
بعد وهم "الموك" درعا تتهاوى أمام هواجس "داعش"
يبحث الكثيرون عن مبررات للهدوء الذي شهدته جبهات درعا طوال الأشهر الماضية ، و طبعاً كانت الشماعة جاهزة والمتمثلة بغرفة "الموك" التي تتهم بأنها السبب وراء كل هذا ، اضافة للاقتال مع المبايعين لداعش ، في اللجاة ، واضيف لها اليوم حركة "المثنى" التي وجد فيها سبب أساسياً وراء التآكل الحاصل للمناطق المحررة و الضغوط المستمرة و المتواصلة من النظام لخنق درعا من جديد بعد أن كانت أول من تنفس الحرية .
تغيير وجهة "الصائل" من النظام و أعوانه ، إلى أحد الفصائل التي لم يثبت حتى اللحظة أي دليل عملي أو حتى نظري بأنها مبايعة لداعش ، كما أنه لم يتم التيقن بأن عمليات الخطف و الاعتقال التي شهدتها درعا ، تقع مسؤليتها على هذا الفصيل ، و في الوقت ذاته لايجوز إلقاء اللائمة عليهم أيضاً في سقوط الشيخ مسكين ، التي واجهت معارك ضارية قرابة شهرين ، ولم تحظى بالمؤازرات التي كانت تمثيلية أكثر منها فعلية .
لست في موقف المدافع عن هذا الفصيل أو التشكيل ، و لكن هناك دائماً من يحاول العبث بعلاقاتنا و افسادها و تشتيت الصفوف أكثر فأكثر ، تارة بالاغتيالات التي تبقى ضد مجهول ، و تارة بالاختراقات التي تصيب الكثير ، والتي يتولد عنها تصرفات تنسف العلاقات التي تجمع الفصائل ، وما شهدناه في درعا سواء من اغتيالات و خطف و اختراق صفوف الفصائل هو دليل على أن الجبهة الجنوبية هي الهدف الجديد للعدو الروسي الذي يجتهد على قاعدة التفتيت الداخلي و الضرب القاسي من بعده .
في درعا للفصائل خصوصية غير موجودة في مكان آخر ، نظراً للروابط الأسرية و العشائرية التي تحكم العلاقة بين الفصائل ، و الأهم وجود الحكماء و زعماء العشائر ، القادرين على تخفيف الاحتقان، و لكن هذه الميزة وحدها لاتكفي ، بل بحاجة إلى تعقل من الجميع و الأخذ بنظرية المؤامرة من العدو الأوحد للشعب السوري ( النظام و الدول الموالية له ) ، لا أن يكون هذا الخيار هو الأخير أو على الأقل الثاني بل يجب أن يبقى الأساس و الأصل في كل شيء يحدث و كل ماعداه عبارة عن شيء ثانوي .
في درعا كما توصف بأنها درع الثورة هناك خلل يمكن اعتباره مؤقت ، و لكن خلل كلف حتى الآن خسارة كبيرة لنقطة استراتيجية ، ولكن لن تكون الأخيرة إذا ما بقي الحال على ماهو عليه ، و من وصل إلى الشيخ مسكين لن يتوقف عندها ، و حتماً سيستمر ، ولكن من الحتمي أيضاً أننا لن نقول أن "الموك" منع السلاح و كذلك أن فصيلاً جديداً بات "صائلاً"و أن النظام و مساندين مجرد "جائلين".