مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
١٣ مارس ٢٠١٨
سيناريوهات الغوطة

لم يمنع قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بسورية، رقم 2401، والذي صدر في 24 فبراير/ شباط الماضي، في بنيته القانونية، شنّ عملية عسكرية في الغوطة الشرقية، فهو يتحدث صراحة عن استثناء الجماعات المصنفة إرهابية وفق عرف الأمم المتحدة من الهدنة. وعادة ما تكتب هذه التوصيفات، أو الاستثناءات، عن قصد بين الدول، وخصوصا بين روسيا والولايات المتحدة، من أجل ترك هوامش جانبية، لتحرك كل دولة وفق ما تراه ضرورة ملحّة.

هكذا تستفيد روسيا من القرار لشرعنة العمليات العسكرية في الغوطة الشرقية، وهكذا تستفيد منه تركيا في محاربة التنظيمات الإرهابية، أو تلك المتحالفة مع هذه التنظيمات في عفرين، وهكذا أيضا تستفيد الولايات المتحدة منه لشرعنة وجودها طويل الأمد في سورية. ومع ذلك، لا يسمح القرار 2401 باستمرار العمليات العسكرية إلى أجل غير مسمى، وهذه مسألةٌ في غاية الأهمية، ونقطة فارقة تميز حالة الغوطة الشرقية عن حالة حلب، ناهيك عن الخصوصية الجغرافية والسكانية للغوطة الشرقية.

يدرك المحور الروسي أن عليه إنجاز مهمة عسكرية ضمن وقت محدد، يسمح بتنفيذ الهدنة من دون إبطاء، وفق منطوق نص القرار 2401، وهذا ما يفسر سرعة مجريات العمليات العسكرية الهادفة إلى فكفكة الغوطة جغرافيا، بحيث تتحوّل إلى كانتونات، أو غيتواتٍ جغرافيةٍ منعزلة ومنفصلة عن بعضها بعضاً.

التقاء قوات النمر القادمة من النشابية والشفونية وأوتايا في الشرق، المدعومة من روسيا، مع قوات الحرس الجمهوري القادمة من محور مدينة حرستا في الغرب المدعومة من إيران، يسمح بشق الغوطة إلى قسمين، شمالي وجنوبي، على أن تعقبه خطوة مهمة، وهي عزل مدينة دوما، حيث يوجد "جيش الإسلام" عن مدينة حرستا، حيث توجد حركة أحرار الشام. ويسمح هذا المخطط للنظام بالتعامل مع الغوطة، ليس ككتلة جغرافية وازنة، وإنما ككتل منفردة ضعيفة، تسمح له بتحقيق أهدافه، إما بمعارك عسكرية تبدو سهلة، أو عبر تسويات منفردة. وبناء عليه، يسهل على النظام مهاجمة القسم الجنوبي، لإخراج "فيلق الرحمن" بالدرجة الأولى و"جبهة النصرة" بالدرجة الثانية. أما المحور الشمالي، فيبدو أنه سيخضع للهدنة بحسب اتفاقات أستانة، وليس معروفاً إلى الآن هل ستشمل الهدنة مدينتي دوما وحرستا أم مدينة دوما فقط؟

وتبين التفاهمات السياسية أخيرا أن دوما ستكون خاضعة للهدنة لاعتبارات محلية ودولية. ومحليا، تعتبر دوما الخزان البشري الحقيقي في الغوطة الشرقية، وهي مدينة محصنة في الداخل بالأنفاق والمتاريس، ويحتاج اجتياحها إلى أشهر، لا يسمح به قرار مجلس الأمن، وسيكون بثمن بشري باهظ، سيتكبده المحور الروسي، غير القادر على دفعه الآن في ظل التنافس الحاد مع الولايات المتحدة في الشمال والشمال الشرقي من البلاد.

دوليا، يبدو أن تضمين دوما في الهدنة ومناطق خفض التوتر ناجم عن رغبة روسية ـ مصرية مشتركة، فقد أجرى الروس في الأشهر الماضية تفاهمات مع السعودية حيال الملف السوري وملف النفط، وانعكس ذلك بوضوح في مخرجات "مؤتمر الرياض2"، وفي التفاهمات البينية بشأن مستوى إنتاج النفط، ومصر المتحاملة على الدور الإقليمي لقطر تسعى إلى دعم الحضور السعودي، وهذا ما يفسر دخولهم على خط المفاوضات قبل أيام.

ولعل انتشار قوات من الجيش والشرطة الروسية في أقصى شرق الغوطة مؤشر على رغبة روسيةٍ لتطبيق بند في اتفاق أستانة متعلق بنشر قوات شرطة روسية (شيشانية) في الغوطة، لفرض الحضور الروسي، من أجل قطع الطريق أمام إيران، للاستئثار بهذه المنطقة الحيوية المفتوحة على بادية حمص في الشمال الشرقي وبادية السويداء في الجنوب. وبهذا تكون الغوطة قد قسمت إلى أربع مناطق: منطقة تخضع لتفاهمات أستانة (دوما). منطقة ستكون ساحة المعركة المقبلة (جنوبي الغوطة). منطقة حرستا، وتخضع لثلاثة احتمالات: شن عملية عسكرية للسيطرة عليها، السيطرة على القسم الغربي من المدينة المطل على أوتوستراد دمشق ـ حمص، حيث أعلنت وسائل إعلام مقربة من النظام قبل أشهر أن المفاوضات جارية مع فصائل المعارضة لفتح الطريق الدولي، استكمال سياسة الحصار الخانق لفرض التسوية في نهاية المطاف. المنطقة المطلة على مدينة دمشق (جوبر، زملكا، عين ترما)، وليس معروفا إلى الآن مصيرها، خصوصا أن النظام يستغل خضوعها لسيطرة المعارضة، لكي يطلق قذائف باتجاه جرمانا وحي باب توما حيث الدروز والمسيحيون، من أجل استثمار ذلك إعلاميا، والظهور بمظهر المدافع عن الأقليات في مقابل المعارضة التي تهدد الأقليات. ولم يكن غريبا أن يركز المندوب الروسي في جلسات مجلس الأمن التي سبقت صدور القرار2401 على القذائف التي تسقط على دمشق، وتجاهل مئات الصواريخ والقذائف التي تسقط على مدنيي الغوطة.

في كل الأحوال، يمكن القول إن الغوطة الشرقية أصبحت ساقطةً بالمعنى الاستراتيجي في معادلة الصراع، وما سيجري لاحقا من عمليات عسكرية أو حصار خانق أو تسويات سيكون استكمالا للواقع العسكري الذي يقوم المحور الروسي بتثبيته الآن.

اقرأ المزيد
١٣ مارس ٢٠١٨
هل أخطأ المثقفون فهم الشعوب الغارقة في الجهل والطائفية؟

"سيدي الكريم، لأني لا أحب الكتابة في التعليقات، والدخول في معمعة السب والنقاش مع الآخرين. أكتب إليك بشكل خاص. أقول لك إن أمثالك هم السبب في ما وصلنا إليه من دمار وقتل وتهجير. أمثالك أحيوا في كثير من فئات الشعب، في البداية، أملا وحلما بسورية متطوّرة، حديثة، علمانية، متقدمة. أمثالك ممن دخلوا قلوب الناس وعقولهم بشخصيتهم الراقية قد حفزتم الناس على رفض النظام الذي أراه، لو بقي كما كان، لكان الأفضل لنا جميعا. لم تحسنوا قراءة الشعب السوري الغارق في جهل الإسلام، والعصبية العمياء، والانتماء القبلي والطائفي، فأوديتم بالبلد والشعب إلى الهاوية. للأسف، ما حدث لم يكن ثورةً على الجهل والتخلف، بل كان حركة غوغاء، نتائجها كانت تدمير الإنسان قبل المكان. أصبح الموت والأموات من تفاهات الحياة اليومية في سيرتنا".

هذا نص رسالةٍ وصلت إلي على صفحتي الشخصية قبل أيام. وهي تُوجّه إلينا من دون مواربة وببساطة، أعني إلى المثقفين الذين ناصروا الثورة الشعبية، تهمة الجهل وسوء التقدير، إن لم يكن إغواء الجمهور وخداعه وتضليله. لا تقول الرسالة: إذا لم تكونوا واثقين من النصر، فلماذا ورّطتم الشعب في حركةٍ ستجرّ عليه الأهوال، كما هو شائعٌ في حالاتٍ مماثلة، ولكن، أبعد من ذلك، كيف دفعتم الشعب إلى الثورة، وأنتم تعلمون جهله وتعصبه وطائفيته؟


لسنا هنا أمام نقد للفكر والمفكرين التحرّريين فحسب، وإنما أمام إدانة جوهرية للشعب، تنطوي على يأسٍ من أي تحول أو تغيير ممكن، الآن وفي المستقبل. نحن إزاء نفي مطلق لشرعية الثورة نفسها في شروط مجتمعاتنا العربية.

يفترض كاتب الرسالة أنه كان للمثقفين الدور الأول في اندلاع ثورة السوريين، وأن خطابهم، وربما بعض ملامح شخصيتهم المدنية الراقية، كما يقول، قد خدعت الجمهور وشجّعته على الخروج على النظام القائم. ويتضمن هذا الافتراض ثانيا أن الشعب لا يملك الوعي ومنظومة القيم التي تسمح له بالقيام بثورة، وأنه إذا ثار فلن تكون ثورته سياسية، وإنما حركة غوغائية، نظرا لجهله وتعصبه وطائفية معظم فئاته، فهو يفتقر إلى أي مبادرة ذاتية. ويتضمن ثالثا أن ما حصل من خرابٍ ودمار وقتل وتشريد أصاب ملايين الناس لم يكن نتيجة الحرب التي شنها النظام لقمع ثورة، وإنما هو ثمرة الحركة الغوغائية التي أطلقها، والتي لا يمكن أن تقود بالتعريف، أي بسبب غوغائيتها، إلا إلى ما شهدناه من خرابٍ ودمار وقتل. وتتضمن رابعا أن سياسة النظام لقمع الثورة/ الحركة الغوغائية لم تكن خاليةً من العقلانية، إن لم تكن شرعية. وخامسا، المسؤولية الرئيسية في ما وصلت إليه الأمور تقع على كاهل المثقفين السوريين، وأنا في مقدمهم، لجهلهم بطبيعة شعبهم البدائية، أو لرغبتهم في تضليله، طمعا في السلطة أو تعلقا بحلم تحرّري، لا مجال لتحقيقه في سورية، وربما في العالم العربي والإسلامي بأكمله. وبطريقةٍ ارتجاعيةٍ، يمكن أن نستنتج أن نظام الأسد، أو ما يشابهه من الأنظمة المجاورة، هو النظام الأكثر ملاءمة للشعوب العربية الأمية، وأن أصل الداء في مجتمعاتنا ليست النظام، وإنما الشعوب البدائية، وكل من يتعاطف معها من المثقفين والسياسيين الحالمين، أو الذين يخدعون أنفسهم بتعلقهم بمبادئ وقيم لا يمكن تطبيقها في الواقع.


(2)
ليس هناك شك في أن المثقفين مسؤولون عن نشر الأفكار التي ألهمت الثورة بمقدار ما قدمت للمجموعات النشطة التي قامت بإشعالها أهدافا تضفي الشرعية على عملهم، وتسمو به فوق المصالح والمنافع الوقتية والمادية. وبالفعل، من دون أفكار ملهمة وموجهة ومقنعة، لا تقود الاحتجاجات بالضرورة إلى ثورةٍ طويلة المدى وشاملة. لكن المثقفين لم يكونوا مع ذلك، مهما كانت نوعية أفكارهم وشعاراتهم وسلامتها أو خطئها، المفجرين الحقيقيين لها. المسؤول الأول عن إيجاد شروط الثورة وتفجيرها هو النظام السياسي، وخياراته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية أو التربوية، البعيدة والقصيرة المدى معا، وهي الخيارات التي تعاملت مع الشعب باعتباره قاصرا أبديا، وقرّرت أن تحكمه بالقهر، وتفرض عليه الصمت، واعتمدت من أجل إخضاعه والحصول على طاعته وسائل الإرهاب والترهيب البدائية الأكثر عنفا.

