تقاليد تحت الضغط: كيف تحولت العادات السورية إلى أعباء
تقاليد تحت الضغط: كيف تحولت العادات السورية إلى أعباء
● أخبار سورية ٢ نوفمبر ٢٠٢٥

تقاليد تحت الضغط: كيف تحولت العادات السورية إلى أعباء

يشتهر المجتمع السوري بالعديد من العادات والتقاليد المميزة، التي تعكس كرمه ومحبة أبنائه لبعضهم البعض، واستعدادهم الدائم لتقديم المساعدة للآخرين في أوقات الحاجة، سواء كان الدافع لذلك فرحاً أو حزناً.

إلا أن هذه العادات تحولت من مصدر للمساعدة والمساندة في أوقات الأزمات إلى أعباء تثقل كاهل العائلات، خاصة في ظلّ ما فرضته السنوات الأخيرة من ظروف اقتصادية قاسية، تمثلت بالفقر والنزوح وفقدان الموارد، مما أدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية للسوريين.

ويؤكد مطلعون أن بعض هذه العادات فقدت دوافعها الحقيقية؛ فما كان يُؤدى في السابق بدافع المحبة والتكافل أصبح اليوم مجرد سباق للمظاهر، يتجاوز القدرة ويتنافى مع الحاجة.

وفي مقدمة هذه التقاليد تبرز حفلات الزواج، التي صارت تثقل كاهل العريس فوق طاقته، فبدل أن تكون مناسبة تجمع بين المحبة والسعادة، أصبحت وسيلة لاستعراض التجهيزات ذات التكاليف الباهظة. 

فبعض العائلات صارت ترفع قيمة المهور، وتطلب مجوهرات رغم تجاوز سعر غرام الذهب حد المئة دولار، إلى جانب التكاليف الأخرى المتمثلة في الصالات والطعام والتصوير، مما أرهق الشباب وجعل بعضهم يعزف عن فكرة الزواج.

حتى طقوس الولائم، سواء في الأعراس أو المآتم، لم تعد تعبّر عن كرم أو واجب إنساني كما في السابق، بل أصبحت واجباً اجتماعياً لا تستطيع العائلات تجاوزه، حتى وإن كان وضعها المادي لا يسمح بذلك، خوفاً من التعليقات السلبية، مما يدفع البعض للاستدانة للحفاظ على ماء وجوههم.

كما فقدت الهدايا طابعها العفوي، وأصبح من الواجب على الشخص اختيار ما هو فخم وثمين، بينما يلتزم متلقيها برد مثلها، فالكل يُهدي الكل، وإن لم يكونوا يملكوا المال، كي لا يشعر بالحرج أو يُتهم بالتقصير أو القطيعة.

وبالرغم من ثقل المسؤوليات والأعباء التي يفرضها الالتزام بتلك العادات والتقاليد، تضطر الأسر للتمسك بها، حتى وإن كانوا يعانون من ظروف شخصية أو اقتصادية، لأسباب عدة، منها ضغط الوسط المحيط، والخوف من انتقادات الآخرين، وربط الكرم بالنفقات المالية ومظاهر البذخ والترف، والتفاخر والميل للاستعراض، وفقدان الشجاعة على الخروج عن النمط السائد.

لذلك، يدعو مراقبون إلى أهمية نشر ثقافة تقدير أوضاع الأهالي والعائلات التي تعاني من ظروف اقتصادية صعبة، والتمييز الحقيقي بين الكرم الأصيل والاستعراض، مشيرين إلى أن تلك العادات وُضعت لمساعدة الآخرين في أوقات الأزمات واللحظات الطارئة، وليس للتباهي أو التفاخر.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