مركز حقوقي يفضح انتهاكات سجن رومية ويطالب بالإفراج عن المعتقلين السوريين
مركز حقوقي يفضح انتهاكات سجن رومية ويطالب بالإفراج عن المعتقلين السوريين
● أخبار سورية ٢٤ فبراير ٢٠٢٥

مركز حقوقي يفضح انتهاكات سجن رومية ويطالب بالإفراج عن المعتقلين السوريين

أعرب "مركز وصول لحقوق الإنسان (ACHR)"، عن قلقه البالغ تجاه الإضراب المستمر عن الطعام والذي ينفذه أكثر من مئة معتقل من اللاجئين السوريين في سجن رومية في لبنان، والذي بدأ في الحادي عشر من الشهر الجاري شباط/فبراير كوسيلة احتجاج سلمي للتعبير عن المطالب. 


وأوضح المركز أن من بين المطالب تسليم المعتقلين السوريين في لبنان للسلطات السورية الجديدة لإطلاق سراحهم، أو محاكمتهم في سوريا، أو لاستكمال مدة الحكم هناك، كما يطالب المعتقلون، وعلى رأسهم المضربون عن الطعام، بتسليط الضوء على الظروف اللاإنسانية المخالفة للقانون وأوضاع احتجازهم القاسية التي يعانون منها في السجون اللبنانية، كما يطالبون بمعاملة إنسانية كريمة.

وبين المركز أنه لطالما هددت السلطات اللبنانية بنقل المعتقلين من اللاجئين السوريين إلى سوريا في وقت كانت تشكل إعادتهم خطرًا جسيمًا على حياتهم بسبب ممارسات النظام السوري السابق، وبررت السلطات اللبنانية هذا الإجراء حينها بعدم توفر التمويل الكافي للاستمرار في احتجازهم. 

وأضاف المركز الحقوقي أنه بعد سقوط النظام السوري السابق في الثامن من كانون أول/ديسمبر 2024، ناقش رئيس الوزراء اللبناني المكلف بحكومة تسيير الأعمال نجيب ميقاتي مع الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع إمكانية نقل جميع المعتقلين من اللاجئين السوريين إلى سوريا. لاقى هذا المقترح ترحيبًا من بعض المعتقلين وأفراد عائلاتهم، وهو أحد المطالب التي أعلن عنها بعض المضربين عن الطعام.

الظروف اللاإنسانية وسوء المعاملة والتعذيب

أكد المركز أن المعتقلين في مراكز الاحتجاز والسجون اللبنانية سيئة الصيت، وعلى رأسها سجن رومية، يعانون من ظلم ممنهج وظروف احتجاز لا إنسانية، تشمل هذه الظروف حرمانهم من حقوقهم الأساسية، وتدني الخدمات الأساسية كالرعاية الصحية اللازمة وتوفير الغذاء والدواء اللازمين. 


ولفت المركز إلى تعرض هؤلاء اللاجئين للاعتقال التعسفي والاحتجاز لفترات طويلة دون اتباع الإجراءات القانونية اللازمة، إضافةً إلى المحاكمات غير العادلة أمام المحاكم العسكرية، وسوء المعاملة، وفي بعض الحالات التي وثقها مركز وصول لحقوق الإنسان (ACHR) تعرض العديد منهم للتعذيب الشديد. 


كما سبق وسجّل المركز ثلاث حالات مماثلة لمعتقلين سوريين كانوا قد أضربوا عن الطعام في سجن رومية منذ عام 2020. تعكس هذه الإضرابات والمطالبات المستمرة وضعهم المزري والظروف اللاإنسانية التي يعاني منها اللاجئون السوريون في السجون ومراكز الاعتقال اللبنانية بشكل عام، وفي سجن رومية بشكل خاص، مما يشير إلى ضرورة تدخل السلطات اللبنانية والمجتمع الدولي.

الاعتقالات التعسفية والاحتجاز والمحاكمات غير العادلة
ووفق المركز، عانى اللاجئون السوريون من حملات اعتقال تعسفية خلال المداهمات الأمنية التي كانت تقودها السلطات اللبنانية، وتعرضوا للاحتجاز الطويل دون محاكمة أو إجراءات قانونية واضحة وشفافة بشأن التهم الموجهة إليهم. 


ونتيجة لقوانين مكافحة الإرهاب الصارمة التي تفرض قيودًا صارمة على مدة الاحتجاز القانونية (على عكس التهم الأخرى) وخضوع المتهمين للمحاكمات العسكرية، تم احتجاز العديد من اللاجئين السوريين بشكل تعسفي وحرمانهم من حقهم في الوصول على المساعدة القانونية وباقي حقوقهم الأساسية. 


كما خضعوا لمحاكمات عسكرية مبنية على اتهامات أمنية متنوعة، بما فيها تهم الإرهاب. شملت الانتهاكات التي تعرض لها هؤلاء المعتقلون حرمانهم من محاكمة مدنية نزيهة، وسوء المعاملة والتعذيب الذي أدى إلى وفاة بعضهم أثناء فترة الاعتقال, واحتجاز بعض المعتقلين حتى بعد انتهاء مدة محكوميتهم. وأفادت بعض العائلات السورية بأن أهالي بعض المعتقلين كانوا قد منعوا من زيارة ذويهم وواجهوا صعوبات في الوصول إلى محامين يمكنهم تمثيلهم.

