من بوابة الملفات الإنسانية .. إدارة "قسد" الذاتية تبحث عن اعتراف دولي لشرعنتها
اعتبر المحلل السياسي السوري الكردي إبراهيم مسلم، أن العرض الذي قدمته "إلهام أحمد" للحكومة الألمانية حول استقبال اللاجئين المرحلين من ألمانيا في مناطق سيطرتها، هو محاولة لـ"الحصول على اعتراف برلين بـ "الإدارة الذاتية".
وعبر المحلل في حديث لموقع "العربي الجديد"، عن اعتقاده بأن تصريحات أحمد "تحمل الكثير من التناقض"، موضحاً أن "الإدارة الذاتية دائمة الإدانة لممارسات تركيا والنظام السوري وإيران في إحداث تغيير ديمغرافي في سورية، وهي اليوم (الإدارة) تعرض بناء وحدات سكنية لإسكان أناس هم من خارج الشمال الشرقي من سورية".
ورأى أن هذا التوجّه "يخدم بشكل أو بآخر التغيير الديمغرافي الذي يحدث في سورية، ناهيك عن خطورة المرحّلين الذين من الممكن وصولهم إلى شمال شرقي سورية كون الجانب الألماني سيرحّل الأشخاص الذين يشكلون خطراً على أمنه".
ووفق "العربي الجديد" فإن "الإدارة الذاتية"، الذراع الإدارية والمدنية لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في شمال شرقي سورية، تبحث عن دور سياسي مهم في المشهد السوري وعن اعتراف سياسي في أوساط غربية، من خلال ملفات إنسانية لها علاقة باللاجئين وخصوصاً أولئك الموجودين في أوروبا.
وأبدت الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في "الإدارة الذاتية" إلهام أحمد، في تصريحات لموقع "ان تي في" الألماني نشرت السبت الماضي، عن استعداد هذه الإدارة لاستقبال اللاجئين السوريين الراغبين في العودة الطوعية إلى مناطق شمال وشرق سورية.
وقالت إن الإدارة بنت نظاماً تعليمياً ومستشفيات وجهازاً إدارياً "من الصفر تقريباً"، مشيرة إلى أن جهاز الأمن الداخلي والخارجي يضم نحو 100 ألف فرد.
وأضافت أن الإدارة بنت 4500 مدرسة، مشيرة إلى أن هذه الإدارة "تساوي بين الجنسين وحرية الدين منصوص عليها في القانون". وطالبت أحمد بـ"إنشاء بنية تحتية وتحسين الوضع الاقتصادي، والمساعدة في إعادة الإعمار" في المناطق الخاضعة لسيطرتها، واقترحت البدء ببناء وحدات سكنية صغيرة قبل تجهيز البنية التحتية اللازمة للوحدات الأكبر حجماً، بحسب قولها.
وأثارت تصريحات الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في "الإدارة الذاتية" الكردية، إلهام أحمد، التي عرضت فيها على برلين، استقبال اللاجئين السوريين المرحلين من ألمانيا بمناطق سيطرتها، مقابل مساعدات تنموية والمساهمة بإعادة الإعمار، حفيظة نظام الأسد، معتبرة أنها "خطوة استفزازية ضد الحكومة السورية".
ووصفت صحيفة "الوطن"، شبه الرسمية والمقربة من النظام، عرض "الإدارة الذاتية" استقبال السوريين المرحلين بمن فيهم المشتبه بهم أو المدانون بجرائم بدلاً من التعاون مع دمشق بأنها "خطوة استفزازية ضد الحكومة السورية".
وسارعت دائرة العلاقات الخارجية التابعة لـ"الإدارة الذاتية"، لإصدار بيان نفت فيه أن تكون إلهام أحمد قد صرّحت حول استعداد "الإدارة الذاتية" لاستقبال السوريين المدانين بارتكاب جرائم أو المشتبه بهم من دون قيود أو شروط.
واعتبرت أنّ التصريحات "أخرجت من سياقها الصحيح"، وأن الكلام المذكور لا أساس له من الصحة، وإنما كان حول اللاجئين السوريين الراغبين في العودة الطوعية إلى مناطق شمال وشرق سورية.
