
"نيويورك تايمز": عيد فصح هادئ في دمشق واختبار أول لحكومة ما بعد الأسد
أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن العاصمة السورية دمشق شهدت احتفالات هادئة بعيد الفصح، في أول مناسبة دينية كبيرة تمر على البلاد بعد سقوط نظام بشار الأسد، معتبرة أن هذه المناسبة شكّلت اختباراً فعلياً لحكومة الرئيس الجديد أحمد الشرع في تعاملها مع مكونات المجتمع، لا سيما الطائفة المسيحية.
ونقلت الصحيفة عن إحدى السيدات المشاركات في الاحتفالات قولها إنها شعرت بالأمان "وكأن شيئاً لم يتغير"، مشيدة بوجود عناصر أمنية عند مداخل الحي السكني، ورأت في ذلك مؤشراً واضحاً على التزام الحكومة الجديدة بحماية الأحياء المسيحية وتوفير أجواء مستقرة للطقوس الدينية.
في المقابل، عبّر رئيس لجنة مجتمعية بإحدى الكنائس الأرمنية في المدينة عن قلقه من اقتصار حالة الهدوء على العاصمة فقط، متسائلاً: "ربما أرادت الحكومة أن تقدم صورة التسامح والانفتاح أمام الصحفيين والزوار، لكن ماذا عن باقي المحافظات؟ وهل سيكون هذا السلام شاملاً؟".
أما في كاتدرائية مريمية للروم الأرثوذكس، فقد تحدثت إحدى السيدات المشاركات في القداس عن شعورها بالاطمئنان والأمل، قائلة: "اعتدنا على العيش بحرية، ونأمل ألا تكون لدى القادمين الجدد أي مشكلة معنا".
وترى الصحيفة أن هذه المناسبة حملت أبعاداً رمزية مهمة في سياق التحوّلات السياسية التي تشهدها البلاد، إذ وضعت الحكومة الجديدة أمام اختبار مزدوج: الحفاظ على الاستقرار الأمني، وتقديم تطمينات ملموسة لأقليات دينية طالما عاشت في حالة قلق متزايد خلال سنوات الحرب.
الكنيسة تقترح تقليص احتفالات الشعانين.. والسلطات تُطمئن وتتعهد بالحماية الأمنية
أحيت الطوائف المسيحية في سوريا طقوس أحد الشعانين، يوم الأحد 13 نيسان، في مشهد احتفالي عمّ الكنائس من دمشق إلى حلب وطرطوس واللاذقية، وسط إجراءات أمنية مشددة فرضتها السلطات في محيط الكنائس، تحسباً لأي طارئ قد يعكّر أجواء المناسبة التي تسبق عيد الفصح بأسبوع، وتأتي هذه الاحتفالات في ظل مخاوف أمنية لا تزال تلقي بظلالها على البلاد، في أعقاب حوادث دموية شهدتها مناطق الساحل في آذار/مارس الماضي.
وفي تصريح لصحيفة "الشرق الأوسط"، قال الأب سلامة سمعان من بطريركية الروم الكاثوليك بدمشق، إن الكنيسة كانت قد عرضت على السلطات الأمنية إبقاء الاحتفالات ضمن حرم الكنائس تجنبًا لتحمّل الأجهزة الأمنية أعباء إضافية، في ظل الظروف الحالية، إلا أن السلطات رفضت تغيير الطقوس المعتادة، مؤكدة التزامها الكامل بتأمين الحماية.
وأوضح أن قوى الأمن كثّفت من تواجدها حول الكنائس الكبرى، حيث تم تطويق المحيط وتفتيش السيارات ومنع سير الدراجات النارية، بالتنسيق مع لجان الأحياء، مشيراً إلى أن المخاوف الأمنية كانت حاضرة، خصوصًا مع ازدياد احتمالات حدوث أعمال تخريب أو اعتداءات في ظل أي تجمعات جماهيرية.
احتفالات واسعة وانتشار أمني كثيف
ورغم التحديات، خرجت مواكب "زياح الشعانين" وفرق الكشافة في شوارع أحياء باب شرقي وباب توما والقصاع بدمشق، وسط أجواء احتفالية وروحانية، بمشاركة واسعة من أبناء الرعية، فيما لعبت جهود الأهالي والأجهزة الأمنية دورًا كبيرًا في تأمين سير الطقوس بسلام.
وشهدت مدينة حلب ومدن أخرى شمال وغرب البلاد فعاليات مماثلة، تزامناً مع احتفال الكنائس التي تتبع التقويمين الشرقي والغربي بيوم أحد الشعانين في ذات التاريخ هذا العام. وظهرت مواكب الكشافة في شوارع طرطوس واللاذقية وسط حضور أمني مكثف، حيث حرص المواطنون من مختلف المكونات على تهنئة المسيحيين ومشاركتهم الفرحة.
وفي مدينة القصير بريف حمص الغربي، أكد زيد حربا، عضو فريق "سامي" التطوعي، أن أعضاء الفريق زاروا كنيسة القصير وشاركوا الأصدقاء المسيحيين في إحياء المناسبة، في مشهد عكس روح التآخي والمواطنة المشتركة.