممتد على 13 صفحة بعنوان "الهجوم على مسجد عمر بن الخطاب: السلطات الأمريكية لم تتخذ الاحتياطات الكافية"، أن” تصريحات السلطات العسكرية الأمريكية بعد الهجوم تشير إلى عدم معرفتها أن المبنى المستهدف كان مسجدا، وأن الصلاة كانت على وشك البدء فيه، وأنه كانت هناك محاضرة دينية وقت الهجوم. ربما لو حُلّل الهدف بشكل سليم، لاكتُشف بعض ما سبق على الأقل. لم تجد هيومن رايتس ووتش أدلة تدعم الادعاء أن أعضاء تنظيم "القاعدة" أو أي جماعة مسلحة أخرى كانوا مجتمعين في المسجد”.
قال أولي سولفانغ، نائب مدير برنامج الطوارئ في هيومن رايتس ووتش: "يبدو أن الولايات المتحدة أساءت فهم عدة أمور بشكل فادح في هذا الهجوم فدفع عشرات المدنيين الثمن. على السلطات الأمريكية معرفة الأخطاء التي حدثت، والقيام بما يتوجب فعله قبل شنها الغارات، وضمان عدم تكرار ذلك".
في حين قالت السلطات الأمريكية إنها ستحقق في مقتل مدنيين في الهجوم، وإن كان المبنى المقصوف جزءا من مجمّع مسجد ، و طالبت المنظمة الحكومة الأمريكية بالإعلان عن النتائج التفصيلية للتحقيقات، وتقديم التعويض المناسب للضحايا المدنيين أو أسرهم، ومحاسبة المسؤولين عن الهجوم.
و في الساعة 7 من مساء 16 آذار، أغارت الطائرات الأمريكية على موقع جنوب غرب قرية الجينة، غربي محافظة حلب ، واعترفت السلطات العسكرية الأمريكية بالغارة قائلةً إنها استهدفت اجتماعا لعناصر “القاعدة”.
و اعترف المسؤولون الأمريكيون بوجود مسجد قريب، زعموا أن المبنى المستهدف كان قاعة اجتماعات مبنية جزئيا. لكن تُبيّن المعلومات والصور ولقطات الفيديو للمبنى الواردة من السكان المحليين قبل الهجوم وبعده أن المبنى المستهدف كان مسجدا أيضا، وفق ما جاء في تقرير منظمة ”هيومن رايتس ووتش”.
و قال المنظمة أن السلطات الأمريكية يبدو لم تفهم على نحو كافٍ نمط الحياة في المنطقة ، حيث قال مسؤول أمريكي إن الهجوم وقع بعد انتهاء "صلاة المساء"، ملمحا إلى مغادرة المدنيين المكان. بينما لم يوضح أي صلاة يعنيها وإذا كانت صلاة المغرب أو العشاء، تُظهر التصريحات الأمريكية أن الهجوم وقع حوالي الساعة 6:55 مساء، أي قبل 15 دقيقة فقط من صلاة العشاء ذلك اليوم. و استطرد القترير :”حتى لو كانت السلطات الأمريكية تعتقد أن المبنى المستهدف قاعة يستخدمها المجتمع المحلي، كان من المهم معرفة أن الصلاة كانت على وشك البدء لمعرفتها بوجود مسجد آخر قريب. يمكن الوصول لمعلومات عن أوقات الصلاة بسهولة عبر الإنترنت، وكان على السلطات الأمريكية معرفة ذلك”.
و أكدت هيومن رايتس ووتش أنها لم تجد أدلة تدعم الادعاء باجتماع أعضاء “تنظيم القاعدة” أو أي “جماعة مسلحة أخرى” في المسجد ، و شدد التقرير على أن “حتى لو تواجد أعضاء مجموعة مسلحة في المسجد، فإن فهم طبيعة المبنى المستهدف ونمط الحياة حوله أمر أساسي لتقييم الخطر على المدنيين واتخاذ الاحتياطات اللازمة للحد من أعداد الضحايا. قصف مسجد قبل الصلاة مباشرة ثم مهاجمة من يحاولون الفرار دون معرفة إن كانوا مدنيين أو مقاتلين قد يشكل هجوما غير متناسب أو عشوائيا. الهجمات العشوائية أو غير المتناسبة، كما عدم اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الوفيات بين المدنيين، تنتهك قوانين الحرب”.
.
عرضت هيومن رايتس ووتش نتائجها على القيادة المركزية الأمريكية. قال مكتب محامي الموظفين في ردّه بتاريخ 14 أبريل/نيسان 2017 إنه استنادا على "فحص شامل للمعلومات الاستخبارية السرية التي استُخدمت في اتخاذ قرارات الاستهداف، وعلى المعلومات الاستخبارية السرية التي برزت بعد الغارة الجوية...، خلُص تحقيق إلى نتيجة أوليّة مفادها أن الهجوم كان قانونيا". قالت الرسالة إن القيادة المركزية الأمريكية "ستراجع هذا التحقيق بعناية" في ضوء تقرير هيومن رايتس ووتش.
قال سولفانغ: "مهما كانت التغييرات التي تجريها الإدارة الأمريكية على إجراءات الإذن بالغارات وتنفيذها، يجب أن تضمن أنها تتماشى مع القانون الدولي، وإلا سيموت مدنيون إضافيون دون داعٍ وسيخاطر المسؤولون الأمريكيون باتهامهم بارتكاب جرائم حرب".