لا يزال هناك من يتغنى بمحور المقاومة والممانعة
لا يزال هناك من يتغنى بمحور المقاومة والممانعة
● مقالات رأي ٩ يوليو ٢٠١٦

لا يزال هناك من يتغنى بمحور المقاومة والممانعة

في ظل انتشار الإعلام غير المحدود، وعبر سنوات الثورة السورية، كُتبت عشرات الآلاف من المقالات والتحليلات التي تعبر عن موقفها المتوافق أو المعادي للثورة، وهذه مسألة طبيعية، ما دام هناك طرفان معاديان يتصارعان، فلا بد أن تقف الأقلام إلى جانب هذا أو ذاك، لكن القارئ يتوقف أحياناً أمام بعض ما يُكتب، فيحرضه على التساؤل والتفكير بالرد  المناسب..

وهذا ما حدث معي حينما قرأت مقالة بعنوان " مصير داعش يحسم في سوريا… وكذلك مخططات شركائه " للدكتور عصام نعمان الوزير اللبناني السابق، والقانوني البارز، وحالياً والرئيس الحالي للمجلس المركزي للحركة الوطنية للتغيير الديمقراطي "..

المقالة قرأتها في شبكة شام الإخبارية، وهي منقولة عن جريدة القدس العربي.. وأقول الحق إنني تفاجأت وتساءلت، كيف أن الشبكة، وهي المشهود لها بمواقفها الثابتة ضد النظام السوري، والمؤيدة للثورة السورية، بل تُعد جزءاً من الثورة في المجال الإعلامي.. كيف قامت بنشر المقالة، مع أنها تحمل بشكل موارب فكراً معادياً للثورة السورية، ومتعاطفاً مع نظام الأسد والمحور الذي يقف إلى جانبه ويساهم معه بقتل الشعب السوري من روسيا إلى إيران وحزب الله والميليشيات الأفغانية والعراقية المذهبية.. لكنني التمست العذر للشبكة، ففي زحمة المتابعة والعمل المتواصل، لابد من الوقوع أحياناً في مطب السهو والتقييم غير السليم.. وهذا ما يحدث مع مئات الجهات الإعلامية..

على كل حال، بعد تجاوز هذه المسألة، والالتفات إلى مقالة د. عصام نعمان، فقد ظهر لي أولاً أن المقالة ضعيفة في صياغتها الحِرفية، وتعتمد في إصدار الأحكام على مواقف مسبقة، مع أن كاتبها يُعد من الشخصيات السياسية والحقوقيين البارزين.. والملفت هو أن المقالة نشرت في العديد من الصحف والمواقع، وربما يعود السبب يعود في جزء منه إلى أن د. عصام نعمان شخصية لبنانية معروفة، وحقوقي على مستوى عربي وعالمي..

ولكن الملفت أيضاً أن أغلب الجهات الإعلامية التي نشرت المقالة تنهج منهج الأحزاب القومية واليسارية والمذهبية التي وقفت موقف المعادي من ثورة الشعب السوري، ومنها جريدة البناء اللبنانية التي لا تختلف في توجهاتها الحاقدة على الثورة السورية عن قناة الميادين أو أية جهة إعلامية رسمية تابعة للنظام..

والمعلوم أن  ناصر قنديل يكتب مقالاً أسبوعياً في هذه الجريدة " البناء "، وأظنه يرأس تحريرها.. والكل يعلم من هو ناصر قنديل، فهو عبارة عن بوق عالي النبرة يستخدمه النظام السوري في كل مناسبة وكل حين، وقد كتب قنديل مقالاً في الجريدة المذكورة منذ نجو أسبوع، عنوانه "  العثمانية  والاتحاد الأوروبي جناحان مكسوران للإمبراطورية الأميركية "، وهي مقالة تتقاطع في بعض مضمونها مع مضمون مقالة نعمان.. من هنا يمكن القول: إن مقالة نعمان ليست بريئة على الإطلاق من وجهة نظر الشعب السوري المنكوب..  

  يبدأ الكاتب مقالته بصياغة فقرة تذكرنا بأسلوب الأساطير أو الكتب الوضعية المقدسة عند بعض الشعوب، حيث يقول: لفظ فلاديمير بوتين حكمه على «داعش»: حسم مصيره في سوريا ميدانياً. حيثيات الحكم الضمنية وفيرة: كَبُر «داعش» وتجبّر وأصبحت له ذراع طويلة تطاول كبرى العواصم والمرافق في شتى أنحاء العالم " .

ثم يقرر الكاتب " أن التعاون قائم ومتفاقم بين داعش والولايات المتحدة وتركيا.. هؤلاء باتوا شركاء في توليف وتنفيذ مخططات وعمليات في عمق سوريا والعراق.. " .. أما أدلته وبراهينه على التعاون المزعوم فهي تحوّل " الحدود التركية – السورية على مدى نحو 900 كيلومتر مدخلاً لإمرار الرجال والسلاح والعتاد لتنظيمات شتى.. "  

وهذه التنظيمات الإرهابية المدعومة من تركيا، كما يقرر الكاتب، جاءت " لتقاتل جيشيّ سوريا والعراق.!!. ويتوقع أو يتنبأ.!! بأنه سيَحدثُ انخراطٌ روسي متزايد في معمعة الحرب في سوريا وعليها، سياسياً وعسكرياً، وتعاونٌ أوسع على هذين الصعيدين مع سائر أطراف محور المقاومة "..

