كيف نواجه "بغي" جبهة النصرة !؟
يخطئ الانسان أحياناً ، و يصب خطئه في قالبه "الشخصي" ، وضمن محدودية الآثار على الجمع المحيط به، و لكن عندما تضع نفسك في مقام عالي و تنصب شخصك أو مجموعة على أنك حامي الحمى ذو مهمة دينية عالية، فالخطأ هنا أكبر و أشد إيلاماً سواء لمسؤولياتك التي قررت حملها أو للهدف الذي ارتضيت حمايته و الوصول إليه، دون أن يكون هناك ورقة تكليف رسمية أو شعبية ذات إرادة حرة.
تقع جبهة النصرة في كل مرة في مطب من مطبات العمل المدني و التداخل في شوائك الحياة العسكرية، وقلب المعادلة في الآرض بسيف القوة ، ويبدو أن هناك من يدأب على زرع الرفض الشعبي لها مستقبلاً، و إن كان هناك قبول حالي فهو وقتي تبعاً لمعطيات الظرف ، المتمثل بحجم الألم المتولد عن النظام و حلفائه، ففي الأرض مدنيون لا يملكون ميزة أو رفاهية إختيار السلاح المدافع عنهم، و مع غياب الخطر على الروح فإن الآية ستتغير بشكل كبير، بخلاف كل ما يخطط أو يُعمل عليه، و لا يوجد استبداد يستطيع السيطرة على الأرض بالسيف و النار ، فدوامهما مستحيل.
فبعد التجارب الـ١٣ للفصائل التي تم انهائها من قبل جبهة النصرة و ارتفاع العدد إلى ١٤ بعد انضمام جيش التحرير إلى القائمة، يبدو أن خط التمدد من قبل النصرة هو قطار سيمر على الفصائل، سواء التي تعتبر جزء خفي من النصرة أو بعيد كل البعد عنها، و الغريب هو الاستهتار النابع عن خوف أو أنانية من قبل الموضوعين على القائمة، اتجاه ما تقوم به النصرة اتجاه فصائل الجيش الحر.
الصامتين على تصرفات النصرة يمثلون قطيع من الغنم يقفون أمام جزار يتلاعب بهم، بانتظار لحظة مواتية لإنهائهم، هذه اللحظة التي تأتي بعد كل انتصار أو بطولة للنصرة لتفرّغ الساحة من فصيل من أبناء الشعب، لا هدف له بأن يتحول الشعب المكلوم لمحارب عن مجتمع بأكمله، لم يتحرك ساكناً أمام أنهر دمائه التي مُلئة الأرض.
قد ينتفض كثر ضد ما نقول أو نتحدث عنه، و لكن يبقى تبيان الواقع أفضل من الصمت بحجة الخوف من ردة الفعل التي قد تودي بحياتك أو حياة من هم على قرب منك، فالقضية ليست قضية فلان من الناس مع مجموعة من الأشخاص ، لكنها هي قضية سوريا المستقبل ، الذي يتحدد الآن من خلال الخيارات التي تضيق على الأرض بعد الابتلاعات المتتالية و غير مضبوطة.
لا يمكن انكار دور النصرة الحالي في احداث الرد الجزئي على كم الاعتداءات اللامتناهي من أعداءه، و لكن في الوقت ذاته لا يمكن أن ننسب هذا الفضل في مجمله لفصيل بعينه، فهو ضمن عمل جماعي يلعب كل جزء منه دور بارزاً و مهماً في أي نتيجة إيجابية، من حلب للساحل و عودة إلى بداية الرد في وادي الضيف وصولاً إلى تحرير ادلب.
التفرد و انكار الجميع قد تكون حالة تمنح النصرة حالياً ميزة للتفوق على الأرض، و لكن ليست ذات استمرارية فحكم الشعب لا يكون بالإلغاء و الانهاء لكل مخالف، و إنما باستيعابه و الذوبان فيه و قبوله كما هو .
و آلاف الأسئلة تضرب في الرأس بحثاً عن مبرر يمكن أن يستخدم لتخفيف الحنق ضد تصرفات "النصرة"، و أبرزها ماذا لو النصرة حلت المشاكل مع حزم و الفرقة ١٣ و جيش التحرير من خلال لجنة حل مقبولة من الجميع، و ماذا لو لم تعتبر كل أخطاء النصرة من اعتقالات و كم الأفواه تحت بند "الأخطاء الفردية" المعفو عنها، ويبقى السؤال الأهم كيف نواجه "بغي" جبهة النصرة !؟