
روسيا "المجرمة" .. مناورة "الانسحاب" ليست صك "براءة" و يجب محاسبتها
الآن و بعد هدأت العاصفة العاطفية التي خلفها قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المتعلق بسحب الجزء الأساسي من قواته التي اعتدت على الشعب السوري ،لابد أن لاننجرف و نعتبر أن ذلك بمثابة صك براءة لما فعلته طوال الشهور الخمسة الماضية ، و في نفس الوقت أن لا نستسلم لعواطفنا و ننجر بعيداً ْن كونه أشبه بمناورة جديدة من روسيا لمزيد من الابتزاز و تحقيق مصالح اضافية من قبل دولة اعتاشت على دماء البلدان و الشعوب .
مرت الساعات الـ ٤٨ الماضية مليئة بالتحليلات حول ايجابية الانسحاب و رسائله في حللت عقد الملف السوري و ايصال السفينة إلى بر الآمان ، مع بعض الاستهزاءات و التشفي بنظام الأسد و موالوه ، التركيز على الجانب المضيئ من القرار المتخذ من دولة لاتعرف العهد و الوعد ، بل هي منبع النكص و الخداع .
و فات الجميع أمر في غاية الأهمية ،والمتمثل بأن الانسحاب الروسي ،حتى لو تم بشكل فعلي ، هو صك براءة لها مما اقترفته في سوريا من جرائم تفوق جرائم الحرب التي شهدها التاريخ ، أم هو وسام جديد سيوضع على صدر السفاح الروسي ، على اعتبار أنه ماكان ليلتزم الجميع في الجلوس على طاولة المفاوضات لولا تدخله بهذا الشكل ، ونكتفي بوضع ما ارتكبه من فظائع في خانة بشار الأسد الذي منح المجرم الروسي "حصانة" و رفع مسؤولية بناء على اتفاقية العدوان .
التباهي الروسي بالتدخل و كذلك بالانسحاب المتزامن دوماً مع نكران أي جريمة ارتكبها ، يدفع السوريين الذي فقدوا عوائلهم و شردوا في على الحدود و لم يعد هناك لهم أمل بالعودة من جديد بعد أن سويت بيوتهم و دمرت أسس الحياة فيها بفعل العدوان الروسي المتوازي مع تقدم جحافل الاحتلال الايراني على الأرض .
و أصدق ماقيل فيما يتعلق بالوضع الراهن هو " عليكم إبادتنا نحن السـوريين ، قلوبنا مثخنة بالجراح واطفالنا،سوف تنتقم لجراحها لهذا، عليكم إبادتنا والا لاتلومونا" ، وهو ما يتطابق مع ذهبت إليه منظمة هيومن رايتس ووتش ، يوم أمس في تقريرها بالذكرى الخامسة للثورة السورية ، بأن المفاوضات و المرحلة القادمة يجب أن لاتتضمن أي عفو أو حصانة لأي مجرم حتى يشعر الضحايا أنهم أخذوا حقوقهم .
و بعيداً عن هذا كله لابد من الحديث المعمق عن الانسحاب الروسي المتعلق بعدة ملفات منها ضغط تركيا مع دول وسط اسيا.. ملف وخط الغاز مع اذربيجان وتركيا العابر لاوروبا .. وملف البترول وتخفيض اسعاره من السعودية .. والرشوه الاخير للروس .. وادراكهم لهمجية حلفائهم ايران وسوريا .. واعتزال الصين هي المعركة حفاظا على اقتصادها .. اجبر روسيا بشكل كبير على هذه القرارات زائد الاتفاق مع امريكا الاخير وتهديد الامريكان للروس بالتصعيد .. وبالنهايه هذا كله يثبت ان روسيا كانت تؤدي دور وظيفي وانتهى الان ، و نهاية هذا الدور لايعني نهاية ملف جرائمها فألفي شهيد و مئات آلاف المشردين و عشرات القرى و المدن المدمرة لايمكن أن يكون بلا ثمن الذي يجب أن يدفع .