هكذا لم يعد الأمن يعني ضمان الدولة حقوق الناس ومصالحهم وسلامتهم الشخصية، الجسدية والمعنوية، وإنما بالعكس تماما، الأجهزة التي تعمل على تعرية الأفراد من أي حماية قانونية أو أهلية أو أخلاقية، لتأمين طاعتهم المطلقة وانقيادهم، من دون تساؤل أو سؤال، باعتبار ذلك شرط ضمان أمن النظام. لم تقبل السلطة، في أي وقت، الاعتراف بوجود شعب، باعتبار هذا الشعب طرفا له حقوقه ومصالحه ورأيه في ما يمس حياته ومصيره، ولا أقول سيادته، كما ينص الدستور. وترفض رفضا دينيا فكرة الحوار معه، أو التفاوض مع أطرافه لأي هدفٍ كان. واعتقدت دائما أنها تستطيع أن تضمن إذعانه من دون تنازلات، مهما كانت، معتمدةً على تحكّمها بشروط حياته، ووضعه في حالة تبعية مطلقة لها، أفرادا وجماعات، واستخدام جميع وسائل العنف المادية والمعنوية، واحتكار وسائل الإعلام والتربية والثقافة، ووضع يدها على جميع موارد البلاد وتحكمها من خلال أجهزتها القمعية بكل فرص العمل ومنافذ الريح في قطاع المهن الحرة والوظيفة العمومية، وأخيرا ممارسة أسلوب العقاب الجماعي والمنفلت من أي رقابةٍ أو قيدٍ قانوني أو أخلاقي، بحيث لا يعرف الفرد الذي تبدو عليه علامات الامتعاض ما يمكن أن يواجهه من عقاب، ليس عما يقوله أو يفعله، وإنما عما لا يفعله، وما لا يعجب رجل الأمن في سلوكه، أو تصرفاته أو عشرته، وربما لون ملابسه أو نظراته أو طريقة سيره.

ولأن النظام كلما زاد تسلطا وأمنا زاد فسادا، وأصبح أكثر غيرة على مصيره، وهوسا في الدفاع عن أمنه، لم يجرؤ، في أي وقتٍ، على التخفيف من عنفه الشامل الذي شل بتعميمه المجتمع. وكلما زاد هذا المجتمع استسلاما له، زاد هذا النظام طموحه إلى أن يجعل من وجوده قدرا لا فكاك منه، حتى انتهى الأمر به إلى أن يجعل مركز نشاطه وبرنامج عمله الرئيس تنظيم الحرب الوقائية الرامية إلى التحييد الدائم والشامل للمجتمع، بما فيه من يواليه منه، وتعميم أعمال الترهيب الجماعي التي لا تهدف إلى عقاب أفعال أو أقوال اعتراضية، وإنما إلى تثبيت الخوف والرهبة في النفوس، والحيلولة دون ظهور أي بوادر احتجاجية من أي نوع كان.

أما في ما يتعلق بدور المثقفين، فليس ما يُؤخذ عليهم، أو ينبغي أن يؤخذ عليهم، نشرهم قيم الكرامة والحرية والعدالة والمساواة في المواطنة وحكم القانون، التي ضللت الشعب وحفّزته على الانتفاض، وهو غير أهل له، كما تقول الرسالة، ولا وقوفهم إلى جانب الجمهور، والسعي إلى توثيق العلاقة معه، وترشيد حركته، وتوجيه انتفاضته نحو أهدافٍ إيجابية، وتجنيبه الانحراف نحو المهاوي الطائفية والانتقامية التي كان يدفعه إليها النظام. ما ينبغي أن يُؤخذ عليهم، بالعكس تماما، هو تقصيرهم في القيام بدورهم هذا، ووقوف عديدين منهم، إن لم يكن أكثرهم، موقف التردد أو الحياد والهرب من المسؤولية. وترك الجمهور تقريبا من دون قيادةٍ سياسيةٍ وتوجيه فعليين.

وبالمثل، من الصحيح ما تذكره الرسالة إنه لا يمكن للشعب المقهور والمحكوم بالإعدام السياسي والعطالة المدنية، والموضوع في قفص الاتهام، وتحت الحراسة والمراقبة اليومية، أن يكون مستقلا وقادرا على أخذ المبادرة، ولا أن يتجرأ على الانتفاض وحده لولا تحفيز الآخرين. لكن الشعوب لا تعيش في معزلٍ عن بعضها بعضا، ولا في كرة مغلقة. إنها تتفاعل في ما بينها، وتحرّكها ديناميكيات عميقة باطنية، عابرة للحدود وأحيانا للقارات. ليس المثقفون من أشعل فتيل الثورة السورية، وأطلق ماردها من القمقم، وإنما ثورات الشعوب العربية المجاورة التي أظهرت للجمهور المخنوق بالملموس أن إسقاط صرح الطغيان ليس من المستحيلات، وأن الأمر لا يحتاج عبقرية فذّة، ولا وسائل واستراتيجيات بعيدة المنال. فكل الشعوب قادرةٌ على تسيير تظاهرات، والاحتشاد في الساحات العامة، وانتظار سقوط النظام. وكان من الصعب ألا تلتقط هذه الفكرة البسيطة مجموعاتٌ صغيرة من الشباب الذين لا مستقبل لهم، في نظام يسدّ عليهم كل أبواب الحياة، والذين لم يشهدوا أحداث الثمانينات من القرن الماضي، ويروا بأم أعينهم جثامين ضحايا مجازر حماة وجسر الشغور وتدمر وغيرها، ويستبطنوا الصدمة النفسية التي شلت إرادة آبائهم عقودا طويلة، وربما للأبد.


(3)
رمي مسؤولية ما حصل على الوعي المتخلف للشعب لا يسعف أحدا. صحيحٌ أن قطاعاتٍ من المجتمع السوري قد أظهرت، في بعض مراحل الثورة، وربما قبلها أيضا، بعض أعراض الجهل بالإسلام، أو التفسير الخاطئ للدين، ومشاعر الطائفية، والتعصب، والكراهية، كما هو الحال في مجتمعات أخرى عديدة. لكن هذه الأعراض لم تحدث، ولا يمكن أن تحدث ثورات. وليست هي التي تصنع الأحداث، وتتحكم بمجرى التاريخ والتحولات الكبرى. ولا تمثل ماهيةً ثابتة لأي شعب.

الجذور العميقة للممارسات الطائفية وإحياء روح التعصب المذهب والقبلي والجهوي موجودة في أساسات نظام الأسد، وهي التي تميزه وتعبر عن جوهره، باعتباره نظام التمييز الطائفي والمحسوبية والعنصرية الاجتماعية واللعب على الانقسامات الأفقية والعمودية وتزوير الحقائق بامتياز، وهذا ما يفسر أيضا ما بدر منه من مشاعر الحقد والانتقام والكراهية والتشفّي، وبرّر في عيون مليشياته عمليات القتل بالجملة للمعارضين والمدنيين من دون حساب. الوحشية والطائفية وروح الكراهية التي سيطرت على بعض قطاعات الرأي العام السوري هي رد الفعل المباشر والأعمى على الطابع الوحشي والطائفي الذي طبع أسلوب حكم الأسد ومعاملته محكوميه. والذي سعى من خلاله إلى بث الفتنة داخل صفوف الشعب للتحكّم به، وتضليله، ودفعه إلى الارتماء في أحضان رجال الدين، وفصله عن نخبه الثقافية والسياسية الواعية، حتى يحرمه من أي فرصةٍ لتنظيم مقاومة بناءة، وتقويض أي أملٍ له بالخلاص.

ومهما كان وزن الأفكار الثورية والتحرّرية وتأثيرها، ما كان من الممكن لها أن تقاوم استراتيجيات النظام المعزّزة بأجهزته وأجهزة حلفائه الأمنية والإعلامية الواسعة والمتعدّدة المتربصة بفصائل ومجموعات ثورية مفتقرة للقيادة السياسية الواحدة، واستغلال أخطائها لتبرير عنفه، والتغطية على خياراته الإبادية. كان تفجير حرب طائفية موازية للثورة السياسية السلمية، لم يوفر نظام الأسد وسيلةً من أجل إشعالها، الوسيلة الوحيدة لاستبدال سردية الثورة بسردية الحرب الأهلية، وإجبار قسم من الشعب على الالتحاق باستراتيجيته، باسم الدفاع عن الأقليات، قبل أن ينتقل، في مرحلةٍ تاليةٍ، إلى تفجير حرب ضد الإرهاب الذي كان أول من أطلق سراح قادته ورجالاته.

لم تكن مظاهر الجهل والتعصب والطائفية والقبلية التي انبعثت في سياق الثورة عفوية ولا بريئة. لقد تم تصنيعها في الصراع ومن أجله، وبإرادة النظام، وبمساعدة أجهزته ذاتها، ولهدفٍ واضح وعلني، هو دفن المحتوى التحرّري والمطالب الديمقراطية للثورة تحت طبقةٍ سميكةٍ من غبار النزاعات الفكرية والطائفية، وإحياء العصبيات القبلية الدارسة.

ليست الثورة والحرب التي أعلنها النظام عليها، والتدخلات الأجنبية التي استدعاها لتعزيز قواته، والحروب الجانبية والموازية التي أطلقها، الأقوامية والطائفية والمذهبية ثم الإرهابية، والقتل والدمار الذي رافقها جميعا، ليس ذلك كله من صنع المثقفين. وهو ليس من صنع الشعب البسيط الذي كان يحلم، مثل جميع الشعوب، ببعض الكرامة والحرية والأمان والاعتبار. كان من مقتضيات الحرب البربرية التي أعلنها النظام وحلفاؤه على الشعب لسحق إرادته، وإجباره على قبول الأمر الواقع، والاستسلام للسلطة الجائرة والفاسدة التي تحكمه، وتتحكم بحياته وأرواح أبنائه منذ نصف قرن. بديل الثورة، التي كانت وستبقى أكبر حدثٍ مجيد في تاريخ سورية الحديثة، وأعمقها أثرا وتعبيرا عن إرادة التحرّر وروح البطولة والكفاح التي تسكن اجسام السوريين وقلوبهم، كان ولا يزال قبول الشعب بالعبودية كخيار وحيد وكمصير أبدي. لم يكن الصراع في أيٍّ من مراحل الثورة صراعا على الثقافة، ولا على المواقع الطبقية، ومن باب أولى على المحاصصات الطائفية والعشائرية. كان بوضوح الشمس على الوجود بين نظامٍ جعل شرط بقائه تغييب الشعب وإعدامه وشعبٍ لم يعد قادرا على البقاء من دون التخلص من قهر النظام وإسقاطه. بين العبودية والحرية لا يوجد نصف خيار.

اقرأ المزيد
١٣ مارس ٢٠١٨
في ظل صراع الكبار.. أحداث غريبة تدور في سوريا

لا بد أنكم تذكرون كيف دخل العالم شهر مارس/ آذار..

الرئيس الروسي قال: "صاروخنا الجديد ليس له مدى محدد"..

وأضاف: "سنرد فورًا على أي هجوم نووي يستهدف أحد حلفائنا"..

بعد ستة أيام، تحطمت طائرة شحن روسية من طراز أنتونوف-26 في سوريا. لقي 39 عسكريًّا كانوا على متن الطائرة مصرعهم، من بينهم الجنرال فلاديمير يرمييف، أحد القادة المرموقين.

مشهد تحطم الطائرة لا يخلو من الغرابة. تقترب الطائرة بشكل سليم من المدرج في قاعدة حميميم، إلا أنها تسقط وهي على ارتفاع 500 متر وتتحطم.

