
هولندا تبحث مع دمشق خطة لإعادة اللاجئين السوريين ورفع دعم العودة الطوعية
كشفت وسائل إعلام هولندية، عن أن أمستردام بدأت مشاورات رسمية مع الحكومة السورية في دمشق حول ملف عودة اللاجئين السوريين من هولندا إلى وطنهم، وسط توجه أوروبي متزايد نحو مراجعة سياسات اللجوء بعد استقرار الأوضاع الأمنية في سوريا.
زيارة رسمية إلى دمشق بعد قطيعة طويلة
وأفادت هيئة الإذاعة الهولندية (NOS) أن وزيرة الدولة للتجارة الخارجية أوكجي دي فريس أجرت مباحثات في دمشق مع عدد من المسؤولين في الحكومة السورية، من بينهم وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات، لبحث "العودة الطوعية" وإمكانية التعاون في ملفات إعادة الإعمار والخدمات العامة.
وتُعد هذه الزيارة الأولى لمسؤول حكومي هولندي إلى سوريا منذ عام 2009، ما اعتبرته الصحافة الهولندية "إشارة سياسية مهمة" على تغير المقاربة الأوروبية تجاه الملف السوري.
دعم العودة الطوعية وزيادة الحوافز المالية
وخلال زيارتها، أكدت دي فريس أن السلطات السورية أبدت اهتماماً واضحاً بعودة مواطنيها للمساهمة في إعادة بناء البلاد، لكنها أشارت في الوقت نفسه إلى أن الدمار في المدارس والمستشفيات والبنى التحتية لا يزال واسعاً رغم جهود الإعمار والمساعدات الإنسانية التي تقدمها هولندا، خاصة في مجال إزالة الألغام وتقديم الدعم الإغاثي.
وفي هولندا، أعلن وزير الهجرة ديفيد فان ويل أمام البرلمان أن الحكومة رفعت دعم إعادة الإدماج إلى 5000 يورو للبالغ و2500 يورو للطفل، مع تغطية تكاليف الرحلات الجوية إلى سوريا، في خطوة تهدف إلى تشجيع اللاجئين على العودة الطوعية.
وأشار الوزير إلى أن نحو 800 لاجئ سوري عادوا طوعاً خلال العام الحالي، في حين نظّمت الحكومة في أيلول/سبتمبر أول رحلة طيران مباشرة إلى سوريا ضمن هذا البرنامج.
موقف دمشق: لا عودة قسرية
من جانبها، أكدت الوزيرة السورية هند قبوات خلال لقائها نظيرتها الهولندية أن سوريا "بحاجة إلى عودة جميع أبنائها"، لكنها شددت على أن العودة يجب أن تبقى طوعية، مشيرة إلى أن المدن لا تزال متضررة وأن فرص العمل محدودة.
وقالت قبوات: "لا يمكنني أن أطلب من الناس العودة بينما لا تزال مدارسهم ومنازلهم مدمرة، فالعودة القسرية ستخلق أزمة جديدة في البلاد"، مؤكدة أن دمشق تعتبر هولندا نموذجاً في احترام القانون الدولي والإنساني، وتقدّر استمرارها في تقديم المساعدات الإنسانية.
عودة تدريجية وتحديات لوجستية
ورغم عدم وجود سفارة هولندية في دمشق منذ عام 2012، ما يعقّد التنسيق الدبلوماسي بشأن الترحيلات، تعمل الحكومتان على وضع آليات قانونية للتواصل وضمان عودة آمنة ومنظمة.
وذكرت وكالة الإحصاء الوطنية الهولندية أن السوريين لم يعودوا يشكلون النسبة الأكبر من طالبي اللجوء الجدد، لكنهم ما زالوا يمثلون ثلثي حالات لمّ الشمل العائلي خلال العام الجاري، ما يعكس استمرار الروابط العائلية القوية بين المقيمين في هولندا وأقاربهم في سوريا.
سياق أوروبي متحوّل
ويأتي هذا التطور بينما تشهد أوروبا نقاشاً متصاعداً حول إعادة النظر في تصنيف سوريا كبلد غير آمن، مع تزايد الدعوات إلى تحويل المساعدات من الإيواء إلى دعم الإعمار والعودة الطوعية، ويرى مراقبون أن انفتاح هولندا على دمشق يمثل مؤشراً على تحول سياسي تدريجي، يهدف إلى الانتقال من إدارة أزمة اللجوء إلى معالجة جذورها عبر دعم الاستقرار في سوريا.