جولة شام في الصحافة العربية والعالمية 11-03-2016
•قالت واشنطن بوست في افتتاحية لها إن الوقف الجزئي للأعمال العدائية في سوريا خلال الأيام الماضية خفف بشكل ملموس معاناة المواطنين التي طالت، لكن تكلفة ذلك كانت عالية لأنها ضمنت استمرار الرئيس السوري وفقدان فرصة السلام الدائم، وأوضحت الصحيفة أن بعض التقديرات تشير إلى انخفاض أعمال العنف بنسبة تزيد على 80%، وأن قوافل الطعام والأدوية قد وصلت حتى اليوم إلى 150 ألف سوري من أصل خمسمئة ألف كانوا تحت الحصار، بينما استأنفت المعارضة احتجاجاتها السلمية ضد الرئيس السوري بشار الأسد الأمر الذي يشير إلى أن الأسد قد فشل في تحطيم الثورة الشعبية التي بدأت ضده قبل خمس سنوات، وأضافت أن الرابح في وقف إطلاق النار هي روسيا التي ظل رئيسها فلاديمير بوتين يصوّر نفسه مؤخرا على أنه صانع سلام وأنه رجل دولة، بينما يستمر في تنفيذ أهدافه العسكرية في مناطق إستراتيجية تحت غطاء قتال "الإرهابيين"، كما أن قوات الأسد مستمرة -بالدعم الجوي الروسي- في محاولاتها لقطع آخر طريق للإمدادات يؤدي إلى الجزء الذي تسيطر عليه المعارضة المسلحة في حلب، كما تحاول الاستيلاء على مناطق رئيسية قريبة من دمشق، وبذلك -تقول الصحيفة- إن بوتين أصبح في وضع يمكنه من إضعاف المعارضة السورية التي يساندها الغرب، وفي الوقت نفسه يضمن أن النظام "الدكتاتوري الاستئصالي" الذي يدعمه سيستمر في البقاء، وأشارت الصحيفة إلى أن من المفترض أن يؤدي وقف إطلاق النار إلى استئناف المباحثات حول مستقبل سوريا، لكنها أعربت عن تشاؤمها من أن يتم ذلك، وقالت إن المسؤولين الأميركيين لا يزالون يتوقعون -بشكل غير منطقي- أن يتعاون بوتين في إجبار الأسد على مغادرة السلطة وفتح المجال لتشكيل حكومة جديدة، لكنها قالت إن أفضل ما يمكن أن يأمله المراقب هو تقسيم سوريا مع استمرار القتال وعدم الاستقرار بمستوى أقل من الآن، واختتمت قائلة إن بوتين ربما يبدأ سعيا لرفع العقوبات الغربية ضد روسيا مقابل تهدئة الصراع في سوريا وتخفيف معدل اللجوء المرافق إلى أوروبا، أو استئناف هجماته العسكرية لاستعادة قبضة النظام على حلب، معلقة بأن الرئيس الأميركي باراك أوباما قد منح بوتين هذه الخيارات مقابل تفادي تدخل واشنطن العميق في سوريا.
•قالت الكاتبة رولا خلف في مقالها بصحيفة فايننشال تايمز إن المعجزات لا تحدث في الشرق الأوسط وخاصة في سوريا، لكنها أردفت أن مستوى العنف في الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات، قد انخفض بشكل كبير منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ قبل أسبوعين، وأضافت أن هناك من المحللين من لا يعتبره وقف إطلاق نار بأية حال، وأنه مجرد "هدنة" أو "وقف للأعمال العدائية"، لأنه لا يزال هشا بحيث يمكن أن يتصدع في أي لحظة مما يؤدي إلى سفك الدماء على نطاق أوسع، ومع ذلك اعتبرت الكاتبة أي "فترة راحة قصيرة" أفضل من لا شيء على الإطلاق، وأن هذا الأمر كان أشبه بمعجزة لكثير من السوريين، حيث إن البعض بالفعل عادوا خلال الأسبوع الماضي يتفحصون بيوتهم المهجورة واستمتع البعض الآخر بليلة نوم هادئة نادرة من دون دوي المدفعية أو هدير الطائرات الحربية، وآخرون خرجوا مرة أخرى محتجين في الشوارع تذكيرا بالحرب الأهلية التي بدأت عام 2011 كانتفاضة سلمية ضد الطغيان.