وهنا يتبين أن الكاتب ينتمي بشكل شبه صريح إلى " محور المقاومة والممانعة " الذي يتشكل من إيران وحزب الله والنظام السوري، ومن معهم من الأحزاب اليسارية والقومية، كالحزب الشيوعي والقومي السوري، والذين انخرطوا بشكل فاضح إلى جانب الحرب ضد الشعب السوري وثورته.. من هنا لا نستغرب أن نشاط د. عصام نعمان الذي يرأس المجلس المركزي لـلحركة الوطنية للتغيير الديمقراطي، يتجسد في الداخل اللبناني على التلاقي والتحاور مع الحزب الشيوعي والحزب الناصري بقيادة اسامة سعد وغيرهم، ممن يقفون علناً مع للنظام السوري، ويرفعون راية المقاومة والممانعة، هذه الراية التي استُهلت حتى تمزقت وتمزقت، ولم تعد تقنع أحداً سوى حامليها..

أما قناعة الكاتب بأن الولايات المتحدة تقف ضد نظام الأسد فهي عنده قناعة راسخة ومؤكدة، مع أن القاصي والداني يعرف جيداً أن إدارة أوباما وقفت من ثورة الشعب السوري موقفاً خبيثاً، فهي لفظياً تدعي الوقوف إلى جانب المعارضة، أما عملياً وعلى أرض الواقع، فهي التي أطالت عمر النظام وشجعته على تدمير سورية وقتلِ مئات الآلاف وتشريد الملايين، وهي الآن أشد وضوحاً في وقوفها إلى جانب الأسد وتريد أو تسعى مع روسيا وغيرها لكي يبقى على العرش السوري إلى الأبد، إن لم نقل إنها تعمل على تمزيق سورية إلى كانتونات هزيلة، تتصارع فيما بينها..

وللتأكيد على وقوف أميركا ضد الأسد يأتي الكاتب بحجة لا تغني ولا تسمن من جوع، فهو يرى أو تبين له " ان السبب الرئيس، وليس الوحيد، لوقوف ادارة اوباما موقفاً معادياً لحكومة الاسد هو رغبتها في تعويض اسرائيل خسائرها جرّاء اتفاقها النووي مع ايران ومخاطره على أمنها القومي " أما تعويض إسرائيل الذي يراه نعمان فـ " يكون في محاولة إضعاف حلفاء ايران، سوريا وحزب الله اللبناني، بطريق إدامة الحرب في بلاد الشام لاستنزاف مكوّناتها الوطنية والاقتصادية والعسكرية.. "..

ومع احترامنا للدكتور عصام نعمان، فإن هذا البرهان على إثبات عداء أميركا للأسد، لا يقنع أحداً، لا سيما وإن الكاتب نفسه يتمنى متسائلاً في نهاية مقاله بعد أن يتحدث عن الشراكة العسكرية الجديدة بين أمريكا وروسيا، " هل يتشارك القطبان الدوليان لحسم مصير «داعش» في سوريا؟ "..

لا شك أن هناك العديد من الملاحظات على مقالة نعمان التي تستدعي التوقف عنها، ولكن حسبنا إشارات مختصرة التالية:

يتبين للمطلع على المقالة أن الصراع في سوريا هو بين محورين اثنين: محور المقاومة والممانعة ضد العدو الصهيوني..!!.. ومعهم روسيا، والمحور الثاني يتكون من الولايات المتحدة وتركيا ودول الخليج وداعش.. نعم داعش..!!.. أوليس نعمان هو القائل: إن التعاون قائم ومتفاقم بين «داعش» والولايات المتحدة وتركيا.."  أوليس هو الذي يقول عن داعش " له شركاء دوليون وإقليميون أقوياء وأثرياء يزودونه المال والسلاح والدعم السياسيين " ويقصد بذلك أيضاً بعض الدول العربية ومنها دول الخليج

الملاحظة الثانية، أن الكاتب لم يشر لا من قريب أو بعيد إلى دخول ميليشيا حزب الله وقوات إيرانية من الحرس الثوري، مع ميليشيات أفغانية وعراقية، لأن هذه الميليشيات في رأيه هي من قوى محور المقاومة..

والملاحظة الثالثة: في نظر الكاتب، لا وجود للشعب السوري ولا المعارضة ولا يوجد قصف بالأسلحة الفتاكة، ولا قتل وتدمير وتشريد.. فقط في سورية يوجد محور الشر المتمثل في داعش وجبهة النصرة والفصائل المتعاونة معها، ومحور الخير المتمثل في قوى المقاومة والممانعة، والذي يضم نظام الأسد وإيران وحزب الله وأحمد جبريل و " قيادته العامة " ولواء القدس الفلسطيني الذي يقاتل في حلب إلى جانب النظام.. هذا المحور يهدف لمحاربة إسرائيل وتحرير فلسطين ولكن لكي يتحقق النصر المبين، لابد أن  يمر هذا المحور عبر القصير والزبداني وحلب وغيرها من المدن السورية المدمرة.!!!..، 

والملاحظة الرابعة: يؤكد الكاتب، اعتماداً على ثقته العمياء بقوة روسيا وقوى محور المقاومة، أن مصير داعش سيحسم في سورية، ونحن نتمنى ونعتقد أن مصير داعش ونظام الأسد وروسيا وغيران وحزب اللهن سيحسم في سورية، ولكن بإرادة الشعب السوري وصبره وتصميمه على النصر..

  

المصدر: شبكة شام الاخبارية الكاتب: عبد الرحمن عمار
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