
الحرب المقدسة ـ لعبة مجانية على Google ـ
هل كان يعلم القديس /أمبروزيوس/ الذي أعلن أول حربٍ مقدسةٍ /مسيحية/ وكانت على البربر لتمردهم على (الامبراطور جراسيان) ـ المسيحي ـ ووصفهم حينها بأنهم: أعداء الله في الأرض، هل كان يعلم بأن /فسيفولود تشابلن/ رئيس الشؤون العامة للكنيسة الأرثوذكسية الروسية وبعد مئات السنين سيعلن مثلها ـ علينا ـ، لتمردنا على الوريث (بشار الأسد) ـ العلماني ـ؟!
وبعد أول طلعة طيرانٍ روسية ـمقدسةـ يتساقط الإرهابيون (من الأطفال والنساءِ ومن رجال الدفاع المدني ومن المدافعين عن حرية وكرامة الناس) في عدة مناطق سورية ـ ريف حمص وريف إدلب وريف اللاذقية ـ ، أولئك الإرهابيون ـ الذين قتلتهم الطائرات المقدسة ـ وأفقدتهم أبصارهم أو أطرافهم، هم تمامًا الذين بارك رجل دين نظام الأسد ومدير الأوقاف الإسلامية في دمشق سامر القباني ـ براميل الأسد المقدسة ـ فقال لـ حاكمه ـ بأمر الله ـ : (سالِم من شئت وحارب من شئت وأحبب من شئت وأبغض من شئت .. و نقول لك إذهب أنت وربك فقاتلا إنّا معكما مقاتلون) ـ قياسًا على أصحاب بدر مع رسول الله ـ، وذلك لرفض هؤلاء الإرهابيين البقاء في حكم آل الأسد ـ الجبري ـ وتسلّط المتنفذين وأبناء طائفته عليهم وعلى من يرفضون هذا الحكم حتى من أبناء الطائفة ذاتها، أولئك الإرهابيون ـ الذين قتلتهم الطائرات المقدسة ـ هم تمامًا الذين تدعو الميليشيات الشيعية ـ المقاتلة مع نظام الأسد ـ لقتلهم (كي لا تُسبى زينب مرتين) وكي تحمي هذه الميليشات مقدساتها في بلادنا وهم الذين أتو من شرق آسيا وأواسطها إلينا، وحتى يزيدَ الطينُ بِلّةً فإن من دافع عن أولئك المظلومين جميعًا وقاتل من أجلهم قد اعتبرته الدولة الإسلامية ـ داعش ـ مرتدّاً فقاتلته بهذه التهمة (المقدسة) أيضًا، فترى أن كل القتلة أصبحوا مقدسين .. وكلَّ مظلومٍ أو مدافعٍ عنه أصبح ما بين إرهابيٍ وخائنٍ ومُرتد.
وفي وسط ذلك القتل المقدس (دينيًا) تطلب وحدات الحماية الشعبية ـ الكوردية ـ إشراكها في هذه العمليات المقدسة أرثوذكسيًا/روسيًا علّها تدعم حقها المقدس عرقياً (بفدرالية سياسية أو ما شابه)، بعدما رأوا ما يقارب 20% من سورية ـ التي بقيت تحت سيطرة الأسد ـ دُعمت بهذه الحرب المقدسة وغدا الساحل السوري برعاية القاعدة الروسية ـ كاملة الرفاهية لمقاتليها ـ، فهل يخرجون من هذا (المولد بدون حُمّص)؟