ورأت خلف أنه إذا استمر وقف إطلاق النار صامدا فقد تتجه سوريا إلى ما يطلق عليه "الصراع المجمد" على غرار شرق أوكرانيا، حيث إن روسيا هي صاحبة القرار هناك أيضا.
وأضافت أن هذا الأمر قد لا يكون هو الطريق إلى السلام بقدر ما هو تقسيم فعلي للبلد إلى ثلاثة كيانات: واحد تحت سيطرة النظام السوري، وآخر تحت سيطرة الثوار، وثالث تحت السيطرة الكردية، وأوضحت الكاتبة أن القتال يمكن أن يكون مبررا بالرغم من اتفاق وقف إطلاق النار، لأن إحدى جماعات الثوار -وهي جبهة النصرة- مصنفة منظمة إرهابية، ولا يزال من الممكن استهدافها (بالإضافة إلى تنظيم الدولة) من قبل قوات الأسد والقوات الروسية، وأضافت أن وقف إطلاق النار يسمح لموسكو بمواصلة دعم سعي النظام السوري للسيطرة على كل المدن الكبرى، وإقامة ممر آمن من دمشق على طول الطريق إلى ساحل البحر المتوسط.
•يقول تقرير لمنظمة "سيف ذا تشيلدرن" (أنقذوا الأطفال) البريطانية إن الهدنة لم تؤد إلى وقف وفاة الأطفال، حيث ينتظرون الأدوية التي ستنقذ حياتهم على نقاط التفتيش، فيما اضطر الكبار لتناول الحشائش وعلف الحيوانات، ويشير التقرير إلى أن العائلات تقوم بحرق وسائد النوم من أجل الحصول على دفء هربا من برد الشتاء، واضطرت المدارس للعمل من تحت الأرض لتجنب البراميل المتفجرة، أما الجرحى جراء الغارات الجوية فقد تركوا يموتون بسبب نقص الأدوية ومواد التخدير والمسكنات والأدوية اللازمة لمن يعانون من أمراض مزمنة، بالإضافة إلى موت الأطفال بسبب قلة الطعام وحتى من داء الكلب بسبب نقص اللقاحات،ىوتذكر المنظمة أن الموت يحيط بالمدن والقرى المحاصرة من كل جانب، فلو لم يمت الناس من الجوع أو المرض، فإنهم يموتون بفعل رصاص القناصة وانفجار الألغام، وتعلق صحيفة "الغارديان" على التقرير بالقول إن "هذه المشاهد ليست من الحرب العالمية الثانية ومعسكرات الموت فيها، أو الغولاغ السوفييتي، بل هي واقع الحياة لأكثر من مليون سوري يعيشون في المناطق المحاصرة في مناطق مختلفة من البلاد، بحسب منظمة (سيف ذا تشيلدرن)"وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن المديرة التنفيذية للمنظمة تانيا ستيل، قولها: "يموت الأطفال من نقص الطعام والدواء في أجزاء مختلفة من سوريا، مع أن مستودعات الطعام ليست بعيدة عنهم، وهم يدفعون ثمن صمت العالم". وتضيف أن ربع مليون طفل يعيشون في المناطق المحاصرة، وفي ظروف تصفها المنظمة بأنها "سجن مفتوح"، وتبين الصحيفة أن تقرير المنظمة قام على سلسلة من المقابلات والنقاشات مع الآباء والأطفال والأطباء وعمال الإغاثة في المناطق المحاصرة، ويكشف التقرير عن الوحشية التي تتميز بها الحرب السورية، التي ستدخل عامها السادس الأسبوع المقبل، وقد قتل فيها أكثر من 450 ألف شخص.