نقاش “الحجاب” أم تقبل “الأفكار” .. “منبج “ تطرح الحرية “الصفراء” بين تحرير نساء و اعتقال قيادي مدني
سيطر الهياج الفكري يوم أمس ، بعد انتشار صور لنسوة قيل أنهم من “منبج” خرجوا من سواد داعش إلى صفار قوات سوريا الديمقراطية، وعمت حالة الفرح بانتزاع الجلباب و حرقه ، ومُلئت الأعين بدموع الفرح من صور الأحضان التي تم تبادلها أمام عدسات الكميرا التي نقلت مشاهد الحرية ، لخصتها ببرقع تم نزعه و “سيجارة” تم اشعالها، في الوقت الذي كانت فيه ذاتهكانتالذراع الأمنيلنفس القوات، التي نشرت الحرية في منبج، تقوم باعتقالإبراهيم برورئيسالمجلسالوطنيالكرديأثناءوجودهفيوسطمدينةالقامشلي،فهذا النوع من الحرية ممنوع ، فكل ماهو مطلوب التغير الكامل و الشامل في بنية الشعب سواء أكان من الناحية القومية أم الايدلوجية، فالديمقراطية يعني لفظ الأفكار الاسلامية و استقطاب أفكار الديمقراطية و الحرية بالمظاهر الخارجية فقط.
الفرح ، السرور ، الابتهاج ، لمعان العيون ، مشاعر اجتاحت السواد الأعظم من متطلعي الحرية ، ليقينهم أنه تم التخلص من الفكر السوادي الذي لايتناسب البتة مع البيئة السورية التي تملك هويتها الخاصة، التي لايمكن أن تكون سوداء، و لكن في الوقت ذاته لايمكن اعتبار التخلص من السواد الداعشي شيء ايجابي اذا ما أيقنا أن الصفار القادم ليس بأفضل منه ، فذلك يدعو للوأد في الحياة و الخنوع التابع لرغبة الخليفة و الأولياء، هذا يدعو للانفلات الخارجي و الخضوع التام لرغبات الطموحات الاسطورية بدولة أمنية تقتل أبنائها و تطردهم اذا ما خالفوا رغبة “القائد”.
لخصت البروبغندا يوم أمس كل ما حدث في منبج ، أنه صراع جلباب و سيكارة تشعل و قهقهة أمام الكميرات، و جز لحية و ابتسامة عريضة من وجوه كانت بين فكي الموت، ولا تملك خيار إلا الموت، و اذا ما هَمّشتُ فكرة التلاعب بالصور و استخدام الممثلين و الكومبرس (رغم حتمية الأمر وفق دلائل علمية و عملية)، فان المشهد الذي تم اختزاله هو في غاية السوء ، و يبشر أن التغيير ليس يهدف إلى زج هذه القومية أو تلك في مناطق ليست بمناطقها و الغاء أسماء المدن ووضع أسماء “خزعبلية” ، فالأمر يسير إلى انهاء الهوية ككل ، و الغاء البيئة السورية السمحة الوسطية ، لكن المنضبطة الغير متفلتة، فلا النقاب و الجلباب الأسود هويتنا، لا التعري و نزع الحجاب هو من صلب عرفنا إذا ما أردنا ابعاد الدين عن النقاش رغم أولويته.
فالتغير بالبنية السورية بتحويل التركيز إلى الأجساد و الغاء الأفكار هو في غاية الخطورة ، و يعيدنا إلى استبداد من نوع جديد ، اذ كانت السيطرة في الماضي تقتضي من الحاكم تحويل التركيز من العقول إلى الأمعاء، اليوم نحن أمام الانتقال من الأفكار إلى الغرائز.
اليوم نشهد صراع على أشده، ضمن نقاش: هل لك أن تفرض الحجاب أو تفرض نزعه!؟
في حين تابعنا جميعاً ما قالته الصحفية في السي ان ان أمام مجلس الأمن، و التي كانت في سوريا و لبست الحجاب السوري، و لم تمتعض و لم تعترض على البيئة بل احترمتها، كما أنها لم تقل أن المشكلة في الحجاب ، و إنما ركزت على أمر وحيد أن الشعب يريد أن يحظى بفرصة للعيش و يتبادل الأفكارو ليس نزع الحجاب.
بين الفرح بنزع الجلباب و السكوت عن اعتقال “برو” يتلخص المشهد كله في أننا أمام معضلة في العقيدة التي ستحكم المستقبل ، والتي ستضرب اسس تعتبر من صلب الدين و العادة و العرف و التقاليد، بالتالي البنية العامة للشعب السوري.