
يهود دمشق يؤكدون انتماءهم لسوريا ويرفضون الاحتلال الإسرائيلي
أجرت وكالة الأناضول لقاءً مع أفراد الطائفة اليهودية المتبقية في دمشق، حيث عبّروا عن تمسكهم بانتمائهم لسوريا، ورفضهم القاطع للاحتلال الإسرائيلي للأراضي السورية، مؤكدين أنهم جزء أصيل من النسيج الوطني السوري، ولا تربطهم أي علاقة بإسرائيل التي لا تمثلهم بأي شكل من الأشكال.
بحور شمطوب، زعيم الطائفة الموسوية في سوريا، قال للأناضول إنه عاش طفولته في دمشق ولم يفكر يومًا بمغادرتها، مؤكدًا: “أنا سوري، وهذا وطني، أحب دمشق وأهلها، وأعيش بين الجميع دون تمييز ديني. لم أواجه أي مشاكل مع أي طائفة، بل الجميع هنا يعرفني ويحبني، ولهذا لم أغادر”.
وأضاف شمطوب أن وضع اليهود في سوريا تغيّر بشكل كبير بعد سقوط نظام البعث، لكنه استذكر كيف كانت القيود مفروضة عليهم في الماضي، قائلاً: “في عهد حافظ الأسد، كانت هناك قيود شديدة، لم يكن يُسمح لنا بالسفر أو امتلاك العقارات، وكانت بطاقات هوياتنا تحمل كلمة ‘موسوي’ بخط أحمر كبير”.
وأشار إلى أن هذه القيود استمرت لعقود، موضحًا أن النظام السابق كان يُخضع اليهود لمراقبة أمنية مستمرة، وكان التعامل معهم محفوفًا بالمخاطر. وقال: “في الماضي، إذا تحدثت مع فتاة من غير اليهود، كان يتم استدعاؤها للتحقيق من قبل فرع الأمن المعروف باسم ‘فرع فلسطين’، فقط لأنني يهودي”.
الهجرة الجماعية عام 1992
تحدث شمطوب عن هجرة معظم اليهود السوريين عام 1992، عندما سمح لهم حافظ الأسد بالمغادرة بوساطة أمريكية، قائلاً: “كنا مثل الطيور المحبوسة في قفص، وبمجرد فتح الباب، طار الجميع. هاجر العديد من اليهود وتركوا منازلهم وأعمالهم خلفهم، بينما تمكن آخرون من بيع ممتلكاتهم قبل الرحيل”.
وأوضح أنه بعد موجة الهجرة، بقي في سوريا حوالي 30 يهوديًا، لكن هذا العدد تقلص اليوم إلى 7 فقط، بينهم 3 نساء، معظمهم يقطنون في الأحياء القديمة من دمشق.
إسرائيل لا تمثلنا.. والاحتلال يجب أن ينتهي
وفيما يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي السورية، أكد شمطوب للأناضول أن إسرائيل ستنسحب في النهاية، وقال: “ما تفعله إسرائيل خطأ، ولكنهم لا يستمعون لأحد لأن الولايات المتحدة وأوروبا تدعمانهم”.
وعندما سُئل إن كان يرى إسرائيل ممثلًا له، أجاب بحزم: “إسرائيل لا تمثلنا على الإطلاق. هم شيء، ونحن شيء آخر. هم إسرائيليون، ونحن سوريون”.
سرقة ممتلكات اليهود بعد هجرتهم
التاجر الدمشقي اليهودي، سليم دبدوب، قال للأناضول إنه اضطر للانفصال عن عائلته عام 1992 عندما غادروا سوريا، لكنه بقي في دمشق لإدارة أعماله، حيث يمتلك متجرًا للتحف الأثرية في سوق الحميدية.
وأوضح دبدوب أن بعض ممتلكات اليهود الذين غادروا لا تزال قائمة، لكن بعضها الآخر تم الاستيلاء عليه بطرق غير مشروعة، مشيرًا إلى أن عمليات التزوير لعبت دورًا رئيسيًا في الاستيلاء على عقارات اليهود، وقال: “بعض المتورطين في الاستيلاء على ممتلكات اليهود كانوا على صلة بالنظام السابق، حيث زوّروا الوثائق الرسمية للاستيلاء على المنازل والمحلات التجارية”.
كما عبّر دبدوب عن أمله في إعادة فتح المعابد اليهودية في سوريا، موضحًا: “لدينا كنيس هنا، وأحيانًا يأتي رئيس الطائفة ويفتحه، فيجتمع عدد قليل من الأشخاص، لكن لا تُقام الصلوات فيه بشكل مستمر. أفتقد مجتمعي وعائلتي، وأتمنى أن يعود جميع اليهود السوريين لبلدهم”.
نهاية حقبة الخوف والرقابة الأمنية
تحدث دبدوب عن التحوّل الذي شهدته سوريا بعد سقوط نظام الأسد، قائلاً: “في الماضي، كنا نعيش تحت المراقبة المستمرة من قبل أجهزة الأمن، وكان هناك خوف دائم. أما اليوم، لم يعد هناك خوف، لم يعد أحد يراقبنا أو يفرض علينا قيودًا”.
وأكد أنه يتمتع الآن بحرية أكبر، قائلًا: “في السابق، كان التحدث مع الأجانب خطرًا، أما اليوم فنحن نعيش بحرية أكبر من أي وقت مضى”.
عودة مرتقبة لليهود السوريين
أشارت وكالة الأناضول في تقريرها إلى أن سقوط نظام البعث عام 2024 فتح الباب أمام احتمالات عودة العديد من اليهود السوريين إلى وطنهم بعد عقود من الغياب.
وفي 18 شباط/فبراير الماضي، عاد الحاخام يوسف حمرا إلى دمشق بعد 33 عامًا من مغادرتها، مما يشير إلى إمكانية عودة المزيد من العائلات اليهودية التي غادرت البلاد في التسعينيات.
إسرائيل تستغل الوضع الجديد في سوريا
وذكرت وكالة الأناضول في تقريرها أن الاحتلال الإسرائيلي استغل الوضع الجديد في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، حيث وسّع سيطرته على الجولان السوري، واحتل المنطقة العازلة، وأعلن انهيار اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974.
كما استغلت تل أبيب الوضع العسكري في سوريا بعد سقوط النظام، وقصفت عشرات الأهداف ومخزونات الأسلحة الاستراتيجية التابعة للجيش السوري السابق، في محاولة لفرض واقع جديد في المنطقة.
ختمت وكالة الأناضول تقريرها بالإشارة إلى أن يهود دمشق، رغم معاناتهم السابقة، يشعرون اليوم بتحسن الأوضاع، ويأملون في استعادة حياتهم الطبيعية في بلدهم الأم، مع استمرار الجهود لإعادة بناء سوريا جديدة قائمة على العدالة والمواطنة المتساوية.