كما هو معلوم تستخدم قوات البحرية الأمريكية تقنية "النبضة الكهرومغناطيسية". يلف الصمت حاليًّا مسألة سقوط/ إسقاط الطائرة الروسية. بيد أن الخبراء يلفتون إلى هذا الاحتمال بشأن أنتونوف-26.

بعض الاستراتيجيين الغربيين لديهم قناعة بأن البنتاغون وجهت الرسالة التالية إلى بوتين:

"أنت غير قادر على السيطرة على قاعدتك العسكرية في سوريا، لا يمكنك حتى أن تنزل طائراتك بسلام. فدعك من الحديث عن الصواريخ النووية"..

***

ولا تنسوا أن 12 مقاتلة في القاعدة الروسية نفسها قُصفت وهي على الأرض خلال شهر يناير/ كانون الثاني الماضي.

قالت روسيا في البداية إنه هجوم بقذائف هاون، لكن الأمر لم ينطلِ على أحد!

والآن لم يعد هناك أحد ينكر أنه كان هجومًا بطائرات مسيرة. قال الروس إن الطائرات "مجهولة الهوية"، وهكذا أُغلق الملف.

هل هذا ممكن؟ هل نصدق؟ لا بالطبع!

عندما تحدث الأمور بسرعة يتم نسيانها بسرعة.

على سبيل المثال..

سرعان ما نسينا أن حوالي 150 مقاتلًا روسيًّا قُتلوا في غارة نفذها التحالف الدولي، قبل عدة أسابيع في دير الزور..

ما زالت جثث معظم القتلى تنتظر في مشارح بدمشق، والمعارضة الروسية تستغل التداعيات السلبية للحادثة في أجواء الاستحقاق الانتخابي المقترب في روسيا..

***

قد تتساءلون الآن، لماذا أتحدث عن كل هذه التفاصيل؟

لأنه يتوجب علينا أن نركز كل انتبهنا على النظام العالمي الذي بدأ يتشكل من جديد في سوريا.

هناك أمور غريبة تدور في سوريا..

مساومات جديدة، وخلافات غير مسبوقة..

هناك مساعٍ للكشف عن طرف على الأقل في الحرب الدائرة بالوكالة، بمعنى أن روسيا تجد نفسها مدفوعة إما للحرب علنًا أو للانسحاب من سوريا.

ما يهمنا هو أنه لم يعد بوسعنا الانشغال بجدالات عقيمة في الداخل، بينما قواتنا هناك في عفرين.

بيد أن هناك البعض ممن يحاولون تشتيت انتباهنا، وللأسف ينجحون بذلك..

لكن ينبغي علينا ألا ننخدع بعد الآن بهذه الألاعيب.

يتوجب علينا أن نركز أنظارنا وانتباهنا على وضعنا في سوريا والمستقبل القريب في حوض المتوسط..

اقرأ المزيد
١٢ مارس ٢٠١٨
هذا هو المقاول الذي دمر سوريا لصالح إسرائيل

ليس هناك أدنى شك أن من مصلحة إسرائيل أن ترى كل الدول العربية المحيطة بها في أسوأ حالاتها كي تبقى هي الحديقة الغنّاء الوحيدة في المنطقة، وبجانبها أشباه دول متخلفة ومتقاتلة وفي حالة فوضى دائمة. لا يمكن لدولة تريد أن يكون جارها أقوى منها. وما ينطبق على الأفراد ينطبق أيضاً على الدول، فإذا كنت تملك بيتاً فخماً وجميلاً، فلا شك أنك ستنزعج كثيراً إذا قام جارك ببناء بيت أجمل وأفخم. وهكذا حال الدول التي تتنافس دائماً كي تكون الأفضل والأقوى. وهذا لا شك ينسحب على إسرائيل في علاقتها مع جيرانها العرب. ولا ننسى أنها تقدم نفسها دائماً على أنها الديمقراطية الوحيدة في محيط من الديكتاتوريات القذرة المتخلفة والمنحطة، مع العلم أن إسرائيل تصلّي آناء الليل وأطراف النهار كي يدوم حولها نظام الديكتاتوريات لاسيما الفاشيات العسكرية القومجية منها، لأنها لا تحميها فقط، بل تجعل جاراتها وشعوبها المحيطة في حال مستدام من التخلف والبؤس والتردي والانحطاط بسبب حكم العسكر الذي لم ينتج عبر التاريخ سوى الذل والفقر والقمع والدمار.

ولا يخامرنا، أو يساورنا أدنى شك أن الخراب والتخلف السياسي والاقتصادي في البلدان المجاورة لإسرائيل كسوريا مثلاً يخدم الإستراتيجية الإسرائيلية، ولا شك أن من مصلحة إسرائيل أيضاً أن لا يكون هناك جيوش عربية قوية على حدودها، حتى لو كانت تلك الجيوش مسالمة وتحمي إسرائيل، فالدول لا تفكر في الحاضر فقط، بل تنظر على المدى البعيد، فماذا يمكن أن يحصل لاحقاً يا ترى لو قررت الجيوش العربية القوية أن تحارب إسرائيل؟ لا شك أن إسرائيل ستكون في ورطة، لهذا لا عجب أن تكون سعيدة عندما تضعف تلك الجيوش وتفسد كي لا تكون قادرة على محاربتها في المستقبل. ولا شك أن إسرائيل ستكون سعيدة جداً أيضاً بتدمير الجيش العراقي والسوري والمصري كي لا يهددوها في قادم الأيام. كل ذلك مفهوم ولا يحتاج إلى توضيح أو نقاش. دعونا نتفق كي لا يحاول أحد أن يصطاد في الماء العكر، بأن تدمير سوريا والعراق وبقية الدول التي يمكن أن تهدد إسرائيل مصلحة إسرائيلية بامتياز. ولا ننكر أيضاً أن إسرائيل نفسها قصفت العديد من المواقع العسكرية السورية على مدى السنوات السبع الماضية.

لكن من الذي دمـّر سوريا و«جاب عاليها واطيها»؟ سأتفق معكم مرة أخرى أن إسرائيل يمكن أن تدعم أي جهة بشكل مباشر أو غير مباشر في إضعاف سوريا وحتى تدميرها، لكن تعالوا نفتش عن الجهة التي دمرت سوريا فعلياً، وشردت نصف شعبها، وجعلت إسرائيل تفرك يديها فرحاً على ما آلت إليه الأوضاع في سوريا. إن أكبر كذبة يرددها «بتوع المقاولة والمماتعة» المدافعون عن النظام السوري أن إسرائيل خططت للثورة السورية كي تدمر سوريا، وتقضي على الجيش السوري. ومتى يا ترى كانت آخر مرة ضرب الجيش السوري حجراً واحداً على إسرائيل منذ أربعين عاماً كي تريد إسرائيل القضاء عليه؟ ألم يكن هذا الجيش كلب حراسة وفياً بامتياز للحدود الإسرائيلية، وكان يمنع حتى الطيور من اختراق الحدود الإسرائيلية؟ كم من الضباط السوريين اختفوا خلف الشمس لأنهم طالبوا بتنفيذ عمليات عسكرية ضد إسرائيل؟ قد يقول البعض طبعاً ومن حقه أن إسرائيل تظل تخشى الجيش السوري حتى لو اضطر لمهادنتها بسبب الظروف والتوازنات. وهذا صحيح. لكن هل يا ترى إسرائيل هي من أمرت الجيش السوري باستخدام كل ترسانته العسكرية من دبابات وصواريخ ومدفعية وبحرية وطيران لمواجهة الشعب السوري والقضاء على كل من كتب كلمة ضد النظام على مواقع التواصل؟ من الذي أنزل الجيش السوري إلى الشوارع بعد أربعة أسابيع فقط على المظاهرات الشعبية؟ لماذا لم يفكر النظام بالاستجابة لمطالب الجماهير بدل تسليط جيشه الطائفي على الشعب السوري؟ من ينشر جيشه على مساحة سوريا، ويستخدم كل قطاعاته العسكرية في عموم سوريا ضد المتظاهرين يجب أن يتوقع أن الشعب سيلجأ للقتال دفاعاً عن نفسه، وأن هذا الجيش سيتضرر كثيراً من معاركه مع الشعب. وهذا ما حصل. لا نقول إن السوريين وحدهم من قاتل جيش الأسد، فقد دخلت مئات الجماعات عبر الحدود، وشاركت في القتال ضد الجيش الأسدي، لكن السؤال المطروح: من الذي بدأ العمليات العسكرية أولاً؟ أليس الجيش الأسدي؟ ألا يقولون البادئ أظلم؟ هل لو لم يلجأ الجيش إلى استخدام القوة ضد المتظاهرين، هل وصلنا إلى هنا؟ هل كان الجيش ليفقد ثلاث أرباع قوته؟ هل كان ليدفع بالجماعات الأجنبية إلى سوريا بحجة دعم السوريين؟ لماذا لم تخرب تونس ومصر بعد الثورة، لأن الجيشين التونسي والمصري لعبا دوراً وطنياً ولم يقبلا أن يكونا أداة بطش بحق المصريين والتونسيين. انظروا ماذا حصل في ليبيا لأن القذافي استخدم الجيش ضد الشعب. حصل في ليبيا ما حصل في سوريا وكذلك في اليمن. لماذا؟ لأن الجيش تورط ضد الشعب. لماذا يا ترى لم تنجح إسرائيل في جر الجيشين التونسي والمصري لاستخدام القوة ضد الشعب كما نجحت في سوريا، هذا إذا افترضنا جدلاً أنها ورطت الجيش السوري؟ لأن الجيشين المصري والتونسي جيشان وطنيان، وليسا كجيش الأسد الطائفي الذي لا يهمه تدمير سوريا وتشريد شعبها بشرط أن يحمي النظام الطائفي.

هل حدث في التاريخ أن بلداً استخدم سلاح الطيران على نطاق واسع داخل أراضيه كما استخدمه النظام السوري، لا بل استعان أيضاً بأقذر وأوحش سلاح طيران آخر وهو الطيران الروسي لقصف السوريين؟ حتى القذافي لم يفعلها. هل بقيت منطقة سورية واحدة لم يقصفها طيران الأسد؟ هل يا ترى إسرائيل هي من أوعزت للطيران السوري بقصف أي منطقة سورية ثارت على النظام، فإذا كان ذلك صحيحاً، فهذا ليس في صالح النظام أيضاً لأنه لو قال ذلك فسيؤكد أن إسرائيل تقف معه وليس ضده. هل إسرائيل من أوعزت للنظام باستخدام الصواريخ البالستية بعيدة المدى ضد الأحياء السكنية في حلب ودرعا؟ ألم تكن الصواريخ البالستية تنطلق من وسط سوريا وتقطع مئات الكيلومترات لتضرب المناطق الآهلة بالسكان شمال حلب؟ لقد كانت مدينة السويداء وحدها تخسر يومياً ملايين الليرات بسبب تكسر زجاج المنازل جراء أصوات الصواريخ التي كانت تنطلق منها لتضرب الأحياء السكنية في درعا. هل كان الإسرائيليون يا ترى يشرفون على إطلاق الصواريخ البالستية على حلب ودرعا؟

ليس هناك أدنى شك أن طيران التحالف الذي تقوده أمريكا دمـّر مناطق كثيرة في مدينة الرقة ومناطق أخرى لداعش، لكن المضحك أن الطيران الأمريكي كان يدمر المناطق التي تشكل خطراً على النظام السوري والتي تحتضن أعداءه المزعومين الدواعش. أما الذي دمـّر المدن الباقية فهو الطيران الأسدي أولاً والطيران الروسي لاحقاً. لو نظرتم إلى شكل الدمار الذي حلّ بسوريا ستجدون أن تسعين بالمائة من الأبنية تم تدميرها من فوق بفعل القصف الجوي، لأن الإستراتيجية السورية مشابهة للخطة الروسية في الشيشان: الأرض المحروقة وتدمير كل شيء.

