
هي الأولى .. زيارة "الشرع" إلى موسكو تفتح فصلاً جديداً في العلاقات السورية الروسية
أعلنت الرئاسة السورية، عن زيارة هي الأولى من نوعها، يجريها الرئيس أحمد الشرع إلى روسيا اليوم الأربعاء، موضحة أن اللقاء سيجمعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبحث سبل تعزيز التعاون بين البلدين.
وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء "سانا" أن زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى موسكو تأتي في إطار إعادة تنظيم العلاقات الثنائية بين سوريا وروسيا، ومناقشة ملفات التعاون السياسي والاقتصادي.
وأوضحت مديرية الإعلام في رئاسة الجمهورية أن اللقاء بين الرئيسين سيشمل بحث المستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، إلى جانب سبل تطوير التعاون بما يخدم المصالح المتبادلة بين البلدين. كما سيجتمع الشرع بأبناء الجالية السورية المقيمين في روسيا.
وكان الكرملين قد أعلن في فبراير الماضي عن محادثة هاتفية جرت بين الرئيسين أحمد الشرع وفلاديمير بوتين، أكد خلالها بوتين استعداد روسيا الدائم لدعم سوريا في تحسين أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية، وتقديم المساعدات الإنسانية للسكان، مشيرا إلى أهمية استمرار التعاون العملي في المجالات التجارية والتعليمية والاقتصادية.
وفي سياق متصل، زار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني موسكو في يوليو الماضي والتقى نظيره الروسي سيرغي لافروف، حيث شدد لافروف على دعم روسيا لوحدة الأراضي السورية وسيادتها، مؤكدا أن موسكو ترفض تحويل سوريا إلى ساحة للمنافسة الجيوسياسية بين القوى الكبرى، وتدعو إلى تنسيق الجهود الدولية لحماية الاستقرار.
من جانبه، أوضح الوزير الشيباني أن دمشق تتطلع إلى تعاون كامل وصادق مع موسكو في دعم مسار العدالة الانتقالية في سوريا، مشيرا إلى أن الجانب السوري لمس انفتاحا كبيرا من القيادة الروسية، وأن العلاقات بين البلدين تسير نحو شراكة استراتيجية متميزة في المرحلة المقبلة.
وفي مقابلة خاصة مع برنامج "60 دقيقة" على قناة CBS الأميركية، أكد الرئيس أحمد الشرع، أن استقرار سوريا اليوم يشكل فرصة تاريخية للمنطقة والعالم، مشيراً إلى أن التجربة السورية بعد الحرب تمثل نموذجاً للتحول من الألم إلى الأمل، ومن الدمار إلى البناء.
وحول العلاقة مع روسيا، أوضح الرئيس الشرع أن الدخول في صراع معها حالياً "سيكون مكلفاً ولا يخدم مصلحة سوريا"، مشيراً إلى أن السياسة الخارجية السورية اليوم قائمة على الواقعية والتوازن لا على المواجهة.
وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد أكد في تصريحات سابقة أن الحكومة السورية ملتزمة بمحاسبة كل من ارتكب جرائم بحق المدنيين خلال فترة حكم النظام البائد، مشدداً على أن سوريا "لن تسمح بطي صفحة الجرائم دون تحقيق العدالة"، وأنها ستستخدم جميع الوسائل القانونية لملاحقة "الإرهابي الفار بشار الأسد" والمتورطين معه في الجرائم ضد الشعب السوري.
وفي تقرير أصدرته الشبكة السورية لحقوق الإنسان، بمناسبة الذكرى العاشرة للتدخل العسكري الروسي في سوريا، طالبت الشبكة موسكو بتقديم اعتذار رسمي ودفع تعويضات للضحايا وتسليم بشار الأسد إلى العدالة الدولية.
وأكدت الشبكة في ختام تقريرها أن أي انفتاح سياسي جديد بين سوريا وروسيا يجب أن يبدأ باعتراف رسمي من موسكو بمسؤوليتها عن الجرائم المرتكبة، وتسليم الأسد إلى العدالة، وإطلاق برنامج شامل لجبر الضرر وتعويض الضحايا، بما يضمن تحقيق العدالة الانتقالية الحقيقية التي تضع حقوق الضحايا في صميم عملية إعادة الإعمار.
حصيلة الانتهاكات الروسية الموثَّقة (30 أيلول/سبتمبر 2015 – 8 كانون الأول/ديسمبر 2024)
وذكر التقرير حصيلة أبرز الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الروسية منذ تدخلها العسكري في سوريا في 30 أيلول/سبتمبر 2015 حتى سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024؛ إذ وثَّقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 6993 مدنياً، بينهم 2061 طفلاً و984 سيدة (أنثى بالغة).
كما وثَّقت الشَّبكة ما لا يقل عن 363 مجزرة ارتكبتها القوات الروسية خلال الفترة ذاتها، وهو ما يدل على اعتمادٍ واسع النطاق على الهجمات العشوائية أو غير المتناسبة، ويؤكد أنَّ التدخل الروسي كان عاملاً أساسياً في تصعيد معاناة المدنيين وارتكاب انتهاكات ترقى إلى جرائم حرب.
ووثَّقت الشَّبكة أيضاً مقتل ما لا يقل عن 70 من أفراد الطواقم الطبية، بينهم 12 سيدة (أنثى بالغة)، إضافة إلى مقتل ما لا يقل عن 24 من أفراد الطواقم الإعلامية على يد القوات الروسية خلال الفترة ذاتها.
وسجَّلت الشَّبكة ما لا يقل عن 1262 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، بينها 224 مدرسة، و217 منشأة طبية، و61 سوقاً، على يد القوات الروسية منذ تدخلها وحتى سقوط نظام بشار الأسد. وقد جاءت محافظة إدلب في صدارة المحافظات من حيث عدد حوادث الاعتداء، تلتها حلب ثم حماة، بما يعكس نمطاً ممنهجاً في استهداف المرافق المدنية.
ورصدت الشَّبكة الدور السياسي لروسيا في تعطيل قرارات مجلس الأمن، والتصويت ضد إدانة نظام الأسد، والتلاعب بآليات المساعدات، إضافة إلى حملات التضليل الإعلامي. ورغم ما تعرَّضت له من هجمات وتشويهٍ منظَّمَين، واصلت الشَّبكة إصدار تقارير دقيقة أسهمت في توثيق انتهاكات ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.