
الأمم المتحدة تحذّر من انهيار تدريجي للقطاع الصحي في سوريا وتدعو إلى استجابة شاملة ومستدامة
كشف تقرير حديث صادر عن قطاع الصحة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) لشهر تموز 2025، عن تدهور مقلق في جاهزية النظام الصحي في سوريا، محذرًا من انهيار تدريجي في ظل استمرار تراجع التمويل، وغياب خطط الطوارئ، وتردي الاستعدادات لمواجهة الأزمات المتعددة التي تواجه البلاد.
ضعف الاستعدادات واعتماد مفرط على المساعدات
وصف التقرير الجاهزية العامة للنظام الصحي السوري بأنها "ضعيفة"، مشيرًا إلى هشاشة مؤشرات التمويل والمرونة المؤسسية. وأكد أن اعتماد القطاع بشكل شبه كامل على المساعدات الخارجية، مقابل غياب دعم حكومي فعّال، أدى إلى جمود في قدرات الاستجابة الطارئة، وخلق ثغرات كبيرة في سلاسل التوريد الدوائي واللوجستي.
ولفت إلى تراجع دور منظمات المجتمع المدني، لا سيما في شمال شرقي سوريا، حيث تسجَّل مستويات منخفضة من التنسيق والتخطيط، ما يفاقم العجز في الاستجابة الصحية ويفتح المجال لمزيد من التدهور في الخدمات.
غياب التوزيع العادل وتهديد مباشر للفئات الضعيفة
رصد التقرير غياب خطط استجابة صحية متكاملة في عدد من المناطق، خاصة في درعا والسويداء، بالتوازي مع تصاعد التوترات الأمنية هناك. كما أشار إلى أن التوزيع الجغرافي غير العادل للخدمات الصحية وتغيّر أولويات الاستجابة الإنسانية، يجعلان الفئات الأضعف – وخصوصًا النازحين والنساء والأطفال – أكثر عرضة للمخاطر الصحية والأوبئة.
وأكد التقرير أن السلطات الصحية في شمال شرقي سوريا تعاني من نقص واضح في الخطط العاجلة، وضعف كبير في التنسيق بين الجهات العاملة، كما لا تتوفر بيانات محدثة بشأن حجم الإنفاق الحكومي على القطاع، وهو ما يعوق التخطيط الفعّال ويحد من القدرة على التنبؤ بالأزمات.
النزوح يفاقم الضغط وتدهور متوقع في عام 2026
توقع التقرير استمرار تدهور الأوضاع الصحية خلال العام 2026، بسبب تزايد النزوح الداخلي الذي يفرض ضغوطًا إضافية على المدن الكبرى، ويؤدي إلى تراجع الخدمات في المناطق الريفية والأكثر تهميشًا. ودعا إلى مراجعة آليات توزيع الدعم والخدمات لتكون أكثر عدالة، وتحسين مرونة النظام الصحي ليكون قادرًا على مواجهة الكوارث والأزمات طويلة الأمد.
وحذّر التقرير من أن الوضع الصحي يتجه نحو مزيد من التعقيد نتيجة لانعدام الأمن الغذائي، وانتشار الأوبئة الموسمية، ونقص المياه النظيفة، ما يزيد من هشاشة الوضع المعيشي للسكان، ويهدد بانهيار مجتمعي إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة.
توصيات لتعزيز الحوكمة والاستثمار الصحي المستدام
أوصى التقرير بتوسيع صلاحيات مديرية التخطيط والتعاون الدولي في وزارة الصحة، ورفع مستوى التنسيق بين الشركاء المحليين والدوليين، إضافة إلى دعم مبادرات الحوكمة الرشيدة في القطاع الصحي.
وشدد على أهمية الاستثمار في برامج الرعاية الصحية المجتمعية، وزيادة التركيز على خدمات الصحة النفسية، التي غالبًا ما يتم تجاهلها رغم تزايد الحاجة إليها. كما دعا إلى دمج الصحة في السياسات العامة للدولة، بما يشمل قطاعات التعليم، والمياه، والبيئة، والصرف الصحي، ضمن إطار استراتيجي متكامل لتحسين واقع الرعاية الصحية في سوريا على المدى الطويل.