من يملك الطائرات في سوريا يا ترى غير النظام وحلفائه الغزاة الروس؟

أخيراً نستطيع أن نؤكد أن إسرائيل سعيدة جداً بما فعلتموه أيها الأوباش بسوريا، فكله يصب في صالحها دون أن تخسر قرشاً واحداً. لقد انساق النظام، وانجر بغباء فاقع بعملية تدمير ذاتي خدمة للهدف الإسرائيلي بسبب ضيق أفقه وحرصه على السلطة التي تعمي بصره. لقد عمل هذا النظام عند إسرائيل بالمجان، ونفذ استراتيجياتها، وكما تريد، ثم، يا للهول، راح يشتكي من المؤامرة.

طبعاً لا يمكن استبعاد نظرية المؤامرة، فيما استجد وكشفت عنه تطورات لعبة الأمم في شقها السوري، ولكن ألا تبدو العملية كمقاولة سياسية وسيناريو تخريبي وُضع بإحكام مدروس من قبل جهات دولية فاعلة، خدمة لإسرائيل أو لغيرها، ولكن كان ينقصه «المقاول» أو المتعهد الغبي لتنفيذ المشروع؟ ومن أغبى من نظام المماتعة 0ليقوم بذلك على خير ما يرام؟ وهنا يبدو هذا النظام الغبي ليس كعميل تاريخي وأبدي، بل أيضاً كمتعهد بارع ومقاول ماهر وفي؟

اقرأ المزيد
١٢ مارس ٢٠١٨
عندما يحتفل النظام السوري بذكرى كارثة

من أطرف ما شهدته الأيّام القليلة الماضية صدور بيان عن القيادة القطرية لحزب البعث في سوريا في مناسبة مرور خمسة وخمسين عاما على الانقلاب العسكري الذي جاء بهذا الحزب إلى السلطة في الثامن من آذار – مارس من العام 1963. قتل ذلك الانقلاب، الذي خطّط له في الواقع ضباط علويون، على رأسهم محمّد عمران وصلاح جديد وحافظ الأسد، أي أمل في أن تقوم لسوريا قيامة في يوم من الأيّام.

ما زرعه النظام الأمني، الذي قام مع الوحدة المصرية – السورية في العام 1958، من بؤس وقمع وتهجير لأبناء الطبقة المعلّمة والمستنيرة والبورجوازية السنّية والمسيحية، حصده الضبّاط الذين انقلبوا على “الانفصاليين” الذين حاولوا إعادة الحياة إلى سوريا عندما أنهوا الوحدة مع مصر في الثامن والعشرين من أيلول – سبتمبر 1961.

كان الانفصال المحاولة اليتيمة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من سوريا المؤهلة، في الماضي طبعا، لأن تكون إحدى الدول الطليعية في المنطقة. بدل أن تلعب سوريا دورا طليعيا، سقطت في يد الأجهزة الأمنية التي كانت الوسيلة التي لجأ إليها الضباط العلويون ثمّ حافظ الأسد ابتداء من خريف العام 1970 لإقامة نظام أقلّوي تحت شعار “الحركة التصحيحية”.

تحول هذا النظام الأقلّوي بعد العام 2000، في عهد بشّار الأسد إلى نظام عائلي. لعلّ الميزة الأهم لهذا النظام السوري في عهد الأسد الابن كونه يرفض الاعتراف بالواقع السوري وبالحال التي وصلت إليها سوريا التي صارت تعاني من خمسة احتلالات، بل صارت تحت خمس وصايات.

من يقرأ البيان الصادر عن القيادة القطرية لحزب البعث يحتار بين الضحك والبكاء. لكن هذه الحيرة تتوقف عند الوصول إلى بعض المقاطع التي تؤكد أن النظام السوري يعيش في عالم آخر. من بين العبارات الواردة في البيان تلك التي ورد فيها الآتي “في إطار التطوير الذاتي هذا، استقامت الثورة (انقلاب الثامن من آذار 1963) بالحركة التصحيحية (في العام 1970) التي قادها القائد المؤسس حافظ الأسد. واندفعت عملية التنمية الشاملة على المستوى الداخلي مترافقة مع سياسة قومية عربية فاعلة ومواقف دولية تؤكّد أهميّة السيادة واستقلال القرار. هذا التطوّر النوعي جعل من سوريا دولة مستقلّة تماما في منطقة عزّ فيها الاستقلال. دولة متحرّرة من قيود البيوتات المالية الدولية وشروطها. إن تعاظم دور سوريا في المنطقة وعلى المستوى العالمي جعل أعداء العروبة والاستقلال والإنسانية يحشدون كل ما لديهم من طاقات وإمكانات لمواجهة سوريا. يدفعهم في ذلك خوف من أن تنتقل عدوى الاستقلال إلى دول أخرى..”.

تختزل هذه المقاطع الواقع السوري. هناك نظام يتحدّث عن الاستقلال فيما البلد واقع تحت خمسة احتلالات. يسيطر الأميركيون على ثلث الأراضي السورية وعلى معظم ثروات البلد. ويسيطر الروسي على الساحل السوري وتركيا على مساحة تزيد على مساحة لبنان من الأراضي السورية. ويسيطر الإيراني على دمشق وعلى جزء من الجنوب السوري، فيما لا يزال الإسرائيلي في الجولان المحتل منذ العام 1967، أي منذ ما يزيد على نصف قرن بقليل.

إذا كان من دور لعبه النظام السوري، منذ العام 1963، مع التوقف عند محطّتي 1966 و1970، فهذا الدور يتمثّل في تفتيت سوريا ولا شيء آخر غير ذلك. عندما يتحدّث هذا النظام، الذي تذكّر أخيرا حزب البعث وانقلاب 1963، عن الاستقلال فإنّه يبحث عن غطاء لعملية الاغتيال التي نفّذت ببطء واستهدفت التخلص من سوريا.

لا يستطيع النظام السوري في الوقت الراهن استيعاب أن الخيار الوحيد الذي بقي أمامه هو الرحيل من دمشق. عاجلا أم آجلا سيحتفل السوريون بجلاء النظام عن دمشق. سيحصل ذلك بعد تدمير الغوطة الشرقية وتهجير أهلها من منطلق مذهبي ليس إلّا تلبية لرغبات إيران.

عاجلا أم آجلا أيضا، سيجد النظام السوري نفسه أمام حائط مسدود. يعود ذلك إلى أن الجانب الروسي الذي يعاونه في الخلاص من الغوطة الشرقية يريده ورقة ضغط في مفاوضات مع الأميركيين تتجاوز سوريا. تكمن مشكلة موسكو في أنّ إدارة ترامب ليست في وارد إعطاء شيء لفلاديمير بوتين في مقابل رأس بشار الأسد.

يعرف النظام ذلك وهو يمتلك ما يكفي من الدهاء لتوريط الجانب الروسي في لعبة لا أفق لها ما دام في وضع يستطيع فيه الرهان على منافسة بين موسكو وطهران وعلى تجاذب بين العاصمتين عنوانه لمن ستكون الكلمة الأخيرة في دمشق في مرحلة ما بعد رحيل بشّار الأسد.

في انتظار الرحيل عن دمشق والمعركة الكبيرة التي سيشهدها الجنوب السوري في حال إصرار إيران على البقاء فيه وعلى أن تكون دولة متوسطية، ليس أمام النظام سوى متابعة ممارسة لعبة الهروب إلى أمام. ليس البيان الصادر عن القيادة القطرية لحزب البعث سوى دليل آخر على أن النظام يعاني من مرض التوحّد. يمنعه هذا المرض من رؤية الأمور كما هي وأن يكون على تماس مع الواقع، بما في ذلك أنّ النظام الذي أقامه حافظ الأسد لم يكن في يوم من الأيّام سوى أداة تستخدم في لعبة لم يكن من هدف نهائي لها سوى الانتهاء من سوريا عمليا.

مؤسف أن عربا كثيرين لم يفهموا ذلك منذ البداية. تغاضوا عن تسليم الجولان لإسرائيل في العام 1967، عندما كان الأسد الأب لا يزال وزيرا للدفاع. تغاضوا عن الدور الذي لعبه النظام في توريط الفلسطينيين في حروب لبنان من أجل القضاء على الوطن الصغير.

تغاضوا عن الدور الذي لعبه النظام في إدخال إيران إلى سوريا ثم إلى لبنان بهدف تأجيج الصراع المذهبي في تلك المناطق.

تغاضوا عن دوره التآمري على العراق في كلّ وقت من الأوقات. هذا غيض من فيض ممارسات النظام في نصف قرن وأكثر.

هناك لائحة لا تنتهي وربّما لن تنتهي يوما لإنجازات النظام السوري الذي لا يخجل من ترديد كلمة “استقلال” ومن استعادة ذكرى الكارثة التي حلت بسوريا في مثل هذه الأيّام من العام 1963. هل من نظام في العالم يفتخر بكارثة ويلجأ إلى ذكرى تلك الكارثة لتبرير حربه على شعبه؟

متى ينتهي دور النظام السوري. لن ينتهي قبل الانتهاء من سوريا. السيناريو اليوغوسلافي صار جاهزا. قد يكون هذا السيناريو الوحيد الذي يصلح لسوريا ما بعد المراحل التي مرّت فيها منذ استيلاء البعث على السلطة قبل خمسة وخمسين عاما…

اقرأ المزيد
١٢ مارس ٢٠١٨
جرائم روسيا والمكافآت العربية..!!

بعد الغزو السوفياتي لأفغانستان كانون الأول/ ديسمبر 1979 أعلنت الولابات المتحدة كنوع من الاحتجاج مقاطعتها لدورة الالعاب الأولمبية المقامة في موسكو صيف 1980. وبطبيعة الحال حذت دول عربية وإسلامية حذو واشنطن وانضمت للمقاطعين احتجاجا على غزو أفغانستان.

الآن تقيم دول عربية وإسلامية احتفالات صاخبة بوصولها لكأس العالم المقام في روسيا هذا الصيف ويتسابق عرب والمسلمون على المشاركة جمهورا وإعلاما وصفقات تجارية بهذه المناسبة الكروية في وقت تقترف روسيا أبشع المجازر والجرائم الإنسانية في سوريا وبشكل متواصل ومستمر وبوقاحة وصفاقة فجتين!

ويتواصل مديح عربي رسمي للدور الروسي في صناعة سلام في سوريا عنوانه أشلاء الأطفال وحرق الأخضر واليابس. ويستقبل بوتين هدايا نفيسة وسيف دمشقي من حكام وتعقد مع موسكو عربيا صفقات تجارية واتفاقات وتفاهمات!

ما الذي تفعله روسيا في سوريا وما الذي تريده وتصبوا إليه؟ بعيدا عن التحليلات السياسية يمكن قراءة ذلك من خلال تصريحات روسية صريحة وواضحة وعلى مدار أعوام وشهور سبقت التدخل الروسي العسكري في أيلول/ سبتمبر 2015 وترافقت معه وأعقبته. بالنسبة لرأس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية فالحرب في سوريا حرب مقدسة، موقف سبقة تصريح لافروف في بدايات الثورة السورية وحينما كان سلمية حتى النخاع بقوله أن روسيا لن تسمح بقيام دولة سنية في سوريا!!

على مستويات عسكرية عالية تباهت موسكو بتجربة أعداد كبيرة من الأسلحة الروسية الحديثة في سوريا فيما أقرت تقارير روسية إعلامية عن استخدام الساحة السورية للتخلص من مخزونات الأسلحة الروسية القديمة والبالية، مما وفر تكاليف باهظة وتبعات بيئية سلبية. الروس يتحدثون عن مصالح لهم في سوريا وقد عقدوا مع الأسد -الذي يعاملونه باحتقار- اتفاقيات عدة تضمن وجودا عسكريا طويل الأمد. ولا يتردد الروس أو يتحرجون من الحديث عن المكاسب الإقتصادية الكبيرة في سوريا وعن احتكار الكثير من مواردها وثرواتها الطبيعية –تحت بند استرداد قروض أعطيت للأسد للتمكين لهم من الهيمنة والسيطرة على البلاد- وعقد صفقات تجارية ضخمة للتسويق لصناعاتهم الخاملة وعن الهيمنة على عقود إعمار ما دمروه في سوريا.