، وتلفت الصحيفة إلى أن معاناة الأطفال والناس في المناطق السورية المحاصرة هي إدانة لفشل المجتمع الدولي في وضع نهاية للأزمة، فلم تتلق سوى نسبة 1% من المناطق المحاصرة طعاما، فيما تلقت نسبة 3% عناية صحيةوينقل التقرير عن رحاب، التي تعيش في الغوطة قرب دمشق، قولها: "تمكن الخوف منا، وينتظر الأطفال دورهم في القتل، ويعيش الكبار بانتظار دورهم للموت"، وتفيد الصحيفة بأنه كان من المؤمل أن تؤدي الهدنة، التي شرع بتطبيقها قبل أكثر من عشرة أيام، إلى وصول المساعدات الإنسانية، إلا أن الناشطين وعمال الإغاثة يتهمون نظام بشار الأسد، الذي يسيطر على الحواجز، ويقوم بعمليات الحصار، بتأخير وصول المواد الإنسانية، في خرق واضح لشروط الهدنة، وينوه التقرير إلى أن وقف العمليات القتالية لم يخفف من معاناة سكان المناطق المحاصرة، التي يعيش فيها كما تقول منظمة أطباء بلا حدود 1.9 مليون نسمة، وبحسب تقرير "أنقذوا ألاطفال"، فإن كل الذين اتصلت بهم تحدثوا عن وفاة أطفال في مناطقهم المحاصرة، حيث أجبر السكان المحاصرون على تخفيف كمية الطعام في الوجبات اليومية، فيما لم يستطع آخرون الحصول على ما يكفي لوجبة طعام، وتكشف الصحيفة عن أن تقرير المنظمة يشير إلى مآس أخرى يعاني منها السكان تحت الحصار، مثل العنف الجنسي، وعمالة الأطفال، وجرائم السرقة، والعنف، وإغلاق المدارس بسبب الغارات الجوية، ونقص المواد التدريسية، وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن أحمد، الذي يعيش في بلدة دوما المحاصرة، يقول: "عندما أسمع صوت القصف أو الطائرات أشعر بالخوف وأسارع بالاختباء تحت السرير"، وتقول رحاب: "لم يعد هنا أطفال، بل هم كبار صغار في العمر".
•قال الكاتب محمد برهومة أن التداعيات والمخاطر المحتملة المخيفة لمشروع روسيا بشأن فيدرالية سورية، تجعل الأصوات تتصاعد محذرة من المسّ بالجغرافيا التي أرستها معاهدة "سايكس-بيكو" قبل مائة عام. وبالتأكيد أن صعود تنظيم "داعش" في سورية، منذ عامين على الأقل، مثّل ضربة للمعاهدة الأكثر شهرة ومؤامراتية في الشرق الأوسط. وبالتأكيد أيضا أن عودة سورية إلى ما كانت عليه قبل العام 2011 أُمنية صعبة التحقق قبل عقدٍ من الآن. لكنّ الطرح الفيدرالي الروسي يذهب إلى إنتاج جغرافيا سياسية تقطع الصلة كلية مع "سايكس-بيكو" ولا تقوم بتعديلات طفيفة عليها فقط،والجغرافيا السياسية التي ترغب موسكو في إرسائها في سورية بقوة الضربات الجوية، تلامس وتراً حسّاساً لدى الأكراد والعلويين من موقعين مختلفين لكلّ منهما. فإذ نشاهد صعوداً وانتعاشاً للهوية الكردية وأحلام الاستقلال وبناء كيانية على جغرافيا أغنى في الموارد والسكان والأرض، نرى أنّ مقترح أو مخطط موسكو لفيدرالية سورية يُقدَّمُ إلى العلويين كطوق نجاةٍ بعدما استنزفت حرب السنوات الست في سورية أبناء الطائفة العلوية، وأفنت طيفاً واسعاً من شبانها. ولا أدري إن كان ثمة مبالغة في القول إن العلويين سينظرون، ربما، إلى مقترح الفيدرالية بوصفها "غيتو" يحميهم ويمنع تقلّصهم واستنزافهم وخسارتهم، فيما سيستقبلها الأكراد بوصفها