
هل نحن في مرحلة "الامتصاص" أم "التفكك" جراء الهجمة العالمية علينا !؟
أجد نفسي في مرحلة التخبط الحالية التي تمر بها الثورة السورية جراء الهجمة العالمية عليها بشكل غير مباشر و العدوان الروسي الذي اتخذ الشكل العلني و المباشر ، بين مشهدين أحدهما خيالي مصطنع و الآخر عبارة عن أمر جرى و عاصرته قبل عامين في ظروف مشابهة تقريباً .
و لايفارق المخيلة المشهد من فيلم "باتيروت " عندما قاد "والس" (ميل غيبسون) ثورة ضد البريطانيين و في أهم المعارك طلب من الجنود الهدوء و الثبات في الوقت الذي كانت الخيول تتجه صوبهم لتسحقهم ، و باللحظة المناسبة أشهروا الرماح و قتلت الخيل و خياليها ، وكانت بداية الانتصار ، و انتقلوا من مدافعين إلى مهاجمين .
ذلك المشهد الخيالي كان ، في حين يعصف في رأسي المشهد الذي لمسته في معارك القلمون عموماً و التي اشتهرت باسم معركة "يبرود" ومن ثم "رنكوس" حيث كانت الفصائل حينها مترددة بالمهاجمة لفترة طويلة رغم اليقين بالتحضيرات ضدها و رغم ذلك لم تهاجم ولم تتحضر حتى ، و عندما بدأت الحملة ( المشابهة تقريباً لحملة ريف حلب الحالية) ظهر التشتت و التهرب من المسؤوليات و التحصن في المناطق الخاصة بكل فصيل و لم يقاتل إلا من رحم ربي وسط تقطير بالذخيرة و السلاح ، حينها سقططت المدن بشكل متتالي حتى انتقلت الفصائل للجبال و من ثم تبخرت و لم يعد لها مكان .
وسط هذان المشهدان تدور حالياً الملحمة في شمال سوريا ، التي تتعرض للابادة و الفناء بايدي الروس و صمت العالم بأسره الذي أقسى ماخرج به هو تنديدات و مطالبات بالتوقف ، و تسريب بضع صواريخ "غراد" التي لاتغني و لاتسمن من جوع ، في حين يواجه من على الأرض أعتى الطائرات و أقذر الصواريخ .
ليس وحده العالم من خاننا ، و انما عزوف الكثير من الفصائل عن القتال و الاكتفاء بأهل الدار بالحماية و الدفاع حتى الموت ، هو من يوغل في الصدور ، و لايمكن التبرير بقلة السلاح و الذخيرة و نحن على يقين تام بتوافرها في منطقة حررت منذ سنوات ، و تكدس السلاح فيها لتوقف شبه تام للمعارك هناك اللهم بعض الاستنزافات مع داعش تارة و مع الوحدات الكردية تارة أخرى ، ومساعى في بداية الحملة الأخيرة التي قادتها ايران براً و روسيا جواً .
لا يمكن لأحد أن يجد تفسيراً لما يحدث في ريف حلب ، و كذلك من غير المستطاع ترجيح أي مشهد من المشهدين (الامتصاص) أم (التفكك)، فاليوم عندما لاتدافع عن منطقة القريبة منك فإنك بالغد ستهرب من منطقتك و ستجد نفسك أمام خيارين إما الهروب إلى الجبال أو الانصهار مع داعش أو الاكراد .
اليوم حلب و ريف اللاذقية و بعدهما ريف حماه و ادلب ، لا أحد مستثنى أو بعيد عن متناول يد العدو الذي يجد من تقهقرنا "الكيفي" مجالاً رحباً لمزيد من التقدم و التقدم إلى ما لانهاية .