دوافع الحرب الروسية المدمرة في سوريا عقائدية واقتصادية وفيها سعي معلن لفرض النفوذ والهيمنة. بكل الأحوال لا يوجد أحمق يصدق أن الإرهاب الروسي الذي دمر غروزني فيما مضى ويستهدف حاليا مدن وقرى سوريا بسياسة الأرض المحروقة، يريد محاربة إرهاب مفبرك أو مزعوم. ويكفينا مدح روسيا بوتين لأوردغان ثم أتهامه بشكل فج بأنه يدعم الإرهاب عقب إسقاط الأتراك طائرة روسية ومن بعد المصالحة والتوافق معه ووصفه بأنه شريك مهم في الحرب على الإرهاب، لإثبات أن الحرب على الإرهاب المزعوم هي ذريعة لممارسة إرهاب حقيقي لاحتلال سوريا ونهب ثرواتها.

ما الذي يضمن للدول العربية السنية والغنية أن لا تستهدفها الاحقاد والمطامع الروسية كما تستهدف سوريا الآن، خصوصا إذا استتب الأمر لبوتين في سوريا؟؟

العرب لاهون عن مخاطر محدقة وحرائق متأججة ومنشغلون إما بمعارك جانبية أو بحسابات وهمية وأماني سرابية... إن سقط الحاجز السوري، فإن تبعات الطوفان القادم ستكون قاسية، ومدمرة وغير مسبوقة.

وقتها، لن يجدي ندم ولن تنفع حسرة... وحساب الآخرة أشد وأبقى!!

اقرأ المزيد
١١ مارس ٢٠١٨
المجتمع الدولي وحرب الإبادة في الغوطة

لا يعقل أن يقف المجتمع الدولي عاجزاً أمام هول ما يجري في غوطة  دمشق الشرقية من قتلٍ لمدنيين عزل، إلا إذا فسّر ذلك بوجود شبه إجماع دولي، غير معلن ربما، لكنه متفق عليه، أو على الأرجح مسكوت عنه، حيال عدم القيام بأي شيء جاد وحازم لإيقاف جرائم الحرب التي يخوضها حلف الأنظمة المستبدة الثلاثة، الأسدي والبوتيني والملالي الإيراني.

وفيما يكتفي زعماء دول غربية باتصالاتهم الدولية والإقليمية لمحاولة تطبيق قرار مجلس الأمن 2401، القاضي بوقف إطلاق النار وهدنة إنسانية مدة 30 يوماً، لإدخال المساعدات الإنسانية والطبية، يُمعن نظام الأسد والساسة الروس والإيرانيون في الدفاع عما تقوم به طائراتهم الحربية وأسلحة مليشياتهم من قصف وحشي وتدمير شامل وقتل ممنهج بحق سكان غوطة دمشق الشرقية المحاصرة، والمضي في سياسة الأرض المحروقة التي تلتهم الأخضر واليابس، ولا تفرّق بين البشر والحجر، سعياً منهم إلى إفراغ مناطق الغوطة من سكانها وتدميرها على رؤوسهم.

في المقابل، يكتفي المسؤولون الأمميون، بدءاً من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، وانتهاء بمبعوثه الخاص ستيفان دي ميستورا، بتذكير العالم بأن الغوطة الشرقية ستلاقي مصيراً مشابهاً لمصير أحياء حلب الشرقية، ويسمونه "سيناريو حلب"، مخفين بذلك عجزهم وعجز المجتمع الدولي الذي لم يتمكن من إدخال قافلة مساعدات إنسانية واحدة إلى الغوطة. وحتى عندما دخلت قافلة بعد طول انتظار ومناشدات شتى، منعها النظام والروس من إفراغ كامل شحنتها الخالية من المواد الطبية، كي يستمروا في قصفهم الغوطة، فاختلطت دماء الضحايا بمواد المساعدات، من دون أن يحرّك المجتمع الدولي ساكناً.

المقلق في الأمر أن قادة الدول الغربية يظهرون اهتماماً لفظياً، فقط، حيال حرب الإبادة التي يشنها الحلف الثلاثي الإجرامي، ويشدّدون في اتصالاتهم الهاتفية على ضرورة أن يستخدم الساسة الروس نفوذهم لدى نظام الأسد، كي يوقف حرب الإبادة على الغوطة، بدلاً من مطالبة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بوقف هجمات طائراته الحربية التي تفتك يومياً بالمدنيين، وهو ما فعلته رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، في اتصالها مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وكأن كل من ماي وترامب يحاولان تبرئة الساسة الروس من مسؤوليتهم في هذه الحرب الإجرامية. وفي السياق نفسه، اتفق كل من المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس ترامب على ضرورة أن يمارس الساسة الروس الضغط على نظام الأسد، لكي يوقف هجماته.

وقادت دبلوماسية الاتصالات الهاتفية الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، كي يتصل بنظيره الإيراني، حسن روحاني، للتشديد على ضرورة أن يمارس نظام الملالي الإيراني "الضغوط الضرورية" على نظام الأسد، كي "يوقف الهجوم العشوائي" على المدنيين المحاصرين في الغوطة الشرقية، وإفساح المجال أمام إدخال مساعدات إنسانية، وذلك بدلاً من أن يطالب نظام الملالي بسحب مليشياته التي تحاول اجتياح الغوطة، وتحاصرها منذ أكثر من ثلاث سنوات، وتمنع عن أهلها المساعدات الإنسانية والطبية، وكأن ماكرون يريد من جانبه تبرئة نظام الملالي من مسؤولية ما يجري في الغوطة، والأنكى أنه أرسل وزير خارجيته، جان إيف لودريان، إلى طهران، الذي قابله روحاني بجفاء واعتبر أن السبيل الوحيد لحل الأزمة السورية هو دعم النظام الأسدي، أي الدفاع عن النظام المجرم والإمعان في قتل السوريين.

ويبدو أن الساسة الروس وساسة نظام الملالي مرتاحون لديبلوماسية الاتصالات التي يعتمدها الساسة الغربيون، لأن أقصى ما تحمله دعوات ومطالبات و"اتهامات" لا توقف الحرب التي اتخذوا قرارها منذ مدة، وأبلغوه للجميع، بل إنهم دخلوا في لعبة تزوير الحقائق من خلال اتهامهم دول الغرب بـ"التقاعس"، و"انتهاك" قرار مجلس الأمن، القاضي بوقف الأعمال القتالية، لأنهم لم يمنعوا "مقاتلي المعارضة من شن هجمات يومية"، حسب افتراءات وزراة الدفاع الروسية في ردها على بيان البيت الأبيض الذي اعتبر أن "موسكو تجاهلت قرار مجلس الأمن"، وأكد أن روسيا قتلت "مدنيين أبرياء وسط ادعاءاتٍ زائفةٍ بتنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب"، واكتفى بيان البيت الأبيض بالقول إنها "التركيبة ذاتها من الأكاذيب والقوة العشوائية التي استخدمها كل من روسيا والنظام السوري، لعزل حلب وتدميرها عام 2016، وقتل آلاف المدنيين فيها".

المفترض أن يقوم المجتمع الدولي، وخصوصاً الدول الغربية، بواجباته الإنسانية، ويتحمل مسؤوليته حيال جرائم الحرب التي يرتكبها الروس وملالي إيران ونظام الأسد في الغوطة الشرقية، وسواها من المناطق السورية، خصوصاً بعد صدور قرار مجلس الأمن 2401، القاضي بوقف إطلاق النار وهدنة إنسانية ثلاثين يوماً، ومضي أكثر من عشرة أيام على عدم تطبيقه، حيث لم يتلزم به لا النظام ولا الروس ولا ملالي إيران. وبالتالي، المطلوب تحرّك دولي خارج مجلس الأمن، يضع حداً لحرب الإبادة في غوطة دمشق الشرقية وسواها من المناطق السورية، لأن المفترض أن تطبيق قرارات مجلس الأمن مسؤولية جماعية للمجتمع الدولي، وعدم تطبيقها يستلزم إجراءات عقابية ورادعة، وهو ما لم يفعله المجتمع الدولي في سورية، على الرغم من الجرائم العديدة التي ارتكبها نظام الأسد وحلفاؤه بحق غالبية السوريين، منذ بدء حربهم الشاملة ضد ثورة الشعب السوري، الطامح للحرية والخلاص من استبداد نظام آل الأسد وظلمه.

اقرأ المزيد
١١ مارس ٢٠١٨
خذوا أسماء لصواريخكم من أطفال الغوطة

استطاعت روسيا فرض ستاتيكو براغماتي في أروقة مجلس الأمن حين وفّقت بين تمريرها لقرار مجلس الأمن رقم 2401 بعد استعمالها حق الفيتو 12 مرة على التوالي، وبين رفضها تمرير قرار إدانة إيران لخرقها القرارات الدولية لحظر توريد الأسلحة إلى اليمن. بالتوازي، دخلت روسيا مرحلة جديدة في رسمها للوقائع على الأرض السورية متخطية المسارات التي رعتها في أستانة وسوتشي، عندما كانت تبحث عن انخراط إقليمي في ترتيب مناطق النفوذ، وعن عناوين تُناسبها للحل السياسي، هذه المرة من خلال دخولها المباشر في معركة الغوطة، التي تفرز الديموغرافيا السورية تبعاً لرغبة إيران. وقد استكمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مظلته الحمائية لحلفائه في خطابه أمام الجمعية الفيدرالية، الذي أكد فيه أن «أي استخدام للسلاح النووي ضد روسيا أو حلفائها، سنعتبره هجوماً نووياً على بلادنا، والرد سيكون فورياً».

واضح تبعاً لهذا التسلسل أن روسيا تعتبر حمايتها لإيران واحداً من الدواعي الاستراتيجية لحضورها وقوتها في التوازن الدولي في شكل عام، وليس فقط في الساحة السورية، والمصلحة المشتركة بينهما تقوم على تلازم انخراطهما معاً في حماية نظام بشار الأسد، مع كل ما يحمله ذلك من تداعيات ديموغرافية ثُبِّتت وقائعها بعد معركة حلب، وتشهد عليها حالياً أحداث الغوطة، ومع كل ما يعني ذلك من تحمّل روسيا لأكلاف هذه السياسات، خاصة حين لا تظهر قدرتها على إدارة مجمل التناقضات التي تنشأ بين الفاعلين على الأرض السورية، وأحياناً كثيرة بين الحلفاء ذاتهم.

وهذا بالمعنى الفعلي يُمكن أن يُحتسب في خانة التورّط والاستنزاف الذي يجذب الإمكانات الرئيسية لروسيا نحو الغرق في اليوميات السورية، مع ما يفترضه ذلك من انتقالها إلى الوضعية الدفاعية في أوروبا، وسعيها وراء لعب دور الوسيط بين الأميركيين ورئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون في آسيا.

بعد الغارات التي استهدفت القاعدة الروسية في حميميم وإسقاط الطائرة في إدلب، كان النظر إلى طبيعة الرد الروسي كفيلاً بتوضيح معالم استراتيجيتهم المقبلة هناك، على أساس أن واقعاً غير مُستقر من البديهي أن يقودهم إلى مراوحة غير مجدية تبعدهم عن طموحهم السياسي وعن المصالح الاقتصادية التي يبحثون عنها، والأنجع في هذه الحال كان يفترض تشجيع التسوية السياسية كضامن لحضورهم في استراتيجية الشرق الأوسط البعيدة الأمد.

لكن روسيا اختارت الانخراط المباشر في الداخل والانتقام لتشوُّه صورتها، ومن الطبيعي أن يتسبب ذلك بالتصاق أكبر مع القوى والميليشيات العاملة على الأرض، وأن يجرّها أيضاً إلى انقياد وانفعالات غير مدروسة كفاية.