ما بين ثنائية خامنئي ـ بوتين (حماية المقدسات بمقاتلين شيعة وإخراج الناس من أرضهم ـ تحت التغطية الجوية المقدسة) وثنائية كيري ـ لافروف (التناغم في : لم تقصفوا مراكز لداعش ـ بل نحن نُنسق مع البنتاغون)، واللتان تُحيلان إلى ثنائية سايكس ـ بيكو، لم ينفع الناسَ التحالفُ بقيادة الولايات المتحدة بل قتلهم في بعض قصفه، ولم تُعِنهم مجموعة (أصدقائهم) ـ على الأقل حتى الآن ـ ، فقد وُكِلوا إلى أنفسهم وصدق فيهم: (ما حكَّ جلدَك مثلُ ظِفْرِكْ ** فاهتمّ أنت بكلِّ أمْرِكْ) ومع بدءِ التقارب بين السياسيين وفصائل الثورة المسلحة لا بد من أن تأخذ (الثورة المقدّسة) خطًا جديدًا في وجه: احتلالٍ إيراني وغزوٍ روسي وفي وجه مجموعة من الطغاة (نظام الأسد والميليشيات المقاتلة معه ومَنْ يُقاتل الثوّار والناس) وفي وجه مجموعة من المتخاذلين عنها، أقل ما في هذا الخط الجديد أن نعلم أنه: (لا عدوّ لنا بيننا ـ أقصد من نقف ضد الأسد ـ وأنه لا حليف لنا عند غيرنا ـ أقصد من يرون وجود الأسد في وجهٍ من الوجوه ـ فتكونُ الحربُ واحدة وتكون الهدنة واحدة ويكون العمل مدنيًا وسياسيًا وعسكريًا واحدًا تتعدد أصابعه ومنشأُ يده واحد، أنْ يقول هذا الخط: دمُ الناس ليس أوراقًا لتفاوض الآخرين)، فكلًّ القاتلين يستثنون قوات الأسد (بين متحالفٍ معه وغاضِّ الطرف عنه) ولا يزعجهم طغيان قوات البغدادي على الثوّار ـ كما يدّعون ـ ، حتى يبقى الناس بين طغاةٍ وغُلاةٍ وغزاة، فإذا ما خُيّرنا بين البغدادي والأسد والمُحتلّين كان خيارنا (ثورتنا المقدسة).
ومما لا يُغفل أن أفرادًا ومجموعاتٍ سوريةٍ/مسيحية قد رفضوا الغزو الروسي وردّوا على تقديسه وتقديس القتل فيه فلا قداسة لمحتلٍ ولا لقاتل، وخاصةً بعد احتلال القوات الروسية لـ قلعة الحصن في وادي النصارى وبث مقاطع مصورةٍ منها ـ فصارت قِلاعُ بلادِنا روسيّة ـ .
في نهاية سبتمبر عام 1996 تم إعدام الزعيم الأفغاني محمد نجيب الله ـ المدعوم سوفيتيًا ـ بعد سقوط حكمه عام 1992 على يد الثوار والمجاهدين في أفغانستان، وكان قد أسس أيضًا لجنة مصالحة وطنية عام 1988، وقد دعم الاتحاد السوفيتي هذا الزعيم بمساعدات عسكرية واقتصادية ضخمة ، لمواجهة شعبه، ولكن لم يجدِه ذلك نفعًا ولم يُثبّت له حُكمًا، حتى أنه بعد سقوط بلدة سروبي بيد حركة طالبان طلب نجيب الله من الأمم المتحدة توفير ملاذٍ آمنٍ له ولشقيقه ولحرّاسه، ولم تستجب له الأمم المتحدة أيضاً، ثم أُعدم شنقًا على إحدى أعمدة الساحات في كابول، وكأن صاحب البراميل (المقدسة) لم يلتفت إلى ذلك.
ما أريدُ قولَه: لأننا نقاتل دفاعًاً عن كل مظلومٍ ـ أتى أو سيأتي ـ يقاتِلُنا كلُّ ظالم ويخذلنا كلُّ خائفٍ وتطولُ ثورتُنا، وعندما نعرف حجم (ثورتنا المقدسة) نعرفُ كيف تنتصر.
أما عن العنوان، فمن المفارقات الغريبة أن تجد : عند البحث في محرك Google عن تركيب (الحرب المقدسة) وفي أوائل النتائج تظهر لعبة ـ كما يصفها محرك البحث ـ تَعاقُبية ومجانية بإسم Holy war، فهذا أدقُّ وصفٍ لما أتى به طغيانُ وإرهاب نظام الأسد على الناس، فتعاقب القتلة على حربٍ دينية جعلت دماء الناس مجانيّة.
محمود الطويل