وقالت "الإدارة الذاتية" إن تصريحات أحمد بهذا الشأن جاءت "تماشياً مع النداءات السابقة والعلنية للإدارة الذاتية، التي أبدت فيها مراراً وتكراراً استعدادها للتعاون والالتزام بجميع المسؤوليات الإنسانية الملقاة على عاتقها في ما يخص ملف اللاجئين السوريين أينما كانوا، ومن هذا المنطلق، تواصلت مع الأمم المتحدة وكافة الجهات الدولية المعنية بغية إيجاد حلول معقولة تخفف من معاناة السوريين في الشتات، وتمنح الفرصة لأولئك الراغبين في العودة الطوعية والآمنة إلى مناطق شمال وشرق سورية".
وكان موقع "ntv.de" الألماني قد ذكر أنّ "إلهام أحمد" قالت إنّ "الإدارة الذاتية" مستعدة للتفاوض بشكل "غير محدود" بشأن عودة اللاجئين السوريين الذين يعيشون في ألمانيا إلى وطنهم.
وأضافت في مقابلة مع الموقع: "نحن مستعدون لاستقبالهم في منطقة الحكم الذاتي، بغض النظر عما إذا كانوا يأتون أصلاً من هذه المنطقة أو من جزء آخر من سورية. الجميع غير مقيد". وجاء هذا العرض، بحسب الموقع الألماني، بعد حادثة الطعن في زولينغن التي أعادت فتح النقاش حول مسألة ترحيل اللاجئين السوريين المتورطين في أعمال إجرامية إلى سورية.
وشهدت وكانت مدينة زولينغن الألمانية، في أغسطس/ آب الماضي، حادثة طعن ارتكبها شاب سوري يُشتبه في صلته بتنظيم "داعش"، حيث أصاب ثلاثة أشخاص، ما أثار جدلاً في ألمانيا حول إمكانية ترحيل اللاجئين السوريين المتهمين أو المدانين بجرائم إلى سورية، لا سيما بعد قرار المحكمة الإدارية العليا في مونستر، في يوليو/ تموز الماضي، الذي أكّد عدم وجود تهديدات كبيرة على الحياة والسلامة الجسدية للمدنيين في سورية.
ولفت المسؤولة الكردية، إلى أنه بالإمكان البدء "على الفور" بإنشاء وحدات صغيرة، مع تهيئة البنية التحتية اللازمة للوحدات الأكبر حجماً، "وهذا يمكن أن يحدث في غضون عام"، وتحدثت عن بناء نظام تعليمي وصحي متكامل، ووجود أكثر من 4500 مدرسة، مع جهاز أمني يتجاوز 100 ألف عنصر.
وزعمت أن مناطق "الإدارة الذاتية" تتميز بتنفيذ سياسات "تعزز المساواة وحرية الدين"، إضافة إلى تعدد اللغات الرسمية، ما يجعلها "بوتقة تنصهر فيها العديد من الثقافات".
وذكر الموقع الألماني، أن العرض، الذي لم ترد عليه برلين، يتيح لألمانيا ترحيل المجرمين إلى سوريا من دون الاضطرار إلى التعامل مع بشار الأسد، لأن هذه هي دائماً العقبة الأكبر عندما يتعلق الأمر بعمليات الترحيل.
وأشار إلى أن "الإدارة الذاتية" لا تزال تعتمد عسكرياً على "حزب العمال الكردستاني"، وهو منظمة محظورة في ألمانيا، كما تتعرض المنطقة التي تضم نحو 70- 80% من ثروات سوريا إلى هجمات تركية باستمرار، الأمر الذي يتطلب دعماً غربياً.
وهذه ليست المرة الأولى التي تبدي فيها "الإدارة الذاتية" اهتماماً بموضوع اللاجئين السوريين، إذ فتحت في الآونة الأخيرة معابرها لدخول العائدين من لبنان بغض النظر عن كون العائد ينحدر من شمال شرقي سورية أم لا.
وتمنع "الإدارة الذاتية" دخول أي سوري إلى شمال شرقي سورية لا ينحدر منه، إلا إذا كان لديه كفيل من أبناء المنطقة. وتؤكد بيانات الإدارة أنها استقبلت آلاف السوريين العائدين من لبنان.
و"الإدارة الذاتية" مستبعدة من العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة وفق القرار الدولي 2254، فهي متهمة من قبل النظام والمعارضة معا بخدمة أجندات غير وطنية لكونها تدور في فلك حزب العمال الكردستاني. لذا لا تفوّت هذه الإدارة أي فرصة سانحة من أجل لعب دور سياسي في المشهد السوري في سياق فرض نفسها في أي حلول مستقبلية للقضية السورية.