أبطال داريا لا تبكوا قلوبنا معكم
لم أدري ما ينبغي فعله حين سمعت نحيبه يتخلل صوته المكسور ، كان علي أن أواسيه لكن كلماتي إختنقت وسط صمت الجميع دولياً، وتصفير الفصائل في على مساحة الأرض السورية، ولم يكن بوسعي إلا أن أقول له لاتبكي فالجميع خذلكم .
لم تصفعني كلمات أكثر من كلماته "وا أماه .. وا ذل داريا"، فماذا عساي أن أفعل لحظة علمت أن داريا ستفرغ من سكانها، وأن التغيير الديمغرافي بكل تبجح لغات العالم سيتم رغماً عن أولئك الأبطال، منذ الآن أيقونة الثورة التي ألهمتنا التفاؤل ستكون ثكلى، ستكون أرملة المحبين، كيف نستطيع ترميم جراح أبطال داريا الذين لطالما ترميمهم لجروحنا؟
هل كان عليهم أن يستشهدوا جميعهم .. الرجل تلو الآخر كي يتحرك العالم و يوقف الدم المسال على رؤوسهم و أفواههم وأطفالهم، وتتحرك نخوة المتقاعسين عنهم؟
أكمل تمام داريا حديثه "سنبدأ بإخلاء داريا غداً"، وارتطمت بعدها أحلامه بغيبوبة القهر، إرتطمت دموعه بثقل ظله، ارتطمت أوجاعه برقعة داريا التي حولها النظام الى سجن مفتوح قبل أن يخليه، ارتطمت كل آماله بكل شيء إلا بضمائر العالم، إلا بضمائر من يسمون أنفسهم "قادة" في جنوب دمشق، والغوطة الشرقية .
لم نعد نعلم في سوريتي، الوجع من لم الشتات، ولم نعد نميز بين الرياح والصفعات، العالم فسيحول كل مدينة صامدة الى حانوت يمارس النظام السوري عربدته فيها، سيحول داريا من قُبلة الى قِبلة مع حلفائه الإيران، وينحت إجرامه على حجارها الطاهرة، ولكني متيقنة أن لعنة السماء ستحل عليه ذات يوم، بعد أن ترتوي أرض داريا بدموع الأموات قبل الأحياء على مصابها
لاتحزن يا تمام، لم تجدوا من يناصركم فنصرتم أنفسكم بأنفسكم، وحان وقت الرحيل، ابتسم للكاميرا واكبح غيظك ولملم تلك السوائل التي تتحرر من عينيك، ربما أن تكون قد تحملت أربعة سنوات من الجوع والقذائف والبراميل، خيرٌ من أن تمثل دور الضحية منذ الشهر الأول وتسلمهم مدينتك
لا تخجل يا أخي الأصغر، فأنا من علي أن أخجل من الجلوس هنا أكفكف دموع سوريا عن بعد، لا تنكس رأسك وأنت خارج من ديارك، فقد أعطيتنا درساً في الوطنية ودرساً في الحب، ودرساً في الكرامة أنت وكل بطل من أبطال داريا، ومن مات منكم سيدخل الجنة وهو يتباهى بأنه ابن داريا الصمود.
صدقني يا تمام أن دموعكم على جرح داريا أربك كل من يعرف معنى سوريا، وكشفت عورة البغاة في ثورة يتيمة، تشجع يا أخي فأنت مرفوع الرأس منصوب القامة، وها هو النظام السوري من جديد يكشف عن معلم مشروع إيران في أجندة وسخة لن تكتمل، وسنعود أنا وأنت وكل من يعشق أيقونة الثورة لنرتشف قهوة النصر في داريا الشرف