الانقلاب على الثورة ..
الانقلاب على الثورة ..
● مقالات رأي ٣٠ يناير ٢٠١٧

الانقلاب على الثورة ..

من الخطأ اعتبار الهيكيلة الجديدة التي ظهرت خلال اليومين الماضين و اتخذت من اسم “هيئة تحرير الشام” ، أنها شيء سلبي و غير ذي فائدة ، و لكن في الوقت ذاته الخطأ الأكبر هو عدم الاهتمام بكارثية ما حدث ، و ما سيتبعه ، سيما أن المطلوب حاليا ليس الغفران على ما اقترف ، و إنما السماح بارتكاب الأشنع.

لم تكن الثورة السورية ، ذات ايدلوجية معينة أو اتجاه معين ، بل كانت شعبوية خالصة تماماً ، و متسعة حد احتضان جميع من أراد المشارك بها ، و مساندتها ، كما يقل “الصدر للضيف و العتبة للأصحاب المنزل” ، هذه النظرية التي كانت ساذجة بعض الشيء في البداية و تحولت إلى قاتلة في مواجهة ما يحدث الآن .

لم يكن لتنقلات جبهة النصرة بين القاعدة و فتح الشام وصولاً إلى هيئة تحرير الشام ، أي أثر علي المنهج الاقصائي و السلطوي المدعم بالدين ، بل كان الانتقال من صنف لآخر ، عبارة عن صك لمنحها المزيد من الاعفاءات و الضمانات بعدم المحاكمة و الحساب .

و انقلبت النصرة سواء أكانت “فتح الشام” أم بلبوسها الجديد “هيئة تحرير الشام” ، على أهل الأرض و قررت أن تضع نفسها كوصي عليهم ، مدعمة بعشرات الفتاوي من نوع “العابر للقارات” ، يرأسها مشايخ من النوع “فرق تسد” و “اضرب تحت الحزام” ، فالمهم لديهم هو الانتصار للفكر و الجماعة ، لا الأمة أو المجتمع .

اليوم يظهر الانقلاب على الثورة من خلال اقصاء طيف كامل من ثوارها و ممثليها في السلاح ، اصباغهم بصبوغات لاتتفق و الواقع بشيء ، و إنما أوهام حُملت عبر عشرات السنين ، التي كانت حُبلى بالفشل ، ليعاد تكرارها اليوم على أرض سوريا ، التي تتجرع كافة أنواع الموت تحت كافة أنواع التسميات ، ابتداء من الديكاتورية بأقذر صورها إلى التشدد بأحمق أشكاله ، وفي كل الأحوال لامكان للعقل و لا الحكمة ، و إنما الصوت الوحيد المسموع هو صوت “الرصاصة” التي اما أن تكون في رأس من بجانبك أو تسير باتجاه جمجمتك.

عمليات الانهاء المنظم و المدروس لمكونات الجيش السوري الحر “بمختلف تدرجاته” ، ليست عبثية بأي حال من الأحوال ، و كذلك ليست اسعافية كما يدعون ، و إنما هي تمهيدية لادخال الثورة في الاحتضار .

لايمكن النظر بتشاؤم شديد اتجاه “هيئة تحرير الشام” ، و لكن لا تفاؤل يعلو الوجوه ، سيما أن الممهدات و السوابق و المقدمات تشي أن الانقلاب يسير بخطى متسارعة ، و لكن هذه الخطى ستجد تثاقل يجعلها تتباطئ حتى التوقف لتعود للخلف ، فالثورة التي يتم الانقلاب عليها طوت ست سنوات ، دون أي كلل و تجاوزت كل المواجهات و الانقلابات المتلونة ، ونجت و رحل المنقلبون.

المصدر: شبكة شام الاخبارية الكاتب: زين مصطفى
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