
في ليلة الحرب الأخيرة .. حرب أخرى تتحضر و موت آخر قادم على شكل "هدنة"
قد يكون من العبثية متابعة الساعة و البدء بعد الساعات المتبقية أمام الهدنة المرسومة من قبل الروس و الامريكان التي ستبدأ بعد ٢٤ ساعة تقريباً ، وسط غموض يخيم على الأجواء سواء من قبل الراسمين أن من قبل المعنيين بها .
رمى نظام الأسد في البركة اول الحجرات التي تنبئ أن ما سيحدث هو قتل علني و منظم ، بشكل لن يحظى بأن رفض أو استنكار من أحد ، و إنما سيتم تلافي مسالب التجربة الروسية طوال الشهور الأربعة الماضية ، و الدخول بحرب الابادة النهائية بقرار من مجلس الأمن يتم التحضير له على عجل و يتوقع صدوره مساء الغد قبل وقت قصير من الهدنة ، يقضي بالزام الجميع بالهدنة وفق مفهومها الروسي الأمريكي ، و كل ما سيحدث في هذه الهدنة المحددة لمدة اسبوعين عبارة تطبيق دقيق للاتفاق ، و كل ما سيتم استهدافه هو "ارهابي" تابع لاحد ما داعش أو نصرة أم مجموعات ارهابية .
يحصد المتابع للمتواجدين على الأرض المحررة في سوريا كم هائل من اليأس ، ما يكفي لأن يغتاله شعور بأنهم مودعون في القريب العاجل ، ويلتمس في بحة صوت الأهل في الداخل أنهم باتوا على لوائح الموت الدولية كمجرمين و متمردين أمام نظام شرعي يجب أن يستعيد كل الأمور و المقاليد ، ولامكان للتخلي عن شبر واحد من الأرض ، خلافاً لألعوبة "التقسيم" التي تم العزف عليها طوال السنين الماضية .
رغم سوداوية المشهد ، و ازدياد قتامته مع ادراج داريا ضمن قائمة الازالة ، لايزال هناك بعض العابثين هنا و هناك يعزفون على وتر التدخل و قلب الطاولة في اللحظة المناسبة و اعادة الأمور لمجراها لتصل لخواتيمها المتمناة ، ولكن هذا الكلام الذي بات من الماضي و عبارة ثغاء لايجدي و لاينفع ، فالجميع ظهر على حقيقته و حجمه الطبيعي ، و بات من يشاركهم ذات الرؤى و يجلس على قارعة الانتظار ، شريك بشكل أو بآخر .
في هذه الليلة التي من المفروض أن تكون الأخير ، تملئ سماء الشمال حالياً أكثر من ١٥ طائرة حربية روسية و مثلها تتجول في حمص و دمشق و درعا ، باحثة عن أي حركة ، و ترصد و تحضر لمابعد بدء الهدنة ، التي تنذر بأنها ستكون "هدمة" لما تبقى من حجر و بشر ، لتسليمها للنظام ليتابع سلطته على ركام و أشلاء شعب بأكمله .