
"كي لا ننسى حلاوة الفجر ... "
في مثل هذا اليوم ، بزغ به فجر ثورة ليسطع بعده شمس سلطت وما زالت تسلط أشعتها على دفائن كثيرة تحت ظلماء الفساد والعمالة ضمن كذبة "خندق ومحور الممانعة والمقاومة "...
ففي يومنا هذا دبابات ايرانية تدخل الاراضيَ العراقية، وسط امر بات اعتيادي ولا يجسد تحولاً لم يحصل منذ أكثر من 1400 سنة.!!؟
تماما كما حصل ويحصل من تدخل إيراني في سورية منذ تطورات آذار 2011 "ثورة الكرامة السورية" بعد غضب شعبي ضد حثالة مافياوية من قادة وعناصر أمن و اقتصاد اقتات من دم وعرق الشعب.
رفض يومها بشار الأسد أن يرضخ لمطالب بسيطة ، لم تطله بكامل نظامه .. فالبداية لم تتضمن إلا صداح بالحرية في سوق الحمدية ، تلاه مطالب الإفراج عن معتقلي الرأي أمام وزارة الداخلية، ومنهم أطفال درعا، جميها رُفضت بشراسة الأمن و آلية القمع .
تلاه طوفان الفزعة الحورانية من درعا ليسجل التاريخ السبب المباشر للانتفاضة الشعبية ، عندما طالب أهالي درعا بأطفالهم الأمر الذي استعصى عليهم ، فكانت الشرارة التي اشتعلت جراء قهر سلطات الأمن لأباء الأطفال ومحاولة خدش لشرفهم، ظناً من عاطف نجيب " رئيس الأمن السياسي بدرعا و إبن خالة الأسد " أن الشعب سيرضخ وإن اضطر لإعادة حماه 82، لكن لم يرضخ وكانت الشرارة التي طالت فيما بعد النظام بكامل جسده من قاعدته الأمنية والمخابراتية إلى رأسه العميل راعي و مُتغني شعار العروبة بينما كان هو نفسه (رأس نظام الأسد) متحالفاً مع الفرس بقليل من الوضوح مغلفاً التحالف بكثير من شعارات الإسلام والعدوان لإسرائيل، بينما سراً كان الغزل يتطور لعلاقات تعزز طائفية دفينة وحلف خراب وإحتلال للمنطقة.
الشعارات كانت وما زالت كاذبة ووهمية من مبدأ الدكتاتورية الأسدية: "اكذب اكذب حتى تصدق ويصدقون" لكن سرعان ما كشفت أشعة آذار السوري تلك العلاقات في الغرف المغلقة كما كشفت عدم وجود مبرر لـ40 عام مهادنة للعدو إلا التشبث بالكرسي لقاء خدمة لمصالح المافيا العالمية!!
كسر الأحرار السوريين حاجز الخوف وضربت النخوة الدرعاوية و مناصرة معظم المدن السورية ، سد الكبت الحريات الذي امتد طوال 40 عام ، وفشل الأسد عبر ما يقارب العام ونيف في إسكات صوت الشعب، فكان يزيد باستخدام القوة المفرطة حتى بات الشعب مع تراخي أخوته العرب ومجلس الأمن الدولي ، الذي أكثر ما قدمه كلام نقل من مجرى السطر على الورقة إلى هواء الإعلام.
بات الشعب الثائر أمام خيار الدفاع عن النفس أو التراجع لحفرة كبت الحريات أي قبر الثورات وبالتالي قهر وكبت أكثر مما كان عبر عقود أربعة من الزمن، لكن كيف لمن تذوق حلاوة الحرية أن يعود لحفر الجهل والخوف!!؟
ظهر فشل وغباء واضح لنظام الأسد جراء ارتباكه فهو لم يتوقع هذا الصمود من شعب كان يخشى المرء منه أن يكلم زوجته بالسياسة بل وحتى نفسه خشية أن يصبح في طوابق ما تحت الأرض، فبدأ الدعم من الحلفاء وأصحاب المصالح لنظام العمالة.
بداية قدم الدعم السياسي من المستشارين الروس وفيتو مجلس الأمن، وبدأ يظهر للعلن التدخل الإيراني في سوريا متعدياً شقيه السياسي والاقتصادي وإدلافه جناحه في المنطقة "حزب الله" للمشاركة بقتل وقمع الثائرين السوريين مبرزاً الدعم العسكري بالجند والعتاد وأخرها زج القادة الإيرانيين لقيادة المعارك في الأرضي السورية، هكذا وبعد الدعم وضمن فترة بدأ بها الجمع الثوري يتشتت، بينما غباء وارتباك نظام الإجرام كان يقومه الدعم اللامحدود مقابل بيع كلام في الهواء للجموع الثورية.
ضمن تلك الفترة كانت بداية الليل المظلم ليسرق نظام الأسد ومن خلفه من السوريين أحلامهم وطموحاتهم بالحرية و دولة العدالة التي تسودها المحبة بين أبنائها، فطبخت مؤامرة الإرهاب بتلك الفترة وأصبح كل شيء يعنون "بعبع" الإرهاب ومحور الاحتلال أو "المقاومة" كما يدعون جاهز للمراوغة والمماطلة ضمن مضمار الدول المحاربة للإرهاب والإرهابين.
لينسى الجميع فظاعة حجم القتل والدمار التي يتعرض له الشعب لم يكن أخرها القتل دون دماء في غوطتي دمشق حيث بساعات زهقت أرواح أكثر من 1500 إنسان ليحول نظام الأسد سوريا الفتوحات الإسلامية ومنارة الحضارات وأبجدية الإنسان إلى أرض محتلة وكأنها مرتعاً لإيران ومن يتبعها من مرتزقة ومليشيات وأحزاب طائفية أشعلت المنطقة بتدخلاتها الاستعمارية فكان المشهد الأخير ادخل رتل الدبابات الإيراني للعراق بقيادة قاسم سليماني وبغطاء جوي أمريكي يشبه غطاء سلاح الجو الذي كان في الجنوب السوري من قبل طيران نظام الأسد في محاولة لجر الثورة من مهدها لكن جبهة الثائرين في الجنوب كانت لها كلمتها.
بالتالي يطرح سؤال، هل وضحت أو زادت وضوحاً السياسة العالمية
هل اتضحت نقطة التقاء المصالح بين من يبدو أنهم رؤوس متناحرة .. على ملف نووي؟! بينما هم شركاء بمصالح الخراب والاحتلال للمنطقة ناهيكم عن نهب ثروتها وكل هذا على حساب وئد ثورة ولدت يتيمة وما زالت، ومن بين الدافنين يصدح صوت انتصار بين الحين والأخر للموؤدة أنا مازالت مستمرة وأقاوم فهناك من هو صامد رغم البراميل المتفجرة وحصار عامين لا يبلل شفاه أهله أحيانا إلا بضع ملاعق من حساء الشوربا، حتى الأرض بوسعها ضاقت باللاجئين السوريين فعجزت المنظمات العامية والأممية ولو مرابح النفط وجزء من إزدهار الدول المتقدمة عن سد رمق اللاجئين أو حتى تدفئهم من عواصف الصقيع الشتوية، رغم محاولات لا تنكر لكن غير كافية ولا حتى 50 بالمئة.
أخيراً المقال ليس بأطول من ثورتنا بل نسبياً قصير جدا أمام ما كشفته، ومازالت الثورة المستمرة فمن مازال صامدا كشف زيف التصريحات وغوغاء السياسة ومازال متمسكاً بهتافه "يا الله مالنا غيرك يالله".