هذه المفاضلة تحد من قدرة روسيا على اعتبار الاستحقاق السوري محطة يمكن الانطلاق منها إلى أماكن أخرى مثل ليبيا وشمال أفريقيا، أو حتى اليمن والبحر الأحمر، وهذه الإمكانات كانت مطروحة على الروس سابقاً قبل التغيّر الذي جرى مع الإدارة الأميركية الجديدة. الفجوة التي نشأت نتيجة عجز روسيا عن التمدد إلى ساحات إضافية كأي قوة عظمى صاعدة، سعى الرئيس بوتين إلى ردمها بالإعلان عن أسلحة جديدة متطورة تضعه في مكانة التنافس التقليدي مع الولايات المتحدة، وفي صدارة الصراع الكوني. ومَن يتطلّع إلى الجانب الاستعراضي للإعلان الذي وصفه الأميركيون بـ «الرسوم المتحركة»، يلمح بوادر استثمار للنتائج، وغَرَضيّة لا تتعلق بانتخابات الرئاسة في روسيا بقدر ما تركز على الجانب الدعائي الذي ذهب إلى حد طلب السفارة الروسية في الولايات المتحدة من المواطنين الأميركيين اقتراح أسماء يطلقونها على الصواريخ والأسلحة الجديدة التي تحدّث عنها بوتين!

طبعاً هذا التصعيد كان استبقه البنتاغون بالحديث عن تطوير القدرات الحربية في الفضاء، إلى درجة إعلان سلاح الجو الأميركي أن بمقدوره الضرب من الفضاء بعد عدة سنوات.

في ظل هذا الجنون النووي الذي ينزلق إليه العالم الذي سجّل رقماً قياسياً في الإنفاق الدفاعي خلال العام 2017، يُعد الأكبر منذ الحرب الباردة، يجري استسهال التلويح باستخدام السلاح النووي ليس على سبيل الردع فقط.

وبقدر ما يمثل ترامب في هذا السجال مدرسة المحافظين الجمهوريين، وخلاصة العرق الأبيض في البر الأميركي، يمثل بوتين جوهر العقل السوفياتي الخارج من الانتصار على الفاشية والباحث عن أمجاد على قياس الإمبراطورية، فحين يتباهى ترامب بأن الولايات المتحدة أرسلت أول البشر إلى القمر وأركعت الشيوعية، يأتي رد بوتين بأنه لو استطاع حينها لَمَنَع انهيار الاتحاد السوفياتي. طبعاً هذا ليس فقط سجالاً بين رؤساء دول عظمى بقدر ما هو صراع بين إيديولوجيات عميقة تعيد إنتاج ذاتها بعد استراحة، وتقود العالم إلى هستيريا تزيد من هشاشة النظام الدولي وتجهض معاييره وتطلق يد النماذج التي تفتك اليوم بالسوريين.

طبعاً حرب الغوطة تقع في الوسط من كل ذلك، ودماء أطفالها ترسم معالم النظام الكوني الجديد بكل مساوئه على جدران حطمتها صواريخ وترسانة حربية لقيطة... تبحث عن أسماء!

اقرأ المزيد
١١ مارس ٢٠١٨
كي لاننساهم .. قتلوه هرساً لأنه سأل عن أولاده

المساعد المجرم ((( مجد إسماعيل )))
المخابرات الجوية _ قسم التحقيق و قطاع الإفراديات
ويكفي الوجود عاراً أن هذا المسخ لازال يعيش و يأكل و ينام كما يفعل كل البشر … أسماء لا يعرفها الأحياء حفظها جيداً ألاف من الأموات قبل الرحيل الأخير ..
_ حين رموه بيننا راعه أي بشر نحن هناك.. هياكل عظمية بدقون طويلة وقطعان من القمل تشاركنا كل شيء
نظر إلينا واحداً واحداً كنت أراقبه وهو يزداد خوفاً وذهولاً فنحن حقيقة السلطة نحن المستحاثات البشرية الوحيدة على قيد الحياة …..
بدأ يتلمس رقبته يشعر بالإختناق كان بيننا جثتين و رائحة الجثث تكاد تخنقه لأن بقية الحياة لازلت معه رغم أنه ميت سوري جديد …
أخذ يقرأ القرآن بصوت مرتفع ! همسنا له أن أخفض صوتك سيقتلونك إن سمعوك لم ينصت إلينا
ودون أي تردد وقف و ذهب باتجاه الباب
حاولنا أن نمنعه لكنه طرق باب الزنزانة … وقضي الأمر سيموت بعد قليل فكل من يطرق الباب هناك يموت .. لكنه موت مختلف تماماً ..موتٌ بداخل أعماق الألم ….

وجاء صوت المساعد المسخ ’’مجد إسماعيل’’ كريهاً قبيحاً دنيئاً ككل مافيه دقائق وفُتح الباب :
_ قبل أن يسأل مالأمر بادره المعتقل الشهيد بالبكاء وبعض التوسلات وهو يحكي قصته :
ياسيدي دخيلك أنا طلعت مع أولادي لنشتري غراض من الدكان وجيتو أنتو وأخدتوني وولادي ضلوا بالدكان دخيلك يا سيدي ولادي صغار ابني سبع سنين وبنتي 4 سنين مرتي متوفيه من سنه أنا من جسرين بالغوطة يا سيدي ولادي وينهن يا سيدي الله يخليك ولادي وينهن مع مين بقيوا طالعني من هون يا سيدي دخيلك !!!!

_ بدأ مجد إسماعيل يفكر كيف سيقتله و أي عذاب سيسقيه وعرف أنه رجل بسيط…
قال له : قلتلي بدك ولادك لكن .. وبدك تطلع من هون !!!
بتعرف قسماً بالله لأطالعك من هون تعال لقلك لك أصلاً أنا ربك هون ولاك ….
واعتصرنا الألم عرفنا أنه سيقتله
_ جره خارج الزنزانة كبل له يديه إلى الخلف بحيث كان وجها يديه على بعضهما كأنه يصفق … نادى على مسخ آخر قال له : أمسكه لا تخليه يتحرك !!

فتح باب الزنزانة على آخرها أدخل له يداه الملتصقتين ببعضهما بين الباب وإطاره الحديدي أدخلهما حتى الرسغ صرخ بكل قوته بدي ألعن ربك ورب ولادك. وطبق الباب بكل قوته على يدي المعتقل....
فانهرس كفاه بين الباب وإطاره ووصل عويله إلى أبعد مجرات هذا الكون …. كان يبكي ويجأر ويصرخ وينوح ويغمى ويموت من الالأم بذات الوقت
حين ذهب المسخ كانت أصابعه داخل زنزانتنا نراها أمام أعيننا والدم سال من مكان أصابعه حتى لامس أرض الزنزانة فرسم خطاً لن أنساه ما حييت

أما جسده فكان خارج الزنزانة يشرب أعمق أنواع الألم البشري ….
المصيبة أنهم كانوا كلما فتحوا باب زنزانتنا ليرموا لنا معتقل جديد أو ليطلبوا أحدنا للتحقيق أعادوا كفيه بين الباب وإطاره وطبقوه مرة أخرى في مكان جديد لم يبق لحم أو عظم في كفيه ….. ولم يعد هو ليصرخ على وقع فرم يديه ...
في صباح اليوم التالي سقطت أصابعه الخنصر والإبهام والصغرى داخل زنزانتنا … بينما بقي جسده خارجاً
أدخلوه قبل المساء …. عندما نظرت إليه كان أسوء بكثير مما توقعت …
فأحد المسوخ حفر من تحت عينه إلى أسفل ذقنه بالمفتاح كلمة الأسد....
أنفه عبارة عن بعض العظام المختلطة ببقايا لحم وجهه... عينه اليمين ليست هناك جسده مغطى كله بالدم
في الليل شهق مرتين ثم توفى كأنه لم يكن بيننا …..
_ أضفناه إلى قائمة ثأرنا من نظام الأسد …
إن كان السجن ينفى الحرية فالمعتقل ينفي الوطن فلا وطن طالما أن هناك معتقل ….

ولاشك أن مجد إسماعيل نسي هذه الحادثة فقد مضى عليها ست سنين
ونسي كيف غرس مرة مسماراً في ساقي لازالت أثاره حتى هذه اللحظة ونسي أسماء مئات الشهداء السوريين الذين قتلهم بيديه …..
لكننا لن ننسى وكلما طغوا إجراماً زدنا إصراراً وكل يوم يمضي لا يزيدنا إلا عزيمة وإباءً وإيمانأً بنصرنا وقوائم شهداءنا تزداد كل يوم … و صفحات إجرامهم إمتلأت حتى لم يعد فيها مكان لجديد …..
_ أفكر فيك دوماً يا مجد إسماعيل أنت ونصر إسبر وأقول :
فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ …... صدق الله العظيم

اقرأ المزيد
١١ مارس ٢٠١٨
الصرخة الأخيرة للمجتمعات الحداثية ومنظماتها الدولية من الغوطة الشرقية، فماذا أنتم فاعلون؟!

لا أنسى أبدا عندما كنا في الصف الثالث الإعدادي دروس المختبرات التوضيحية عندما كنا ندرس عمليات تشريح الأرانب والضفادع والفئران وتأثير التفاعلات الكيميائية والسموم المختلفة عليها، ولم يخطر أبدا في بالنا عندئذ أن يتحول 375 ألف إنسان في الغوطة الشرقية إلى حقل تجارب كبديل عن تلك الحيوانات والحشرات التي كنا ندرسها.

ولم يقتصر الأمر على ما ذكر فقط بل تحول إنسان الغوطة الشرقية اليوم إلى حقل تجارب لكل الاختبارات والتجارب العضوية منها وغير العضوية من جوع وعطش ونقص الأدوية وتفاعل للذرات الكيماوية عليه، فضلا عن اختبار الانفجارات المتنوعة الانشطارية وغير الانشطارية واختبار احتراق الغازات المختلفة كالفوسفور الحارق والنترات والنابالم.

تلك التجارب التي كنا نجريها في المدارس تجري على إنسان الغوطة الشرقية اليوم ولا يحتاج العالم إلى مكبر أو مجهر كي يراها، فهو يراها على الشاشات ومنصات التواصل الاجتماعي رأي العين دون عدسات مقعرة أو محدبة.

كل هذا يحدث في الغوطة الشرقية المحاصرة منذ ست سنوات وعلى بعد كيلومترات قليلة يعيش أهل دمشق في رغد وأمان وتخمة من شراب وطعام ونعم .

نعم إنها الغوطة وأهلها المساكين الذين يعيشون اليوم ميدان تجارب ومختبر تحليل حقيقي منذ سنوات لم يتعرض له أي مكان أخر في الكرة الأرضية. ورغم الحصار المطبق من جميع الجهات على الغوطة وأهلها منذ الشهر التاسع عام 2013 ومنع دخول الغذاء والدواء، والقصف المتواصل بمختلف أنواع الأسلحة التقليدية فإن الطغاة والمتجبرين في الأرض لم يكتفوا بهذا فكثفوا في الشهر الأخير هجماتهم بالغازات الكيماوية "السارين والكلور وغيره" وبالأسلحة الفتاكة من جميع الأشكال، ففي كل يوم من الأيام الأخيرة يسجل الراصدون أكثر من 300 غارة جوية وعشرات البراميل المتفجرة والقذائف المتنوعة التي تحول العشرين كم2 من مساحة الغوطة الشرقية إلى أشلاء وأنهار من الدماء، دماء الأطفال والنساء والشيوخ والشباب، فالكل في بوتقة واحدة وفي محرقة واحدة لا تمييز.

وكل ذلك يحدث ويفاجئك الرئيسان الأمريكي والفرنسي بالقول إنه إذا ثبت استخدم نظام الأسد وحلفائه للسلاح الكيماوي فإننا سنحاسبه!، أفبعد كل الذي جرى ويجري لم يثبت لهما استخدام الكيماوي، وهل الأسلحة الأخرى المستخدمة أقل فتكا؟!

