محمد مروان الشماع.. بين خبر الوفاة وظلّ حيّ تائه في حي السادات
محمد مروان الشماع.. بين خبر الوفاة وظلّ حيّ تائه في حي السادات
● تقارير إنسانية ١٦ أبريل ٢٠٢٥

محمد مروان الشماع.. بين خبر الوفاة وظلّ حيّ تائه في حي السادات

رغم الفرحة التي عمّت قلوب السوريين يوم التحرير في 8 كانون الأول 2024، ظلّت هذه الفرحة منقوصة في بيوت كثيرة، لم يعُد إليها معتقلوها، ولم يُغلق فيها جرح الغياب. وفي مقدّمتها بيت عائلة محمد مروان الشماع، الذي لا يزال مصيره مجهولاً بين خبر وفاته عام 2015، ورجل ضائع شوهد في حي السادات يردّد اسمه... وكأن الذاكرة لا تحتفظ إلا بالوجع.

ذاكرة غائبة ومصير معلق
محمد الشماع، من مواليد دمشق عام 1985، عاش حياة طبيعية كملايين السوريين قبل أن يُنتزع من عائلته في عام 2013 خلال حملة أمنية شنّها نظام الأسد على أحياء العاصمة. جرى اعتقاله على يد عناصر المخابرات الجوية، ومنذ ذلك الوقت دخل في عداد المفقودين.

بعد عامين من الانتظار والقلق، ورد لعائلته من جهات أمنية خبر وفاته في المعتقل. لم يُسلّم الجثمان، ولم تصدر وثيقة وفاة رسمية، فبقيت العائلة تتأرجح بين الألم والأمل، عاجزة عن تصديق النهاية دون دليل.

يوم التحرير.. و"الشماع" في فم تائه
في لحظةٍ لم تكن في الحسبان، ومع انهيار قبضة النظام، ظهرت بارقة أمل. ففي يوم سقوط الأسد، رصد سكان حي السادات رجلاً هائماً، فاقداً للذاكرة، لا يذكر سوى كلمة واحدة: "الشماع". كان يردّدها بتكرار وذهول، وكأنها ما تبقى من هوية سُرقت منه تحت التعذيب والإخفاء.

أخبره سكان الحي بأن العائلة لم تعد تقيم هناك، فرحل بصمت، وتاه مجدداً في شوارع لم تعد تعرف أبناءها. ومنذ تلك اللحظة، فُقد أثره مرة أخرى، لتعود التساؤلات والاحتمالات إلى ذاكرة عائلةٍ لم تنسَ يوماً ابنها المختفي.

نداء إنساني من عائلة الشماع
عائلة الشماع ناشدت من جديد، كل من يمتلك معلومة، أو شاهد الرجل الذي ظهر يوم التحرير، أن يتوجه إلى مختار حي السادات أو أقرب مركز شرطة. هي لا تطلب سوى خيط، إشـارة، تفصيل صغير قد يفتح باب الحقيقة.

تعيش العائلة اليوم بين خبر اعتقال في 2013، وخبر وفاة في 2015، وظهور رجل مجهول في 2024 يشبه ابنهم. وبين كل تلك السنوات، لا يزال الرجاء قائماً بأن يكون محمد على قيد الحياة، بانتظار أن يفتح باباً أو يُعرف بصوت.

غياب يُثقل قلوب آلاف الأسر السورية
قصة الشماع ليست استثناء. هي واحدة من عشرات آلاف القصص لعائلات لم تنصفها الأيام ولا الحقائق. فمع كل فتح لسجن أو تسريب قائمة، تتهافت العيون على الأسماء بحثاً عن مفقود. بعض العائلات تزور الناجين أملاً بسماع رواية عن أبنائها، وآخرون يتشبثون بأي تفصيل قد يعيد إليهم خيط الأمل.

ويبقى مطلب هذه العائلات واحداً: الحقيقة، والمحاسبة لكل من ارتكب جريمة الإخفاء القسري، ومنع الأمهات من معرفة مصير أبنائهن لعقد كامل. فليس هناك جرح أعمق من الغياب، ولا عزاء إلا بكشف مصير من غيّبتهم الزنازين.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