"فتح الشام" : القاعدة الجديدة الموجهة ضد الروس .. فهل نحن أمام بن لادن على شكل "الجولاني" !؟
"أعتقد أن بوتين يدرك أنه في ضوء كون أفغانستان لا تزال حاضرة في ذهنه فإن الخوض في مستنقع صراع أهلي غير حاسم ليس النتيجة التي يتطلع إليها"، يبدو أن في هذه الكلمات التي قالها الرئيس الأمريكي باراك أوباما في نهاية العام الماضي و بعد أشهر على بدأ العمليات العسكرية في سوريا ، ليس عبارة عن كلمات في الهواء ، إذ في التصريح ذاته كان هناك ثقة لدى أوباما بانضمام روسيا للتحالف الدولي ضد داعش ، و لكنه أتبعها بتحذيرات تذكر بالكابوس "الأفغاني".
المشهد مختلف تماماً بين أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي و سوريا في الوقت الراهن ، هذا الاختلاف الوقتي و العملي لم يغير كثيراً في بنية الصراع بين روسيا و أمريكا ، اذ لم يشهد صداماً مباشراً، بل كان هناك ساحات شهدت صدامات غير مباشرة عبر أدوات يتم تجهيزها لهذه الغاية .
منعاً للإطالة و دخول في صلب الموضوع ، فنحن اليوم نقف على أعتاب مرحلة جديدة من الصراع الأمريكي الروسي، هذه المرحلة التي يتحضر لها الطرفان بإيجابياتها و سلبياتها، و يضعون بدلاً عن الخطة الواحدة خططاً عديدة، فالخطة السياسية التي تبدأ بداية الشهر المقبل يبدو أن حظوظ نجاحها ضعيفة لانعدام الثقة بين الطرفين ، و ماهي إلا مناورة لاستكمال كل طرف تحضيراتها للانتقال للمرحلة القادمة، و التي ستكون حرب من نوع آخر، و تشبه تلك التي حدثت في الثمانينيات القرن الماضي في أفغانستان.
و طبعا الاختلاف الزماني بين المعركتين (أفغانستان – سوريا) ، يتطلب تغير بالمسميات وإنشاء كيانات أكثر قدرة على الحركة و التأقلم مع المحيط المتغير (جيوسياسي – عسكري- تقني) ، و توليد قيادات جديدة من النوع الجذاب (عمرياً- شكلاً – فكراً) ، فاليوم نحن أمام مرحلة نسخ القاعدة بالشكل الذي وصلت إليه مع أيمن الظواهري، و ما رافقها من ترهل و ضعف ، وانطلاق "قاعدة" جديدة تماماً بوجوه شابة تذكرنا بشهر آب من عام ١٩٨٨ عندما خرج أسامة بن لادن ليقول للعالم أن هناك راية شاملة للجهاد الإسلامي قد ولدت و ستبدأ عملها في أفغانستان لتحريرها من الماركسيين الملحدين ، وذات الأمر فعل بالأمس "الجولاني" و حدد الأهداف بالشام كهدف مرحلي و أبقى الأهداف الأخرى لمرحلة متقدمة.
إذاً التطورات المتسارعة و شراهة الروس في قضم المناطق لصالح الأسد، ولاسيما حلب، لن يكون بلا رد فعل ، فالخطة تقضي بإيجاد تشكيل عام و شامل يحظى بقبول نسبي لدى الدول ،والأهم يمكِّن الدول الأخرى من تقديم الدعم له دون حاجة للرهبة من الإرهاب ، يتزامن ذلك مع تأسيس كيانات سياسية ظاهرية كـ"طالبان" على سبيل المثال، و كل ذلك سيسير وفق عملية الانتقام من روسيا ، و كسر شوكتها ، وعدم تمكينها من الخروج منتصرة، فهذا يعني انتهاء سلطات أمريكا الغير محدودة ، وتتحول لشريك في إدارة العالم الأمر الغير مناسب لنهج و أفكار أمريكا.