نتاجاً لصلابتهم وقوتهم المتصاعدة، ومحضهم من قبل الأميركيين والروس على حدّ سواء الدعمَ والإسناد والاعتراف بهم كشركاء أساسيين، والاستثمار فيهم إلى درجة عدم الاكتراث الأميركي بانزعاج أنقرة من تنامي هذا الاستثمار، وتقصّد موسكو إزعاجها عبر هذه الشراكة، التي أجهضت المنطقة الآمنة شمال سورية، وجعلت الصراع التركي-الكردي اليوم ينتقل إلى مرحلة جديدة ستتضح معالمها أكثر فأكثر إن قُيّض لمشروع الفيدرالية الجديد أن يرى النور، وهو احتمال واردٌ في ظلّ صمتٍ أميركي ملتبسٍ يُسهّل على بعضهم الاستنتاج المجانيّ والحديث عن "تفاهم أميركي-روسي" على إعادة رسم الخرائط وتعديل أوزان المكونات وإبعاد السنّة إلى جغرافيا أقل استراتيجية ونفوذاً وتأثيراهي وصفة للتدمير الذاتي، وإذا صحّ هذا الاتهام فإن تاريخ المنطقة يُذكّر بأنّ مشاريع الوحدة العربية القسرية التي تمتْ قبل عقود عُنوةً ومن دون ظروف كافية للنجاح أورثت أهل المنطقة مزيداً من المآسي والخيبات والتخلّف والضياع والعنف والتمزق، فكيف بمشاريع إعادة تقطيع "سايكس-بيكو" بالدم وغارات "السوخوي" والتشريد والقهر والصمت الأم، ومن المهم، على الأقل، بلورة رؤية عربية لقيادة جهد دبلوماسي وبناء خطوات وشراكات على الأرض تستهدف إقناع القوى الدولية بأن الاستعجال بفرض الحلول المشوّهة في سورية سيضرّ بالأمن الإقليمي والدولي ويُحفّز نوازع العنف والكراهية والإرهاب، ويستنزف موارد الجميع في سعيهم لمحاصرة ألسنة النيران ووقف الكارثة.
•تشن موناليزا فريحة في صحيفة "النهار" اللبنانية هجوما على سياسة الحكومة التركية في التعامل مع أزمة اللاجئين، قائلة: "تستغل أنقرة على نحو فاضح معاناة اللاجئين السوريين الهاربين من الحرب لتحقّق مكاسب اقتصادية وسياسية على حساب الدول الأوروبية المرتبكة حيال التعامل مع أزمة إنسانية تتحول أزمات سياسية واقتصادية في عدد من تلك الدول".
وتضيف الكاتبة: "إذا كانت السياسة هي المحرك الوحيد لتركيا في إدارتها لملف اللاجئين، من المعيب أن تتواطأ أوروبا في تحويل هؤلاء النساء والأطفال والشيوخ مجرد بيادق في لعبة الشطرنج الدولية".
•يتهم أحمد منصور في "الوطن" القطرية الحكومات الأوروبية بأنها تتعامل مع اللاجئين بـ" قهر وتسلط وعنصرية وظلم"،ويضيف الكاتب: "كل هؤلاء اللاجئين هم ضحايا للسياسات الأوروبية والأمريكية وللحروب التي أشعلها هؤلاء وتركوا نيرانها تحرق الأخضر واليابس".
•يرى فيصل جلول في "الخليج" الإماراتية أن "التراجع التركي عن الامتناع عن استقبال المرفوضين من أوروبا يشكل منعطفاً" في قضية اللاجئين، معللا أن "المرشحين الجدد للهجرة سيكون بعلمهم من الآن فصاعداً أن احتمال استقبالهم سيكون ضعيفاً وبالتالي لا يستحق مغامرة الهجرة"، ويضيف الكاتب أن "الحل الأمثل لمشكلة الهجرة إلى أوروبا يكمن في إقفال النزاع السوري الذي ألقى ويلقي بكتل بشرية مستقرة في أراضيها على دروب الجلجلة".