
نقص الأصناف وزيادة في الأسعار.. أزمة دواء متفاقمة في سوريا
اشتكى عدد من المواطنين في سوريا من نقص حاد في الأدوية، لا سيما تلك الخاصة بالأمراض المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم، وسط توقف العديد من الشركات عن الإنتاج، وغلاء الأسعار وتفاوتها دون رقابة.
ومع تفاقم الأزمة، يعاني السوريون أيضًا من الارتفاع الجنوني في الأسعار، التي لم تتأثر بانخفاض سعر صرف الدولار، مما يزيد من الأعباء الصحية والمالية على المواطنين.
ويبدو أن انخفاض أسعار الأدوية أمر غير قابل للتحقق من وجهة نظر المعامل، التي تؤكد أنها سعّرت منتجاتها اعتمادًا على سعر دولار المصرف المركزي حين كان محددًا بـ10,000 ليرة سورية.
وبما أن سعر الدولار الرسمي حاليًا هو 13,200 ليرة، فإن أسعار الأدوية غير قابلة للتخفيض، مع وجود عروض تشجيعية وتراجع في المبيعات، وقال موزع أدوية في دمشق إن معظم المستودعات تلجأ لتقديم العروض.
وذلك بسبب تراجع العمل بنسبة 150%، فالصيدليات متوقفة عن الطلبيات بسبب ضعف الطلب، مع عدم توفر كثير من منتجات شركات “بحري”، و”آسيا”، و”ابن حيان”، وغيرها، ومن بينها أدوية هامة مثل أدوية الغدة، ومضادات الالتهاب، وأدوية السكري.
ويواجه القطاع الصحي في سوريا منذ فترة طويلة تحديات مستمرة خاصة بتوفر الدواء، بتأثير الحرب والأزمات المتلاحقة منذ عام 2011، وطالت الانعكاسات الحتمية للأوضاع الصعبة الخاصة بتوفر الأدوية والمستلزمات الطبية شريحة كبيرة من المرضى.
وفي الأسابيع القليلة التي تلت سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، تحسّنت الأوضاع الخاصة بتوفر الأدوية. وأشارت بيانات رسمية إلى أن أكثر من 100 معمل لإنتاج الأدوية الأساسية استأنفت العمل، وأكدت أن النقص الحالي في الأدوية يقتصر على أنواع يجري العمل على توفيرها.
وصرح الدكتور إبراهيم وليد الحساني، الذي يشرف على الرقابة والبحوث الدوائية والمختبرات والشؤون الصيدلانية في وزارة الصحة في الحكومة الحالية، لـ”العربي الجديد”: “ليس دقيقًا أبدًا ما يُثار عن وجود نقص شديد في الأدوية الأساسية.”
وفعليًا يشهد قطاع الأدوية تطورًا ملحوظًا في الوقت الحالي، حيث يوجد أكثر من 100 معمل تُنتج جميع الأنواع الأساسية، وتلك الخاصة بعلاج الأمراض المزمنة والهرمونية والسرطان والأنسولين، ومحاليل غسيل الكلى، والسيرومات.
ويفيد تقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية في مايو/أيار الماضي، بأن تفشي الأمراض بشكل متكرر في سوريا، والجفاف الطويل، والأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، وانعدام الأمن الغذائي، عوامل تساهم في ارتفاع معدلات الوفيات والمرض وزيادة الاحتياجات الإنسانية.
ورغم التحسن الملحوظ في توفر الأدوية، لا تزال الأوضاع المعيشية عائقًا أمام السكان في توفير الأدوية، ما يتطلب المزيد من السعي الحكومي والتعاون مع المنظمات الدولية لضمان استمرار الخدمات الصحية.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن أكثر من 15 مليون شخص في حاجة ماسة إلى رعاية صحية في سوريا، ومن بينهم ملايين السوريين النازحين داخليًا. تعرضت معظم المرافق الصحية لأضرار، وتجاوزت قدرتها على استقبال المرضى، أو ببساطة تعاني من نقص التمويل.