ولكن ماذا يمكننا أن نفعل أو نقول؟ّ!؛ فها هي الأمم المتحدة وبعد فشلها في تطبيق القرار 2041 الخاص بالهدنة وبوقف اطلاق النار وقبل ذلك من القرارات  الخاصة بسورية أصبحت كرجل خرف يوصي أبنائه ولا أحد يلقي له بال  أو يحترم وصيته التي تفتقد لأي مسوغ رادع لهم.

وها آنا الآن أطلق صرختنا الأخيرة لكل من ينظر إلينا من خارج الغوطة ونحن نموت أمام أعينهم، قائلين لهم قد تكونوا أنتم أو أبنائكم أو نسائكم في هذا المكان فماذا أنتم فاعلون؟!

اقرأ المزيد
١١ مارس ٢٠١٨
ملوك الطوائف أضاعت الأندلس و "ملوك الفصائل" أصابت ثورتنا السورية في مقتل فإلى متى ...!؟

تتعدد كتب التاريخ التي تتناول نهاية الحكم الأموي في بلاد الأندلس، وشيوع ظاهرة تقسيم البلاد لطوائف وممالك وقطاعات ودول، جعلت منها لقمة سائغة في وجه الطامعين، وأوصلت صراعات الملوك والاستعانة بأعدائهم على بعضهم البعض لإنهاء حكمهم واحداً تلو الأخر.

وفي الثورة السورية لنا وقفة مطولة مع "ملوك الفصائل" وماسببته النزاعات والصراعات الداخلية بين مكونات الثورة السورية من تراجع و انكسار بعد أو وصلت لأوج قوتها وكادت أن تطيح بحكم أل الأسد وتنهي عصوراً من الاستبداد، إلا أن صراعات الملوك أنهكت بنيتها الداخلية وشتتت قواتها، وأعطت للأسد زمام المبادرة لتلقي الدعم والتغلب على أبناء الثورة.

برزت الصراعات الداخلية بشكل أساسي في الشمال السوري بعد تسلح الثورة وتشكيل أول بنية للجيش السوري الحر، والذي التفت الجماهير الثورية حول الثوار من المنشقين وأبناء الحراك المنضوين في الجيش السوري الحر الذي برز كقوة عسكرية باسم الثورة وللدفاع عنها، إلا أن ذلك لم يطل مع بدء تشكل الزعامات وتنوع الأفكار والبدء بتأسيس فصائل جديدة خارج بوتقة الجيش الحر.

ظهرت الفصائل الإسلامية والمتشددة والمعتدلة وتنوعت تشكيلات الجيش الحر ذاته، وتنوعت الرايات والمسميات، خلق ذلك ارضاً خصبة للصراع على السيطرة والتملك في الأرض المحررة، كانت الثورة قد بلغت أوج قوتها في 2012 و بدايات 2013 مع خروج النظام من مناطق واسعة في إدلب وحلب والرقة ودير الزور وحماة وحمص وريف دمشق ودرعا، وبدء مراحل السقوط للنظام.

مع بدء الخلافات والصراعات الداخلية بين مكونات الثورة العسكرية بدأت مراحل الصراع العسكري تظهر بشكل جلي، وبدأت الفصائل والملوك تتكتل بين بعضها البعض، كل طرف يسعى لإنهاء الطرف الأخر، وما إن ينتهي ينشق الحلفاء ويبدأ صراع جديد بينهم، فاندثرت فصائل وظهرت أخرى وحارب أبناء الثورة بعضهم البعض، في وقت كان النظام يجيش حلفائه ويعقد الاتفاقيات ويقدم التنازلات ليحصل على دعمهم.

لا يسعنا ذكر الأسماء التي مثلت الحراك الثوري المسلح في تاريخ الثورة السورية بل تعداد أرقام التشكيلات التي ظهرت ومنها اندثرت ومنها ما تقسمت ومنها ما ابتلعت من فصائل أخرى، إلا أن الواضح بشكل جلي لكل متابع أن هذا التنوع في التشكيلات والانقسام جعل الثورة السورية لقمة سهلة من أراد اختراقها وتوجيهها في غير هدفها، ومن أراد حرف البوصلة وخلق تيارات وصراعات أيديولوجية وفكرية ودينية، تسببت بإنهاك الحراك الثوري واستنزاف طاقته البشرية والعسكرية.

ومع كل حالة الإنسكار التي وصلت إليها الثورة السورية وخسارتها لمساحات كبيرة من المناطق تسقط تباعاً بيد النظام وحلفائه، مع الإصرار الشعبي على المواصلة في درب الثورة وعدم التراجع، إلا أنه وحتى وقتنا وبعد سبع سنوات من بدء الحراك لم يدرك "ملوك الفصائل" أن صراعاتهم هي من أنهكت الثورة وأصابتها في مقتل عظيم.

"ملوك الفصائل" من القادة والأمراء والزعماء الذين تربعوا على عرش مناصبهم وباتت لهم دائمة دون تبادل للأدوار أو اعتراف بفشل أو تسلم الأجدر للقيادة، باتت المقرات المحصنة والسيارات الفارهة والحرس والجنود بتعداد الألاف والدبابات والمعسكرات والارتباطات الخارجية بين أيديهم، فنسوا شعباً يعيش في المخيمات وأشلاء أطفال تمزقها الطائرات، وصرخات نساء سلبت عفتهم في المعتقلات، وبات همهم السيطرة والتملك وإنهاء الخصم وقتل رفاق الدرب.

ثورتنا اليوم في مرحلة خطيرة مع استمرار الصراع بين "ملوك الفصائل" وعدم صحوتهم للخطر المتربص بهم جميعاً في ممالكهم التي تقاسموها، سط معاناة ألاف المدنيين، تحتاج اليوم لمن ينقذها ويوحد صفوفها لرجل لا يأبه للسيطرة إلا تحرير الأرض ونصرة المستضعفين بحق، نعم نفتقد اليوم لقادة من أمثال عبد القادر الصالح ويوسف الجادر أبو فرات ليقودوا حراك الشعب الثائر المصمم على طلب الحرية وتحقيق هدفه في الخلاص.

اقرأ المزيد
١٠ مارس ٢٠١٨
سياسة روسيا في سورية.. محددات وأبعاد

أجمع المحاضرون والمشاركون في الجلسة المخصصة لمناقشة السياسة الروسية في سورية، ضمن المؤتمر الذي أقامه معهد الدوحة للدراسات العليا، بالتعاون مع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يومي 4 و 5 مارس/ آذار الجاري، عن سياسة روسيا في الشرق الأوسط، أجمعوا على أن من الصعب فهم هذه السياسة في سورية، وتساءلوا عما إذا كانت روسيا تملك رؤية لإنهاء الصراع في سورية الذي انطلق في مارس/ آذار 2011، ويكمل سنته السابعة الشهر الجاري.

"سيكون الظنّ أن السياسة الخارجية لبلد ما لا تنطلق من أرض فكرية صلبة أمرًا غير مقبول في عالم اليوم". وروسيا دولة كبرى، ولديها رؤيتها لدورها في العالم الذي تطمح إليه، ولديها استراتيجيتها وتكتيكاتها. كما كتب الدكتور نواف التميمي في مقالةٍ في "العربي الجديد" (19/10/2015).
لكن كل رؤية واستراتيجية وتكتيكاتها تحتمل الخطأ في رسمها، كما تواجه تحديات التنفيذ في أرض الواقع. ويمكن فهم سياسة روسيا في سورية على ضوء مجموعتين من العوامل: واحدة تتعلق برؤية روسيا لدورها في العالم واستراتيجيتها العالمية، وسورية جزء من هذه الاستراتيجية، وأخرى تتعلق بالصراع الدائر في سورية ذاتها وأطرافه الإقليمية.


دور ورؤية
يشكل الحنين للفترة السوفييتية عاملًا رئيسا في تشكّل الوعي الوطني الروسي، خصوصا أن القيادات العسكرية والسياسية والاجتماعية والفكرية قد عاشت شبابها وردحًا من عمرها في تلك الفترة، حين كانت روسيا في قالبها السوفييتي تشكل قوة عظمى منافسة للولايات المتحدة. ويملأ الحنين لتلك الفترة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أيضًا الذي يعتبر أن انهيار الاتحاد السوفييتي بمثابة الكارثة الجيوسياسية الأكبر في القرن العشرين، وقد وعد بوتين الروس بأنه سيعيد مجد روسيا. وبينما تتجه "نخب روسية ليبرالية معارضة" نحو رؤيةٍ أكثر قربًا من القيم والسياسة الغربيتين، تسعى "نخب روسية وطنية" اليوم إلى استعادة ذلك الدور الروسي - السوفييتي السابق، أو شيء قريب منه. وتتخذ مجموعة النخب الوطنية موقفًا سلبياً تجاه قيم الليبرالية والديمقراطية، كونها قيما غربية تمحو التقاليد والثقافات في البلدان التي تهيمن عليها، وترى أن النظام العالمي أحادي القطبية قد انهار، ولم يبق منه سوى القشرة، ويمكن للصين مع روسيا العمل لتغيير أحادية القطب العالمي الأميركي، ويطمح الرئيس بوتين إلى بناء الاتحاد الأوراسي واسع الأبعاد الذي يضمّ روسيا وكازاخستان وبيلاروسيا وأوكرانيا.

جاء استمرار عداء الغرب لروسيا مثل طاسة ماء بارد على المشاعر القومية الروسية الحارة، فزادها تصلبًا وعنادًا، فقد سلخت دول الغرب من الهيمنة الروسية دول شرق أوروبا ودول الاتحاد السوفييتي السابق في آسيا والبلطيق، وشجعت التمرّد في كل من الشيشان وجورجيا وأوكرانيا، بل مولت الولايات المتحدة مظاهرات ضد بوتين سنة 2011، وطوّقت روسيا بحزام من الصواريخ البالستية، وفرضت عقوبات اقتصادية وسياسية على روسيا، ردا على سيطرتها على القرم، أي عاملتها كدولة عالمثالثية، بينما لم يفرض أحد أي عقوبات من أي نوع على أميركا وحلفائها الذين غزوا العراق بدون أي تفويض أممي، كما عامل الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، روسيا وبوتين باستخفاف، فقد قال في خطاب الاتحاد في ديسمبر/ كانون الأول 2015: "نجحنا في احتواء إيران وروسيا واستنزاف مواردهما في سورية. ولدينا أعظم اقتصاد في العالم وأقوى جيش في العالم، والدول التي لديها مشكلات تأتي إلينا، ولا تذهب إلى أي دولة أخرى". وفي تصريح آخر، قال أوباما إن روسيا دولة إقليمية ودولة ريعية.

زاد هذا التعامل من عناد بوتين وعنفه، وبقية النخبة الحاكمة في موسكو. ولعل تمظهر شخصية بوتين، وميله إلى إبراز عضلاته وقوته الشخصية وحبه المغامرة هو التعبير الأبرز عن السياسة الروسية الجديدة اليوم. وقد شهدنا هذه العقلية في كل من الشيشان وجورجيا والقرم وشرق أوكرانيا، ونراها اليوم في سورية.


العوامل المتعلقة بالصراع
ضمن رؤية روسيا العالمية لدورها واستراتيجيتها في العالم، يشكل الصراع في سورية جزءًا من ساحة الصراع العالمية ولوحته، ولأن الخصم الرئيس لروسيا ورأس الحربة المعادية لها هي الولايات المتحدة، فإن سياسة أميركا تجاه سورية تعد باروميتر سياسة روسيا في سورية، وتسهم في الصياغة اليومية للمواقف الروسية تجاه الصراع. وقد شجع انسحاب إدارة أوباما من الإقليم بوتين على لعب دور أكبر في سورية والمنطقة.

