جون ماكين: للولايات المتحدة مصالح في سوريا ولكن إدارة أوباما لم تحرك ساكنا
تناولت "واشنطن بوست" الأوضاع في سوريا منذ سنوات، وانتقدت الإستراتيجية المترددة التي اتبعها الرئيس باراك أوباما إزاءها، مقابل التدخل العسكري الروسي والإيراني المباشر.
فقد نشرت الصحيفة مقالا لرئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي جون ماكين قال فيه إن لبلاده مصالح في سوريا، لكن إدارة أوباما ترددت ولم تفعل شيئا، وأضاف "علينا أن نعترف بتواطؤ الولايات المتحدة في مأساة السوريين".
وأشار ماكين إلى استيلاء قوات الأسد على مدينة حلب بعد تعرض أهاليها للحصار والقتل جراء القصف والهجمات من جانب روسيا وقوات النظام وإيران والمليشيات المدعومة منها.
وأضاف أن أوباما لم يفعل شيئا لأهالي حلب وهم يتعرضون للقصف بالقنابل الذكية التي كانت تستهدف النساء ومستشفيات الأطفال والمخابز وقوافل المساعدات الإنسانية، أو يتعرضون للقصف عن طريق البراميل المتفجرة.
وأشار ماكين إلى تهجير عشرات الآلاف من مدينة حلب وتركهم في خيام تحت رحمة نظام الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين، وقال إن أوباما يقف شاهدا على كل هذه المآسي التي يتعرض لها الشعب السوري دون أن يفعل شيئا لوقفها.
وأضاف أن معاناة السوريين مستمرة وأن حلب تعرضت للفظائع والدمار برغم كل الاجتماعات في جنيف وفيينا، وبرغم الخطوط الحمراء كالتي رسمها الرئيس أوباما للأسد بشأن حظر استخدام الأسلحة الكيميائية التي تم تجاوزها دون وازع أو عواقب.
وشبه السيناتور الأميركي صدى مأساة حلب بأنه سيبقى عبر التاريخ كصدى سربرينيتشا ورواندا، وأنه سيبقى شاهدا على الفشل الأخلاقي والعار الأبدي.
وقال أيضا إن نظام الأسد ربما يكون استولى على حلب، بينما الحرب في سوريا لم تنته بعد لكنها أسفرت عن مقتل قرابة نصف مليون إنسان وتشريد نصف سكان البلاد وخلق أكبر أزمة لاجئين بأوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وأضاف المسؤول الأميركي أن الأزمة ستزداد سوءا في سوريا في ظل قيام نظام الأسد وإيران وروسيا وتركيا ودول الخليج والآخرون بتكثيف القتال "على ما تبقى من الجثة السورية".
وقال إنه لا يزال أمام الولايات المتحدة خيارات في سوريا، وإنه كلما انتظرت واشنطن أكثر في السعي لإيقاف الحرب ازداد خيارها سوءا، وإنه "لا يجب على أحد أن ينكر أن لدينا خيارا في سوريا يتعلق بالأمن القومي الأميركي نفسه".
وأوضح أن عودة ظهور تنظيم القاعدة في سوريا يترك أثرا كبيرا على الولايات المتحدة، وأشار إلى الهجمات التي تعرضت لها مناطق مختلفة في أوروبا وأميركا، وقال إن أزمة اللاجئين "تتسبب في زعزعة استقرار حلفائنا في الشرق الأوسط مثل إسرائيل والأردن" وإنها تمثل تهديدا للديمقراطيات الغربية برمتها التي تنعكس على أميركا نهاية المطاف.
وأضاف "يجب أن نعترف أيضا أن الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقائد ما يسمى "فيلق القدس" قاسم سليماني لن يكونوا أبدا شركاء يعتمد عليهم في مكافحة الإرهاب" فالنظام السوري وموسكو وطهران لا يقاتلون ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وأضاف ماكين "بل إن ذبحهم العشوائي للمدنيين السوريين هو ما خلق الظروف الملائمة لظهور تنظيم الدولة، وإن الحصار الدموي لحلب سيتسبب في المزيد من التجنيد والتطرف الإرهابي".
وقال إنه "يجب أن نعترف أن إنهاء الصراع في سوريا لن يكون ممكنا إلا إذا أدرك الأسد وداعموه من الأجانب أنه لا يمكنهم الانتصار عسكريا في البلاد" لكنهم يحاولون الآن تحقيق هذا الانتصار بشكل عسكري.
وأضاف ماكين أن استيلاءهم على حلب سيجعلهم يوجهون فوهات بنادقهم إلى هدفهم التالي في سوريا، وقال "يجب علينا أن نستذكر الحكمة من تصريح لوزير الخارجية الأميركي السابق جورج شولتز الذي قال فيه إن الدبلوماسية غير المدعومة بالقوة تبقى غير مؤثرة في أحسن الأحوال، بل تكون خطرة في أسوأ الأحوال".
وقال أيضا إنه إذا كانت الولايات المتحدة لا يمكنها أن توقف الرعب في العالم فإن "هذا لا يعفينا من مسؤولية استخدام قوتنا العظمى لإنهاء الظلم الأسوأ حيث يمكننا ذلك، وخاصة إذا كان هذا الأمر يخدم مصالحنا ويجعل الولايات المتحدة وشركاءها أكثر أمنا".
واختتم رئيس لجنة القوات المسلحة الأميركية مقاله بـ "لسنا بحاجة لأن نصبح شرطي العالم من أجل الدفاع عن مصالحنا، ولكن يجب ألا نبعد أنفسنا عن فوضى عالمنا الخطير، وإذا ما فعلنا ذلك وبقينا صامتين فإن حالة عدم الاستقرار والرعب والدمار في قلب تلك الفوضى ستكون في طريقها إلى شواطئنا نهاية المطاف".