
مضايا في "MBC" تحرّك العرب و تبكيهم !؟
انتشر ، أمس و اليوم و سيستمر لأيام ، بشكل كبير مقطع من الموسم الجديد لأحد برامج الهواة المسمى بـ"ذا فويس كيدز" الذي تبثه قناة ان بي سي ، تظهر فيه فتاة سورية تغني "عطونا الطفولة" و التي تفاعل معها الجمهور العربي وبكى و تأثر و كما يقال "اندمل" قلبه .
لاشك أن الذوق العربي المقلوب و الغبي ، يبكي من دموع طفلة على مسرح ، تلبس ما يجعلها فاتنة ، وتحيط بها الانارة من كل جهة ، ويقف خلف الجدار أهلها يبتهلون كي تنجح ، مشهد درامي جميل و يدفع للسرور ، الافتخار ، من الممكن الغبطة أيضاً أن الفنانين تهافتوا عليها و حضنوها ، و لملموا دموعها ، و ندبوا معها و نددوا من منع عنها "الطفولة" و طالبوا معها بـ"أعطونا الطفولة"... انتهى المشهد و اسدل الستار ، و انتشر المقطع آلاف المرات و المرات ، وكان كالنار التي تشب في محصول قمح لفحته الشمس حتى بات أصفراً كامدا.
لكن لحظة صغيرة بعد الاغلاق ، هل تابع هذا الجمهور أنين وبكاء المتألمين ، لن أقول ألماً من جرح أو فقد طرف ، أم الدخول في قائمة اليتامى ، و إنما جوعاً .. نعم جوعاً و عوزاً و برداً ، في جو مظلم أمام بقايا أرض ، يتابعه المئات من المجرمين السفاحين ، معدومي الصفات البشرية ، و عندما يقترب من نهاية صراع الموت ، يرميه برصاصة النهاية ، لتكون جائزة الترضية لعدم السماح لهم بالحصول على عُشيبات تبعد الموت سنتيمترات عن الأجساد الهزيلة.
في الوقت الذي ترنح الجمهور العربي أمام دموع فتاة أصيبت برهبة المسرح أو غصة منفى و ربما فرحة غامرة ما ، هناك العشرات يغيبون عن الوعي بسبب خواء الأمعاء ، و فقر الدم للمغذيات ، و تهالكت أعضائه حزناً على الأعشاب التي غطاها الثلج ، الضيف البليد على أرض تعرف موته جيداً.
في التلفاز هناك من بكى مع أطفال السوريين المبدعين ، وفي الواقع يبكي أطفال سوريين أبدعوا في صبرهم و جلدهم في مواجهة ما يعجز عالم بأسره عن تحمل لحظة واحدة ، وعاجز عن ادخال حبة رز ، و لكن جاهز و حاضر لنقل المئات و تهجيرهم من أرضهم و استبدالهم بغيرهم ، و لكن المهم أن لا يبقوا في الأرض التي نبتوا بها و صمدوا فيها .