تتبنّى القيادة الروسية إيديولوجيا معادية للحرية والديمقراطية، وترى أن الثورات الشعبية تؤدي إلى فوضى، وهي تقف ضد أي ثورة، وتؤيد الأنظمة المستبدة وتقف إلى جانبها. وقفت السياسة الروسية ضد الربيع العربي ككل، وضد الحراك الشعبي السوري العفوي الذي انطلق في مارس/ آذار 2011، لكنها اقتصرت، في السنوات الثلاث الأولى، على تقديم دعم سياسي ودبلوماسي وإعلامي للنظام، مع استعدادٍ لقبول إجراء إصلاحات يجريها الأسد. وبسبب الزخم الهائل للحراك الشعبي، وافقت على تطبيق مبادرة جامعة الدول العربية التي قدمتها في أكتوبر/ تشرين الأول 2011، على الرغم من تضمنها مبدأ انتقال سياسي، كما وافقت على إعلان جنيف 1 نهاية يونيو/ حزيران 2012، لإدراكها ضعف النظام آنذاك واحتمال سقوطه، فرأت في اتفاق البيان إمكانية لتشكيل سلطة انتقالية بمشاركة النظام.

لكن مرونة روسيا المحدودة هذه اصطدمت برفض الأسد وإيران أي نوع من الإصلاح. أما بعد ازدياد الطابع الإسلامي لفصائل المعارضة، وبروز مجموعات سلفية قوية، فقد أصبح دعم الروس أقوى لنظام الأسد. غير أن التحول في سياسة روسيا تجاه الصراع في سورية جاء بعد أحداث أوكرانيا في فبراير/ شباط 2014، ثم عندما تضعضع الوضع العسكري للنظام وحلفائه الإيرانيين في صيف 2015 تدخلت روسيا عسكريًا في 30 سبتمبر/ أيلول 2015. وأدى تدخلها إلى قلب الموقف عسكريًا لصالح النظام. ثم جاء التبدل في موقف تركيا بعد تأزم العلاقة مع روسيا، إثر إسقاط الطائرة الروسية والإجراءات الاقتصادية العقابية الشديدة التي اتخذها بوتين ضد تركيا، ثم بعد الانقلاب الفاشل والموقف الأميركي المشجع له ضمنًا، ليكمل تبدل المعادلة السياسية في غير صالح المعارضة، والتي بدأت التراجع العسكري وبالتالي السياسي. فكانت عملية أستانة التي ساعدت بها تركيا، وتسببت في إضعاف المعارضة عسكريًا وعودة سيطرة النظام على مناطق واسعة، كانت تحت سيطرة المعارضة، وخصوصا مدينة حلب، وجديد تجلياتها الهجوم الوحشي على الغوطة الذي يتوقع أن تتلوه هجمات مماثلة على مناطق المعارضة في الرستن وتلبيسة والحولة، ثم في شمال محافظة حماة وغربها وفي منطقة الغاب، وستتبعها درعا، وهذا كله ما لم يتم فرض وقف شامل لإطلاق النار في عموم سورية، وما زال هذا الاحتمال غير قريب، وتسرع روسيا والنظام إلى قضم أكبر مساحة ممكنة من المناطق المتبقة تحت سيطرة المعارضة، قبل أن يصبح هذا الاحتمال أمرًا واقعًا.

في المحصلة، وبفضل تدخلها في سورية، دخلت روسيا بقوة أكبر الى الساحة العالمية. وحققت لها قاعدتها العسكرية في طرطوس وجودا في المياه الدافئة شرق المتوسط. واستعملت روسيا سورية حقل تدريب للعسكريين الروس، وحقل رمي لتجريب الأسلحة الروسية، وقد أنتج هذا الأمر عدة صفقات لبيع صواريخ إس 400 إلى عدة دول في المنطقة. وقد شجعت هذه المكاسب الروس على تقديم الدعم الكلي للنظام، سياسيًا، ودبلوماسيًا، وعسكريًا وماليًا.

لسنا في حاجة للقول إنه لا علاقة لموقف روسيا تجاه الصراع في سورية برفضها التدخل في شؤون الدول ذات السيادة، فروسيا تدخلت في جورجيا وأوكرانيا، وهي دول ذات سيادة، وتدعم متمردين ضد حكومة شرعية. واقتطعت القرم من أوكرانيا بقوة السلاح.


مأزق روسيا
وعد بوتين الروس بأنه سينتصر في سورية سريعًا، كما انتصر في الشيشان وجورجيا والقرم. على الرغم من أن سورية أكثر تعقيدًا، وعلى الرغم من موقعها المطل على المتوسط، فهي أقل أهمية من القرم ومن أوكرانيا ومن جيورجيا ومن دول البلطيق السوفييتية السابقة. وسورية في النهاية جزء من استراتيجية روسيا الدولية، وتريدها ورقةً تقايض بها على أوراق أخرى بيد الغرب. ولكن شروط المقايضة لم تنضج بعد، ولا تعرف روسيا متى تنضج. ومن جهة أخرى، تعلم روسيا أنها تستطيع أن تكتسح مواقع المعارضة بوقت قصير، عبر زيادة كبيرة للقصف الجوي، لكنها تدرك أن هذا لا يخدم مصلحتها بإيجاد حلٍّ يحقق قبولًا غربيًا بحدٍّ أدنى، ولا يخدم قبول دول الخليج وأوروبا والمؤسسات الدولية في المساهمة في إعادة إعمار سورية بتكاليفها الباهظة، والتي قدرها البنك الدولي بأكثر من مائتي مليار دولار. وتعلم أيضاً أن زيادة التدمير المادي والاجتماعي سيجعل إعادة الاستقرار في سورية أمرًا بعيد المنال، وستبقى ثمّة حاجة لقوات روسية وإيرانية دائمة لحماية النظام.

تعلم روسيا أنها تخسر سمعتها في العالمين، العربي والإسلامي، بعد تدخلها العسكري في سورية، وهذا ما بينه عرض استطلاع الرأي العام العربي الذي أجراه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في 2016، وبين تحولًا سلبيًا كبيرًا في موقف الشارع العربي من موقف إيجابي إلى حد ما وسلبي محدود، إلى موقف سلبي كليًا بعد التدخل العسكري في سورية، بل بات 70% من العينة يرى أن روسيا تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.

لا تعرف روسيا حتى الآن كيف توفّق بين حل سياسي يرضي الغرب ويدفع أميركا إلى التفاهم معها، حل يجتذب أوروبا ودول الخليج للمساهمة في إعادة الإعمار، وبين خشيتها من أن أي تغيير في النظام سيؤدي إلى انهياره، وضياع مصالحها مع أي سلطة قادمة. ثم لديها عقدة إيران باعتبارها شريكا لديه مليشيات قوية على الأرض، والتي لا ترى سورية بدون الأسد، وهي تريد نصرًا مبينًا على المعارضة وسحقها من دون رحمة، مهما كانت التكاليف، من دون أي حل سياسي. كما تصطدم روسيا برفض النظام السوري لأي حل سياسي. وقد سعت روسيا إلى أن تمسك إيران بيد، وتركيا باليد الأخرى، والسعودية بيد ثالثة، علها تخلق "الخلطة" الملائمة للحل، واخترعت مسار أستانة ثم مسار سوتشي الفاشلين بديلا لمسار جنيف. ولا تستطيع روسيا تجاهل رغبة إسرائيل بإبعاد حزب الله، وأي وجود إيراني عن حدود احتلالها في الجولان، بينما تحتاج إيران للمتاجرة بهذا الوضع. وتعلم روسيا أن الولايات المتحدة تريد أن تغرق روسيا في الوحل السوري، لذا ساهمت بعرقلة الوصول إلى أي حل سياسي، ثم جاءت استراتيجية ترامب المعلنة أخيرا، لتخرّب على بوتين كثيرا مما حققه من قبل، ووضع حدود لمساحة تحرّك روسيا في سورية، وتعلم روسيا أن نقطة ضعفها تكمن في أن أميركا يمكنها، في حال تصعيد الصراع، أن تلحق خسائر كبيرة بروسيا وهيبتها بالسماح بتمرير صواريخ أرض جو إلى سورية. ولعل إسقاط الطائرة الروسية بصاروخ قبل أسابيع رسالة بهذا المعنى. واليوم أصبح لدى الولايات المتحدة الآن 13 قاعدة عسكرية وموقعا عسكريا في شرق الفرات، ولن تنسحب من سورية طالما كانت القواعد الروسية موجودة. وهذا يعرقل الوصول إلى أي حل سياسي يعيد وحدة سورية مستقبلًأ. وينتظر بوتين الوصول إلى تفاهم مع الأميركان حول سورية، ولكن يبدو أنه سينتظر طويلاً، فالأميركان ليسوا في عجلةٍ للتفاهم مع بوتين بشروطه، والبديل هو إغراقه في الوحل السوري، لكي يقدم تنازلًا في أوكرانيا، وهو غير مستعد لذلك. وكل هذا في النهاية تسابق بين جميع اللاعبين لإغراق سورية وشعبها في الوحل.


أخيرا
تحتاج روسيا إلى حل، ومستعدة لعقد صفقة، لكنها لا تعرف ما هي، أو لا تجد عناصرها حتى الآن، لكن شعورها بأنها في أزمة ضاغطة يتزايد كل يوم. على الرغم من أن كل ما تحتاجه للخروج من الوحل السوري، ووضع حد لأكبر مأساة في العصر الحديث بعد الحرب العالمية الثانية، هو أن تفكر بطريقة أخرى، مختلفة عما سبقها، فإعادة استعمال المبدأ نفسه، والأدوات نفسها، والمنهج نفسه، لن يعطي نتائج مختلفة، وهي نتائج كارثية يدفع الشعب السوري ثمنها الآن ومستقبلاً وستكون مشكلة لروسيا. وليس أمام روسيا سوى طرح رؤية جديدة، وصياغة حل يحقق جزءا من مصالح كل طرف، ولا يحقق كل المصالح لأي طرف، حل يقوم على تعاون واقعي بين أطراف الصراع لإنجاحه، حل قابل للتطبيق والديمومة، يعيد الاستقرار الحقيقي لسورية، بدلا من الاستقرار المفروض بالسلاح، حل يفتح آفاقا لإعادة وحدة سورية وإعمارها وبناء نظامها السياسي الديمقراطي التعدّدي الذي يعيد السلطة إلى الشعب. وفي الوقت نفسه، يحقق مصالح روسيا، ويلقى قبولًا معقولًا من مختلف أطراف الصراع في سورية. فهل هذا ممكن؟ إنه السهل الممتنع حتى الآن.

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
١٦ يناير ٢٠٢٥
من "الجـ ـولاني" إلى "الشرع" .. تحوّلاتٌ كثيرة وقائدٌ واحد
أحمد أبازيد كاتب سوري
● مقالات رأي
٩ يناير ٢٠٢٥
في معركة الكلمة والهوية ... فكرة "الناشط الإعلامي الثوري" في مواجهة "المــكوعيـن"
Ahmed Elreslan (أحمد نور)
● مقالات رأي
٨ يناير ٢٠٢٥
عن «الشرعية» في مرحلة التحول السوري إعادة تشكيل السلطة في مرحلة ما بعد الأسد
مقال بقلم: نور الخطيب
● مقالات رأي
٨ ديسمبر ٢٠٢٤
لم يكن حلماً بل هدفاً راسخاً .. ثورتنا مستمرة لصون مكتسباتها وبناء سوريا الحرة
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
٦ ديسمبر ٢٠٢٤
حتى لاتضيع مكاسب ثورتنا ... رسالتي إلى أحرار سوريا عامة 
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
١٣ سبتمبر ٢٠٢٤
"إدلب الخضراء"... "ثورة لكل السوريين" بكل أطيافهم لا مشاريع "أحمد زيدان" الإقصائية
ولاء زيدان
● مقالات رأي
٣٠ يوليو ٢٠٢٤
التطبيع التركي مع نظام الأسد وتداعياته على الثورة والشعب السوري 
المحامي عبد الناصر حوشان