![هيومن رايتس ووتش :: مستقبل غامض لمخيمات شمال شرق سوريا بعد تعليق أمريكا مساعداتها](/imgs/posts/2025/2/1739008055415.webp)
هيومن رايتس ووتش :: مستقبل غامض لمخيمات شمال شرق سوريا بعد تعليق أمريكا مساعداتها
تواجه الأوضاع في مخيمَي الهول وروج في شمال شرق سوريا تصاعدًا خطيرًا في التوترات الأمنية والإنسانية بعد شهرين من سقوط نظام الأسد، حيث لا يزال عشرات الآلاف من المحتجزين يعيشون في ظروف مأساوية تهدد حياتهم، وفقًا لتقرير جديد صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش.
وأكد التقرير أن تعليق الحكومة الأمريكية مساعداتها للمنظمات غير الحكومية العاملة في هذه المخيمات أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، مما زاد من هشاشة الوضع الأمني في المنطقة، وترك المخيمات عرضة لمزيد من التدهور في ظل تصاعد الاشتباكات بين الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية منذ سقوط النظام السابق.
غياب الاستقرار وتهديدات أمنية متزايدة
حذّرت هيومن رايتس ووتش من أن غياب أي حلول ملموسة لاستعادة المحتجزين الأجانب في المخيمات، واستمرار احتجازهم بشكل غير قانوني منذ أكثر من ست سنوات، سيؤدي إلى تأجيج عدم الاستقرار في المنطقة. وطالبت جميع الحكومات بالتحرك سريعًا لاستعادة مواطنيها العالقين هناك، مع ضمان توفير الإجراءات القانونية للمتهمين بالارتباط بتنظيم داعش، ووقف الاحتجاز التعسفي لأولئك الذين لم تثبت عليهم أي تهم.
وأوضحت هبة زيادين، الباحثة الأولى في شؤون الشرق الأوسط لدى المنظمة، أن “المحتجزين في مخيمَي الهول وروج لا يمكن أن يظلوا عالقين إلى الأبد”، مشيرةً إلى أن على المجتمع الدولي إدراج أوضاعهم ضمن المناقشات حول مستقبل سوريا.
تعليق المساعدات الأمريكية وتأثيرها الكارثي
في خطوة زادت الوضع سوءًا، أوقفت الحكومة الأمريكية تمويلها للمنظمات الإنسانية التي تدير المخيمات، مما أثر بشكل فوري على الخدمات الأساسية، مثل توزيع المياه والوقود، وأدى إلى تعليق عمل منظمة “بلومونت” المسؤولة عن إدارة المخيمات.
وأكد عامل إغاثة دولي أن تعليق التمويل وضع جميع العمليات الإغاثية في خطر، إذ لم تعد المنظمات قادرة على تأمين السلع الضرورية. وأشار إلى أن المخيمات فقدت الحراس الأمنيين والخدمات اللوجستية الأساسية بعد أن اضطرت المنظمات إلى وقف عملياتها، مما زاد من هشاشة الوضع الأمني في المخيمات، التي تؤوي أكثر من 42,500 شخص، معظمهم من النساء والأطفال.
ورغم إصدار وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إعفاءً مؤقتًا لمدة أسبوعين لاستئناف المساعدات الإنسانية، إلا أن الوضع لا يزال غير مستقر، وسط مخاوف من أن يكون هذا الإعفاء مجرد إجراء مؤقت لن يحل الأزمة طويلة الأمد.
الاشتباكات تعمّق الأزمة وتحول الموارد بعيدًا عن المخيمات
أثرت المواجهات العسكرية المستمرة بين قوات قسد والجيش الوطني السوري بشكل كبير على الوضع في المخيمات، حيث أكدت قوات سوريا الديمقراطية أن المعارك مع الجيش الوطني وتركيا أجبرتها على سحب جزء كبير من قواتها من تأمين المخيمات والسجون.
وفي مقابلة مع سكاي نيوز، صرح القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية اللواء مظلوم عبدي بأن قواته تعاني من ضغوط عسكرية هائلة بسبب النزاع المستمر، مما أثر على قدرتها في الحفاظ على أمن المخيمات.
تردد الدول في إعادة مواطنيها واستمرار الاحتجاز التعسفي
ورغم تحذيرات المجتمع الدولي، لا تزال العديد من الحكومات مترددة في إعادة مواطنيها المحتجزين، حيث أشارت التقارير إلى أن 36 دولة فقط قامت بإعادة بعض مواطنيها منذ عام 2019، بينما لا تزال دول أخرى ترفض ذلك تمامًا.
فرنسا، على سبيل المثال، لا تزال ترفض إعادة عدد من مواطنيها، رغم انتقادات لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. كما لم تعلن أي نية لاستعادة المحتجزين حتى بعد سقوط نظام الأسد.
من ناحية أخرى، قامت أستراليا بإعادة 24 مواطنًا فقط، فيما رفضت محكمتها الفيدرالية طلبًا لإجبار الحكومة على إعادة 20 طفلًا و11 امرأة أستراليين من المخيمات.
ويظل العراق الدولة الأكثر نشاطًا في إعادة مواطنيه، حيث استعاد أكثر من 10 آلاف شخص من المخيمات، بينما أعادت باقي الدول مجتمعة حوالي 3,365 شخصًا فقط، معظمهم أطفال.
المخيمات تهدد مستقبل سوريا والمنطقة
تؤكد هيومن رايتس ووتش أن استمرار هذا الوضع يشكل تهديدًا خطيرًا لمستقبل سوريا والمنطقة ككل، حيث أن احتجاز المحتجزين بشكل غير قانوني، وعدم توفير إجراءات قانونية عادلة لهم، يعزز التطرف وعدم الاستقرار.
كما حذّرت المنظمة من أن الاحتجاز الجماعي لعائلات عناصر داعش يمكن أن يؤدي إلى عقاب جماعي محظور دوليًا، داعيةً الحكومات إلى إيجاد حلول قانونية لمستقبل هؤلاء المحتجزين، وضمان إعادة دمجهم بشكل آمن في مجتمعاتهم الأصلية.
وختمت زيادين تصريحها بالقول: “الظروف المزرية في مخيمَيْ الهول وروج لن تتحسن بدون إجراءات عاجلة، ويجب ألا يستمر هذا الوضع المأساوي الذي دام لست سنوات. أرواح الآلاف، معظمهم أطفال، لا تزال معلقة في الفراغ، ويجب وضع حد لهذا الوضع الكارثي فورًا”.