التعذيب والمعاملة القاسية
وثق مركز وصول لحقوق الإنسان 26 حالة تعرض فيها معتقلون سوريون للتعذيب على يد سجانين وضباط لبنانيين، بعضها لانتزاع الاعترافات بشكل قسري. ويعد أخذ الاعترافات تحت التعذيب أمرًا مخالفًا للقانون ومحظور دوليًا، كما تعتبر هذه الاعترافات غير موثوقة ولا يمكن الاعتداد بها في المحاكم.

حسب تقرير "هيومن رايتس ووتش" (HRW)، فإن سجن رومية صمم ليستوعب 1200 سجينًا، إلا أنه يحوي ما يقارب 4000 سجينًا مما يدل على الاكتظاظ الشديد وتدهور الخدمات ومعايير هذا السجن، وغيره من السجون اللبنانية، كنقص التهوية والإضاءة والصرف الصحي والنظافة، وعلاوة على عدم توفر الطعام الكافي نتيجة فشل السلطات اللبنانية في دفع الحقوق المالية للموردين.

يؤدي نقص التغذية وسوء الظروف الصحية للمعتقلين إلى زيادة تعرضهم للمشاكل والمضاعفات الصحية، إضافة إلى الضغوط النفسية الكبيرة، وغالبًا ما تتفاقم مشاكل المعتقلين الصحية المزمنة أيضًا. كما تواجه السجون اللبنانية نقصًا حادًا في الأدوية والكوادر الطبية وتحديات جمة في التعامل مع جائحة كوفيد-19 بما في ذلك أدوات الوقاية اللازمة.

القوانين اللبنانية والدولية
حددت عدة اتفاقات دولية معاييرًا واضحة لظروف الاحتجاز مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المادة التاسعة من التعليق العام رقم 35 للجنة العامة لحقوق الإنسان(الحرية والأمان الشخصي), مبادئ حماية الأشخاص تحت أي نوع من أنواع السجن أو الاعتقال، والمبادئ الأساسية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا).

وعلاوة على ما ذكر ما تم ذكره، انضم لبنان لاتفاقية مناهضة التعذيب عام 2000 والبروتوكول الاختياري الملحق بها والذي يحظر الإهانة والتعذيب والمعاملة القاسية بحق المعتقلين. كما أقر البرلمان اللبناني القانون رقم 2017/65 والذي يجرم التعذيب وذلك في أيلول/سبتمبر 2017. لكن لبنان لم يلتزم بشكل كامل بتطبيق تعهداته تلك. لذلك فإن الظروف اللاإنسانية وسوء المعاملة والافتقار إلى المعايير الأساسية في السجون اللبنانية تمثل انتهاكًا للقانون الدولي والقوانين المحلية اللبنانية أيضًا.

توصيات مركز وصول لحقوق الإنسان (ACHR)

إلى السلطات اللبنانية، طالب المركز بالإفراج عن المعتقلين السوريين المحتجزين دون سبب قانوني، ونقل الراغبين منهم في العودة إلى سوريا بشكل عاجل، والبت الفوري في قضايا المعتقلين دون محاكمة وضمان حقوقهم الأساسية، بما في ذلك الحق بالتمثيل القانوني والحق في الحصول على محاكمة عادلة أمام محاكم مدنية نزيهة ومستقلة.

وأكد على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة أوضاع السجون، بما في ذلك مشكلة الاكتظاظ ونقص الغذاء والرعاية الطبية، وفقًا للمعايير الدولية، والالتزام بالقانون الدولي والقوانين المحلية المناهضة للتعذيب، وضمان التحقيق المستقل والشفاف في قضايا التعذيب ومحاسبة المسؤولين عنها، والسماح للمنظمات الحقوقية المستقلة والمنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة بمراقبة أوضاع حقوق الإنسان داخل السجون اللبنانية، وعلى رأسها سجن رومية.

إلى السلطات السورية، طالب المركز بإعطاء الأولوية القصوى للمساعي الدبلوماسية مع السلطات اللبنانية لإيجاد حل عاجل لقضية المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية، ومن ضمنها إنشاء آلية لمراجعة الملفات القانونية للمعتقلين الراغبين بالعودة إلى سوريا، والسماح لذويهم بالتواصل معهم وزيارتهم.

وشدد على ضررة ضمان أمن المعتقلين الذي يتم نقلهم إلى سوريا، والتأكد من أن ظروف السجون داخل سوريا تتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، والتواصل المستمر مع السلطات اللبنانية لضمان احترام حقوق اللاجئين السوريين المعتقلين في لبنان وعدم تعرضهم للمزيد من الانتهاكات.

وأشار المركز إلى أن إضراب اللاجئين السوريين المعتقلين في سجن رومية في لبنان هو صرخة استغاثة من أجل تحقيق العدالة، فقد عانى المضربون عن الطعام وباقي المعتقلين، بمن فيهم غير السوريين، من الظلم وسوء المعاملة لسنوات طويلة. نعبر عن تضامننا الكامل مع جميع المعتقلين المطالبين بحقوقهم، وندعو السلطات اللبنانية والسورية إلى اتخاذ إجراءات فورية لضمان تحقيق العدالة ومنع استمرار هذه المعاناة.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